المنشورات

«نصر بن عبد العزيز» ت 461 هـ

هو: نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح أبو الحسين الفارسي الشيرازي.
وهو من الثقات العدول، والمحققين المسندين.
قال أبو القاسم بن الفحام: قال لنا «أبو الحسين نصر الفارسي» إنه قرأ بالطرق والروايات، والمذاهب المذكورة في «كتاب الروضة» لأبي علي المالكي البغدادي، على شيوخ «أبي عليّ» المذكورين في «الروضة» كلهم القرآن كله، وإن «أبا علي» كان كلما قرأ جزءا من القرآن قرأت مثله، وكلما ختم ختمة ختمت مثلها حتى انتهيت إلى ما انتهى إليه. اه (2).
ويعقب «ابن الجزري» على هذا الخبر بقوله: قلت فتعلو لنا القراءات من طريقه عن طريق صاحب الروضة بواحد، وانتقل إلى «مصر» أي نصر بن عبد العزيز- فكان مقرئ الديار المصرية ومسندها، وألف بها كتاب «الجامع في العشر».
أخذ «نصر بن عبد العزيز» حروف القراءات عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وأحمد بن نصر الشذائي» وغيرهما.
ثم جلس «علي بن جعفر» لتعليم القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «نصر بن عبد العزيز».
قال «ابن الجزري»: لا أدري متى مات «أبو الحسين السعيدي» إلا أنه بقي إلى حدود العشرين وأربعمائة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: علي بن أحمد بن عمر بن حفص أبو الحسين الحمامي، شيخ العراق، ومسند الآفاق، وهو من الثقات البارعين، قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرد بأسانيد القرآن وعلوّها (1).
أخذ «علي بن أحمد» القراءات عرضا عن مشاهير العلماء. وفي مقدمتهم:
«أبو عيسى بكار، وعبد الواحد بن عمرو».
ثم جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وفي مقدمة من قرأ عليه «نصر بن عبد العزيز، وأحمد بن مسرور».
توفي «علي بن أحمد» في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وهو في تسعين سنة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «عبيد الله بن محمد أبو أحمد الفرضي البغدادي». وهو إمام ثقة من القراء والمحدثين، قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان أبو أحمد ثقة ورعا، ديّنا، حدثنا «منصور بن عمر» الفقيه قال: لم أر في الشيوخ من يعلم الله مثل أبي أحمد الفرضي، اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم وقراءة، وإسناد، وحالة متسعة في الدنيا، وكان مع ذلك أورع الخلق، كان يقرأ علينا الحديث بنفسه لم ير مثله (2).
أخذ «عبيد الله» القراءة عرضا وسماعا عن «أبي الحسن بن بويان» وهو آخر من لقي من أصحابه ممن روى عنه رواية «قالون» كما أخذ القراءة عرضا عن عدد كبير وفي مقدمتهم: «الحسن بن محمد البغدادي» وآخرون.
جلس «عبيد الله بن محمد» لتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «نصر بن عبد العزيز، وعبد الله بن محمد شيخ الداني» وآخرون.
توفي «عبيد الله بن محمد» في شوال سنة ست وأربعمائة، وله اثنتان وثمانون سنة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطان» من مشاهير العلماء، ومن الثقات المؤلفين، والحذاق المسندين أخذ القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم:
«زيد بن عليّ بن أبي بلال، وأبي عيسى بكار»، وآخرون.
ثم جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «نصر بن عبد العزيز، والحسن بن الفضل الشرمقاني» وآخرون.
توفي «عبد الملك بن بكران» في رمضان سنة أربع وأربعمائة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «منصور بن محمد بن منصور أبو الحسن القزاز البغدادي»، وهو من مشاهير القراء، ومن الثقات المجوّدين.
أخذ قراءة «أبي عمرو بن العلاء البصري» عرضا عن «أبي بكر بن مجاهد» وهو آخر أصحابه موتا.
ثم تصدر لتعليم القرآن واشتهر بحسن القراءة وتجويدها، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه: «نصر بن عبد العزيز، وأحمد بن مسرور الخباز» وآخرون.
قال «ابن الجزري»: بقي «منصور بن محمد» إلى حدود العشر وأربعمائة أو قبل ذلك، فإن «الشيرازي» قرأ عليه بعد الأربعمائة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «محمد بن المظفر بن علي ابن حرب أبو بكر الدينوري» شيخ الدّينور، وإمام جامعها، قدم إليها وأقرأ بها بعيد الأربعمائة، وكان مقرئا حاذقا.
أخذ القراءة عن عدد من القراء وفي مقدمتهم: «الحسين بن محمد بن حبش الدينوري».
ثم جلس لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «نصر بن عبد العزيز» و «أبو علي غلام الهراس» وآخرون.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي القاضي»، نزيل بغداد وهو إمام محقق، وأستاذ متقن، وأصله من «فم الصلح» ونشأ «بواسط» ولد عاشر صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة ورحل إلى «الدينور» فقرأ على «أبي علي بن حبش، وأبي بكر أحمد بن محمد الشارب» وغيرهما.
وبعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «نصر بن عبد العزيز». وقرأ عليه بالروايات «أبو القاسم الهذلي، وأبو علي غلام الهراس» قال عنه «الحافظ أبو عبد الله»: تبحّر في القراءات، وصنّف، وجمع، وتفنّن، وولي قضاء الحريم الظاهري، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق، وحدّث عن «القطيعي، وأبي محمد بن السقّا» وجماعة (1).
وقال عنه «ابن الجزري»: «هو صاحب السكت عن «رويس» انفرد به عنه، وقد حدث عنه «أبو بكر الخطيب» (2).
توفى «محمد بن علي أبو العلاء الواسطي» ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، ودفن بداره من بغداد.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «الحسن بن محمد بن يحيى ابن داود أبو محمد الفحّام»، المقرئ، الفقيه، البغدادي، السامري، وهو شيخ بارع مصدّر، ومن الثقات المشهورين، أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وجعفر بن عبد الله السامري».
ثم جلس لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وفي مقدمتهم: «نصر بن عبد العزيز، وأبو علي غلام الهراس» وغيرهما.
توفي «الحسن بن محمد» سنة ثمان وأربعمائة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «عبيد الله بن أحمد بن علي ابن يحيى أبو القاسم البغدادي المعروف بابن الصيدلاني.
ذكره «أبو عمرو الداني» فقال: هو مقرئ متصدر، بغدادي. يكنى أبا القاسم سمع من «يحيى بن محمد بن صاعد» وعمّر، وطالت أيامه (1).
وقال عنه «ابن الجزري»: هو من حذّاق المقرئين، الضابطين المشهورين،قرأ على «هبة الله بن جعفر، وأبي طاهر بن أبي هاشم».
وقرأ عليه «أبو الفرج النهرواني، وأبو الحسن بن العلاف»، وغيرهما.
توفي ببغداد سنة أربعمائة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور، أبو الحسن السوسنجردي ثم البغدادي»، وهو من القراء المشهورين بالضبط وجودة القراءة. ولد في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
وأخذ القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «زيد بن أبي بلال، وعبد الواحد بن أبي هاشم» وغيرهما.
جلس «أحمد بن عبد الله» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «نصر بن عبد العزيز، وأبو علي غلام الهراس، وأبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المالكي».
توفي «أحمد بن عبد الله» يوم الأربعاء لثلاث خلون من رجب سنة اثنتين وأربعمائة عن نيّف وثمانين سنة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «علي بن محمد بن إسماعيل ابن الحسين أبو الحسن البغدادي»، وهو من القراء المشهورين بالثقة وجودة القراءة.
أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «نظيف بن عبد الله أبو الحسن الحلبي» نزيل «دمشق» سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.
وبعد أن كملت مواهبه جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «نصر بن عبد العزيز، وعلي ابن محمد بن فارس الخياط» وغيرهما.
وقال الذهبي: بقي «علي بن محمد» إلى حدود سنة أربعمائة.
وكما أخذ «نصر بن عبد العزيز» القراءة عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي مقدمة من أخذ عنهم الحديث «أبو الحسن ابن بشران، وابن رزقويه».
جلس «نصر بن عبد العزيز» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب.
ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «عبد الرحمن بن عتيق أبو القاسم بن أبي سعيد بن الفحام»، وهو أستاذ ثقة، ضابط، محقق، مؤلف كتاب «التجريد» وشيخ الاسكندرية وانتهت إليه رئاسة الإقراء بها علوّا ومعرفة.
قرأ الروايات على «إبراهيم بن إسماعيل المالكي» صاحب أبي علي البغدادي، وأخذ العربية عن «علي بن ثابت» وشرح مقدمته.
قال «سليمان بن عبد العزيز الأندلسي»: «ما رأيت أحدا أعلم بالقراءات من «أبي القاسم بن الفحام» لا بالمشرق ولا بالمغرب» (1).
جلس «عبد الرحمن بن عتيق» لتعليم القرآن، وذاع صيته في البلاد، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «نصر بن عبد العزيز».
وقرأ عليه بالروايات «أبو العباس أحمد بن الحطيّة، وأبو طاهر أحمد بن محمد السلفي»، وغيرهما.
توفي «أبو القاسم بن الفحام» سنة ست عشرة وخمسمائة.
ومن تلاميذ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «خلف بن إبراهيم بن سعيد أبو القاسم بن النخّاس القرطبي المعروف بالحصّار»، ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وهو من خيرة القراء المشهورين بالثقة والضبط وحسن القراءة، وقد رحل إلى كثير من المدن من أجل تحصيل القرآن. فقد قرأ بمكة المكرمة على «أبي معشر عبد الكريم الطبري»، وبمصر على «نصر بن عبد العزيز»، وبقرطبة على «أبي المطرف عبد الرحمن بن خلف، ومعاوية بن محمد العقيلي»، ثم رجع إلى قرطبة وولّي خطابتها، وجلس لتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «يحيى أبو عبد المنعم بن الخلوف الغرناطي، ويحيى بن سعدون القرطبي».
توفي «خلف بن إبراهيم» في صفر سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
ومن تلاميذ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «مرشد بن يحيى المديني» وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة والأمانة وحسن الأداء.
أخذ «مرشد» القراءة عن «نصر بن عبد العزيز» وروى حروف القراءات العشر سماعا من كتاب «الجامع» عن مؤلفه «نصر بن عبد العزيز» أيضا.
جلس مرشد لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وقد روى عنه حروف القراءات العشرة بمضمّن كتاب «الجامع» «أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «مرشد».
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
وكما أخذ «نصر بن عبد العزيز» القراءة عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: وحدّث «نصر بن عبد العزيز» عن «ابي رزقويه» وحدّث عنه «أحمد بن يحيى بن الجارود المصري، ومحمد بن أحمد بن الحطّاب الرازي» وغيرهما (1).
وبعد حياة حافلة بطلب العلم، وتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، توفي «نصر بن عبد العزيز» سنة إحدى وستين وأربع مائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید