المنشورات

«عبد الله بن عمرو بن العاص» رضي الله عنه ت 65 هـ

علم من حفاظ القرآن، صاحب الفضائل- والمقام الراسخ في العلم والعمل- العابد الزاهد- الإمام الحبر.
ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات، وقال: وردت الرواية عنه في حروف القرآن (2).
أسلم «عبد الله بن عمرو» قبل أبيه، وحمل عن النبي صلى الله عليه وسلّم علما كثيرا.
وكان «عبد الله بن عمرو» طويلا- سمينا- أحمر اللون- عظيم البطن.
وقد روى «عبد الله عن عمرو» عن: أبي بكر- وعمر- ومعاذ- وأبيه- وسراقة بن مالك- وعبد الرحمن بن عوف- وأبي الدرداء- وعن غيرهم ..
وقد حدث عنه عدد كبير أذكر منهم: ابنه محمد- ومولاه أبا قابوس- وحفيده شعيب بن محمد- ومولاه إسماعيل- وأنس بن مالك- وأبا أمامة بن سهل- وسعيد بن المسيب- وعروة- وغيرهم.
وكان «عبد الله بن عمرو» قد أتم حفظ القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلّم وقد عكف على قراءته- وتدبره- وترتيله: يقول «ابن جريج» عن «عبد الله بن عمرو» قال: «جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «اقرأه في شهر» قلت: يا رسول الله دعني أستمتع من قوتي وشبابي، قال: «اقرأه في عشرين»
قلت: دعنى أستمتع، قال «اقرأه في سبع ليال» قلت: دعني يا رسول الله أستمتع» رواه النسائي.
وحينما تقدمت به السن، ووهن منه العظم، كان يتذكر دائما نصح النبي صلى الله عليه وسلّم له فيقول: يا ليتني قبلت رخصة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وكان «عبد الله بن عمرو» صاحب عقلية حافظة، ولنستمع إليه وهو يقول:
«حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ألف مثل» اهـ (1).
وقال عنه «أبو هريرة» رضي الله عنه: «لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم أكثر حديثا مني إلا ما كان من «عبد الله بن عمرو» فإنه كان يكتب ولا أكتب» اهـ (2).
وقد أحب الرسول صلى الله عليه وسلّم «عبد الله بن عمرو» حبّا جمّا، وأثنى عليه وعلى والديه، يوضح ذلك الخبر التالي: قال «طلحة بن عبيد الله» رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «نعم أهل البيت «عبد الله، وأبو عبد الله، وأم عبد الله» اهـ (3).
وكان «عبد الله بن عمرو» رضي الله عنهما من الذين لا يتعلقون بزخارف الدنيا يوضح ذلك الخبر التالي:
وكان «عبد الله بن عمرو» رضي الله عنهما من الحكماء، وقد أثر عنه في ذلك الشيء الكثير: فعن «عياش بن عياش» عن «أبي عبد الرحمن» قال: سمعت «عبد الله بن عمرو بن العاص» يقول: إن الجنة حرام على كل فاحش أن يدخلها» (1).
وعن «حميد بن هلال» أن «عبد الله بن عمرو» قال: «من سقى مسلما شربة ماء باعده الله من جهنم شوط فرس» اهـ.
وكان يقول: «دع ما لست منه في شيء، ولا تنطق فيما لا يعنيك» (2).
وعن «ابن هبيرة» أن «عبد الله بن عمرو» قال: «إنه في الناموس الذي أنزل الله تعالى على «موسى» عليه السلام: أن الله تعالى يبغض من خلقه ثلاثة: الذي يفرق بين المتحابين، والذي يمشي بالنمائم، والذي يلتمس البريء ليعنّته» (3).
وعن «خالد بن يزيد» أن «عبد الله بن عمرو» قال: «مكتوب في التوراة من حفر حفرة سوء لصاحبه وقع فيها» (4).
وكان «عبد الله بن عمرو» ورعا شديد التمسك بآداب الرسول صلى الله عليه وسلّم والأدلة على ذلك كثيرة ومتعددة:
فعن «عمرو بن شعيب» عن أبيه قال: «انطلقت مع «عبد الله بن عمرو ابن العاص» إلى البيت، فلما جئنا دبر الكعبة قلت له: ألا تتعوذ؟ قال: أعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى اذا استلم الحجر قام بين الركن والباب، فوضع صدره، ووجهه، وبسط ذراعيه ثم قال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فعل» (1).
ومما يدل على عدم تعلّق عبد الله بن عمرو بزخارف الدنيا، الخبر التالي:
فعن «أبي عبد الرحمن الحبليّ» قال: سمعت «عبد الله بن عمرو» يقول:
«لأن أكون عاشر عشرة مساكين يوم القيامة أحبّ إليّ من أن أكون عاشر عشرة أغنياء، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة، إلا من قال هكذا وهكذا، يقول:
يتصدق يمينا وشمالا» اهـ (2).
وكان «عبد الله بن عمرو» كثير البكاء من خشية الله تعالى، يوضح ذلك الأثر التالي: فعن «يعلى بن عطاء» عن «أم عبد الله» أنها كانت تصنع الكحل «لعبد الله بن عمرو» وكان يكثر من البكاء: يغلق عليه بابه، ويبكي حتى رمصت عيناه اهـ.
ومنذ أن دخل «عبد الله بن عمرو» الإسلام، وقلبه مضاء بنور الله وكان رضي الله عنه ذا مكانة عالية بين العابدين والزاهدين والمتواضعين والخاشعين.
توفي «عبد الله بن عمرو» سنة خمس وستين من الهجرة، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة بعد حياة حافلة بالعكوف على قراءة «القرآن الكريم» رضي الله عن «عبد الله بن عمرو» وجزاه الله أفضل الجزاء، إنه سميع مجيب.





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید