المنشورات

«أبو عبد الرّحمن السّلمي» رضي الله عنه ت 74 هـ

الإمام الحجة، الزاهد، المحدث، الثقة، مقرئ الكوفة نحوا من أربعين سنة، أحد كبار التابعين.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
ولد «أبو عبد الرحمن السلمي» في حياة النبي صلى الله عليه وسلّم، وقرأ القرآن وجوّده، وبرع في حفظه، وإليه انتهت القراءة تجويدا وضبطا، بالكوفة.
أخذ القراءة عرضا عن «عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبيّ بن كعب» (2).
وروى «حسين الجعفي» عن «محمد بن أبان» عن «علقمة بن مرثد» وعرض على «عليّ بن أبي طالب» (3).
وروى «أبو إسحاق السّبيعي» عن «أبي عبد الرحمن السلمي» قال:
والدي علمني القرآن، وكان من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلّم (4).
قال «عبد الواحد بن أبي هاشم»: حدثنا «محمد بن عبيد الله المقرئ ... عن «عاصم بن بهدلة، وعطاء بن السائب، ومحمد بن أبي أيوب، وعبد الله بن عيسى» أنهم قرءوا على «أبي عبد الرحمن السلمي» وذكروا أنه أخبرهم أنه قرأ على «عثمان» عامة القرآن، وكان يسأله عن «القرآن» فيقول: إنك تشغلني عن أمر الناس، فعليك ب «زيد بن ثابت» فإنه يجلس للناس، ويتفرغ لهم، ولست أخالفه في شيء من «القرآن» قال وكنت ألقى «عليا» فأسأله، فيخبرني ويقول: عليك ب «زيد» فأقبلت على «زيد» فقرأت عليه «القرآن» ثلاث عشرة مرة» اهـ (1).
وأخذ «أبو عبد الرحمن السلمي» الحديث عن «عمر بن الخطاب، وعثمان ابن عفان» رضي الله عنهما.
وكان «أبو عبد الرحمن السلمي» مدرسة وحده يعلّم القرآن، وقد أخذ عنه عدد كثير أذكر منهم: «عاصم بن أبي النجود» أحد القراء السبعة المشهورين، ولا زالت قراءة «عاصم» من أشهر القراءات ويقرأ بها حتى الآن، كما تلقى القراءة عنه: «يحيى بن وثاب، وعطاء بن السائب، وعبد الله بن عيسى، ومحمد ابن أبي أيوب، وإسماعيل بن أبي خالد» وآخرون. وعرض عليه القرآن:
«الحسن- والحسين» رضي الله عنهما (2).
كما أخذ الحديث عن «أبي عبد الرحمن السلمي» عدد كثير أذكر منهم:
«أبا إسحاق، وعلقمة بن مرثد، وعطاء بن السائب» (3).
ولقد كان «لأبي عبد الرحمن السلمي» جهوده البارزة في تعليم القرآن الكريم يوضح ذلك ما يلي: قال «أبو إسحاق»: كان «أبو عبد الرحمن السلمي» يقرئ الناس في المسجد الأعظم أربعين سنة» اهـ (1).
وقال «عطاء بن السائب»: كان «أبو عبد الرحمن» يقرئ وكان يبدأ بأهل السوق وقال: كنت أقرأ على «أبي عبد الرحمن وهو يمشي» اهـ (2).
وروى «منصور» عن «تميم بن سلمة»، أن «أبا عبد الرحمن» كان إمام المسجد، وكان يحمل في اليوم المطير» اهـ (3).
وكما كان «أبو عبد الرحمن» حجة في القرآن والقراءات، كان أيضا حجة وثقة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم، حديثه مخرّج في كتب السنة (4).
قال «أبو عبد الرحمن»: «أخذنا «القرآن» عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به، وسيرث «القرآن» بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم، ووضع يده على الحلق» اهـ (5).
وكان «أبو عبد الرحمن» من الزهاد المتصلين بالله تعالى، يشير إلى ذلك ما يلي: فعن «عطاء بن السائب» قال: دخلنا على «أبي عبد الرحمن» نعوده فذهب بعضهم يرجيه، فقال: أنا أرجو ربّي، وقد صمت له ثمانين رمضان انتهى (6).
كما كان رحمه الله تعالى من الزهاد الذين لا يأخذون أجرا على تعليم القرآن، يوضح ذلك ما يلي: فعن «عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء» عن أبيه، عن «أبي عبد الرحمن» أنه جاء وفي الدار «جزر» فقالوا: بعث بها «عمرو بن حريث» لأنك علمت ابنه «القرآن» فقال: «ردّ، إنا لا نأخذ على كتاب الله أجرا» اهـ (1).
وقال «أحمد بن أبي خيثمة» عن «عطاء بن السائب» قال: كان رجل يقرأ على «أبي عبد الرحمن» فأهدى له «فرسا» فردّها، وقال: ألا كان هذا قبل القراءة اهـ (2).
توفي «أبو عبد الرحمن السلمي» سنة أربع وسبعين من الهجرة، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن وتجويده، وقراءاته. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.




مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید