المنشورات

«عبد الباقي بن فارس» ت 450 هـ

هو: عبد الباقي بن فارس بن أحمد أبو الحسن الحمصي، ثم المصري وهو مقرئ مشهور مجوّد، أخذ القراءة عن خيرة العلماء.
وقد روى القراءات عرضا عن والده فارس بن أحمد، أبو الفتح الحمصي الضرير نزيل مصر، وهو أستاذ كبير ضابط ومن الثقات، ولد بحمص سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، ثم رحل، وأخذ القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «عمر بن محمد الحضرمي» و «عبد الله بن محمد الرازي» وآخرون.
ثم جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الحفاظ، وفي مقدمتهم: ولده «عبد الباقي» والحافظ أبو عمرو الداني، وقال عنه: «لم ألق مثله في حفظه وضبطه، كان حافظا، ضابطا، حسن التأدية فهما بعلم صناعته، واتساع روايته مع ظهور فضله وصدق لهجته، توفي بمصر سنة إحدى وأربعمائة (2).
ومن شيوخ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: «قسيم بن أحمد بن مطير أبو القاسم الظهراوي المصري، من ساكني مدينة «بلبيس» وهو مقرئ ضابط، مشهور، قال عنه «الإمام الداني»: كان «قسيم بن أحمد» ضابطا لرواية ورش يقصد فيها، وتؤخذ عنه وكان خيّرا فاضلا، سمعت «فارس بن أحمد» يثني عليه، وكان يقرئ بموضعه إذ كنت بمصر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة (3).
أخذ «قسيم بن أحمد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم جدّه لأمه «عبد الله بن عبد الرحمن» ويقال: محمد بن عبد الرحمن الظهراوي، صاحب «أبي بكر بن سيف».
جلس «قسيم بن أحمد» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، والضبط، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «عبد الباقي ابن فارس» وأحمد بن محمد الصقلي»، وآخرون.
توفي «قسيم بن أحمد» سنة ثمان أو تسع وتسعين وثلاثمائة.
ومن شيوخ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: «عمر بن محمد بن عراك، أبو حفص الحضرمي المصري». وهو من الأئمة المشهورين، ومن الثقات المعروفين في قراءة «ورش» وكان إمام جامع مصر.
أخذ «عمر بن عراك» القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدّمتهم: «أبو غانم المظفر بن أحمد» وسمع حروف القراءات من «أحمد بن محمد بن زكريا الصدفي» وآخرين.
جلس «عمر بن عراك» لتعليم القرآن، وذاع صيته، واشتهر بالثقة، وحسن القراءة، وأقبل عليه عدد كبير من حفاظ القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «عبد الباقي بن فارس، وتاج الأئمة، أحمد بن عليّ بن هاشم» وآخرون.
توفي «عمر بن عراك» بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
ومن شيوخ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: عبد الله بن الحسين بن حنون أبو أحمد السامري البغدادي، نزيل مصر، المقرئ اللغوي، مسند القراء في زمانه، قال عنه «الإمام الداني»: هو مشهور ضابط ثقة مأمون (1).
وقال عنه «الحافظ الذهبي»: سألت: «أبا حيان محمد بن يوسف الأندلسي» عن «أبي أحمد السامري» فأثنى عليه ووثقه (1).
ولد «عبد الله بن الحسين» سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين، وأخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدّمتهم: «أبو بكر بن مجاهد، وأبو الحسن بن شنبوذ».
وبعد أن اكتملت مواهب «عبد الله بن الحسين» جلس لتعليم القراءة وحروف القراءات، واشتهر بالثقة والضبط، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو الفتح فارس بن أحمد» وهو أضبط من قرأ عليه، وعبد الباقي بن فارس، وغيرهما كثير.
توفي «عبد الله بن الحسين» بمصر سنة ست وثمانين وثلاثمائة.
وبعد أن أصبح «عبد الباقي بن فارس» مؤهلا لتعليم القرآن، وحروف القراءات تصدر لذلك، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدّمة من أخذ عنه القراءة: «عبد الله بن سهل بن يوسف أبو محمد الأنصاري الأندلسي المرسي:
بضم الميم، وسكون الراء، نسبة إلى «مرسيّة» وهي بلدة من بلاد المغرب» (2).
قال «أبو علي بن سكّرة»: هو إمام وقته في فنّه، لقيته بالمرّيّة (3) لازم «أبا عمرو الداني» ثمانية عشر عاما، ورحل فلقي جماعة، قال: وجرت بينه وبين شيخه «الداني» عند قدومه منافسة ومقاطعة، وكان «أبو محمد» شديدا على أهل البدع، قوّالا بالحق مهيبا جرت له في ذلك أخبار كثيرة، وامتحن، ولفظته البلاد، وغرّب، وغمزه كثير من الناس، ودخل «سبتة» وأقرأ بها مدّة، ثم خرج إلى «طنجة» ثم رجع إلى الأندلس فمات برندة (1).
أخذ «عبد الله بن سهل» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «أبو عمرو الداني، وعبد الباقي بن فارس» وقرأ القراءات على «أبي عمر الطلمنكي، ومكي بن أبي طالب القيسي».
ثم جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والحفظ، والأمانة، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع». توفي «عبد الله بن سهل» «برندة» سنة ثمانين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: «محمد بن عبد الله بن مسبّح بن عبد الرحمن أبو عبد الله الفضّي المصري، وهو من أئمة القراءة المشهورين بالثقة وكثرة الروايات. أخذ القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم: «عبد الباقي بن فارس» وروى كتاب «الروضة» للمالكي سماعا عن «أبي الحسن علي بن حميد الواعظ، وإبراهيم بن إسماعيل بن غالب الخياط» وقرأ على «أبي معشر الطبري» بكتابه «سوق العروس».
ثم جلس «محمد بن المسبّح» لتعليم القراءات، واشتهر بالثقة والأمانة، وكثرة الروايات، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:
«الشريف أبو الفتوح ناصر بن الحسن، وزيد بن شافع اللخمي» وآخرون.
قال «ابن الجزري»: لا أدري متى توفي «محمد بن المسبّح» إلا أنه لم يصل إلى العشرين وخمسمائة.
وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وحروف القراءات توفي «عبد الباقي بن فارس» في حدود الخمسين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید