المنشورات

المصادفة في الفرنسية/ drasaH في الانكليزية/ drazaH, ecnahC

1 - (  هازار-  drasaH)  لفظ عربي اصله الزهر، اطلق على المصادفة، لأن الربح والخسارة في لعبة النرد تابعان للحظ والاتفاق، لا لمهارة اللاعب.
2 - ولعل أرسطو أول من حدّد معنى المصادفة، فقال: ان من الموجودات ما هو بالطبع، ومنها ما هو بالصناعة أو الفن، ومنها ما هو بالمصادفة، أي بالاتفاق والبخت. والمصادفة عنده هي اللقاء العرضي الشبيه باللقاء القصدي، او هي العلة العرضية المتبوعة بنتائج غير متوقعة، تحمل طابع الغائية.
والفرق بين الاتفاق والبخت ان البخت يطلق على الأمور الانسانية التي تقع بالاختيار، على حين ان الاتفاق يطلق على الحركات الطبيعية التي لا تقع بالاختيار. مثال ذلك ان رجوع الفرس الضائع الى مربطه يكون بالاتفاق بالنسبة الى الفرس، وبالبخت او الحظ بالنسبة الى الفارس.
3 - والمصادفة عند المحدثين تطلق على معنيين: احدهما ذاتي والآخر موضوعي.
آ/ اما المعنى الذاتي ( fitcejbuS)،  فهو القول: ان المصادفة هي الأمر الذي يبدو لنا مخالفا للسويّ من الطبائع، كالحوادث المتعلقة بالشخص الانساني، أو بأمواله ومصالحه، فانها اذا كانت مخالفة للنظام المألوف، ومستعصية على التنبؤ كان وقوعها بالمصادفة، اي بالبخت والحظ، والمرء لا يمدح عليها ولا يذم، لأن حدوثها مستقل عن ارادته.
ب/ واما المعنى الموضوعي ( fitcejbO)،  فهو القول: ان المصادفة هي الأمر الذي لا يمكن تفسيره بالعلل الفاعلة ( sesuaC setneiciffe)،  ولا بالعلل الغائية ( selanif sesuaC)،  اما الأول، فمثاله الأمر المتولد من تلاقي سلسلتين من الاسباب المستقلة، واما الثاني فمثاله الأمر الذي ليس له غاية واضحة.
4 - وقد بين (كورنو) ان المصادفة هي التلاقي الممكن بين حادثين او اكثر تلاقيا عرضيا لا يمكن تفسيره بالعلل المعلومة، وان كان لكل حادثة من هذه الحوادث علل تخصها. فليست المصادفة اذن خروجا على قوانين الطبيعة، وانما هي امر طبيعي يعجز العقل عن الاحاطة بشروطه المعقدة، وعلله الكثيرة الاشتباك. لنفرض ان قرميدة سقطت على رأس احد السائرين في الطريق، فسقوطها خاضع لسلسلة من العلل الفيزيائية والميكانيكية، ومرور احد المشاة بذلك المكان تابع لسلسلة اخرى من العلل الفيسيولوجية والنفسية، والمصادفة في هذا المثال هي التلاقي العرضي بين هاتين السلسلتين.
5 - وقد استعان العلماء على تفسير هذا التلاقي العرضي بقوانين الاحصاء. وهي مبنية على ملاحظة اكبر عدد من الحوادث المشتملة على نتيجة جامعة، أو متوسط عام، او نسبة مئوية تساعد على التنبؤ، مثال ذلك انا لا نستطيع التنبؤ بموت شخص من الاشخاص في سنة معينة من سني حياته، ولكن حساب الاحتمالات ( sed luclaC setilibaborP)  يعين على تحديد النسب المئوية للوفيات في كل سنة من سني العمر، وهي النسب التي تعتمد عليها شركات التأمين في تحديد الاقساط، وحساب الارباح.
لذلك قال: (هنري بوانكاره-) إن قانون الاعداد الكبرى ( sed ioL serbmon sednarg)  يقلب كثرة الحوادث الى وحدة المتوسط.
6 - وجملة القول: انا اذا عرّفنا المصادفة بقولنا: انها العجز عن التفسير، او العجز عن التنبؤ، كان لهذا العجز عدة وجوه، فإما ان يكون هذا العجز ناشئا عن اللاتعين، او اللاحتمية الطبيعية، واما ان يكون ناشئا عن تعقد الظواهر الطبيعية، وكثرة اشتباكها بعضها ببعض، واما ان يكون ناشئا عن الجهل بالعلل الفاعلة او العلل الغائية، واما ان يكون ناشئا عن الجهل بالنتائج الفرعية التي تولدها احدى العلل عند اتجاهها الى غاية معينة، بحيث يكون الاختلاف البسيط في العلل متبوعا باختلاف كبير في المعلولات، مثال ذلك ان تأخرنا دقيقة واحدة عن موعد السفر قد يجنبنا اصطداما فظيعا باحدى السيارات، وان زيادة قليلة في قوة دفعنا لدولاب الدوراة قد تحقق لنا أعظم الأرباح.
7 - وقيل: لا معنى للمصادفة الّا بالنسبة الى الانسان، لا بالنسبة الى اللّه العالم بكل شيء، وما كان مصادفة بالقياس الى العقل المحدود، فهو بالقياس الى العقل المحيط قصد وعناية. 8 - ويطلق على الحدوث العرضي الذي لا تعرف اسبابه اسم المصادفة المشخصة، تقول: مصادفات السفر، والمصادفات السعيدة، وهي بهذا المعنى مرادفة للبخت والحظ.
والحظ ( ecnahC)  كيفية من كيفيات حدوث الشيء الممكن.
وهو مرادف للنصيب والبخت.
والحظ السعيد مقابل للحظ السيّئ.
وقد يطلق الحظ على القوة الخفية المحدثة للظواهر العرضية الموافقة للفرد، فيكون في هذه الحالة مرادفا للقدر.







مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید