المنشورات

خريطة

 في اصطلاح الكتاب والغالب في الأفواه: خَرْطة أو خارطة.
ويراد بالخارطة ورقة تخط فيها صورة الأرض بما فيها من بلدان وجبال وبحار وغيرها أو صورة جزء منها. وتطلق أيضا على الصور الفلكية. وهي من الألفاظ التي أحدثها المرتجمون من نحو قرن, وعرّبوها عن كارت الإِفرنجية (Carte) ثم استحسن بعضهم تصحيحها بالخريطة - بفتح فكسر.
ولم يهتد عبد القادر الجزيري في درر الفرائد المنظَّمة (1) إلى اسم يسميها به, فعبر عنها بالأوراق. ونص ما قال ج 2 ص 90: «فلما كانت ولاية المرحوم داوود باشاه في نيّف وأربعين وتسعمائة, جهّز المرحوم محمد جلبي ناظر الأموال إلى عقبة أيلة, وكشف عما يحتاج ذلك النقب من الإِصلاح الكلي. وصحب معه أكابر المعماريّة. وصور صورة تلك الأرض ومسالكها في أوراق عرضت على داوود باشاه ثم جهّزت إلى حضرة مولانا السلطان سليمان».
وإذا رجعنا إلى جهاذبة مؤرخينا القدماء, نراهم سمّوها باسمين. فعبر عنها الإدريسي ي موضع من نزهة المشتاق بقوله: «ثم أراد أن يستعلم يقينا صحة ما اتفق عليه القوم المشار إليهم, في ذكر أطوال مسافات البلاد وعروضها. فأحضر إليه لوح الترسيم, وأقبل يختبرها بمقاييس من حديد شيئا فشيئا, مع نظره في الكتب المقدم ذكرها».
ثم قال بعد ذلك في كلامه عن الكرة الفضية الأرضية:
«فلما كملت أمر الفعلة أن ينقشوا فيها صور الأقاليم السبعة, ببلادها وأقطارها وسِيفها وريفها وخلجانها وبحارها ومجاري مياهها ومواقع أنهارها وعامرها وغامرها, وما بين كل بلدين منها وبين غيرها من الطرقات المطروقة والأميال المحدودة والمسافات المشهودة والمراسي المعروفة, على نص ما يخرج إليهم ممثّلا في لوح الترسيم».
واختار لها ابن خلدون إمام المؤرخين في اختيار الألفاظ لفظ (المصوَّر) فقال: «وجزيرة العرب يحيط بها البحر من ثلاث جهاتها: فبحر الهند من الجنوب, وبحر فارس الهابط منه إلى البصرة من المشرق, وبحر السويس الهابط منه إلى السويس من أعمال مصر من جهة المغرب كما تراه في مصور الجغرافيا».
وتلقفه عنه بعض مؤرخي الترك, كما رأيته في مؤلفاتهم. وهو - بلا ريب - يفضُل لوح الترسيم, لدلالته بمفرده على المراد - وعبّروا به.
المكتبة الصقلية, قبل وسط ص 18: استعمال السيد الإِدريسي لوح الترسيم للخريطة. وانظر أول ص 19.
مسالك الأبصار للعمري ج 1 ص 26 و 27: لوح الرسم مكررا. وفي ص 29: لوح الدائرة. وبالحاشية أنه المايموند.
ويطهر أنهم قديما أطلقوا الخريطة على الأوراق نفسها. مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق ج 2 ص 29: استعمالهم المخطط للخريطة.
والخريطة: لفظة عربية, ولكن لا مناسبة بينها وبين الورقة المرسوم, لأنها هَنَة مثل الكيس؛ تكون من الخرق والأدم, توضع فيها كتب السلطان إلى عماله ثم تشرج على ما فيها ويبعث بها.
ولم يزل بدو مصر يستعملون الخريطة, ويريدون بها الكيس الذي توضع فيه ضروع الضأن والمعز لمنع أولادها من الرضاع.
وهي فصيحة؛ لأن معناها الكيس. وقد تكلمنا عنها في (مخل) في الميم.
فيتضح من ذلك أن لا علاقة بين الخريطة بالمعنى المقصود الآن, وبين ما كانت تقصده العرب منها. وإنما هي تحريف خارطة المعرّبة عن كارت كما تقدم آنفا.





مصادر و المراجع :

١- معجم تيمور الكبير في الألفاظ العامية

المؤلف: أحمد بن إسماعيل بن محمد تيمور (المتوفى: 1348 هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید