المنشورات

(مَنَارَة الْإسْكَنْدَريَّة)

 إِحْدَى عجائب الدُّنْيَا وَأَصلهَا مبْنى على زجاج والزجاج مَنْصُوب فى ظهر سرطان من نُحَاس فى بطن أَرض الْبَحْر وَبَين المنارة إِلَى يَابِس الأَرْض قناطر من زجاج وفى المنارة ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة وَسِتُّونَ بَيْتا وَكَانَ فى أَعْلَاهَا مرْآة كَبِيرَة ينظر النَّاظر فِيهَا فيبصر مراكب الرّوم إِذا أَرَادَ ملكهم أَن يُجهز جَيْشًا فِيهَا إِلَى مصر فَإِذا دفعت تِلْكَ المراكب فى الْبَحْر وَرفع الشراع أبصرهَا هَذَا النَّاظر فى الْمرْآة فينذر الْمُسلمين حَتَّى يستعدوا ويأخذوا حذرهم فَاشْتَدَّ ذَلِك على ملك الرّوم فَلَمَّا صَار بعض الْخُلَفَاء إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَجه إِلَيْهِ ملك الرّوم جاسوسا يُعلمهُ أَن فى تِلْكَ المنارة كنوزا لذى القرنين فَأمر بهدمها فَلَمَّا هدمت وقلعت الْمرْآة بَطل الطلسم وَلم يَجدوا الْكُنُوز فتقرر عِنْدهم أَنَّهَا حِيلَة لقلع الْمرْآة وَطلب الجاسوس فَلم يُوجد فَأمر الْخَلِيفَة بِبِنَاء مَا هدم بالجص والآجر وَهُوَ ثلث المنارة وَكَانَ طول هَذِه المنارة ثَلَاثمِائَة ذِرَاع بِذِرَاع الملكى فَيكون أَرْبَعمِائَة وَخمسين ذِرَاعا وهى غَايَة مَا يرفع فى الْهَوَاء من الْبناء وَكَانَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول عجائب الدُّنْيَا أَربع مَنَارَة الْإسْكَنْدَريَّة عَلَيْهَا مرْآة إِذا جلس الْجَالِس تحتهَا رأى من بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَبَينهمَا عرض الْبَحْر وَفرس من نُحَاس بارض الأندلس عَلَيْهِ رجل من نُحَاس قَائِلا بيدَيْهِ كَذَا باسطا يَدَيْهِ أى لَيْسَ خلفى مَسْلَك فَلَا يطَأ مَا خَلفه أحد إِلَّا ابتلعه الرمل ومنارة من نُحَاس عَلَيْهَا فَارس بِأَرْض عَاد فَإِذا كَانَت الْأَشْهر الْحرم هطل مِنْهَا المَاء فَشرب مِنْهُ النَّاس وَسقوا دوابهم وَصبُّوا فى الْحِيَاض فَإِذا انْقَضتْ الْأَشْهر الْحرم انْقَطع ذَلِك المَاء وشجرة من نُحَاس عَلَيْهَا زرزورة من نُحَاس بِأَرْض أرمينية رُومِية إِذا كَانَ أَوَان الزَّيْتُون صفرت الزرزورة النّحاس فتجىء كل زرزورة من الطيارات بِثَلَاث زيتونات ثِنْتَانِ فى رِجْلَيْهَا وَوَاحِدَة فى منقارها فتلقيها عِنْد تِلْكَ الزرزورة فيجتمع من الزَّيْتُون مَا يعصر أهل الرّوم فيكفيهم لإدامهم وسرجهم إِلَى قَابل
وَمن الشَّائِع المستفيض أَن عجائب الدُّنْيَا أَربع مَنَارَة الْإسْكَنْدَريَّة وكنيسة الرها وَمَسْجِد دمشق وقنطرة سنجة وَقد ضرب الصاحب الْمثل بمنارة الْإسْكَنْدَريَّة حَيْثُ قَالَ
(زَادَت قرونك يَا عُمَيْر ... على مساويك الجلية)
(وَأَقل قرن حُزْته ... كمنارة الإسكندريه)




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید