المنشورات
«أبو الحسين بن المنادي» ت 336 هـ
هو: أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله أبو الحسين البغدادي المعروف بابن المنادي الإمام المشهور.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
ولد «ابن المنادي» لثمان عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول سنة ست وخمسين ومائتين من الهجرة.
تلقى «ابن المنادي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «الحسن بن العباس، وعبيد الله بن محمد بن أبي محمد اليزيدي، ومحمد بن سعيد بن يحيى الضبي، والفضل بن مخلد وآخرون». كما أخذ «ابن المنادي» حروف القراءات عن جده: محمد بن عبيد الله، ومحمد بن الفرج الغساني (2).
وقد اشتهر «ابن المنادي» بالثقة والتحقيق والإتقان، وتصدر لتعليم القرآن والقراءات وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. قرأ على «ابن المنادي» عدد كثير، منهم: أحمد بن نصر الشذائي، وعبد الواحد بن أبي هاشم: وأبو الحسن بن بلال، وأحمد بن صالح بن عمر البغدادي، وعبد الله بن أحمد بن يعقوب، وأحمد بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن إبراهيم العمري، وروى القراءة عنه «أبو الحسين الجبني شيخ الأهوازي (1).
وأخذ «ابن المنادي» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: جده، محمد بن عبيد الله، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وزكريا بن يحيى المروزي، ومحمد بن عبد المالك الدقيق، وأبو داود السجستاني، وعيسى ابن الوراق، وأبو يوسف القلوسي وغير هؤلاء كثير.
وقد روى عن «ابن المنادي» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عدد لا بأس به، منهم: «أبو عمر بن حيوة» وآخر من حدث عنه «محمد بن فارس الغوري» (2). وكان «ابن المنادي» من الثقات، وقد أثنى عليه الكثيرون من العلماء، وفي هذا المعنى يقول الخطيب البغدادي ت 463 هـ: «كان «ابن المنادي» ثقة أمينا، ثبتا، صدوقا، ورعا، حجة فيما يرويه، محصلا لما يمليه، صنف كتبا كثيرة، وجمع علوما جمة، وما سمع الناس من مصنفاته إلا أقلها» اهـ (3).
وقال عنه الإمام الداني ت 444 هـ: ««ابن المنادي» مقرئ جليل، غاية فن الإتقان، فصيح، عالم بالآثار، نهاية في علم العربية، ثقة مأمون، صاحب سنة» اهـ (4).
قال عنه «ابن الجزري» 833 هـ: «كان «ابن المنادي» إماما مشهورا، حافظا ثقة، متقنا، محققا، ضابطا» اهـ (5).
وقد اتصف «ابن المنادي» بكثير من الصفات النبيلة التي تتفق وتعاليم الإسلام، من هذه الصفات أنه كان شديد العناية بصدق الرواية، ولا يقبل الكذب أيا كان نوعه ومن جرب عليه الكذب ولو مرة واحدة فانه لا يقبله في حلقة درسه، لأن المحدث يجب أن يتحلى بالصدق في جميع الأحوال.
حول هذا المعنى يروي لنا الخطيب البغدادي هذه الحادثة فيقول: قال لي «أبو الحسن بن الصلت»: كنا نمضي مع «ابن قاح الوراق» إلى «ابن المنادي» لنسمع منه فاذا وقفنا ببابه خرجت إلينا جارية له وقالت: كم أنتم؟
فنخبرها بعددنا، ويؤذن لنا في الدخول ويحدثنا، فحضر معنا مرة إنسان علوي وغلام له فلما استأذنا قالت الجارية: كم أنتم؟ فقلنا: نحن ثلاثة عشر، وما كنا حسبنا العلوي ولا غلامه في العدد، فدخلنا عليه، فلما رآنا خمسة عشر نفسا قال لنا: انصرفوا اليوم فلست أحدثكم، فانصرفنا وظننا أنه عرض له شغل، ثم عدنا إليه مجلسا ثانيا، فصرفنا ولم يحدثنا، فسألناه بعد ذلك عن السبب الذي أوجب ترك التحدث لنا، فقال: كنتم تذكرون عددكم في كل مرة للجارية فتصدقون، ثم كذبتم في المرة الأخرى.
ومن كذب في هذا المقدار لم يؤمن أن يكذب فيما هو أكبر منه، قال: فاعتذرنا إليه وقلنا: نتحفظ فيما بعد، فحدثنا» 1 هـ (1).
وهكذا يجب على كل مسلم وبخاصة العلماء التحلي بالصدق، الذي هو من أسمى الصفات الحميدة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يلقب قبل بعثته عليه الصلاة والسلام بالصادق الأمين.
وتعاليم الهادي البشير صلى الله عليه وسلم كلها تحث على الصدق وتحذر من الكذب.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا» اهـ (1).
ومن التزم بالصدق ونفّذ تعاليم الإسلام فإنه ليفوز يوم القيامة بجنة عرضها السموات والارض، يشير إلى ذلك قوله تعالى: قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ، لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (2).
توفي «أبو الحسين بن المنادي» يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة بقين من المحرم سنة ست وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة، ودفن في مقبرة «الخيزران». رحم الله «ابن المنادي» رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
مصادر و المراجع :
١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ
المؤلف: محمد محمد
محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)
13 يناير 2024
تعليقات (0)