المنشورات

(حمى الأهواز)

قَالَ الجاحظ قَصَبَة الأهواز مَخْصُوصَة بالحمى الدائمة اللَّازِمَة قِتَاله الغرباء على أَن حماها لَيست إِلَى الْغَرِيب بأسرع مِنْهَا إِلَى الْقَرِيب أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس عَن مشيخة من أَهلهَا عَن القوابل أَنَّهُنَّ رُبمَا قبلن الطِّفْل الْمَوْلُود فيجدنه محموما يعرفن ذَلِك ويتحدثن بِهِ قَالَ وَلم أربها وجنة حَمْرَاء لصبى وَلَا لصبية وَلَا دَمًا ظَاهرا وَلَا قَرِيبا من ذَلِك وَإِنَّمَا وباؤها وحماها فى وَقت انكشاف الوباء ونزوع الْحمى عَن جَمِيع الْبلدَانِ وَلَقَد قلبت كل من نزلها إِلَى كثير من طبائعهم وشمائلهم وَلَا بُد للهاشمى قَبِيح الْوَجْه كَانَ أَو حسنه ودميما كَانَ أَو بارعا رائعا من أَن يكون لوجهه طبائع يتَبَيَّن بهَا من جَمِيع قُرَيْش وَمن جَمِيع الْعَرَب وَلَقَد كَانَت الْبَلدة تنقل ذَلِك وتبدله وَلَقَد تحيفته وأدخلت الضنى عَلَيْهِ وبينت أَثَرهَا فِيهِ فَمَا ظَنك بصنيعها فى سَائِر الْأَجْنَاس قَالَ وَلَيْسَ يُؤْتى أَهلهَا والطارئون عَلَيْهَا من كَثْرَة الحميات من قبل التخم أَو من قبل الحبط والإكثار وَإِنَّمَا يؤثون من عين الْبَلدة وَلذَلِك جمعت سوق الأهواز الأفاعى فى جبلها الطاعن فى منازلها المطل عَلَيْهَا والجرارات فى منازلها وَلَو كَانَ فى الْعَالم شىء هُوَ شَرّ من الأفعى والجرارات لما قصرت قَصَبَة الأهواز عَن توليده وتلقيحه وبليتها أَن من وَرَائِهَا سباخا ومناقع مياه غَلِيظَة وفيهَا أَنهَار تشقها مسايل كنفهم ومياه أمطارهم ومتوضآتهم فَإِذا طلعت الشَّمْس فطال مقَامهَا وطالت مقابلتها لذَلِك الْجَبَل قبل بالصخرة الَّتِى هى فى تِلْكَ الجرارات فَإِذا امْتَلَأت يبسا وحرارة وعادت جَمْرَة وَاحِدَة قذفت مَا قبلت من ذَلِك عَلَيْهِم وَقد تحدث تِلْكَ السباخ وَتلك الْأَنْهَار هَوَاء فَاسِدا يفْسد كل شىء يشْتَمل عَلَيْهِ ذَلِك الْهَوَاء




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید