المنشورات

السّحر:

وهو في اللغة: صرف الشيء عن جهته إلى غيرها، قال الله تعالى:. إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلّاا رَجُلًا مَسْحُوراً [سورة الإسراء، الآية 47] : أي مصروفا عن الحق.
وقوله تعالى:. بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ [سورة الحجر، الآية 15] : أي أزلنا وصرفنا بالتخيل عن معرفتنا.
وقوله صلّى الله عليه وسلم: «إنّ من البيان لسحرا» [سبق تخريجه] : أى ما يصرف ويميل من يسمعه إلى قبول قوله وإن كان ليس بحق، وهو في الحديث بمعنى: الخديعة وإخراج الباطل في صورة الحق.
وهو الأخذة، وكل ما لطف ودق فهو: سحر.
حكى الأزهري عن الفراء وغيره أن أصله في اللغة: الصرف.
وقال الأزهري أيضا: السحر: عمل تقرب به إلى الشيطان وبمعونة منه.
والسحر الكلامي: غرابته ولطافته المؤثرة في القلوب المحولة إياها من حال إلى حال كالسحر.
واصطلاحا: اختلفت تعريفات الفقهاء للسحر نظرا لاختلاف تصورهم لحقيقته، فعرفوه: بأنه أمر خارق للعادة مسبب عن سبب معتاد كونه عنه.
قال ابن عابدين: علم يستفاد به حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة.
قال القليوبى: مزاولة النفوس الخبيثة لأقوال أو أفعال ينشأ عنها أمور خارقة للعادة. قال البعلى: عقد ورقي وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له. وله حقيقة، فمنه ما يقتل، ومنه ما يمرض، وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما في الآخر، أو يحبب بين الاثنين.
واختلف الفقهاء في حكم الساحر:
فقال بعضهم: يجب قتله، وقال بعضهم: هو كافر، لكن لم يتعرض لقتله.
وقال الشافعي- رحمه الله-: إذا اعترف الساحر بأنه قتل شخصا بسحره، أو بأن سحره مما يقتل غالبا وجب عليه القود.

فائدة:
الفرق بين المعجزة، والكرامة، والسحر أمور:
أحدها: أن السحر إنما يظهر من نفس شريرة خبيثة، والكرامة إنما تظهر من نفس كريمة مؤمنة دائمة الطاعات المتجنبة عن السيئات.
الثاني: أن السحر أعمال مخصوصة معينة من السيئات، وإنما يحصل بذلك وليس في الكرامة أعمال مخصوصة، وإنما تحصل بفضل الله بمواظبة الشريعة النبوية.
الثالث: أن السحر لا يحصل إلا بالتعليم والتلمذة، والكرامة ليست كذلك.
الرابع: أن السحر لا يكون موافقا لمطالب الطالبين، بل مخصوص بمطالب معينة محدودة، والكرامة موافقة لمطالب الطالبين وليس لها مطالب مخصوصة.
الخامس: أن السحر مخصوص بأزمنة معينة أو أمكنة معينة أو شرائط مخصوصة، والكرامة لا تعين لها بالزمان ولا بالمكان ولا بالشرائط. السادس: أن السحر قد يتصدى بمعارضة ساحر آخر إظهارا لفخره، والكرامة لا يعارض لها آخر.
السابع: أن السحر يحصل ببذل جهده في الإتيان به، والكرامة ليس فيها بذل الجهد والمشقة وإن ظهرت ألف مرة.
الثامن: أن الساحر يفسق ويتصف بالرجس فربما لا يغتسل عن الجنابة ولا يستنجى عن الغائط ولا يطهر الثياب الملبوسة بالنجاسات لأن له تأثيرا بليغا بالاتصاف بتلك الأمور، وهذا هو الرجس في الظاهر، وأما في الباطن فهو إذا سحر كفر، فإن العامل كافر. التاسع: أن الساحر لا يأمر إلا بما هو خلاف الشرع والملة، وصاحب الكرامة لا يأمر إلا بما هو موافق له إلى غير ذلك من وجوه المفارقة، فإذا ظهر الفرق بين الكرامة والسّحر ظهر بينه وبين المعجزة أيضا.
«الإفصاح في فقه اللغة 1/ 550، وغريب أبى عبيد 2/ 33، 34، ومعجم المغني (7125) 10/ 104 9/ 34، والقاموس القويم للقرآن الكريم ص 305، وشرح حدود ابن عرفة 2/ 635، والكليات ص 511، والنظم المستعذب 2/ 265، والمطلع ص 358، وفتح البارى 9/ 201، والبيان والتبيين 1/ 42، 43، ودستور العلماء 2/ 165، 166، والموسوعة الفقهية 14/ 52، 24/ 260، 30/ 33» .

 

مصادر و المراجع :

١- معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية

المؤلف: د. محمود عبد الرحمن عبد المنعم

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید