المنشورات

الحس في الفرنسية/ sneS في الانكليزية/ esneS في اللاتينية/ susneS

1 - الحس في اللغة الحركة، والصوت الخفي، وما تسمعه مما يمر قريبا منك ولا تراه، والرنة، والشر، وبرد يحرق الزرع والكلأ، ووجع يصيب المرأة عند الولادة، ومسّ الحمى أول ما تبدأ.
2 - والحس عند جمهور الفلاسفة هو الإدراك باحدى الحواس، أو الفعل الذي تؤديه احدى الحواس، أو الوظيفة النفسية الفيزيولوجية التي تدرك أنواعا مختلفة من الاحساس، تقول: الحس اللمسي، والحس البصري. الخ ..
والفرق بين الحس والإحساس عندنا ان الأول قوة أو ملكة، على حين ان الثاني ظاهرة لا غير (ر: لفظ احساس). أما الحاسة فهي قوة طبيعية لها اتصال بأجهزة عضوية، بها يدرك الانسان أو الحيوان ما يطرأ على جسمه من التغيرات.
3 - والحواس عند (أرسطو) هي المشاعر الخمس، وهي البصر، والسمع، واللمس، والذوق، والشم، وتسمى الحواس الظاهرة. والاقتصار على هذه الخمس مبني على أن أهل اللغة لا يعرفون إلّا الحواس الظاهرة، أما العلماء فانهم يثبتون وجود حواس أخرى تؤدي أفعالا متباينة لكل منها جهاز عصبي خاص كحاسة الحركة، وحاسة الألم، وحاسة الحرارة والبرودة، وحاسة التوازن، الخ .. (ر: الألفاظ الآتية:
الإحساس، الألم، التوازن، الحركة، العضلي، المفصلي).
والحواس الخمس الباطنة عند فلاسفة العرب هي الحس المشترك، والخيال، والوهم، والحافظة، والمتصرفة، وهي قوى باطنة تقبل الصور المتأدية اليها من الحواس الظاهرة، فتجمعها وتحفظها، وتتصرف فيها.
قال ابن سينا: «و أما القوى المدركة من باطن فبعضها قوى تدرك صور المحسوسات، وبعضها قوى تدرك معاني المحسوسات» (الشفاء 1، 290، والنجاة 264)، ومدرك الصور هو الحس المشترك وحافظها الخيال، ومدرك المعاني هو الوهم، وحافظها الذاكرة. أما المتصرفة فهي التي تركب هذه المعاني، وتنضدها، وتنظمها.
4 - ويطلق الحس عند المحدثين على الإدراك الحدسي المباشر، كالادراك بالحواس الظاهرة أو بالشعور النفسي. ويسمّى هذا الشعور حسا باطنا، أو حسا داخليا، ( enretnI)  وهو القوة التي بها تدرك النفس أحوالها.
ويطلق الحس أيضا على ادراك بعض المعاني ادراكا تلقائيا سهلا، كالحس الفنيّ، وهو مرادف للذوق.
5 - ويجيء الحس أيضا بمعنى الحكم أو الرأي، كقولنا: الحس السليم ( snes noB)،  والمقصود بالحس السليم القوة التي بها نميز الحق من الباطل، أو نقدر قيمة الشيء تقديرا عادلا. وهو مرادف عند (ديكارت) للعقل ( nosiaR)  ويطلق الحس السليم أيضا على الحكم الصحيح المصحوب بالرزانة والحكمة والاعتدال في المسائل الواقعية التي لا تقبل الحل بالقياس العقلي الدقيق.
ويقابله التسرّع في الحكم، والافراط في التخيل، والتعصب في الرأي، أو المذهب. من قبيل ذلك قول (اوغست كونت):
قوام الروح الفلسفية الحق الأخذ بالحس السليم في جميع المسائل النظرية السهلة التناول، وهو يسمي الحس السليم بالعقل المشترك ( enummoc nosiaR)  والحكمة الكلية ( ellesrevinu essegaS)،  وهو بالجملة ما يتصف به المرء من أحوال عقلية سوية، بخلاف الجنون، أو التعصب، أو الأهواء الشديدة التي تفقد العقل اتزانه.
6 - والحس المشترك ( sneS nummoc)  هو القوة التي ترتسم فيها صور الجزئيات المحسوسة (تعريفات الجرجاني)، أو «القوة النفسية التي تقبل بذاتها جميع الصور المنطبعة في الحواس الخمس متأدية اليه منها» (ابن سينا، النجاة، ص: 265).
وهذا المعنى المأخوذ عن أرسطو يجعل الحس المشترك حسا مركزيا يجمع ما تؤدّيه اليه الحواس الظاهرة.
مثال ذلك اننا نحكم عند رؤية العسل بأنه حلو، فلولا ان قوة واحدة اجتمع فيها حسان من حلاوة ولون في شيء واحد لما حكمنا بأن العسل حلو، وإن لم نحسّ في الوقت بحلاوته (ابن سينا، عيون الحكمة ص: 29). قال بوسويه: «تعلمنا التجربة أن ما تؤديه الينا الحواس المختلفة لا يؤلف إلا شيئا واحدا ... وقوة النفس التي تجمع ما تؤديه الحواس تسمى بالحس المشترك» (،  teussoB ed te ueiD ed ecnassiannoC 4. tra- 1. hc, emem- ios).
وهو الذي به نحس اننا نرى ونسمع، وهو الذي ينسق الاحساسات، وينضدها ويركزها في الشيء. ويرى فلاسفة المدرسة الاسكوتلاندية والمدرسة التوفيقية ان الحس المشترك قاعدة الذهن، وعماده الثابت، وطبيعته الذاتية، حتى لقد أطلق بعضهم اسم الحس المشترك على ما تشترك فيه عقول الناس من معان كلية ثابتة لا تتغير، ومبادئ بديهية وأحكام أولية عفوية. وهذا الحس المشترك جزء من العقل، لا العقل كله، لأن العقل يحيط بالمبادئ البديهية والمعاني الكلية احاطة تامة دقيقة، على حين ان الحس المشترك يكاد لا يرقى إلا إلى مجرد الشعور بها. أضف إلى ذلك ان العقل ينمو ويتقدم باستعمال الفكر والروية، أما الحس المشترك فإنه لا يتقدم، ولا يتقهقر، بل يبقى على حاله في كل زمان ومكان. فهو العقل الخام، أو العقل الغريزي المتقدم على العقل المكتسب.
ويطلق الحس المشترك عند بعض المحدثين على الآراء التي بلغ انتشارها في زمان معين أو بيئة اجتماعية معينة درجة من الشمول تجعل الناس يعدون كل رأي مخالف لها انحرافا فرديا لا يحتاج إلى دحضه بالحجة. 
7 - والحس الخلقي ( sneS larom)  هو القوة التي تدرك الخير والشر ادراكا حدسيا مباشرا، ويسمى هذا الحس ضميرا، أو وجدانا خلقيا، من جهة ما هو قادر على التمييز والتقويم، وأكثر استعمال هذا الاصطلاح في كتب الأخلاق (ر:
كتاب:  noitartsullI, nosehctuH esnes larom eht no)،  وهو مألوف عند فلاسفة الأخلاق البريطانيين والاسكوتلانديين، وعند التوفيقيين من الفلاسفة الفرنسيين.
وسبب تسمية الضمير بالحس الخلقي ان الادراك به ادراك مباشر ومفاجئ، كالادراك الحسي، فمن حرم هذا الحس الخلقي كان أشبه بالأعمى الذي لا يدرك الألوان، أو بالأصم الذي لا يدرك الأصوات لأنه يفعل الشر ولا يشعر بتأنيب الضمير، ولا بالندم. لذلك فرقوا بين الحكم الخلقي ( tnemeguJ larom)  والشعور الخلقي (أو العاطفة الخلقية) ( larom tnemitneS)،  والضمير الكامل عندهم مؤلف من ثلاثة عناصر: التصور، والانفعال، والفعل.
8 - والحسي هو المنسوب إلى الحس، فهو عند المتكلمين ما يدرك بالحس الظاهر، وعند الفلاسفة ما يدرك بالحس الظاهر أو الباطن، والحسي يسمى أيضا محسوسا ( elbisneS)،  ويقابله العقلي، والحساس هو أن يكون ذا حس (ر: احساس).
والمذهب الحسي ( emsilausneS)  هو القول ان جميع معارفنا ناشئة عن الاحساسات، وان المعقول هو المحسوس ويعدّ هذا المذهب صورة من صور المذهب التجريبي.
والحسيّات جمع الحسي، وتسمى المحسوسات ايضا، وتطلق في القضايا على معنيين: (الأول) هو القضايا التي يجزم بها العقل بمجرد تصور طرفيها بواسطة الحس الظاهر أو الباطن، وهي كلها أحكام جزئية حاصلة من المشاهدات، فاذا كانت بواسطة الحس الظاهر سميت محسوسات، مثل حكمنا بوجود الشمس وانارتها، ووجود النار وحرارتها، ووجود الثلج وبياضه، وإذا كانت بواسطة الحس الباطن سميت وجدانيات مثل شعورنا بأن لنا فكرة وارادة وخوفا وغضبا.
(و الثاني) ما للحس مدخل فيه فيتناول التجريبيات، والمتواترات، وأحكام الوهم في المحسوسات، وبعض الحدسيات، والمشاهدات، وبعض الوجدانيات.











مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید