المنشورات

(طوق الْحَمَامَة)

 يضْرب مثلا لما يلْزم وَلَا يبرح وَيُقِيم ويستديم قَالَ الجاحظ قد أطبق الْعَرَب والأعراب وَالشعرَاء على أَن الْحَمَامَة هى الَّتِى كَانَت دَلِيل نوح ورائده وهى الَّتِى استعجلت عَلَيْهِ الطوق الذى فى عُنُقهَا وَعند ذَلِك أَعْطَاهَا الله تِلْكَ الزِّينَة ومنحها تِلْكَ الْحِلْية بِدُعَاء نوح عَلَيْهِ السَّلَام حِين رجعت إِلَيْهِ وَمَعَهَا من الْكَرم مَا مَعهَا وفى رِجْلَيْهَا من الطين والحمأة مَا فِيهَا فعوضت من ذَلِك خضاب الرجلَيْن وَمن حسن الدّلَالَة وَالطَّاعَة طوق الْعُنُق وفيهَا يَقُول ابْن أَبى الصَّلْت
(وَأرْسلت الْحَمَامَة بعد سبع ... تدل على المهالك لَا تهاب)
(فَعَادَت بَعْدَمَا ركضت بشىء ... من الأمواه والطين الكباب)
(فَلَمَّا فتشوا الْآيَات صاغوا ... لَهَا طوقا كَمَا عقد السخاب)
(إِذا مَاتَت تورثه بنيها ... وَإِن قتلت فَلَيْسَ لَهُ استلاب)
وَهَذَا من أحسن مَا وصف بِهِ الطوق
وَقَالَ جهم بن خلف
(وَقد شاقنى صَوت قمرية ... طروب الْغناء هتوف الضُّحَى)
(مطوقة كُسِيت زِينَة ... بدعوة مرسلها إِذْ دَعَا)
وَالْعرب تسمى القمارى واليمام والفواخت والدباسى والشفانين والوراشين وَمَا جانسها كلهَا حَماما فجمعوها بِالِاسْمِ الْعَام وفرقوها بِالِاسْمِ الْخَاص ورأينا صورها متشابهة من جِهَة الزواج وَمن طَرِيق الْغناء وَالدُّعَاء وَالنوح وَكَذَلِكَ هى فى الْقُدُور وصور الْأَعْنَاق وقصب الريش وَصِيغَة الرُّءُوس والأرجل والسوق والبراثن
إِلَى هُنَا كَلَام الجاحظ وَقد أَكثر الشُّعَرَاء فى طوق الْحمام والتمثيل بِهِ قَالَ الفرزدق
(وَمن يَك خَائفًا لأذاه شعرى ... فقد أَمن الهجاء بَنو حرَام)
(هم منعُوا سفيههم وخافوا ... قلائد مثل أطواق الْحمام)
وَقَالَ ابْن هرمة
(إنى امْرُؤ لَا أصوغ الحلى تعمله ... كفاى لَكِن لسانى صائغ الْكَلم)
(إنى إِذا مَا امْرُؤ خفت نعامته ... فى الْجَهْل واستحصدت مِنْهُ قوى الْأدم)
(عقدت فى ملتوى أوداج لبته ... طوق الْحَمَامَة لَا يبْلى على الْقدَم)
وَقَالَ الباهلى
(نهانى أَن أطيل الشّعْر قصدى ... إِلَى الْمَعْنى وعلمى بِالصَّوَابِ)
(وأبعثهن أَرْبَعَة وخمسا ... بِأَلْفَاظ مثقفة عَذَاب)
(وَهن إِذا وسمت بِهن قوما ... كأطواق الْحَمَامَة فى الرّقاب)
وَقَالَ أَبُو الطّيب
(أَقَامَت فى الرّقاب لَهُ أياد ... هى الأطواق وَالنَّاس الْحمام)
وَمن أَمْثَال الْعَرَب طوق طوق الْحَمَامَة أى تقلدها تقليدا بَاقِيا بَقَاء طوق الْحَمَامَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید