المنشورات

الفكر في الفرنسية/ eesneP في الانكليزية/ thguohT في اللاتينية/ oitatigoC

الفكر اعمال العقل في الأشياء للوصول الى معرفتها. ويطلق بالمعنى العام على كل ظاهرة من ظواهر الحياة العقلية. وهو مرادف للنظر العقلي ( noixelfeR)  والتأمل ( noitatideM)،  ومقابل للحدس ( noitiutnI).
وللفكر عند الفلاسفة ثلاثة معان.
الأول حركة النفس في المعقولات سواء كانت بطلب، او بغير طلب، او كانت من المطالب الى المبادي، او من المبادي الى المطالب، وهذا المعنى الذي يتضمن معنى الحركة يخرج الحدس، لأن الحدس انما هو انتقال من المبادي الى المطالب دفعة لا تدريجا، اما الفكر فهو حركة وانتقال، والأولى أن يشترط في معنى الفكر القصد، لأن حركة النفس في المعقولات، بلا اختيار، كما في المنام، لا تسمّى فكرا.
والثاني حركة النفس في المعقولات مبتدئة من المطلوب المتصور الى مبادئه الموصلة اليه الى ان تجدها وترتبها فترجع منها الى المطلوب. فالفكر بهذا المعنى يشمل حركتين: الأولى من المطالب الى المبادي، والثانية من المبادي الى المطالب. وهذا ايضا يخرج الحدس، لأن الحدس كما بينا انتقال من المبادي الى المطالب دفعة. والثالث هو الحركة الأولى من هاتين الحركتين، اعنى الحركة من المطالب الى المبادي من غير ان توجد الحركة الثانية معها، وهذا هو الفكر الذي يقابل الحدس تقابلا يشبه الصعود والهبوط، لأن الانتقال من المبادي الى المطالب دفعة يقابله عكسه الذي هو الانتقال من المطالب الى المبادي وان كان تدريجا.
قال ابن سينا: «و اعني بالفكر هاهنا ما يكون عند اجماع الانسان أن ينتقل عن أمور حاضرة في ذهنه متصورة او مصدق بها تصديقا علميا او ظنيا او وضعا وتسليما الى امور غير حاضرة فيه، وهذا الانتقال لا يخلو من ترتيب» (الاشارات والتنبيهات ص 2).
وجميع هذه المعاني تخرج الانفعالات، والعواطف، والغرائز، والارادات من مفهوم الفكر، الّا ان بعض الفلاسفة يوسعون معنى الفكر ويطلقونه على جميع ظواهر النفس. مثال ذلك قول (ديكارت) في كتاب التأملات: «ما هو الفكر انه الشيء الذي يشك، ويفهم، ويدرك، ويثبت، ويريد، او لا يريد، ويتخيل، ويحس»، وفي هذا القول دليل على ان معنى الفكر عند (ديكارت) يشمل الاحساس والادراك والتخيل والشك والاثبات والارادة. وقد بطل اليوم استعمال لفظ الفكر بهذا المعنى العام، حتى ان (ديكارت) نفسه لم يطلق لفظ الفكر على الحالات الانفعالية والارادية الّا من جهة ما هي حالات تدركها النفس باعمال الفكر فيها. فلا غرو اذا اقتصر الفلاسفة المتأخرون على اطلاق لفظ الفكر على الأفعال العقلية دون غيرها. ان الفكر عند (كانت) هو القوة الانتقادية، والفكر المتعالي عنده هو الفعل الذي يربط الظواهر بقوتي الفهم والحدس.
والفكر عند (مين دوبيران) هو القوة الدراكة التي ترد الكثرة الى الوحدة.
فائدة: بين الفكر واللغة علاقة وثيقة، لأن الفكر يبحث في اللغة عن صورة تعبر عنه، واللغة تبحث في الفكر عن فعل عقلي معادل لها. ومن العبث فصل الافكار عن الالفاظ المعبرة عنها فصلا تاما، لأن الفكر والتعبير يسيران جنبا الى جنب.
وجملة القول ان الفكر يطلق على الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، او يطلق على المعقولات نفسها، فاذا اطلق على فعل النفس دلّ على حركتها الذاتية، وهي النظر والتأمل، واذا اطلق على المعقولات دل على الموضوع الذي تفكر فيه النفس.
وهو مرادف للفكرة، ومنه قولهم:
الفكر الديني، والفكر السياسي.
والفكري هو المنسوب الى الفكر، تقول: الحياة الفكرية، والعمل الفكري.








مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید