المنشورات

الكشف في الفرنسية/ etrevuoceD في الانكليزية/ yrevuocsiD

الكشف في اللغة رفع الحجاب، وفي الاصطلاح هو الاصطلاح على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية وجودا وشهودا (تعريفات الجرجاني).
والكشف عند العلماء مقابل للاختراع ( noitnevnI) (  ر: هذا اللفظ) والفرق بين المفهومين ان الكشف يطلق على حصول العلم بالامور الحقيقية الموجودة بالفعل، كالكشف عن الآثار، على حين ان الاختراع هو الكشف عن امور جديدة غير موجودة بالفعل كاختراع الآلات والأدوية.
وقد بين القدماء ان الكشف عن الأمور الغيبيّة يتم بطريقين احدهما طريق الالهام ( noitaripsnI)  والحدس ( noitiutnI)  وهو ذاتي، والآخر طريق الوحي ( noitaleveR)  وهو خارجي طارئ. اما الالهام فهو العلم الذي يقع في القلب بطريق الفيض من غير استدلال ولا نظر، بل بنور يقذفه اللّه في الصدر (الغزالي، المنقذ من الضلال) وسبيله ان يطهر الانسان قلبه من الشواغل الحسية، وأن يحضر الهمة مع الارادة الصادقة، وان يتعرض للنفحات الالهية حتى يصدق عليه قوله تعالى: وكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد.
واما الحدس فهو جودة حركة لقوة الفهم الى اقتناص المجهول.
قال ابن سينا: «فيمكن ان يكون شخص من الناس مؤيد النفس بشدة الصفاء، وشدة الاتصال بالمبادئ العقلية، الى ان يشتغل حدسا أعني قبولا لالهام العقل الفعال في كل شيء، فترتسم فيه الصور التي في العقل الفعال من كل شيء، اما دفعة، واما قريبا من دفعة» (النجاة، ص 273). والفرق بين الهام الغزالي وحدس ابن سينا ان العلم الذي يقع في النفس عند الأول فتح من اللّه، على حين انه عند الثاني فيض من العقل الفعال، ولا بدّ في كلا الحالين من حصول الاستعداد في النفس لقبول الحقائق.
واما الوحي فهو الاسراع او الاعلام في خفاء وسرعة. وقيل ايضا ان المراد به التفهم. اما في اصطلاح الشرائع فان الوحي هو كلام اللّه المنزل على نبي من أنبيائه. وله ظاهر وباطن: «اما الظاهر فهو ثلاثة: الأول ما ثبت بلسان الملك فوقع في سمعه بعد علمه بالمبلغ بآية قاطعة، والقرآن من هذا القبيل، والثاني ما وضح له باشارة الملك من غير بيان بالكلام ... والثالث الالهام» (كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي)، واما الباطن فهو ما ينال بالرأي والاجتهاد.
وجملة القول ان الكشف يتم بثلاث طرق: احدها الحدس، والاجتهاد، والاستبصار، والاستدلال، وهو طريق العلماء، والثاني الالهام والاستغراق في التأمل الباطن، وهو طريق الاولياء، والثالث الوحي، وهو نوع من المعرفة فوق الالهام يدرك معه المرء كيف حصل له العلم ومن اين حصل، وهو طريق الانبياء.
ومذهب الكشف مرادف لمذهب الاشراق ( emsinimullI)  وهو مذهب سوندنبرغ ( grebnednewS)  وكلود دو سان مارتن ( edualC nitraM- tniaS ed)  ومارتينز باسكاليس ( silauqsaP zenitraM)  الذين يؤمنون بالاشراق الداخلي والكشف الباطني. وقد بين (شوبنهاور) ان الفلسفة ترددت زمانا طويلا بين طريق الاشراق وطريق العقل، اي بين طريق المعرفة الذاتية وطريق المعرفة الموضوعية. واذا كان طريق الاشراق والكشف يعتمد على النور الداخلي، اي على ما يتفجر في القلب من المعاني، فان طريق العقل يعتمد على الادراك الحسي والاستدلال النظري، واذا كان العالم يفضل طريق العقل على طريق القلب، فمرد ذلك الى ان العلم الذي يحصل له بطريق الكشف الباطني قد يحصل لغيره، او لا يحصل له، مع ان من شرط المعرفة اليقينية ان تكون ضرورية ومشتركة بين جميع العقول.
وكثيرا ما يطلق اصطلاح اصحاب الكشف تهكما على الذين يعتقدون انهم يعلمون كل شيء بانفسهم علما لدنيا لا يحتاجون فيه الى إعمال الروية والفكر.
ودور الكشف في المذاهب الباطنية مقابل لدور الستر، لأن دور الستر دور أهل الظاهر أي دور النبي الذي لا يكلم الناس الا رمزا اي بلغة الحس والخيال، اما دور الكشف فهو دور الامام الذي يملأ الدنيا نورا، ويقلب المعارف الحسية والخيالية الى معارف عقلية.
(ر: الالهام، الحدس، الوحي).








مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید