المنشورات
المخابرات الألمانية
آن استخبارات المانيا الغربية هي أكبر سنا من الدولة نفسها، التي اعلن عن قيامها عام 1949 بعد الحرب العالمية الثانيه. ذلك لأن مؤسسها الجنرال دراينهارت غيلن، (المعروف بجاسوس العصرا) هو الذي أنشأها الحساب الدولة الأميركية، وقبل أن تفكر الولايات المتحدة بتأسيس ما يسمى اليوم وكالة المخابرات المركزية
أما قبل الحرب العالمية الثانية، فكانت المخابرات الألمانية، في عهد الهتلريين النازيين تعرف ب والغستابوه، يرتعب الألمان من هذا الاسم ويدخل الخوف الى قلوبهم من جراء سماعه،، باعتباره آلة حقيقية للموت والدمار والبطش والتعذيب. ولقد خلق جهاز الغستابو عقدة نفسية عند الألماني العادي، سواء أكان نازية أم لم يكن، حيث كان على رأس هذا الجهاز جنرال لا يعبد إلا أدولف هتلر، واسمه وهنريخ هملره، فضلا عن مساعدين له، لا يقلون قساوة وبطشا ورعبا عن معلمهم
أما الجنرال دراينهارت غيلن، فقد كان من جنرالات المانيا الأذكياء والأقوياء في عهد هتلر النازي نفسه؛ وكان يترأس مؤسسة «جيوش الشرق على الجبهة السوفياتية)، وهي المؤسسة الاستخبارية العسكرية العليا للجبهة كلها آنذاك
وفي الوقت الذي أدرك فيه غيلن هزيمة الرايخ الثالث وانهياره، كان قد قرر الحفاظ على مؤسسة جيوش الشرق، بأي ثمن
وعلى هذا الأساس، أعطى تعليماته بان تنقسم المؤسسة إلى فروع ثلاثة؛ على أن يجمع كل فرع منها خبراء في كل الحقول. فإذا ما حدث أن قضي على فرعين من الثلاثة تحت أي ظرف كان، يبقى هنالك فرع ثالث ثابت، ومستقر، ومستمر في الوجود. وعلى كل فرع من هذه الفروع الثلاثة أن يحتفظ بجردة كاملة من الميكروفيلم تتضمن كل موجودات المؤسسة من وثائق ومعلومات. أما رؤساء الفروع الثلاثة، فعليهم، أن يحاولوا الإبقاء على الاتصال فيما بينهم ..
هذا، وبعد ما عبرت الجيوش السوفياتية نهر أودر (جزء من الحدود الحالية بين بولونيا والمانيا الشرقية) وصار مرتقبا وصولها الى برلين، أعطى غيلن الأمر لمؤسسته بالرحيل من السوسن، (على مقربة من برلين إلى باناريا في الجنوب. وعلى الفور رحل جميع اركان وموظفي المؤسسة باتجاه الجبال البافارية، كلهم تلقوا الأمر: ممنوع الاصطدام المسلح بالعدو.
وعندما وصل رجال مؤسسة رجيوش الشرق الى بلدة ميسباخ في بافاريا، أعطى غيلن الأمر بأن تتفرق الفروع الثلاثة، وأن يقصد كل منها المكان المقرر له للإختباء، على أن يتولى السعاة تحقيق الاتصال الدائم حسب الظروف، في ما بينها.
وعلى الأثر، ترك غيلن ورفاقه سياراتهم على الطريق وحملوا وثائقهم السرية وانطلقوا سيرة على الأقدام إلى قمة الجبل، حيث يقع كوخ کبير. وفي هذا الكوخ قرر غيلن البقاء وانتظار الأميركيين لاخذه أسيرة. وانقضى يومان ولم يحصل شيء. أما في اليوم الثالث فقد رأي غيلن بالمنظار قوة أميركية تعبر الوادي باتجاه النمسا دون أن يبدو عليها أنها مستعدة للتوقف، اذ لم تكن أمامها نوات المانية لمقاتلتها. فلم يكن من غيلن إلا أن أرسل واحدة من رجاله الى الوادي في مهمة تقضي بأن يتصرف وكأنه من أهالي المنطقة، وان يعلم القوات الأميركية عن وجود جنرالات المان هاربين ومعتصمين في أعالي الجبل. وبعد أخذ ورد، قرر الأميركيون إرسال قوة الى راس الجبل؛ فلما وصلت الى المكان، أعلنت عن وجودها عبر طلقات الرشاشات، ثم فتحت الباب ودخلت الكوخ.
وهناك كان الجنرال غيلن ورفاقه ينتظرون على أحر من الجمر الأسرين الأميركيين. وعلى الفور اعطوا أسماءهم كاملة مع رتبهم، مع أن هذا ليس مطلوبة من الضباط الكبار. وسار الجميع نزولا من الجبل إلى الطريق، فيما بقيت اكداس الميكروفيلم مطمورة تحت أرض الكوخ. وفي النهرين التاليين، كان غيلن عرضة لاستجوابات كثيرة، لكن المحققين لم يكن لهم أي اهتمام خاص بالمعلومات السرية عن الحلفاء السوفيات. كان هم الأميركيين بالدرجة الأولى آنذاك ينصب على البحث عن كبار المسؤولين النازيين للإقتصاص منهم. ومع ذلك لم يقطع غيلن الأمل بأن يأتيه محقق أميركي يستطيع أن يقدر قيمة المعلومات الاستخبارية التي لديه، والأرشيف الضخم النادر الوجود، عن الاتحاد السوفياتي والدول الدائرة، في فلكه. وسرعان ما خرج هذا المحقق الأميركي الى الوجود في شهر حزيران / يونيو 1945، فكان الجنرال «وليم دونوغان، رئيس مكتب العمليات الاستراتيجية الأميركي في المانيا.
امضى الجنرال دونوفان بضع ساعات مع غيلن واستمع إلى آرائه حول نبات السوفيات في فترة ما بعد الحرب، واقتنع بأنه عثر على رجل خبير محنك وصاحب معلومات عن الاتحاد السوفياتي قل توفرها عند رجل او مؤسسة غيره، وفي الوقت نفسه وجد غيلن أن الفرصة قد سنحت للتحدث عن الوثائق السرية المخبأة، وعن مؤسسته التي لا تزال عميقة التوغل في قلب الاتحاد السوفياتي.
وعلى الفور، خابر الجنرال دونوفان، البنتاغون في واشنطن بالأمر على جناح السرعة. ولم ينقض إلا زمن قصير، حتى طار غيلن ورفاقه المساعدين الى الولايات المتحدة.
وفي البنتاغون جرت اجتماعات كثيرة بحضور كبار رجال الاستخبارات العسكريين الأميركيين. وقد تحدث غيلن في هذه الاجتماعات بإسهاب عن أن الوثائق التي بحوزته تثبت نية الاتحاد السوفياتي في متابعة سعيه للسيطرة على أوروبا بكاملها. وبعد ذلك تقدم بالاقتراحات التي يؤمن العمل بها وقف هذا المخطط
وفي اللحظة الملائمة، وبعدما شعر غيلن أنه اقنع الأميركيين بكل ما قاله لهم، عرض عليهم التعاون بين مؤسسته ومكتب العمليات الاستراتيجية الأميركي. فوافق الأميركيون فورا.
ولكن الغرابة، أنه عندما بدأ البحث في تفاصيل التعاون وكيفينه، راح الجنرال غيلن (المهزوم والماسور) يضع شروطه (وكأنه في عز انتصاره). وقد تمحورت شروطه حول الأتي:
أولا: تبقى مؤسسة غيلن ذات طابع الماني صرف. ثانيا: كل رجال مؤسسته يبقون تحت أمرنه هو. ثالثا: يحق له التعاقد مع من يشاء دون أي اعتراض. رابعا: التمويل المادي للمؤسسة يقع على عاتق الأميركيين.
خامسا: لا يحق لأي عضو في مؤسسته أن يجبر على القيام بأي نشاط يخالف مصلحة المانيا
سادسا: يبقى هذا الوضع على حاله، وفق هذه الشروط، إلى أن ايجري تشكيل حكومة المانية، نتولي من جانبها وضع هذه المؤسسة تحت حمايتها وبتصرفها (وهكذا كان).
والواقع أن الأميركيين (المنتصرين)، برهنوا من خلال ذلك، وكانهم هم المهزومون إزاء شروط الجنرال (الماسور)، لأنهم كانوا بحاجة ماسة اليه والي امثاله، خاصة أنه كان ذا قيمة مخابراتية بالغة الأهمية، كما كانت مؤسسته متكاملة العمل والخبرة والرجال وضرورية لهم. بالإضافة إلى أن الأميركيين لو لم يقبلوا بذلك رأي بهذه المؤسسة القائمة والجاهزة)، لكان عليهم أن يؤسسوا واحدة مثلها وعلى حسابهم وبملايين الدولارات.
هذا، ومما زاد الثقة الأميركية بالجنرال غيلن، أن بعض الأحداث التي حصلت عام 1945 بالذات، جعلت الأميركيين يبدؤون التنبه إلى المخططات السوفياتية (ذات البعد التوسعي)، والتي سبقتها معلومات غيلن عنها بفترة. ثم جاءت عملية هروب ضابط الاستخبارات السوفياتية «إيغور غوزنكو الى الغرب (كندا)، وكشفه عن شبكة الاستخبارات السوفياتية المنتشرة في أميركا، فتعززت الثقة بغيلن ومؤسسته، وانتفت على أثرها شكوك كثيرة حوله.
وهكذا، بدأ الجنرال غيلن عمله في مؤسسته الجديدة، في المباني المحاطة بالأسوار لمكتب العمليات الاستراتيجية في فرانكفورت، وباندفاع أكبر مع رجاله ضد الاتحاد السوفياتي، عبر الاتصال الوثيق بعملائه السابقين في أوروبا الشرقية، في الوقت الذي كان فيه زملائه ورفاقه من ضباط الغستابوه يساقون إلى المحاكم والإعدام .. وفي عام 1956، انتقل غيلن ومؤسسته (التي أطلق عليها اسم الاستخبارات الاتحادية) من فرانكفورت الى بلدة «بولاخ، قرب مدينة ميونيخ، عاصمة ولاية بافاريا، وجعل من مجموعة مباني كانت سابقة مفرة لكبار الموظفين في الحزب النازي، ومن مباني ثكنة عسكرية سابقة، مقرا عاما للمؤسسة، وكل هذه المباني ميجت بجدار عال وبالأسلاك الشائكة، بشكل فصلها نهائيا عن بقية العالم، ووضعت لها فرقة المانية مسلحة خاصة لحراستها؛ كما جهزت بالات الكترونية حديثة وحساسة جدة.
وهكذا، غدت هذه المؤسسة، بفضل الجنرال غيلن (الذي فرض احترامه على الأميركيين فرضأ)، من أهم أجهزة التجسس بعد الحرب العالمية الثانية، والنموذج الحي للقادة الذين يحكمون عقولهم لخدمة المصلحة العليا الأوطانهم؛ وقد تقاعد الجنرال غيلن عام 1918، بعد ترؤس الاستخبارات الالمانية الغربية طوال 22 سنة؛ أولا تحت اسم مؤسسة غيلن، من 1945 حتى 1956، وثانيا تحت اسم «الاستخبارات الاتحادية، من سنة 1956 حتى موعد تقاعده. وقد طبع المؤسسة بطابعه الخاص، وجعل عملها يرتبط ارتباطأ وثيقة بالخطوط العامة التي رسمها هو لها. كما كان له فضل أساسي على مؤسسته يتمثل في أنه جعلها غير تابعة، لا لوزارة الدفاع، ولا لوزارة
وعندما بدأ البحث عن بديل له عام 1997، قال غيلن: خليفتي بجب أن يكون رجل اختصاص من الطراز الأول، ويجب أن يقع الاختيار عليه وأنا الا أزال في مرکزي ...
وهكذا جيء بتلميذه وصديقه الجنرال وغيرهارد فيسيل» خلفا له. وند كان من كبار مساعديه منذ أيام «جيوش الشرق»، حيث يعتبر صاحب خبرات واسعة في الشؤون العسكرية والاستخبارية، ومن النموذج الذي أوصى به غيلن أن يكون خليفته. وليس من المستغرب أن يكون للجنرال غيلن نفسه دور أساسي في اختياره لهذا المنصب في أيار/ مايو 1998.
هذا، ولم يكن الجنرال فيسيل نشيطا ضمن الاستخبارات الاتحادية فحسب، بل كان كذلك عضوا فعالا في مكتب بلانك، الذي تولى تحضير إعادة تسليح المانيا، وضابطا في الجيش الألماني الغربي وفي الاستخبارات العسكرية التابعة له، وعضوا في لجنة حلف الأطلسي في واشنطن.
والجدير بالذكر، أن في المانيا الغربية حاليا ثلاث مؤسسات تتعاطي الاستخبارات ولو على مستويات مختلفة هي:
أولا: الاستخبارات الاتحادية، ومهمتها التجسس في الخارج.
ثانيا: المكتب الاتحادي لحماية الدستور، الملحق بوزارة الداخلية تأسس في عام 1950، وعين رئيسا له والهر أوتوجون، الذي استطاع الفرار إلى لندن عام 1944 بعد محاولة اغتيال هتلر، وقد قتل أخوه بسببها؛ فتعاون مع جهاز الدعاية العسكري البريطاني، واستنطق الأسرى من الضباط الالمان النازين، وقد قوبل تعيينه بنوع من الاستنكار الشديد في المانيا. وقد استمر في منصبه حتى عام 1971، عندما خطفته المخابرات السوفياتية الى المانيا الشرقية، فخلفه في منصبه المدعي العام السابق الدكتور اشرو برزا.
ثالثا: الاستخبارات العسكرية الصرفة ومهمتها مراقبة الجواسيس ضمن القوات المسلحة وفي المصانع التي تنتج المعدات العسكرية. وتتبع لوزارة الدفاع.
وأخيرة، لابد من الإشارة، إلى أن الاستخبارات الاتحادية الالمانية تلعب دورا وثيقا في تحالفها مع مخابرات الدول الغربية، والأميركية منها خصوصا، كما مع المخابرات التركية والاسرائيلية والفورموزية وغيرها. وقد تمكنت أن تحرز نجاحات هائلة في هذا المضمار، حيث يبقى الفضل الأكبر فيما وصلت اليه، للجنرال راينهارت غيلن «جاسوس العصره المراجع
1? حافظ ابراهيم خيرالله والاستخبارات الالمانية الغربية (ملف عالم
الاستخبارات رقم 6). حزيران / يونيو 1971. ص 5 - 50. 2 - سعيد الجزائري والمخابرات والعالم. الجزء الأول. مكتبة الحياة.
بيروت. لا. ت. الطبعة الثانية. ص 320. 370. 3 - نزار عمار والاستخبارات الاسرائيلية، المؤسسة العربية للدراسات
والنشر. بيروت. ص 249.
الستار «تحدي"
أجهزة استخبارات المانيا الاتحادية والغربية)
المستشار الاتحادي الاستخبارات الاتحادية
الوزارات الاتحادية
[استخبارات [| الدفاع
استخبارات الخارجية
اللعبة
استخبارات الاقتصاد
استخبارات القيادة
العامة لحلف | شمالي الأطلسي
الشبهة الثانية: الثورن
الأولى
الثالثة
الشعبية الرابعة: المهمات المركزية الإدارية
تاتا
|
المعلومات
التقين
المعلومات
مكافحة التجس 1 - الاستماع الاذاعي - التلح
| - الالكثرون. التقنية - التوت البري. الاقتصاد. السياسة - القوات المسلحة
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
1 أبريل 2024
تعليقات (0)