المنشورات
عملية عتيبي ودور المخابرات في إنجاحها:
في السابع والعشرين من حزيران 1979، أقلعت إحدى طائرات الخطوط الجوية الفرنسية من مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب متجهة إلى أثينا ثم باريس، وعلى متنها 20 راكبا من بينهم 83 إسرائيلية.
بعد إقلاعها من مطار أثينا اليوناني ظهر يوم الأحد الواقع في 27 حزيران في طريقها إلى العاصمة الفرنسية، استولت عليها بعد عشر دقائق مجموعة «تشي غيفارا ووحدة غزة، (نسبة إلى محمد الأسود «جيفارا غزة، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي استشهد في قطاع غزة في أواخر عام 1972) من تنظيم المجال الخارجي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة المناضل الشهيد رجايل العرجاء.
وبناء على أوامر المجموعة الخاطفة غيرت الطائرة خط سيرها نحو بنغازي في الجماهيرية العربية الليبية، ثم اتجهت جنوبا نحو ارغندا حيث هبطت في مطار عنتيبي قريبة من العاصمة كمبالا نجر الاثنين 74
/ 9/ 28. وما لبث الخاطفون أن أعلنوا عن طريق إذاعة العاصمة الأوغندية أنهم مستعدون لإطلاق سراح الرهائن - الذين اقتصروا على الإسرائيليين فيما بعد. إذا ما تم الإفراج عن 53 سجينا سياسية منهم 40 في إسرائيل، 6 في ألمانيا الغربية، و في كينيا، 1 في سويسرا، 1 في فرنسا. وقد شارك الرئيس الأوغندي عيدي أمين دادا شخصية في المفاوضات باعتباره صديقة شخصية للكولونيل باروخ بارليف، رئيس البعثة العسكرية الإسرائيلية في كمبالا قبل توتر العلاقات بين البلدين، والذي كلف بإيعاز من الموساد، للقيام بمهمة الاتصال.
أبرزت عملية عنتيبي مدى الارتباط الوثيق بين جهاز المخابرات الإسرائيلي من جهة واجهزة الاستخبارات الأجنبية من جهة ثانية، وعلى رأسها أميركا وفرنسا وكينيا سنتطرق إلى هذا الموضوع بعد قليل، وبشكل أوفي وأوسع)، خاصة بعد أن صمم القادة الإسرائيليون على عدم الانصياع لمطالب الخاطفين والتحضير لعملية عسكرية ضدهم لتحرير الرهائن
على هذا الأساس بدات استعدادات التحضير، وبموافقة مجلس الوزراء الذي كان يعقد جلسته الأسبوعية العادية برئاسة إسحق رابين، في الوقت الذي تم فيه تكليف المخابرات الإسرائيلية للكولونيل باروخ بارليف (بوركا) بالاتصال بالرقم (2291) رهو تلفون مكتب الرئيس الأوغندي عيدي امين، وبدء الحوار معه لأطول مدة ممكنة وقد تم ذلك فعلا، كما بدأت المخابرات الإسرائيلية في إرسال جماعات خاصة للحصول على المعلومات من كينيا إلى داخل أوغندا. كما قدر الإسرائيليون أن قيامهم بالغارة العسكرية يجب أن يتم قبل فجر 4 تموز، وهو الموعد الذي حدده الخاطفون
التحقيق مطالبهم ونظرا لبعد المسافة بين إسرائيل وعنتيبي البالغة حوالي أربعة آلاف كيلومتر، فقد تنبه الإسرائيليون لموقع كينيا القريب من أوغندا (حوالي 500 كلم)، وعندما تمت الاتصالات بها، وضعت كينيا نفسها تماما كقاعدة للعملية، فقدمت مطاري نيروبي وممباسا وجهزت الوقود اللازم لإعادة الملء، وشاركت في خطوات توفير السرية للعملية. وأمدت تل ابيب بالمعلومات ثم خرج منها عشرات المندوبين إلى أوغندا للحصول على مزيد من المعلومات الطازجة، وبذلك أصبحت كينيا هي القاعدة الأمامية اللغارة.
كلف اللواء ردان شومرون، بالقيادة العامة لخطة عملية والبري، في الوقت الذي كان فيه قائد وحدات الكوماندوس الخاصة، كما عين العقيد بوني نتانياهو قائدأ تنفيذية
للخطة
أما القوة التنفيذية فإنها قسمت بدورها إلى مجموعات ثلاث على الشكل التالي:
المجموعة الأولى: تكونت من مجموعة طائرات بوينغ 707 وهي عبارة عن طائرتين، كانت الأولى منها مرکز رئاسة متقدم بكامل مواصلاته ويكون بها الجنرال ماتياهو بيليد قائد القوة الجوية ومعه مساعد رئيس الأركان يوکوتيل آدم (الذي أصبح من المسؤولين الأول في الاستخبارات الإسرائيلية، حيث قتل في الدامور بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 1982
/ 6 /
4). أما الطائرة الثانية فكانت تحمل الأطباء: والممرضات.
المجموعة الثانية: تكونت من أربع طائرات تحمل أفراد الكوماندوس الذين بلغ عددهم حوالي 500 فرد، مع الأسلحة الضرورية للعملية، وقد اختير أغلب عناصرها من الذين زاروا عنتيبي قبل ذلك وقسموا إلى جماعات لكل منها واجبه الخاص: جماعات للتعامل مع قوة الدفاع الأوغندية، جماعات تعمل ضد الفلسطينيين، جماعات للعناية بالرهائن، جماعات لتدمير المطار، جماعات لتدمير الطائرات الأوغندية الموجودة بالمطار. يتم ذلك بعد أن تهبط هذه الطائرات في مطار عنتيبي ليلا هبوطأ أعمى على المدرج، تقلع بعد الانتهاء إلى مطار نيروبي لإعادة الملء بالوقود في طريق العودة.
أما المجوعة الثالثة: فكانت عبارة عن مجموعة من سيارات المرسيدس كتلك التي يستخدمها الرئيس عبدي أمين دهنت جميعها باللون الأسود حيث تقرر أن تكون أول سيارة تنزل من أول طائرة تهبط في مطار عنتيبي، ويركب بها القائد التنفيذي للعملية يوني نيتانياهو ومعه بعض الأفراد لكي يسيطروا بها على حرس المطار.
وبالفعل تمكن الإسرائيليون من تنفيذ عمليتهم هذه بنجاح كبير بعد أن زودتهم كينيا وفرنسا وبريطانيا وأميركا بالمعلومات الدقيقة، وقد أبلغت واشنطن بالعملية قبل تنفيذها بشخص هنري كيسنجر مستشار الرئيس الأميركي للامن القومي. هذا وقد تحركت الطائرات مرورة بشرم الشيخ متجهة نحو نيروبي حيث استغرقت رحلتها عدة ساعات، وكانت نتيجة العملية التي استغرقت ساعة ونصف الساعة، على الشكل التالي: 1- إنقاذ حياة الرهائن الإسرائيليين وإعادتهم على متن الطائرات المهاجمة إلى مطار دافيد بن غوريون، بجوار تل أبيب. 2- تدمير مطار عنتيبي وطائراته وأبراج المراقبة فيه. 3 - استشهاد قائد المجموعة الخاطفة المناضل «جايل العرجا، ورفاقه. 4 - مقتل القائد التنفيذي للعملية العقيد بوني نيتانياهو، في الوقت الذي كان فيه
الجنرال ماياهو بيليد يراقب العملية وهو في الجو. .. أقلعت الطائرات ومعها الرهائن والنيران مشتعلة في مطار عنتيبي. وفي طريق
العودة هبطت في نيروبي لإعادة التزود بالوقود. .. أعادت هذه العملية الثقة إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي من خلال الوسائل
والأساليب التي استخدمها بنسحاق حوفي وشلومو غازيت في التعامل مع الوضع الجديد الناشئ فيما يتعلق بالخداع والسرية والحصول على المعلومات واختيار
الأشخاص الذين أثبتوا كفاءتهم وجدارتهم في عملية التنفيذ 7. أكدت هذه العملية أهمية الارتباط والتنسيق القائم بين جهاز الاستخبارات الإسرائيلي مع كل من أجهزة الاستخبارات الأميركية والفرنسية والبريطانية وكينيا. 8 - اثبتت عملية عنتيبي في الوقت نفسه مهزلة المراهنة على الحمائم الإسرائيلية، حيث كانت هذه الحمائم، إلى جانب الصقور، تتابع بكل دقة وعن كثب مراحل سير الخطة. والجميع اصقور، أمام مصلحة «إسرائيل، وامنها، ولا مجال
للمراهنة (1)
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
2 أبريل 2024
تعليقات (0)