المنشورات

العمل في الفرنسية/ noitcA في الانكليزية/ noitcA في اللاتينية/ oitcA

العمل هو الفعل، والمهنة، والصنعة، تقول: عمل عملا، فعل فعلا عن قصد. والفرق بين العمل ( noitcA)  والفعل ( etcA)،  ان العمل أخص والفعل أعم، لأن الفعل قد ينسب الى القوى المادية كما في قولنا: فعل الطبيعة وفعل الحرارة، اما العمل فلا يطلق الا على الفعل الذي يكون من العاقل بفكر، وروية، وقصد.
وهو يحتاج الى امتداد الزمان، اما الفعل فقد يتم دفعة من غير بطء.
ولهذا قرن العمل بالعلم، حتى قال بعضهم انه مقلوب عنه تنبيها الى انه من مقتضاه.
وقد يطلق العمل على كل فعل حادث عن الفاعل نفسه دون تأثير خارجي، فيعم بهذا المعنى أفعال القلوب والجوارح، او يطلق على التأثير الذي يحدثه الفاعل في غيره.
فاذا نسب هذا التأثير الى الفاعل كان فعلا، واذا نسب الى القابل كان انفعالا. ومعنى ذلك ان الفعل والانفعال اسمان لعلاقة واحدة، وان اختلف معناهما باختلاف نسبتهما.
وقد يراد بالعمل الفعل المهني او الصناعي، كقول ابن خلدون:
«الاعمال أصل المكاسب» (المقدمة، ص 264 من طبعة دار الكتاب اللبناني)، وقوله: «و العمران ووفوره ونفاق اسواقه انما هو بالأعمال وسعي الناس في المصالح والمكاسب» (المقدمة، ص 507)، وقوله: «المكاسب انما هي قيم الاعمال، فاذا كثرت الاعمال كثرت قيمها» (المقدمة، ص 642)، وقوله: «فلا بدّ في الرزق من سعي وعمل، ولو في تناوله وابتغائه من وجوهه» (المقدمة، ص 680).
واذا اطلق العمل على النشاط الانساني دلّ على الجهد المعنوي او الادبي الذي يبذله الفاعل للتغلب على انانيته.
والفرق بين العمل والفكر ( eesneP)  ان العمل بدل على النشاط التلقائي من جهة ما هو مجموعة من الملكات، او على كل ما يحيط بالفكر من عناصر فاعلة تتقدمه، او تهيئه، او تصحبه، او تجاوزه، الا ان العمل متصل بالفكر وان اختلف عنه. قال ابن خلدون: «اول العمل آخر الفكرة، وأول الفكرة آخر العمل، فلا يتم فعل للانسان في الخارج الا بالفكر في هذه المرتبات، لتوقف بعضها على بعض، ثم يشرع في فعلها. وأول هذا الفكر هو المسبب الآخر، وهو آخرها في العمل، واولها في العمل هو المسبب الأول، وهو آخرها في الفكر، ولأجل العثور على هذا الترتيب يحصل الانتظام في الأعمال البشرية» (المقدمة، ص 839).
ويطلق العمل في علم الميكانيكا على حاصل ضرب الطاقة في الزمان، وفي علم النفس على كل نشاط تلقائي او مكتسب ذهني او جسمي وفي علم الاخلاق على كل فعل يهدف الى غاية ويصدر عن ارادة، وفي علم الاقتصاد على كل جهد يبذله الانسان لتحصيل منفعة، وفي الفن المسرحي على الحادثة التي تدور عليها القصة.
والأعمال الأربعة في علم الحساب هي الجمع، والطرح، والضرب، والقسمة.
ومبدأ الاقتصاد في العمل هو القول ان الطبيعة لا تتبع في أفعالها الّا أقصر الطرق، وأقربها، وهي لا تفعل شيئا عبثا، بل تريد ان تحصل على اكبر النتائج بأقل جهد، قال ابن خلدون: «ان الطبيعة لا تترك اقرب الطرق في افعالها، وترتكب الأعوص والأبعد» (المقدمة، ص 1018).
والعملي هو المنسوب الى العمل، وهو ضد النظري، مثال ذلك قول ابن سينا: ان العلم قسمان: نظري وعملي، وقد سمي النظري نظريا لأن غايته القصوى هي النظر، وسمي العملي عمليا لأن غايته هي العمل.
وجملة القول ان معنى العمل قريب من معنى الفعل والتأثير والشغل، والجهد، وله ناحيتان احداهما نسبته الى الفاعل من جهة شعوره الداخلي بالجهد، والاخرى نسبته الى الحركات الخارجية من جهة ما هي مظاهر لذلك الجهد.
واذا نسبته مجازا الى افعال الطبيعة كعمل الماء في النار او عمل الحرارة في الاجسام تخيلت انه اشبه شيء بجهد يبذله الشيء للتأثير في غيره. ذلك معنى قولهم، ان لكل شيء في الطبيعة عملا، وان ما لا يعمل لا حقيقة له. وذلك ايضا معنى ما جاء في كتاب (فاوست): «في البدء كان العمل».
وفي هذا القول اشارة الى ازلية الصيرورة وابديتها من جهة ما هي حالة للأشياء ناشئة عن اسباب كامنة فيها، كما ان فيه تنبيها الى تقدم اللاعقلي على العقلي، والى اتصاف جميع الكائنات بأحوال تتضمن بذل جهد شبيه بالجهد الذي نشعر به في داخلنا.
وفلسفة العمل ( ed eihposolihP noitca'L)  هي القول بأولية العمل، وبتقدم الارادة على العقل، والمقصود بالعمل في هذه الفلسفة كل نشاط انساني مشتمل على الفكر، والارادة، والتحقيق الفعلي. وكل فلسفة تقدم العمل على النظر، أو تربط احدهما بالآخر كالبراغماتية او الذرائعية فهي فلسفة عمل.
وتطلق فلسفة العمل ايضا على فلسفة (موريس بلوندل) المشتملة على توضيح علاقتين: احداهما علاقة النظر بالعمل، والاخرى علاقة العلم بالايمان، والفلسفة بالدين.
ر: (-  cA'L, lednolB eciruaM (1893), noit).








مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید