المنشورات

«سليمان الأعمش» ت 148 هـ

شيخ القراء والمحدثين، الحافظ، الثقة، العالم بالفرائض: هو سليمان بن مهران، الأسدي، الكوفي.
ولد «سليمان الأعمش» بقرية «أمة» من أعمال «طبرستان» سنة إحدى وستين هـ. وقدم به والداه إلى الكوفة طفلا.
قال «أحمد بن عبد الله العجلي»: الأعمش ثقة ثبت. كان محدث الكوفة في زمانه، وكان يقرئ القرآن وهو رأس فيه، وكان فصيحا، وكان لا يلحن حرفا، وكان عالما بالفرائض.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
قال «الذهبي»: ورد أن «الأعمش» قرأ القرآن على «زيد بن وهب، وزر بن حبيش، وإبراهيم النخعي»، وأنه عرض القرآن على «أبي العالية الرياحي، وعلى مجاهد، وعاصم بن بهدلة، وأبي حصين» (2).
قال «الأعمش»: قرأت القرآن على «يحيى بن وثاب»، وقرأ يحيى على «علقمة» وقرأ هو على «عبد الله بن مسعود» وقرأ «عبد الله بن مسعود» على رسول الله صلى الله عليه وسلّم (1).
وقد روى «الأعمش» عن كثيرين من خيرة علماء عصره منهم: «زيد ابن وهب، وأبو عمرو الشيباني، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وغيرهم كثير (2).
كما روى عن «الأعمش» عدد كثير، لأن الناس كانوا يأتون اليه من كل فجّ للأخذ عنه. فمن هؤلاء: «الحكيم بن عيينة، وطلحة بن مصرّف، وحبيب ابن أبي ثابت، وصفوان بن سليم، وسهيل بن أبي صالح، وأبان بن تغلب» وآخرون (3).
وكان «الأعمش» رحمه الله تعالى من الزهاد، وهناك أكثر من دليل على ذلك ولكنني أكتفي بذكر ما يلي: قال «ابن عيينة»: رأيت «الأعمش» لبس فروا مقلوبا، تسيل خيوطه على رجليه، ثم قال: أرأيتم لولا أني تعلمت العلم، من كان يأتيني لو كنت بقّالا؟ (4).
وكان «الأعمش» رحمه الله تعالى من الثقات. فعن «ابن معين» قال:
الأعمش ثقة، وقال «النسائي»: الأعمش ثقة ثبت (5). وقال «عبد الله بن محمد»: حدثنا «زياد بن أيوب» قال: سمعت «هشيما» يقول: «ما رأيت بالكوفة أحدا أقرأ لكتاب الله ولا أجود من «الأعمش» (6).
وقال «إبراهيم بن عرعرة»: سمعت «يحيى بن القطان» إذا ذكر الأعمش يقول: كان من النسّاك، وكان محافظا على الصلاة في الجماعة، وعلى الصف الاول (1). قال: «منصور بن الأسود»: سألت «الأعمش» عن قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (2). قال:
سمعتهم يقولون: إذا فسد الناس أمّر عليهم شرارهم اهـ (3).
وقال «قبيصة» حدثنا «سفيان الثوري» عن «الأعمش» في معنى قوله تعالى: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ (4) قال: معنى ذلك: مثل زاد الراعي اهـ (5).
وقال «وكيع» كان «الأعمش» قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الاولى، واختلفت إليه قريبا من ستين سنة فما رأيته يقضي ركعة اهـ (6).
ونظرا لأن حياة «الأعمش» كانت مليئة بتعليم القرآن، وسنّة سيد الأنام كما كان من العباد الذين لم تغرهم الدنيا بزخارفها، فقد استحق ثناء الناس عليه، وهذه بعض الأدلة على ذلك: قال «يحيى القطان»: كان «الأعمش» علّامة الإسلام (7).
وقال «سفيان بن عاصم»: سمعت «القاسم أبا عبد الرحمن» يقول:
«ما أحد أعلم بحديث «ابن مسعود» من «الأعمش» اهـ (8).
وقال «ابن عيينة»: سبق «الأعمش» الناس بأربع: كان أقرأهم للقرآن، وأحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض، وذكر خصلة أخرى اهـ (1).
وقد ذكر «الذهبي» وغيره أن «الأعمش» رأى «أنس بن مالك» رضي الله عنه وروى عنه الحديث، وقد اقتبست من مروياته ما يلي: قال «الفضل بن موسى»: حدثنا «الأعمش» عن «أنس بن مالك» قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلّم في سفر، فمرّ على شجرة يابسة فضربها بعصا كانت في يده، فتناثر الورق، فقال: «إنّ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، يساقطن الذنوب كما تساقط هذه الشجرة ورقها» اهـ (2).
وقال «أبو نعيم»: حدثنا «الأعمش» عن «أبي صالح» عن «أبي هريرة» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ليس المسكين الذي تردّه التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس، ولم يفطن بمكانه فيعطى» اهـ (3).
وقال «يحيى بن معين»: حدثنا «حفص بن غياث» عن «الأعمش» عن «أبي صالح» عن «أبي هريرة» رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى عليه وسلّم: «من أقال مسلما عثرته، أقاله الله يوم القيامة» اهـ (4).
توفي «الأعمش» بالكوفة سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة سيّد الأنام، رحم الله «الأعمش» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.






مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید