المنشورات

الانتباه في الفرنسية/ noitnettA في الانكليزية/ noitnettA في اللاتينية/ oitnettA

الانتباه مصدر انتبه. تقول:
انتبه الرجل من نومه، استيقظ، كما في قوله: الناس نيام، فاذا ماتوا انتبهوا، وانتبه الرجل:
شرف، وانتبه للأمر: فطن.
والانتباه والحلم متقابلان، كاليقظة والنوم، والشهود والغيبة، قال ابو حيان التوحيدي: «و الروية والبديهة تجريان من الانسان مجرى منامه ويقظته، وحلمه وانتباهه، وغيبته وشهوده» (المقايسات، ص 239)، وقال الجرجاني: «الانتباه زجر الحق للعبد بالقاءات مزعجة منشّطة اياه من عقال الغرّة على طرق العناية به» (التعريفات) والغرة هي الغفلة، ففي الانتباه بهذا المعنى زجر والقاآت مزعجة ومنشّطة، ولو لا ذلك لما استيقظت النفس من غفلتها، ولما فطنت لما يراد لها من خير.
ويطلق الانتباه في الفلسفة الحديثة على تجمع فاعلية الذهن والشعور حول الشيء تجمعا عفويا أو اراديا.
فالشيء الذي لا يشغل، قبل الانتباه، الا قسما من ساحة الشعور، يصبح، بعد الانتباه، مجمع قوى النفس، ومركز فاعلية الذهن.
لقد زعم (كوندياك): ان الانتباه للشيء ينشأ عن شدة الاحساس به، فالانتباه عنده احساس مانع ( evisulcxe noitasneS)  أي احساس شديد يستولي على النفس ويمنعها من الالتفات الى غيره، ولكن (مين دو بيران) صحّح ذلك، فقال:
كلما كانت أسباب احساساتنا وانفعالاتنا اشد كان تأثرنا بها أقوى، ولكننا كلما كنا اشد استغراقا في أحوالنا النفسية كنا أقلّ امتلاكا لنفوسنا، وأقل معرفة بذواتنا، فالانتباه إذن ليس انفعالا شديدا، وانما هو فاعلية ذهنية متوجهة الى الشيء. وفي هذه الفاعلية الذهنية جهد إرادي، وهو صورة أولى للإرادة، تتفرع منها جميع الصور الأخرى. والانتباه كما قال (مين دو بيران)، لا يزيد شدة الإحساس، بل يزيد وضوح الإدراك، إلا أن تأثير الانتباه الإرادي في الحاسة المدركة يجعلها أكثر استعدادا للتأثر والقبول، كما في حالة الاصغاء، فإنّ عضلات السمع توجه أعضاء الاذن الوسطى- أو أعضاء الاذن الخارجية في الحيوان-، والرأس والجسد، توجيها موافقا لإدراك الصوت بحيث يكون تأثيره في حاسة السمع أقوى، وتكون حاسة السمع موجهة لادراك ذلك الصوت دون غيره. إنّ وظيفة الانتباه الأساسية هي التمييز، لذلك أنكر بعض علماء النفس قدرة الانتباه على زيادة شدة الإحساس، فقالوا: انه لا يجعل اليد والعين أقوى إحساسا، بل يجعل العقل أقوى وأدق إدراكا.
وفرقوا بين الانتباه العفوي او التلقائي، والانتباه الإرادي، فقالوا:
إن الانتباه العفوي ( noitnettA eenatnopS)  هو الانتباه الناشئ عن تيقظ الذهن لشيء خارجي أثار اهتمامه الحاضر المباشر، كانتباه الهرة للفأرة، أو انتباه الانسان لأمر أخذ بمجامع قلبه. قال (ريبو):
الانتباه التلقائي ينشأ دائما عن أسباب انفعالية، وهذه الأسباب الانفعالية تنحل كلها الى النزعات، وهي- أي النزعات- حركات أو توقف في الحركات، شعورية كانت أو لا شعورية. فالانتباه التلقائي يرجع إذن الى غريزة حفظ البقاء، وهو انتخاب نفسي عفوي، ينشأ عن أسباب خارجية كشدة الاحساس وجدته، وعن أسباب داخلية، كالمزاج، والميل، والثقافة، والمشاغل الحاضرة، وقابلية الانفعال وغيرها.
أما الانتباه الإرادي  noitnettA) eriatnoloV)  فهو انتباه الانسان لشيء لا يميل اليه بفطرته، ولا يهتم به اهتماما طبيعيا مباشرا، وقد سمي إراديا لاشتماله على جهد إرادي، كانتباه التلميذ لبحث صعب ممل يعتقد أنه نافع له. وقد تقلب العادة هذا الانتباه الارادي الى انتباه عفوي، ويسمى عند ذلك بالانتباه عفوي، ويسمى عند ذلك بالانتباه المشتق ( eevired noitnettA).
واذا توجه الانتباه الى شيء خارجي كان حسيا  noitnettA) (elleirosneS)  أو حركيا ( ecirtom noitnettA )
فالانتباه الحسي هو تجمع فاعلية الذهن حول شيء خارجي معين، كانتباه عالم الحيوان لحشرة من الحشرات.
والانتباه الحركي هو تنظيم الحركات تنظيما مطابقا للشيء الخارجي، كانتباه العامل لعمله وترتيبه الحركات اللازمة لانجاز الفعل، وفقا لما تقتضيه شرائطه المختلفة.
وإذا توجه الانتباه الى الأحوال النفسية الداخلية سمي بالانتباه الداخلي، كما في حالات التأمل الداخلي، أو الاستبطان ( noitcepsortnI).
ويرى بعض العلماء أن الانتباه هو الجهد العضلي لا غير، لأن الانتباه الحسي لا يبلغ غايته إلا بعضلات الحس التابعة للارادة، ولأن الانتباه العقلي مصحوب بحركات عضلية، كالتبدلات التي نشاهدها في التنفس، ودوران الدم، وأوضاع الجسد وغيرها. وإذا قيل ان الانتباه لا ينحل الى هذه الحركات، كما في الرؤية غير المباشرة، إذ يتجه الانتباه الى الشيء الجانبي من دون أن يكون مصحوبا بحركة العين، فلنا ان توقف العين عن الحركة في مثل هذه الحالة يتطلب جهدا عضليا. والجهد الإرادي نفسه لا يبلغ غايته إلا بالحركة، أو بالتوقف عن الحركة.
ومهما يكن من أمر فان الانتباه الإرادي لا يتم إلا بفاعلية ذهنية مركبة، تجمع حالات الشعور حول الشيء المدرك، فتجعله أكثر وضوحا، وهو في الحياة العقلية كالهوى في الحياة الانفعالية. فكما أن الهوى يأخذ بمجامع القلب، فيوجه الميول كلها الى شيء واحد، كذلك الانتباه يجمع فاعلية الشعور في نقطة واحدة. فهو إذن فعل تركيبي تشترك فيه جميع حالات النفس من ذاكرة، وتخيل، واستدلال، لتوضيح الظاهرة الجديدة، وربطها بالتجارب الماضية، والادراكات السابقة.








مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید