المنشورات

الصدقة:

تطلق بمعنيين:
الأول: ما أعطيته من المال قاصدا به وجه الله تعالى، فيشمل ما كان واجبا، وهو الزكاة وما كان تطوعا.
الثاني: أن تكون بمعنى الزكاة: أي في الحق الواجب خاصة، ومنه الحديث: «ليس فيما دون خمس زود صدقة» .
[العجلونى 2/ 133] والمصدق- بفتح الصاد مخففة-: هو الساعي الذي يأخذ الحق الواجب في الأنعام، يقال: «جاء الساعي فصدق القوم» : أي أخذ منهم زكاة أنعامهم.
والمتصدق والمصدق- بتشديد الصاد-: هو معطي الصدقة، وهي العطية التي بها تبتغي المثوبة من الله تعالى.
وفي «المغرب» : يقال: «تصدق على المساكين» : أى أعطاهم الصدقة، وهي تمليك للمحتاج في الحياة بغير عوض على وجه القربة إلى الله تعالى، أو هي: ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة، لكن الصدقة في الأصل تقال للمتطوع به، والزكاة للواجب، وقد يسمى الواجب صدقة، إذا تحرى صاحبها الصدق في فعله.
قال ابن قدامة: الهبة، والصدقة، والهدية، والعطية معانيها متقاربة وكلها تمليك في الحياة بغير عوض، واسم العطية شامل لجميعها.
والفرق بين الرشوة والصدقة: أن الصدقة تدفع طلبا لوجه الله تعالى، في حين أن الرشوة تدفع لنيل غرض دنيوي عاجل.
والإعطاء للفقراء صدقة وإن كان بغير لفظ الصدقة على رواية «الجامع الصغير» حيث جعل كل واحد من الصدقة والهبة مجازا عن الآخر، حيث جعل الهبة للفقير صدقة، والصدقة على الغنى هبة، لأنها تحتمل التودد والتحبب والعوض فلا تتمحض صدقة.- وفرق بين الهبة والصدقة في الحكم، وهو جواز الشيوع في الصدقة وعدم جوازه في الهبة حيث جاز صدقة عشرة دراهم على اثنين ولم يجز هبتها عليهما، والجامع بينهما تمليك العين بلا عوض فجازت الاستعارة، وعلى هذا فالرواية وقع في «كنز الدقائق» وصح تصدق عشرة وهبتها لفقرين لا لغنيين، فإن صدقة المشاع جائزة عند أبي حنيفة- رحمه الله تعالى- دون الهبة.
ووجه الفرق: أن الصدقة تكون ابتغاء لوجه الله تعالى فيراد بها الواحد عزّ وجلّ شأنه وبرهانه تعالى، فتقع في يده تعالى أولا، ثمَّ في يد الفقير لقوله صلّى الله عليه وسلم: «الصدقة تقع في كف الرحمن قبل أن تقع في كف الفقير» [أحمد 2/ 18] والله تعالى واحد فلا شيوع، فالفقير نائب عنه تعالى، وكذا الفقيران والفقراء.
والهبة يراد بها وجه الغنى ويبتغى منها التودد والتحبب والعوض، أى يقصد بالهبة الموهوب له لأجل تودده وتحببه أو ليعطي عوض هبته، ولهذا صح الرجوع في الهبة دون الصدقة، وبتعدد الموهوب له يصير هبة المشاع، فإذا تصدق بعشرة دراهم لغنيين لا يجوز، لأن هذه الصدقة هبة في حقهما لما مر وهما اثنان، وهبة المشاع لا تجوز، وقالا [أى الصاحبان أبو يوسف، ومحمد بن الحسن] : تجوز لغنيين أيضا.
وأما على رواية الأصل فالصدقة كالهبة، فلا تصح إلا بالقبض ولا في مشاع يحتمل القسمة ولكن لا يصح الرجوع فيها، كما يجوز في الهبة وقد تطلق الصدقة على الزكاة اقتداء بقوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقااتُ لِلْفُقَرااءِ. [سورة التوبة، الآية 60] ، وإنما سميت بها لدلالتها على صدق العبد في العبودية.

 

مصادر و المراجع :

١- معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية

المؤلف: د. محمود عبد الرحمن عبد المنعم

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید