المنشورات

الحتمية في الفرنسية/ emsinimreteD في الانكليزية/ msinimreteD

حتم بكذا حتما، قضى وحكم، وحتم اللّه الأمر: قضاه، وحتم الأمر: أحكمه، وحتم عليه الأمر:
أوجبه. فالحتم القضاء، أو ايجاب القضاء (ابن سيده)، أو اللازم الواجب الذي لا بدّ من فعله، وفي التنزيل الحكيم: كان على ربك حتما مقضيا. والحتمي هو المنسوب إلى الحتم، ومنه الحتمية ( emsinimreteD)،  وهي اصطلاح فلسفي حديث يدل على المعاني الآتية:
1 - الحتمية بالمعنى المشخّص هي القول: ان كل ظاهرة من ظواهر الطبيعة مقيدة بشروط توجب حدوثها اضطرارا، أو هي مجموع الشروط الضرورية لحدوث احدى الظواهر، أو هي القول بوجود علاقات ضرورية ثابتة في الطبيعة توجب أن تكون كل ظاهرة من ظواهرها مشروطة بما يتقدمها أو يصحبها من الظواهر الأخرى.
ومعنى ذلك أن القول بالحتمية ضروري لتعميم نتائج الاستقراء العلمي، فلو لا اعتقاديا ان ظواهر الطبيعة تجري وفق نظام كلي دائم، لما استطعنا أن نعمم نتائج الاستقراء، ولا أن نحكم على البعيد بما نحكم به على القريب، حتى لقد قال (كلود برنارد)، في (المدخل إلى الطب التجربي): ان مبدأ الحتمية ضروري لعلوم الأحياء، كما هو ضروري لعلوم الفيزياء والكيمياء، وقال أيضا: إذا عرف الطبيب المجرب حتمية المرض (أعني أسبابه القريبة) استطاع أن يؤثر فيه تأثيرا متتابعا.
2 - والحتمية بالمعنى المجرد هي أن يكون للحوادث نظام معقول تترتب فيه العناصر على صورة يكون كل منها متعلقا بغيره، حتى إذا عرفت ارتباط كل عنصر بغيره من العناصر أمكن التنبؤ به، أو احداثه، أو رفعه (لالاند).
قال (كلود برنارد): ان النقد التجريبي يضع كل شيء موضع الشك، إلّا الحتمية العلمية، فإنه لا مجال للشك فيها أبدا. وقال (بنلفه):
إذا تحققت الشروط نفسها في زمانين أو مكانين مختلفين، حدثت الظواهر نفسها مجددا في زمان ومكان جديدين. ومعنى ذلك ان الحتمية الطبيعية لا تختلف عن الحتمية الهندسية، أو الحتمية المكانيكية، لأن هذين العلمين (أعني الهندسة والمكانيكا) يجردان المكان والزمان من اللواحق الحسية، والتغيرات الجزئية، ويرتقيان إلى أحكام كلية، وقضايا عقلية عامة. وإذا كان العلم الطبيعي ينحو منحى الرياضيات في هذا التجريد العقلي، فمرد ذلك إلى أن المعقولية الرياضية، والمعقولية الفيزيائية، شيء واحد.
3 - والحتمية بالمعنى الفلسفي مذهب من يرى ان جميع حوادث العالم، وبخاصة أفعال الإنسان، مرتبطة بعضها ببعض ارتباطا محكما.
فإذا كانت الأشياء على حالة ما في لحظة معينة من الزمان، لم يكن لها في اللحظات السابقة، أو اللاحقة، إلّا حالة واحدة تلائم حالتها في تلك اللحظة المعينة. وأصحاب هذا المذهب يرون ان لهذا العالم نظاما كليا دائما لا يشذ عنه في الزمان والمكان شيء، وان كل شيء فيه ضروري، وانه من المحال أن يكون اطّراد الأشياء ناشئا عن المصادفة والاتفاق، بل الطبيعة في نظرهم مبرأة من كل إمكان خاص، وجواز عام، ليس فيها ابتداء مطلق، ولا علة أولى، ولا طفرة، ولا معجزة.
4 - والفرق بين الحتمية والجبرية ( emsilataF)  أنّ ضرورة حدوث الأشياء عند الجبريين ضرورة متعالية، متعلقة بمبدإ أعلى منها يسيّرها كما يشاء، وهو قضاء اللّه وقدره، على حين أن هذه الضرورة في نظر الحتميين كامنة في الأشياء، سارية فيها، وهي الطبيعة بعينها.
5 - وإذا كان بعض الفلاسفة الحتميين يثبتون الحرية الإنسانية، فمرد ذلك إلى محاولتهم التوفيق بين حتمية الحوادث النفسية، وتلقائية الموجود العاقل، ولكن اطلاق اسم الحرية على هذا النوع من التلقائية، أو الطوعية، لا يخلو من الالتباس، ذلك لأن الحرية تقال في نظرنا على وجهين: أحدهما سلبي، والآخر ايجابي، فاذا دلّت على المعنى السلبي، أعني اللاتقيد، واللاتعين، واللاضرورة، كانت انكارا للحتمية، وكذلك إذا دلت على المعنى الإيجابي، أعني قدرة الإنسان على خلق أفعاله بنفسه. وإذا كان بعض العلماء المعاصرين يحملون على الحتمية المطلقة حملة شعواء، ويزعمون أن قوانين العلم نسبية أو عرضية اتفاقية، فمردّ ذلك إلى اعتقادهم ان في الطبيعة مجموعات من القوى تستطيع أن تولد بامتزاجها حركات متساوية الامكان لا ترجيح لاحداها على الأخرى، ويسمون هذه المجموعات مراكز عدم التعين. وإذا صح مذهب اللاحتمية الذي تفضي اليه نظرية المكانيكا الموجبة ونظرية (الكوانتا) الجديدة، أمكن القول بالحرية.
(ر: الجبرية. الحرية).








مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید