المنشورات

الخطأ:

مهموز بفتحتين ضد الصواب، ويقصر ويمد، والخطأ ضد الحق.
قال أبو البقاء: ثبوت الصورة المضادة للحق بحيث لا يزول بسرعة.
وقال الراغب: «الخطأ» : العدول عن الجهة، وذلك أضرب:
أحدها: أن يريد غير ما تحسن إرادته، فيفعله، وهذا هو الخطأ التام المأخوذ به الإنسان، يقال: «خطئ يخطأ خطأ وخطأة» ، قال الله تعالى:. إِنَّ قَتْلَهُمْ كاانَ خِطْأً كَبِيراً.
[سورة الإسراء، الآية 31] وقال الله تعالى:. وَإِنْ كُنّاا لَخااطِئِينَ.
[سورة يوسف، الآية 91] والثاني: أن يريد ما يحسن فعله، ولكن يقع فيه خلاف ما يريد، فيقال: «أخطأ إخطاء» ، فهو: مخطئ، وهذا قد أصاب في الإرادة وأخطأ في الفعل، وهذا المعنىّ بقوله- عليه الصلاة والسلام-: «رفع عن أمّتي الخطأ والنّسيان» .
[ابن ماجه «الطلاق» 16] وبقوله صلّى الله عليه وسلم: «من اجتهد فأخطأ فله أجر» .
[أخرجه الدارقطني 2/ 218] وقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً.
[سورة النساء، الآية 92] الثالث: أن يريد ما لا يحسن فعله ويتفق منه خلافه، فهذا مخطئ في الإرادة، ومصيب في الفعل، فهو مذموم بقصده، وغير محمود على فعله، وهذا المعنى هو الذي أراده في قوله: أردت مساءتى فأجرت مسرّتى وقد يحسن الإنسان من حيث لا يدرى وقال أبو عبيدة: خطئ خطأ من باب علم، وأخطأ بمعنى واحد: لمن يذنب عن غير عمد.
وقال غيره: خطئ في الدين، وأخطأ في كل شيء عامدا كان أو غيره.
والخطيئة: الذنب عن عمد، وهي بهذا المعنى تكون مطابقة للإثم، وقد تطلق على غير العمد فتكون بهذا المعنى مخالفة للإثم، إذا الإثم لا يكون إلا عن عمد، وجمعها: خطايا، وخطيئات، وتغلب بالمتعمد من الذنوب، قال الله تعالى:
مِمّاا خَطِيئااتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نااراً.
[سورة نوح، الآية 25] وقال الله تعالى: إِنّاا آمَنّاا بِرَبِّناا لِيَغْفِرَ لَناا خَطاايااناا.
[سورة طه، الآية 73] .
والخطيئة: تقع على الصغيرة والكبيرة، أفاده أبو البقاء. واصطلاحا:
قال صدر الشريعة: هو فعل يصدر من الإنسان بلا قصد إليه عند مباشرة أمر مقصود سواه.
قال الكمال بن الهمام: أن يقصد بالفعل غير المحل الذي يقصد به الجناية، كالمضمضة تسرى إلى الحلق، والرمي إلى صيد فأصاب آدميّا.
وقال الزركشي في «البحر» : هو أن يصدر منه الفعل بغير قصد.
وقال ابن عرفة في «الحدود» :
- الخطأ في الدماء: هو ما سببه غير مقصود لفاعله ظلما.
- والخطأ في القصد: هو أن ترمى شخصا تظنه صيدا، فإذا هو مسلم.
- والخطأ في الفعل: هو أن ترمى غرضا فأصاب آدميّا.
فوائد:
قال أبو البقاء: الخطأ تارة يكون بخطإ مادة، وتارة بخطإ صورة:
فالأول: من جهة اللفظ أو المعنى، أما اللفظ فكاستعمال المتباينة كالمترادفة، نحو: السيف، والصارم. وأما المعنى فكالحكم على الجنس بحكم النوع المندرج تحته نحو: هذا لون، واللون سواد، فهذا سواد، وكإجراء غير القطعي كالوهميات وغيرها مما ليس قطعيّا مجرى القطعي، كجعل العرض كالذاتى نحو: هذا إنسان، والإنسان كاتب، وكجعل النتيجة إحدى مقدمتي البرهان لتغيرها، ويسمى مصادرة على المطلوب، كهذه نقلة، وكل نقلة حركة فهذه حركة. والثاني: وهو ما يكون خطأ صورة كالخروج عن الإشكال الأربعة بما لا يكون على تأليفها لا فعلا ولا قوة، كانتفاء شرط من شروط الإنتاج.
- الخطيئة تقع على الصغيرة مثل: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي. [سورة الشعراء، الآية 82] .
وتقع على الكبيرة مثل: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحااطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ. [سورة البقرة، الآية 81] .
- الخطيئة تغلب فيما يقصد بالعرض، والسيئة قد تقال فيما يقصد بالذات، أفاده أبو البقاء.
- الخطيئة قد تكون من غير تعمد، والإثم لا يكون إلا بالتعمد، قاله أبو البقاء.
- بعض العلماء يرى أن الخطأ والغلط مترادفان، وذكر البعض فرقا وهو متعلق الخطأ: الجنان، ومتعلق الغلط: اللسان.
وقال أبو هلال: «الغلط» : هو وضع الشيء في غير موضعه، ويجوز أن يكون صوابا في نفسه، والخطأ لا يكون صوابا على وجه، وفي الحديث: «قتيل الخطأ ديته كذا وكذا» .
[النهاية 2/ 44] قتل الخطأ ضد العمد، وهو أن تقتل إنسانا بفعلك من غير أن تقصد قتله أو لا تقصد ضربه بما قتلته به.
- وفي حديث الكسوف: «فأخطأ بدرع حتى أدرك بردائه» .
[النهاية 2/ 45] أي: غلط، يقال لمن أراد شيئا ففعل غيره: أخطأ، كما يقال لمن قصد ذلك، كأنه في استعجاله غلط فأخذ درع بعض نسائه عوض ردائه.
ويروى خطأ من الخطو: المشي والأول أكثر.
وفي حديث عثمان (رضى الله عنه) : «أنه قال لامرأة ملكت أمرها فطلقت زوجها: إن الله خطأ نوءها» . [النهاية 2/ 45] أي: لم تنجح في فعلها، ولم تصب ما أرادت من الخلاص.
«المعجم الوسيط (خطئ) 1/ 25، والنهاية 2/ 44، 45، وشرح حدود ابن عرفة 2/ 617، والكليات ص 424، 425، 559، والمفردات ص 151، 152، وفتح الغفار 2/ 118، وتيسير التحرير 2/ 305، والقاموس القويم 1/ 197، 198، والحدود الأنيقة ص 14، والموسوعة الفقهية 1/ 250» .

 

مصادر و المراجع :

١- معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية

المؤلف: د. محمود عبد الرحمن عبد المنعم

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید