المنشورات

البرهان في الفرنسية/ noitartsnomeD في الانكليزية/ noitartsnomeD في اللاتينية/ noitartsnomeD

البرهان هو الحجة الفاصلة البيّنة، يقال برهن يبرهن برهنة، اذا جاء بحجة قاطعة للدد الخصم، وبرهن بمعنى بيّن، وبرهن عليه اقام الحجّة، وفي الحديث: الصدق برهان، البرهان هنا الحجّة والدليل.
والبرهان عند الاصوليين ما فصل الحق عن الباطل، وميّز الصحيح من الفاسد، بالبيان الذي فيه (تعريفات الجرجاني). اما عند الفلاسفة فهو القياس المؤلف من اليقينيات سواء كان ابتداء وهي الضروريات او بواسطة وهي النظريات (تعريفات الجرجاني).
قال (ابن سينا): «البرهان قياس مؤلف من يقينيات لانتاج يقيني» (النجاة، ص 103). والحد الاوسط في هذا القياس لا بد من أن يكون علة نسبة الاكبر الى الاصغر. فاذا اعطاك علة اجتماع طرفي النتيجة في الذهن فقد سمي برهان الإن، واذا أعطاك علة اجتماع طرفي النتيجة في الذهن والوجود معا سمي برهان اللم. قال ابن سينا: «البرهان المطلق هو برهان اللم وبرهان الإن. اما برهان اللم فهو الذي ليس انما يعطيك علة اجتماع طرفي النتيجة عند الذهن والتصديق بها فقط حتى تكون فائدته ان القول لم يجب التصديق به، بل يعطيك ايضا مع ذلك علة اجتماع طرفي النتيجة في الوجود» (النجاة، ص 103)، «و اما برهان الان فهو الذي يعطيك علة اجتماع طرفي النتيجة عند الذهن والتصديق» بها لا غير (النجاة، ص 104).
والقدماء لا يطلقون لفظ البرهان إلا على الاستنتاج العقلي أي على الاستنتاج الذي تلزم فيه النتيجة عن المبادي اضطرارا. أما المحدثون فيطلقون هذا اللفظ على الحجة العقلية والحجة التجريبية معا. والمقصود بالحجة التجريبية الحجة التي تستند الى التجارب والأشياء والحوادث، كحجة الأستاذ الذي يبرهن على صحة القانون العلمي باقامة التجارب في الصف، أو كحجة المحامي الذي يثبت صحة دعواه بابراز بعض المستندات، أو تبيين بعض الحوادث.
وأكمل أشكال البرهان، البرهان الرياضي، لأنه استنتاج مؤلف من يقينيات لإنتاج يقيني. وينقسم الى برهان التحليل، وبرهان التركيب.
فبرهان التحليل ( noitartsnomeD euqitylana)  هو الصعود من النتائج الى المبادي، أي من القضية المراد اثباتها الى قضية صادقة أبسط منها.
قال (دوهامل): «تسمى هذه الطريقة تحليلا، وتبنى على تأليف سلسلة من القضايا أو لها القضية المراد إثباتها، وآخرها القضية المعلومة فاذا سرت من الأولى الى الأخيرة، كانت كل قضية نتيجة للتي بعدها، وكانت القضية الأولى نفسها نتيجة للقضية الأخيرة، وصادقة مثلها» ( sel snad edohteM, lemahuD. (V. hc, tnemennosiar ed secneics
واذا كان هذا التحليل المباشر غير ممكن سلك الرياضي طريقا غير مباشر، فحلل نقيض القضية بدلا من القضية نفسها، ثم استنتج من هذا التحليل أن النقيض كاذب، وان القضية بالتالي صادقة. ويسمى هذا البرهان برهان الخلف، وهو برهان إلزام لا برهان إيضاح، ونعني بذلك أنه يرغم العقل على التسليم بالنتائج، من غير أن يرجع القضية المراد إثباتها الى الأوليات الواضحة. وقيل ايضا:
ان برهان الخلف هو البرهان الذي يقصد فيه اثبات المطلوب بابطال نقيضه.
وأما برهان التركيب (-  nomeD euqitehtnys noitarts)  فهو على عكس التحليل هبوط من المبادي الى النتائج، كالاستنتاج الرياضي الذي تلزم فيه النتيجة عن المبادي اضطرارا والمبادي هنا هي البديهيات، والتعريفات والمسلّمات، وسلسلة القضايا المنتظمة في سلك التحليل والتركيب واحدة، إلا أن اتجاه التحليل مضاد لاتجاه التركيب وقصارى القول ان البرهان النظري على الأمر هو استنتاج ذلك الأمر من المبادي العقلية الضرورية، وكل علم يبني حقائقه على الأوليات العقلية فهو علم برهاني، كالرياضيات، فان حقائقها نهائية، على خلاف العلوم الطبيعية، فان حقائقها غير نهائية، ولا تصبح العلوم الفيزيائية برهانية بهذا المعنى إلا اذا أمكن استنتاج قوانينها من المبادي الكلية الضرورية، كمبادئ الميكانيك وقوانين الحركة، قال ديكارت: «ان هذه السلاسل الطويلة من الحجج البسيطة والسهلة التي تعود علماء الهندسة استعمالها للوصول الى أصعب البراهين أتاحت لي أن أتخيل أن جميع الأشياء التي يمكن أن تقع في متناول المعرفة الانسانية تتعاقب على صورة واحدة، وانه اذا تحامى المرء أن يتلقى ما ليس منها بحق على انه حق، وحافظ دائما على الترتيب اللازم لاستنتاجها بعضها من بعض، فانه لا يجد من تلك الأشياء بعيدا لا يمكن ادراكه ولا خفيا لا يستطاع كشفه» (مقالة الطريقة، القسم الثاني، ص 104 من الطبعة الثانية من ترجمتنا)، فالرياضيات عنده هي المثل الأعلى للمعرفة، وبراهينها أدق البراهين، لأنها مؤلفة من يقينيات لانتاج يقينيات.









مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید