المنشورات

الامكان في الفرنسية/ etilibissoP في الانكليزية/ ytilibissoP في اللاتينية/ satilibissoP

الإمكان، في اللغة، مصدر أمكن إمكانا، كما تقول: أكرم إكراما، وهو أيضا مصدر أمكن الشيء من ذاته، تقول: أمكن الأمر فلانا ولفلان، سهل عليه، أو تيسر له فعله، وقدر عليه، وتقول: فلان لا يمكنه النهوض أي لا يقدر عليه، وأمكنني الأمر أي أمكنني من نفسه.
والإمكان في الشيء عند المتقدمين هو إظهار ما في قوته الى الفعل، وذلك أنك إذا تصورت طبيعة الواجب كان طرفا، وبإزائه في الطرف الآخر طبيعة الممتنع، وبينهما طبيعة الممكن، والمسافة التي بين الواجب والممتنع اذا لحظت وسطها على الصحة، فهو أحق شيء وأولاه بطبيعة الممكن. وكلما قربت هذه النقطة، التي كانت وسطا، الى أحد الطرفين، كان ممكنا بشرط وتقييد. فقيل: ممكن قريب من الواجب، وممكن بعيد عنه (أبو حيان التوحيدي ومسكويه، كتاب الهوامل والشوامل، ص 100).
قال (ابن سينا): «و الامكان إما أن يعنى به ما يلازم سلب ضرورة العدم وهو الامتناع ...
وإما أن يعنى به ما يلازم سلب الضرورة في العدم والوجود جميعا»، (الاشارات: 34). «فاعتبار الذات وحدها لا يخلو إما أن يكون مقتضيا لوجوب الوجود، أو مقتضيا لإمكان الوجود، أو مقتضيا لامتناع الوجود» (النجاة: ص 367)، «و نحن نسمي امكان الوجود قوة الوجود» (الشفاء 2:- 477، النجاة 385).
والإمكان عبارة عن كون الماهية بحيث تتساوى نسبة الوجود والعدم اليها، أو عبارة عن التساوي نفسه على اختلاف العبارتين، فيكون صفة للماهية حقيقة من حيث هي هي. (كليات أبي البقاء). وهذا المعنى الأخير قريب من المعنى الذي ذهب اليه المحدثون في قولهم:
الإمكان هو صفة للمكن بالمعنى الموضوعي أو الخارجي.
ويطلق الإمكان في اللغة الانكليزية على الأفعال والحوادث الممكنة، كما تقول: بحث في جميع وجوه الامكان. ويطلق أيضا في الفلسفة الحديثة على حرية فعل الشيء، وهذا المعنى قريب من معنى الوسع والطاقة، تقول ليس في وسعه أن يفعل كذا، أي لا يقدر عليه.
والامكان هو إحدى مقولات الفيلسوف (كانت)، وهو مقابل للوجود والضرورة، والقضايا التي يدخل فيها الامكان تسمى عنده بالقضايا الممكنة، ويقابلها من ذوات الجهة الوجودية، والضرورية. وابن سينا أيضا يسمي القضايا التي يدخل فيها الوجوب، والامكان، والامتناع بذوات الجهة، ويجعل الجهات ثلاثا:
الواجب، ويدل على دوام الوجود، والممتنع، ويدل على دوام العدم، والممكن، ويدل على لا دوام وجود ولا عدم. والواجب والممتنع يتفقان في معنى الضرورة فذاك ضروري الوجود وهذا ضروري العدم. أما الضروريات، فهي كقولنا (كل ب ا) بالضرورة، ومعناه أن كل واحد مما يوصف عند العقل بأنه (ب) هو دائما (ا) ما دام ذاته موجودا.
ومثاله: كل متحرك جسم بالضرورة. وأما الممكنات فهي التي حكمها، من سلب أو ايجاب، غير ضروري، واذا فرض موجودا لم يعرض منه محال، كما في قولنا كل (ب ا) بالامكان، فمعنى هذا القول: ان كل واحد مما يوصف بأنه (ب) كيف كان، فان ايجاب (ا) عليه غير ضروري، واذا فرض هذا الايجاب حاصلا، لم يعرض منه محال.
والفلاسفة يفرقون بين الامكان المنطقي والامكان الوجودي.
فالإمكان المنطقي عندهم عبارة عن كون الشيء خاليا من التناقض الداخلي، وهو والمعقولية شيء واحد، حتى لقد عرّف (ليبنيز) هذا الممكن بقوله: كل ما لا يستلزم وجوده تناقضا، فهو ممكن.
والامكان الوجودي يستلزم الامكان المنطقي، ويستلزم، بالاضافة الى ذلك، شروطا خارجية تنقل الشيء من حيز التصور الى حيز الوجود الخارجي. فقد يكون الشيئان، او الحادثان، ممكنين في العقل، ولا يكونان ممكنين معا في الواقع، لأن وجود أحدهما بالفعل قد يمنع وجود الآخر. فكل ممكن وجودي ممكن في العقل، وليس كل ممكن في العقل ممكنا في الوجود الخارجي.
والامكان أعم من الوسع، لأن الممكن قد يكون مقدورا للانسان، أو يكون غير مقدور له. والوسع راجع الى الفاعل، والامكان الى المحل. وقد يكونان مترادفين بحسب مقتضى المقام.
والامكان العام هو سلب الضرورة عن أحد الطرفين، والامكان الخاص سلب الضرورة عن الطرفين معا.
والامكان الذاتي بمعنى التجويز العقلي، الذي لا يلزم من فرض وقوعه محال. وهو أمر اعتباري يعقل للشيء عند انتساب ماهيته الى الوجود، وهو لازم لماهية الممكن قائم بها، يستحيل انفكاكه عنها، ولا يتصور فيه تفاوت بالقوة، والضعف، والقرب، والبعد. لذلك قال فخر الدين الرازي: «الممكن لذاته هو الذي لا يلزم من فرض وجوده، ولا من فرض عدمه، من حيث هو، محال» (فخر الدين الرازي، محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين، ص 46).
والامكان الاستعدادي أو الوقوعي أمر موجود من مقولة الكيف، قائم بمحل الشيء، الذي ينسب اليه، لا به، وغير لازم له (التهانوي، الكشاف) والعامة يعنون بالممكن ما ليس بممتنع، من غير أن يشترطوا فيه أنه واجب، او لا واجب، وهذا خطأ، بل الممكن عند الفلاسفة يدل على ما ليس بممتنع ولا واجب.
وهذا المعنى اخص من المعنى الذي تستعمله العامة، فيكون الواجب أو الممتنع كلاهما خارجين عن الممكن، ويكون الممكن نفسه دالا على غير الضروري.
إنّ و (برهان الإنّ)
إن بالكسر والتشديد حرف توكيد، تنصب الاسم، وترفع الخبر، نحو: إن اللّه على كل شيء قدير، وهي تفيد القوة في الوجود. وتجيء للجواب بمعنى نعم كقوله:
ويقلن شيب قد علا ك وقد كبرت فقلت: إنّه فإن بمعنى نعم، والهاء للوقف.
وقد أطلق الفلاسفة لفظ إن على توكيد الوجود، فقال (ابن سينا): «تكون الصفة الأولى لواجب الوجود أنه إنّ وموجود»، وقوله إنّ لا يفيد مجرد الوجود بل يفيد تحقق الوجود، وتوكيد الوجود (انظر كلمة إنيّة).
ولفظ إنّ، بهذا المعنى، مقتبس من قول (أرسطو): «يجب أن يكون (إنّ) الشيء أو وجوده معروفا لدينا» (أرسطو، علم ما بعد الطبيعة-، 17  z. hpateM
15 a 1041).
وفي اللغة اليونانية ألفاظ شبيهة بلفظ (إنّ) مثل (أن) ومعناها الوجود أو الموجود، و (أون) ومعناها الكائن، و (إين) ومعناها كان او وجد.
وبرهان الإنّ هو البرهان الذي يفيد أن الشيء موجود من دون أن يبين سبب وجوده. قال (ابن سينا): «و أما برهان الإنّ فهو الذي انما يعطيك علة اجتماع طرفي النتيجة عند الذهن والتصديق، فيعطيك أن القول لم يجب التصديق به، ولا يعطيك أن الأمر في نفسه لم هو كذلك» (النجاة، ص 104)، فهو إذن يفيد انية النسبة، دون لميتها كقولنا: هذا محموم، وكل محموم متعفن الأخلاط، فهذا متعفن الاخلاط، فالحمى، وإن كانت علة لثبوت تعفن الأخلاط في الذهن، إلا أنها ليبست علة له في الخارج، بل الأمر بالعكس (شرح القطب على الشمسية ص 128).
وأما برهان اللم فهو الذي «يعطي السبب في التصديق بالحكم، ويعطي السبب في وجود الحكم، فهو مطلقا معط للسبب» (ابن سينا، الإشارات، ص 84).
والفرق بين برهان اللم وبرهان الإنّ ان الأول يعطي اللمية في التصديق أو في الوجود، والثاني يعطي اللمية في التصديق ولا يعطيها في الوجود. فبرهان الان يدل على انية الحكم في نفسه دون لميته في نفسه. وقد يقال على الاستدلال من العلة الى المعلول برهان لمي، ومن المعلول الى العلة برهان اني (تعريفات الجرجاني).
وإن كان الحد الأوسط في برهان الإنّ معلولا لنسبة حدي النتيجة لا علة لها سمي دليلا، مثال ذلك قولك: ان كان كسوف قمري، فالأرض متوسطة بين الشمس والقمر، لكن الكسوف القمري موجود، فاذن الأرض متوسطة، فقد بين التوسط هنا بالكسوف الذي هو معلول التوسط، في حين أن الأمر في برهان اللم يكون بالعكس، فيتبين فيه الكسوف ببيان توسط الأرض.
وقد أشار ابن سينا في القصيدة المزدوجة الى برهان الإنّ فقال:
فبعضه برهان إنّ انما يفيد ان الشيء موجود وما يفيد للوجود منه سببا بل ربما كان له مسببا كقولنا قد ستر الشمس الأرض عن قمر قد جاز في السير العرض لأنه منكسف فهذا أفاد إنا لم يفد لما ذا ليس الكسوف علة للستر بل هو معلول له في البدر فان يكن أوسطه معلولا فانهم يدعونه دليلا (ر: لفظ الإنيّة).








مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید