المنشورات

«علقمة بن قيس» رضي الله عنه ت 61 هـ

علم من حفاظ القرآن، فقيه الكوفة، وعالمها، ومقرئها، الإمام الحافظ، المجوّد- المجتهد.
ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات.
ولد «علقمة» في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ «القرآن» عرضا عن «ابن مسعود» وسمع من «علي، وعمر، وأبي الدرداء، وعائشة» رضي الله عنهم أجمعين.
وعرض عليه القرآن، إبراهيم بن يزيد النخعي، وأبو إسحاق السبيعي، وعبيد ابن نضلة، ويحيى بن وثاب، وآخرون.
وجوّد القرآن على «ابن مسعود» وكان أشبه الناس «بابن مسعود» سمتا، وهديا، وعلما، وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن. يدلّ على ذلك قوله:
كنت رجلا قد أعطاني الله حسن صوت بالقرآن وكان «ابن مسعود» يستقرئني ويقول لي: اقرأ فداك أبي وأمي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«إن أحسن الأصوات يزيّن القرآن» وكان إذا سمعه «ابن مسعود» يقول:
«لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لسرّ بك» اهـ (1).
وقال «ابن مسعود» رضي الله عنه: ما أقرأ شيئا، وما أعلم شيئا، إلا و «علقمة» يعلمه اهـ (2).
وقال «علقمة»: قرأت القرآن في ليلة عند البيت اهـ (3). وحدث «علقمة» عن «عمر- وعثمان- وعليّ- وسلمان- وأبي الدرداء- وخالد ابن الوليد- وحذيفة- وخباب- وعائشة- وسعد- وعمّار- وآخرين.
وحدث عنه: أبو وائل- والشعبي- وعبيد بن نضلة- وإبراهيم النخعي- ومحمد بن سيرين- وأبو إسحاق السبيعي- وأبو قيس عبد الرحمن بن ثروان- وعبد الرحمن بن عوسجة- وآخرون.
رحل «علقمة» في طلب العلم، ونزل «الكوفة» ولازم «ابن مسعود» حتى رأس في العلم، وبعد صيته.
يقول «علقمة»: ما حفظت وأنا شابّ فكأني انظر إليه في قرطاس اهـ (4).
وروى «منصور» عن «إبراهيم» قال: كان أصحاب «عبد الله بن مسعود» الذين يقرءون الناس «القرآن» ويعلمونهم السنة، ويصدر الناس عن رأيهم ستة: علقمة- والأسود- ومسروق- وعبيدة- وأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل- والحارث بن قيس اهـ (5).
وقال «إبراهيم»: كان «علقمة» يقرأ القرآن في «خمس» اهـ (1).
ومناقب «علقمة» كثيرة ومتعددة أذكر منها ما يلي: عن «علقمة بن قيس» قال: «كنت رجلا قد أعطاني الله حسن الصوت بالقرآن، وكان «عبد الله بن مسعود» يرسل إليّ فأقرأ عليه القرآن، قال فكنت إذا فرغت من قراءتي قال زدنا من هذا» اهـ (2).
وكان «علقمة» رحمه الله من المتواضعين الزاهدين في الدنيا، ومما يدل على تواضعه الخبر التالي: فعن «المسيب بن رافع» قال: «كانوا يدخلون على «علقمة» وهو يقرع
غنمه، ويحلب، ويعلف (3).
ومما يدل على زهده وخوفه من الله تعالى ما يلي: فعن «مالك بن الحارث» عن «عبد الرحمن بن يزيد» قال: قيل «لعلقمة» ألا تدخل المسجد فيجتمع إليك وتسأل، فنجلس معك، فإنه يسأل من هو دونك؟ قال: «إني أكره أن يوطأ عقبي فيقال: هذا علقمة» (4).
وعن «علي بن مدرك» قال: «علقمة»: إن أنا مت، فلقني «لا إله إلا الله» فإذا خرجتم بجنازتي من الدار فأغلقوا الباب حتى يخرج آخر الرجال، وعلى أول النساء، فإنه لا أرب لي فيهن اهـ (5).
وروى «أبو نعيم» في الحلية أنه مر بحلقة فيها «علقمة، والأسود، ومسروق» وأصحابهم، فوقف عليهم فقال: بأبي وأمّي العلماء، بروح الله ائتلفتم،وكتاب الله تلوتم، ومسجد الله عمّرتم، ورحمة الله انتظرتم، أحبكم الله وأحبّ من أحبكم» اهـ (1).
قال «أحمد بن حنبل»: علقمة ثقة، من أهل الخير اهـ (2).
وقال «ابن المديني»: لم يكن أحد من الصحابة له أصحاب حفظوا عنه، وقالوا بقوله في الفقه إلا ثلاثة: زيد بن ثابت- وابن مسعود- وابن عباس، وأعلم الناس بابن مسعود: علقمة- والأسود- وعبيدة- والحارث (3).
وروى «الهيثم بن عديّ» عن «مجالد» عن «الشعبي» قال: كان الفقهاء بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكوفة في أصحاب «عبد الله ابن مسعود»: علقمة- وعبيدة- وشريح- ومسروق اهـ (4).
وقال «مرة الهمداني»: كان «علقمة» من الربانيين، وكان عقيما لا يولد له اهـ (5).
وقال «إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: إن كان أهل بيت خلقوا للجنة، منهم أهل هذا البيت: علقمة، والأسود اهـ.
وقال: «أبو قيس الأودي»: رأيت «إبراهيم النخعي» آخذا بالركاب «لعلقمة» اهـ (6).
وكان «علقمة» رحمه الله زاهدا في الدنيا، وصاحب ورع ودين.
توفي «علقمة» سنة إحدى وستين من الهجرة، وقد عاش تسعين سنة. رحم الله «علقمة» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.






مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید