المنشورات

الجَهْل

يقال للبسيط، وهو عدم العلم عمّا من شأنه أن يكون علما، ويقال أيضا للمركب، وهو عبارة عن اعتقاد جازم غير مطابق، سمّى به، لأنه يعتقد الشيء على خلاف ما هو عليه، فهذا جهل آخر قد تركبا معا، ويقرب من البسيط السّهو، وسببه عدم استثبات التصور، فيثبت مرة ويزول أخرى، ويثبت بدله تصور آخر، فيشتبه أحدهما بالآخر اشتباها غير مستقر، حتى إذا نبه بأدنى تنبيه وعاد إلى التصور الأول ويقرب من الجهل أيضا: الغفلة، ويفهم منها: عدم التصور مع وجود ما يقتضيه كذلك يقرب فيه الذهول، وسببه: عدم استثبات التصور حيرة ودهشا، والجهل يقال: اعتبارا بالاعتقاد، والغىّ يقال:
اعتبارا بالأفعال. ولهذا قيل: زوال الجهل بالعلم، وزوال الغىّ بالرشد، ويقال لمن أصاب: رشد، ولمن أخطأ: عفوي.
والجهل أنواع: باطل لا يصلح عذرا، وهو جهل الكافر بصفات الله وأحكامه، وكذا جهل الباغي، وجهل من خالف في اجتهاده الكتاب والسّنة، كالفتوى ببيع أمهات الأولاد، بخلاف الجهل في موضع الاجتهاد، فإنه يصلح عذرا وهو الصحيح، وكذا الجهل في موضع الشبهة، وأما الجهل لذوي الهوى بالأحكام المتعلقة بالآخرة كعذاب القبر، والرؤية، والشفاعة لأهل الكبائر، وعفو ما دون الكفر، وعدم خلود الفسّاق في النار، فلم يكن هذا الجهل عذرا لكونه مخالفا للدليل الواضح من الكتاب والسّنة والمعقول، لكنه لما نشأ من التأويل للأدلة كان دون جهل الكافر.
وجهل مسلم في دار الحرب لم يهاجر إلينا بالشرائع كلها يكون عذرا حتى لو مكث ثمة مدة ولم يصلّ ولم يصم ولم يعلم أنهما واجبان عليه لا يجب القضاء بعد العلم بالوجوب، خلافا لقوم، لأن الخطاب النازل خفيّ في حقه، فيصير الجهل به عذرا، لأنه غير مقصر، وإنما جاء الجهل من قبل خفاء الدليل. ويلحق بهذا الجهل جهل الشفيع بالبيع، والأمة بالإعتاق، والبكر بنكاح الولي، والوكيل، والمأذون بالإطلاق وضده.
«تهذيب الأسماء واللغات 3/ 56، 57، وفتح الغفار بشرح المنار 3/ 102، 103، والكليات ص 350، ودستور العلماء 1/ 420، والتوقيف ص 260» .

 

مصادر و المراجع :

١- معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية

المؤلف: د. محمود عبد الرحمن عبد المنعم

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید