المنشورات
إغتيال "علماء حرب النجوم" البريطانيين والرعب في حلف الأطلسي.
ليس من السهل إطلاق أن يقدم " عالم في حرب النجوم " في أية دولة من دول العالم على الانتحار". فكيف إذا كانت القضية تتعلق بمجموعة من هؤلاء العلماء يصل عددهم إلى حوالي 22 عالم بريطانية في هذا الحقل؟. إنها قضية مثيرة ولا شك، لكنها ليست بعيدة عن عالم المخابرات والتجسس. فما هي أسرار هذه القضية؟ ولماذا أثارت الرعب في حلف شمال الأطلسي؟ ولماذا دب الفزع في البنتاغون الأميركي؟
أنيط اللثام مؤخرا عن حوادث مثيرة ذهب ضحيتها 22 من العلماء البريطانيين والمشاركين بالبرنامج الأميركي المسمى المبادرة الاستراتيجية الدفاعية) أو بالتسمية الصحافية الرائجة "حرب النجوم". وأهمية هذه الحوادث إنها وقعت في ظروف متشابهة أدت إلى مصرعهم وسجلت على أنها حوادث إنتحار، وأمام هذا السر الغامض لمقتل هؤلاء العلماء تحركت المخابرات الأميركية ومخابرات منظمة حلف الأطلسي للكشف عن لغز قتلى "حرب النجوم".
ولهذا فقد طلب "البنتاغون" من وزارة الدفاع البريطانية إشراكه في التحقيقات التي تجري في بريطانيا لكشف اللثام عن هذا اللغز، وبعدما القي ثلاثة من العلماء البريطانيين حتفهم في حوادث غامضة خلال شهر آب وأيلول ... وتبين أهم - أيضا - من المشتغلين ببعض جوانب البرنامج الاميركي لانتاج نظام أسلحة فضائي مضاد للصواريخ العابرة اللقارات.
ويبدي المسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية إصرارا على طلب الاشتراك في التحقيقات على الرغم من أن السلطات البريطانية تؤكد أنها لا ترى أي "سر غامض" وراء مقتل هؤلاء العلماء. فمعدل هذه الحوادث - كما يقول المسؤولون البريطانيون - أقل من معدل حوادث القتل بين الفئات الأخرى، أي بين غير العلماء في بريطانيا. بالاضافة الى أن أربعة من العلماء العشرة الذين لقوا مصرعهم خلال السنتين الأخيرتين قد قيدت حالاتهم على أنها "حوادث إنتحار"، ولا تزال الاحتمالات غير محددة في تفسير وفاة أربعة علماء آخرين، أما الاثنان الباقيان فقد لقيا مصرعهما في حوادث عادية.
غير أن المسؤولين الأميركيين يلاحظون أن الحوادث العشرة وقعت خلال الفترة منذ بداية إشتراك بريطانيا في أبحاث برنامج "حرب النجوم" الأميركي ... الذي أطلقه الرئيس ريغان في آذار (مارس) 1983. وقد لفت أنظارهم بشكل خاص آخر هذه الحوادث، وراح ضحيته أندرو هول وهو مهندس متخصص في علوم الفضاء يبلغ من العمر 33 عاما ويعمل في شركة "إيروسبيس" البريطانيه، وهي في الواقع مؤسسة أميركية - بريطانية مشتركة، وقد عثر على هول مختنقة داخل سيارته بعد تسرب الغاز من عادم السيارة إلى داخلها، وقيدت السلطات البريطانية هذا الحادث على أنه إنتحار.
هذا وكانت الشرطة البريطانية قد عثرت على اليستير بيكهام وهو مهندس فضاء مرموق في شركة "بليسي" الأميركية ميتا في كوخ صغير بحديقة منزله وقد قيد بأسلاك كهربائية ممتدة من داخل البيت .. وقد صعقه التيار الكهربائي. وفي هذه الحالة أيضا إعتبرت سلطات "سكوتلانديارد" (الشرطة الجنائية البريطانية) أن وفاته كانت انتحارة .. لكن أسرة المهندس البريطاني تصر على أنه قتل، لأنه لم يكن يواجه مشکلات شخصية أو مهنية تدفعه للانتحار. كما أنه لم يكن يعاني من أي اكتئاب أو اضطراب. إن القتل هو التفسير الوحيد المعقول لموته" .. هكذا أكدت أرملته.
فزع البنتاغون.
والواقع أن الممثلين العسكريين للولايات المتحدة لدى منظمة حلف الاطلسي كانوا قد طلبوا من سلطات الاستخبارات في مقر الحلف في بروکسل قبل أسابيع التدخل لدى السلطات البريطانية للحصول منهم على تقرير عن مسلسل الاغتيالات ضد العلماء الذين يشتغلون على أبحاث برنامج حرب النجوم الامير کي
وتقول مصادر "البنتاغون" أن استخبارات الأطلسي توصلت بالفعل إلى معلومة أخرى تؤكد الشكوك الأميركية في هذا اللغز .. إذ تبين أن
همسة من العلماء المغدورين كانوا يشغلون مناصب حساسة لدى مؤسسة بريطانية معينة - إسمها "مؤسسة مار کولي البريطانية" .. وهي مؤسسة تلعب دورا أساسيا في تنفيذ عقود لابحاث عسكرية أميركية في اطار برنامج "حرب النجوم". وتبين أنه في ثلاث من هذه الحالات الخمس كانت الوفاة تنتج عن تسرب الغاز من العادم إلى داخل السيارة.
وقد ذكر المسؤولون في شركة "ماركوني البريطانية" إفم تحروا أحوال العلماء الخمسة الذين كانوا يعملون في الشركة ولقوا حتفهم في هذا المسلسل الغامض، ولم يجدوا حالة واحدة ينطبق عليها ما تقوله سلطات التحقيق البريطانية أنه من المألوف أن العلماء والباحثين الذي يشتغلون في المؤسسات الدفاعية" يكونون تحت ضغط شديد في العمل.
وجدير بالذكر أن أحد العلماء الخمسة الذين لقوا مصرعهم وكانوا يشغلون مناصب حساسة في هذه الشركة هو من أصل عربي أو ايراني ويدعي أسعد شريف. وفي حالته لم يكن ثمة مجال للاعتقاد بأنه انتحر،لأنه وجد داخل سيارته مختنقا بحبل لف حول رقبته ولف طرفه الآخر إلى شجرة على الطريق. وقد وقع ذلك في تشرين الأول (أكتوبر) 1989 .. ولا تزال السلطات البريطانية تعتبر بأن التحقيق في مقتله لم يتوصل إلى نتيجة نهائية.
وتقول مصادر "البنتاغون" أن اثنين من العلماء القتلى البريطانيين يشتغلون بأبحاث البرنامج الأميركي مناصب رسمية في الحكومة البريطانية أحدهم وإسمه ريتشارد بوغ - كان خبيرة في "الكومبيوتر" في وزارة الدفاع البريطانية، والثاني جون بريتان من أساتذة الكلية العسكرية الملكية البريطانية .. رفي هاتين الحالتين فإن سلطات التحقيق البريطانية قيدت الوفاة على أنها "حادث عارض".
ويبدو أن فزع المسؤولين في "البنتاغون" من موقف السلطات البريطانية لا يقل عن فزعهم من مسلسل إغتيالات العلماء في حد ذاته
( ... )
المرجع
(1)
جون وود "جواسيس للبيع". ترجمة لطيف الناصر. دار الحسام. بيروت. الطبعة الأولى 1990. ص 131_133.
299
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
1 أبريل 2024
تعليقات (0)