المنشورات

رفع الحرج:

مركب إضافي تتوقف معرفته على معرفة لفظية، فالرفع لغة:
نقيض الخفض في كل شيء، والتبليغ، والحمل وتقريبك الشيء والأصل في مادة الرفع: العلو، يقال: «ارتفع الشيء ارتفاعا» : إذا علا، ويأتي بمعنى: الإزالة، يقال: «رفع الشيء» : إذا أزيل عن موضعه.
قال في «المصباح المنير» : الرّفع في الأجسام حقيقة في الحركة والانتقال، وفي المعاني محمول على ما يقتضيه المقام، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة.» [أبو داود 4398] .
والحرج في اللغة: المكان الضيق الكثير الشجر، والضيق، والإثم، والحرام، والأصل فيه الضيق.
قال ابن الأثير: الحرج في الأصل: الضيق، ويقع على الإثم والحرام، تقول: «رجل حرج وحرج» : إذا كان ضيق الصدر.
وقال الزجاج: الحرج في اللغة: أضيق الضيق، ومعناه: أنه ضيق جدّا.
وسئل ابن عباس (رضى الله عنهما) عن الضيق؟ فدعا رجلا من هذيل، فقال له: ما الحرج فيكم؟ فقال: الحرج من الشجر ما لا مخرج له، فقال ابن عباس (رضى الله عنه) :
هو ذلك، والحرج: ما لا مخرج له.
ومعنى الرفع في الاصطلاح لا يخرج عن معناه اللغوي.
والحرج في الاصطلاح: ما فيه مشقة وضيق فوق المعتاد، فهو أخص من معناه اللغوي. ورفع الحرج: إزالة ما في التكليف الشاق من المشقة برفع التكليف من أصله أو بتخفيفه أو بالتخيير فيه أو بأن يجعل له مخرج كرفع الحرج في اليمين بإباحة الحنث فيها مع التكفير عنها أو بنحو ذلك من الوسائل. فرفع الحرج لا يكون إلا بعد الشدة خلافا للتيسير، والحرج والمشقة مترادفان.
- والفقهاء والأصوليون قد يطلقون عليه أيضا: «دفع الحرج» ، و «نفى الحرج» .
ورفع الحرج في الاصطلاح يتمثل في إزالة كل ما يؤدى إلى مشقة زائدة في البدن أو النفس أو المال في البدء والختام والحال والمآل، وهو أصل من أصول الشريعة ثبت بأدلة قطعية لا تقبل الشك.
والصلة بين الرخصة ورفع الحرج من وجوه:
الأول: أن رفع الحرج أصل كلي من أصول الشريعة ومقصد من مقاصدها- كما سبق- أما الرخص فهي فرع يتدرج ضمن هذا الأصل العام وجزء أخذ من هذا الكل، فرفع الحرج مؤداه: يسر التكاليف في جميع أطوارها، والرخص مؤداها تيسير ما شق على بعض النفوس عند التطبيق من تلك الأحكام الميسرة ابتداء.
الثاني: أن الحرج مرفوع عن الأحكام ابتداء وانتهاء في الحال والمآل، بينما الرخص تشمل- عادة أحكاما مشروعة بناء على أعذار العباد تنتهي بانتهائها وأخرى تراعى فيها أسباب معينة تتبعها وجودا وعدما.
وليست الرخص مرادفة لرفع الحرج وإلا لكانت أحكام الشريعة كلها رخصا بدون عزائم ولتفصيل ذلك.
الثالث: إذا رفع المشرع الحرج عن فعل من الأفعال فالذي يتبادر إلى الذهن أن الفعل إن وقع من المكلف لا إثم ولا مؤاخذة عليه، ويبقى الإذن في الفعل مسكوتا عنه، فيمكن أن يكون مقصودا ويمكن أن يكون غير مقصود إذ ليس كل ما لا حرج فيه يؤذن فيه بخلاف الترخيص في الفعل، فإنه يتضمن إلى جانب ذلك الإذن فيه.
«الموافقات 2/ 159، والموسوعة الفقهية 14/ 213، 22/ 152، 153، 282، 283» .

 

مصادر و المراجع :

١- معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية

المؤلف: د. محمود عبد الرحمن عبد المنعم

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید