المنشورات
ولادة الموساد
إن ولادة الموساد کانت، بلا شك، نتيجة طبيعية للإهتمام الإسرائيلي بالمخابرات. وهذا الإهتمام، بدوره، كان نتيجة بحد ذاته أيضا فرضتها الضرورة الماسة لوجود جهاز مخابراتي، يقع على کاهله عبء ضخم من المسؤولية المتعلقة بحياة " الدولة " التي قامت على الإغتصاب والإحتلال والمجازر والدمار فوق بقعة عربية هي فلسطين، حيث كان هذا الجهاز مساهمته الكبرى في ترسيخ دعائمها
وتقويتها. هذا، ويقوم الإهتمام الإسرائيلي بالمخابرات على ثلاثة عناصر (1): أولا: عقدة الخوف التي زرعها زعماء بني صهيون في قلوب اليهود، وإيهامهم ألهم يعيشون في غابة عربية متري بالوحوش المفترسة التي تتحين الفرص للإنقضاض على الفريسة، وتلقيها في البحر ... لذلك
كان لزاما على كل يهودي في العالم أن يكون عينا متفتحة وأذنا صاغية بإستمرار لتلافي الكارثة، وإلا رفضت يهوديته وانتزعت منه، وبالتالي
لا يستحق أن يكون يهودية ... فكل يهودي إذن هو جاسوس بالقوة اللصهيونية وربيبتها " إسرائيل .. ثانيا: مضاهاة الدول الكبرى وإقناعها بأن وجود " إسرائيل " هو ضرورة حيوية إستعمارية في المنطقة، يجب المحافظة عليها ومساعدها بكل الطرق والوسائل لتبقى متفوقة على كل المحيط. ومن هذا المنطلق، قال أحد الباحثين الإستراتيجيين السوفيات بأن " إسرائيل توفر على الولايات المتحدة الأميركية وحدها، في المنطقة، عشرين حاملة طائرات
كما أوردت " المجلة العسكرية السوفياتية " مقالا عنوانه "حليف ... وإستفزازي " ذكرت فيه " أن إسرائيل ليست مجرد حليف عسکري الأميركا في الشرق الأوسط. فهي دولة إستفزازية تحتاج اليها أميركا أمس الحاجة أيضا ... " (2). لذلك قال رونالد ريغان:" أن إسرائيل لو لم تكن موجودة لاضطررنا إلى إرسال قواتنا محلها " (3). ثالثا: السرقة والابتزاز: وليست قضية الجاسوس الأميركي جوناثان بولارد، وفضيحة الرئيس الأميركي بيل كلينتون مع مونيکا لوينسكي، (اليهودية الموسادية إلا أحد المظاهر البارزة في هذا الإطار، مثلا. وعلى هذا الأساس، كان الموساد ضرورية، بل أكثر من ضرورة في نظر كبار المسؤولين الصهيونيين وفي طليعتهم بن غوريون على هذا الصعيد. هذا، وفي الوقت الذي تختلف فيه الآراء حول تاريخ ولادة الموساد، إلا أن الاتفاق يبدو واضحة حول شخصية الأب الروحي لهذا الجهاز، والمتمثل ب " دافيد بن غوريون".
ففي كتاب " الوجه الحقيقي للموساد " مثلا، جاء فيه مايلي: " تأسست الموساد في 1901
/ 9/ 1، على أنقاض الشعبة السياسية التابعة لوزارة الخارجية. وكان (روبين شيلواح) أول مدير لها، ومسؤولا أمام رئيس الوزراء ... " (4). بينما يتطرق كتاب "حروب إسرائيل الترية " إلى ذلك قائلا:" أنشئ الموساد رسميا في الثاني من آذار عام 1951، بناء على أمر رئيس الوزراء بن غوريون، ثم باشر مهامه في الأول من نيسان عام 1951، وأسسه روبين شيلواح، وكان أول مدير له. وقد سمي الموساد في البداية بإسم "مؤسسة التنسيق" هاموساد ليتيوم)، ثم أعيد تسميته عام 1963 ليصبح مؤسسة الإستخبارات والمهمات الخاصة " (5).
والواقع أن الخطوات الأولية لتأسيس وكالة الإستخبارات السرية الإسرائيلية بدأت على يد شيلواح عندما بعث برسالة إلى دافيد بن غوريون في تموز عام 1941، يدعو فيها إلى إنشاء " وكالة مركزية مختصة بقضايا الأمن والاستخبارات" وتابعة لمكتب رئيس الوزراء. وبعد خلافات ومماحكات مطولة بين بن غوريون ومختلف رؤساء الوكالات، أرسل رئيس الوزراء في 13 كانون أول عام 1949 الرسالة الآتية إلى وزير الخارجية موشي شاريت: " يجري الآن بناء على توجيهاني إنشاء مؤسسة (الموساد)، لتجميع وتنسيق أعمال وكالات الإستخبارات والأمن دائرة إستخبارات الجيش، والقسم السياسي في وزارة الخارجية، ووكالة الأمن العام ... إلخ)." ويضيف بن غوريون في رسالته قائلا:" لقد عهدت إلى مستشار وزير الخارجية للعمليات الخاصة شيلواح تأسيس الموساد، وليكون أول مدير له. سيعمل شيلواح تحت إشرافي، وسيتصرف طبقأ لتعليمات، وسيطلعني بإستمرار عما يقوم به من نشاطات، وسيكون مكتبه من الناحية الإدارية تابعة لوزارة الخارجية ... ". وبسبب الخلافات والنزاعات المريرة التي حصلت فيما بين الدوائر المعنية (شيلواح، والقسم السياسي وإستخبارات الجيش الإسرائيلي، ووكالة الأمن العام). إستطاع شيلواح في نهاية المطاف إقناع بن غوريون في نهاية عام 1900، بضرورة توحيد كل عمليات جمع المعلومات الإستخبارية في الخارج تحت سقف واحد (الموساد)، ثم أدت تلك الفكرة توصية صادرة عن لجنة ثلاثية خاصة برئاسة نائب رئيس وكالة الأمن العام إيزي دوروت، وعضوية كل من نائب مفوض الشرطة ومسؤول من وزارة الخارجية كان رفيع المستوى ويمتلك خلفية جيدة عن عالم الإستخبارات.
وما إن حصل شيلواح على موافقة رئيس الوزراء حتى دعا لجان التنسيق في مختلف الوكالات في كانون الثاني سنة 1991 إلى عقد إجتماع لهم، وأقر شيلواح بحقيقة ما ورد في شكوى إستخبارات الجيش الإسرائيلي من أنها كانت تتلقى من مراكز القسم السياسي معلومات غير كافية ولا تلائم الإحتياجات المطلوبة، ولم يكن من المناسب أن تشغل تلك الوكالات عملاءها في الخارج في آن واحد معا، وهذا ما عبر عنه شيلواح بقوله:" لا أستطيع الموافقة على إنشاء وكالات مستقلة بعضها عن بعض في الخارج " (1).
هذا، وبسبب المنافسة والصراع على النفوذ، فقد واجه روبين شيلواح معارضة عنيفة خصوصا من مسؤول الشعبة السياسية في وزارة الخارجية بوريس غوربيل، والذي أستبعد من عداد " اللجنة السرية" التي أسسها بن غوريون برئاسة شيلواح. وهذا ما دفع رجال غورييل - بعد الغاء الشعبة السياسية - إلى تقديم إستقالاتهم بالجملة، فكانت أكبر هزة في المخابرات الإسرائيلية، وأول تمرد من نوعه في تاريخ المخابرات الإسرائيلية، وربما أيضا في تاريخ الحرب السرية بشكل عام. يضاف إلى ذلك، إخفاق الشبكة الموسادية في العراق بعد حملة التفجير التي استهدفت الكثس اليهودية بهدف تهجير يهود العراق إلى فلسطين المحتلة، ثم إعتقال أعضاء الشبكة وإعدام بعضهم (شالوم صالح شالوم المسؤول عن مخازن أسلحة الهاغاناه في العراق والموجودة في الكس اليهودية _ أعتقل وأعدم)، فكان ذلك سببا في تسعير الحملة ضد روبين شيلواح، بقيادة إيسر هارئيل، مما أدى بدوره إلى إنتهاء خدمة شيلواح بتاريخ 19 أيلول 1902. ولم تمض سنوات قليلة على ذلك حتى توفي في عام 1959 (7).
مرحلة إيسر هارئيل: (1903 - 1993): إستلم إيسر هارئيل قيادة الموساد في 1902
/ 9/ 19 بعد إستقالة شيلواح. ولكنه بقي يخضع له باعتباره كان مشرفا عاما على أجهزة الأمن الإسرائيلية حتى 8 شباط 1903، حيث قام بن غوريون بالمحاولة الثالثة لإعادة تنظيم أجهزة الأمن وزيادة فعاليتها ونفوذها. وعلى ضوء ذلك عين بن غوريون إيسر هارئيل - بالإضافة إلى منصبة كرئيس للموساد - رئيسا للجنة رؤساء الأجهزة والتي أصبحت تتشكل من: (1) الموساد (2) الإستخبارات العسكرية (3) الأمن الداخلي - الشين بيت _ التابعة لوزراة الداخلية. (4) المهمات الخاصة والتحقيقات في جهاز الشرطة. (1) دائرة الأبحاث في وزراة الخارجية.
ولقد اتسم هذا التنظيم - بتسخيره لخدمة أغراض بن غوريون (الشخصية) وخدمة الحزب الحاكم - ماباي - في ذلك الوقت.
وأصبح هارئيل يتمتع بنفوذ قوي نتيجة الثقة المطلقة التي أولاه أياها بن غوريون، حيث كان يعتبر "أعداء بن غوريون هم أعداؤه ' هارئيل - الصعود إلى القمة:
وعمل هارئيل على إدخال الموساد - والأجهزة الأمنية في اللعبة السياسية الداخلية ".
- في آذار 1900 فرض مراقبة على حزب (مابام) وشكل وحدة خاصة لهذا الهدف، كما فرض أيضا الرقابة على " الحزب الشيوعي ". - في 1903
/ 1/ 28 أكتشف في مكتب (ميير يعاري) الأمين العام المابام) "جهاز تنصت"، وضع من قبل عملاء" هارئيل " في (الشين بيت) والتي كان يشرف عليها (هارئيل) أيضا. - وفي بداية عهد هارئيل (إنكشفت الشبكة في العراق - في 1901) وتفجرت ثورة يوليو في مصر 1902، وسقطت شبكة (سوزانا) في أيدي أجهزة الأمن المصرية في 1904
/ 7/ 22 والتي اشتهرت بفضيحة لافون) والتي أدت إلى سقوط حكومة رموشيه شاريت) الذي تولى رئاسة الوزارة بعد استقالة بن غوريون في 1903
/ 12/ 7 قد تنصل كل من شاريت، ولافون، وبنيامين جبلي، وديان من مسؤولية عملية (سوزانا)، والتي أطلق عليها شاريت (الميلودراما المجنونة) وصدرت الأحكام بحقهم في القاهرة في 1905
/ 1/ 29. - وعلى أثر تلك الهزة العنيفة _ في أجهزة الأمن الإسرائيلية، عاد بن غوريون مرة أخرى في 1905
/ 2/ 22 ليتولى مسؤولية وزارة الدفاع. وقد أدى تورط _ الإستخبارات العسكرية - في عملية سوزانا إلى صعود نجم هارئيل، الذي تولى مرة أخرى السيطرة على العمليات الخاصة، وحيث لم يعد بمقدور الإستخبارات العسكرية القيام بأية عملية خاصة دون مصادقة هارئيل.
وقد عمل هارئيل في نفس الفترة التي تولى فيها بنيامين جبلي مسؤولية الإستخبارات العسكرية، والذي سقط في فضيحة لافون. وكذلك مع - هارکابي - وهرتسوغ وعميت. وقبيل العدوان الثلاثي على مصر - 1909 حاز هارئيل على شهرة دولية واسعة في أوساط رؤساء الإستخبارات بعد حصوله. بواسطة أحد عملائه في موسكو _ على النص الحرفي لخطاب خر تشوف أمام مؤتمر الحزب الشيوعي السوفييتي في 1904
/ 2/ 20 - وقد صنف ذلك بأنه " أكبر إنتصار شخصي " لهارئيل في حياته المهنية. وقد باع (هارئيل) هذا الخطاب لر CIA) بصفقة ضخمة، مكنت الموساد من " الحصول على نسخة من كل تقارير (CIA) عن الشرق الأوسط، وكذلك تعيين " انغلتون" مسؤول التجسس المضاد کمسؤول عن قسم إسرائيل في ال CIA. وانغلتون هذا معروف بتعاطفه الشديد مع إسرائيل وقد إعتبر انغلتون أن كل عميل ل CIA يعمل بشكل ثانوي للإسرائيليين، على أن النجاح البارز الذي قوي هارئيل هو نجاحه في إختطاف راخمان) في 1900
/ 0/ 11. لقد بدأت علاقة هارئيل تتصدع مع بن غوريون، في قضية (إسرائيل بير) والذي قام هارئيل بمراقبته واعتقاله في 1992
/ 3 /
31 دون علم وموافقة بن غوريون.
وبالرغم من نجاحه أيضا في العثور على الصبي المخطوف (يوسيلي شوماخر) (8 سنوات) وارجاعه من الخارج في 1992
/ 7 /
4 منفذا ما تعهد به ل " بن غوريون".
أفول نجم هارئيل - السقوط
وكان الصراع الداخلي بين (هارئيل وعميت) وفتور العلاقة مع بن غوريون، سببا في بداية هبوط هارئيل من على قمة - الموساد - واجهزة الأمن الإسرائيلية.
وجاءت قضية العلماء الألمان في مصر، ومعالجة هارئيل لها بذعر واضح، ورفضت نصائحه المقترحة لمعالجة ذلك من طرف بن غوريون واستمراره في هذه القضية " بإعلان الحرب على العلماء الألمان في مصر" وإرساله للطرود الناسفة لهم، وقديدهم وقديد عائلاتهم في الخارج، حتى جاء إعتقال عميلي "هارئيل" في سويسرا (أوتوجو كليك) والضابط (يوسف بن غال) من قبل سلطات الأمن السويسرية في 3
/ 2/ 1993 لتهديدهما الآنسة هايدي إبنة البروفسور (باول غوايرك)، ومطالبة المانيا الغربية لسويسرا بتسليمها هذين العميلين، ووقف بن غوريون مرة أخرى ضد طريقة هارئيل في معالجة هذا الحادث مع المانيا وسويسرا، ووصل هذا الأمر إلى الصحافة وتمت مناقشته في الكنيست، لقد كانت معركة (هارئيل) ضد العلماء الألمان معركة (للنفوذ والسيطرة داخل إسرائيل نفسها .. وفي النهاية - خسر (هارئيل) هذه
المعركة). |
لقد انعدم التوازن داخل أجهزة الأمن الإسرائيلية بشكل عام، وداخل - الموساد - بشكل خاص، وشعر بن غوريون أنه تعرض للخيانة من قبل جهارئيل. واستقال هارئيل في 93
/ 3/ 20 وهو في سن الخمسين، وكان يشرف أيضا على (الشين بيت) وبالتحديد على (مواجهة التغلغل السوفييتي) ومكافحة ال KGB وخلفه في رئاسة الموساد، الجنرال (ميير عميت). (1) وفي ختام مرحلة هارئيل - الموساد - بقي أن نشير إلى أن
النجاحات التي حققها (هارئيل) لم تكن نجاحات - الموساد - فباستثناء الحصول على خطاب خرتشوف 1959 - فإن باقي العمليات، كانت بمشاركة - باقي الأجهزة الأمنية - فمثلا: لقد اشترك في عملية اخمان، كل من الإستخبارات العسكرية والشين بيت، وفي قضية الصبي (يوسيلي
شوماخر) اشتركت الشين بيت أيضا. (2) إن هارئيل لم يتصرف كقائد لأجهزة الأمن الإسرائيلية
ومديرا للموساد ومشرفة على الشين بيت)، وبالتالي فإن مهمته: إدارة (كل هذه الأجهزة وتنسيق جهودها)، بل تصرف - خلال العشر سنوات _ التي قاد فيها بلا منازع أجهزة الأمن الإسرائيلية - تصرف كعميل سري، کمسؤول شبكة صغيرة، كقائد فريق صغير، ولهذا فإن هارئيل كان من الممكن أن يكون ناجحا - کمسؤول لشبكة
- ولكنه بالاجمال: كان مديرا فاش. (3) لقد حاول (مايکل بارزوهر) وعلى مدى (318 صفحة)
في كتابه (خاطرت بحياي-إيسر هارئيل رقم "1" في الخدمات السرية الإسرائيلية أن يعمل دعاية شخصية لهارئيل
من جهة وللموساد من جهة أخرى. إننا نورد هنا تعليقا، على هذا الكتاب - الذي هو بحد ذاته تعليق على الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حتى أفول نجم هارئيل في 1993. حيث يدعي المؤلف أن اليهود كانوا على علم بكل ما يحدث في فلسطين قبل 1998 رفي كل الإدارات البريطانية، وعلى كل المستويات، وإنهم كانوا يستخدمون كل اليهود - ضباطا وجنودا - في الجيش البريطاني، وإنه يعود الفضل في إنشاء إسرائيل إلى جهاز مخابراقا، وإن الصهاينة وأعمالهم (فوق كل المقاييس المعروفة) فهي إن جندت عربية (فهو يستطيع الوصول إلى مكامن الأسرار) وإن جندت أجنبية (يستطيع الدخول إلى كل بلاط .. والى
كل الأوساط). وعندما يتحدث (بارزوهر) عن تاريخ المخابرات (يروي ملحمة) وعن المخابرات (فهي مؤسسة بديعة، تعمل بقواعد أخلاقية " فممنوع إستعمال (؟؟) الجنس والعاهرات (في المخابرات الإسرائيلية)، بالضبط كما يتحدث قادة الجيش الإسرائيلي عن (طهارة السلاح؟؟؟) وأما عشرات المجازر فكاها التأكيد؟؟؟ طهارة السلاح. وعندما ينتقل بارزوهر للحديث عن إنتشار المخابرات الإسرائيلية - يوحي - بأن (كل يهودي وكل أجنبي هو ضابط في المخابرات الإسرائيلية) .. وإن الحدود العربية مفتوحة لهم، مرحبة بهم .. إن كتاب بارزوهر، هو كتاب من تأليف (قسم الحرب النفسية في الموساد) وفيه يتحدث عن (السوبرمان الإسرائيلي). (8). مرحلة الجنرال ميير عميت (93
/ 3/ 20) إلى (28
/ 9/ 1) عين ميير عميت في رئاسة الإستخبارات العسكرية في عام 1992 وذلك كخلف لحاييم هيرتسوغ الذي تقاعد نهائيا .. ويعتبر هيرتسوغ أول رئيس للإستخبارات العسكرية ينهي مدته بشكل طبيعي حيث تمت إقالة كل رؤساء الإستخبارات العسكرية السابقين، أو أجبروا على الإستقالة (بئيري، جبلي، هار كابي) وذلك نتيجة للفضائح أو الهزات - أور الفشل - الذي حام حول مناصبهم. وقد تقلد عميت رئاسة الإستخبارات العسكرية بترشيح من موشيه دايان كما شارك (زفي تسور) رئيس الأركان في إقناع بن غوريون (رئيس الوزراء ووزير الدفاع) بتعيين عميت، تحت
حجة (إنه يجب السماح للجيش، بتعيين رجاله الكبار بدون تدخل خارجي) وقد حارب هارئيل ترشيح عميت كرئيس للإستخبارات العسكرية بحجة (أنه ليس له تجربة تذكر في الإستخبارات)، وقد كان _ هارئيل - في حرب دائمة مع الإستخبارات العسكرية بسبب سعيها الدائم للاستقلال في التفكير والعمل)، ومن هنا، فقد كان هارئيل ينظر اليها كمنافس وليس كشريك، ولهذا لم يستفد الا قليلا من ابحاثها، وكان شديد الشكوك في تقييماتها المعلوماتية. وباختصار، فلم يكن بمقدور - هارئيل - ان يحتمل المنافسين الاقوياء، وقد كان (عميت) منافسا قويا، ولم يكن من النوع الذي يقبل بسهولة لعب دور ثانوي)، لقد كان عسكرية (قلبا وقالبا) ومن الذين يعتبرون (تولي القيادة من الخطوط الأمامية ليس امرا صحيحة فحسب بل ايضا طبيعيا). لقد كان عميت - بخلاف هارئيل - قائد ميدان، ولذلك عرف اهمية المعلومات الجيدة اللجندي المقاتل، ومن هنا، فإنه أدخل (للموساد) "عقلية الجندي، حيث كان عميت يقول لرجاله: "اذا وجد شخص في طريقكم، استخدموا كل ما لديكم من قوى نارية لازاحته من الطريق".
وبعد خسارة (هارئيل) معركته في (قضية مواجهة العلماء الألمان في مصر) .. استقال في 93
/ 3/ 20، ولقد حاول بن غوريون الوصول الى (جويل موراب رئيس الشين بيت للإضطلاع بإدارة الموساد بشكل مؤقت. وبما أنه لم يكن موجودة في "اسرائيل "، طلب بن غوريون من عميت، تولي قيادة الموساد، بالإضافة الى رئاسته للإستخبارات العسكرية، إلى أن يتم تعيين مدير جديد. وفي اليوم التالي 1993
/ 3/ 29 خطا عميت إلى مقر الموساد). وفي 6
/ 11/ 1993 استقال بن غوريون متعبا من (فضيحة لافون) وذهب الى المنفى السياسي بدون رجعة. الموساد في ظل عميت:
وقد استقال نائب هارئيل نتيجة_ تعيين عميت _ الرجل الثاني في الموساد .. ووجه (عميت) بوجوه غاضبة من قبل رجال تنفيذيين كبار لاعتقادهم بأن (عميت) هو المسؤول عن الخسوف الذي حل ب (هارئيل).
قاد عميت "الموساد" و "الاستخبارات العسكرية" مع لمدة هسة اشهر، وفي سبتمبر / ايلول 1993 تفرغ لإدارة الموساد وتم تعيين نائبه - الكولونيل أهارون ياريف - كرئيس للاستخبارات العسكرية، ولقد شكل الثنائي (عميت - ياريف) إتحاد شراكة إستثنائي، وتجاوزت انجازاته، أي شيء قامت به الاستخبارات الاسرائيلية لانسجام قمتي الاستخبارات والموساد.
لقد عزل عميت كل الرجال المؤيدين - هارئيل - في ادارة الموساد. وجلب بدلا منهم كوادر من الاستخبارات العسكرية وشكل منها إدارة داخلية مستشية منها (رجال هارئيل) خاصة في الفترة التي أصدر فيها اشكول قرارا بتثبيته كمدير للموساد ..
كما جلب معه من الاستخبارات العسكرية إلى الموسادر الوحدة 131) والتي تقوم بتنفيذ العمليات الخاصة). وقد لاحظ عميت داخل الموساد الغياب التام لأي تسلسل حقيقي للقيادة الا بشكل سطحي. وبغياب (هارئيل) اصبحت الموساد "تدور كالدجاجة بدون رأس ".
ولكن (عميت) تربي على غير ذلك، تربي على مبدأ " أذا تغير ضابط القيادة فإنه يعرف مسبقا بأن نائبه سيحل محله .. إلى آخر سلسلة القيادة بدون أي اضطراب في الوحدة - ولو للحظة واحدة "، أما في عهد (هارئيل) فلقد كان "هارئيل هو الموساد .. والموساد هو هارئيل". وقد أضفى ميير عميت الصفة الرسمية البيروقراطية على الموساد، واصبح التخصص ظاهرة مميزة في الجهاز.
وفي عهد عميت اعتقل اهم عميلين سريين اسرائيليين في دمشق والقاهرة، بالإضافة إلى فضيحة اختطاف المهدي بن بركة في فرنسا بمشاركة الموساد، واغتياله ... ولقد أعتقل ايلي كوهين في دمشق في 1990
/ 1 /
21 واعدم في 1990/ 0 / 19. كما أعتقل (لوتز) في القاهرة في 1995
/ 2/ 22 | وحكم عليه بالسجن مدى العمر، وعلى زوجته (فالتراود) بثلاث سنوات سجن، وقد تم مبادلتهما بالإضافة إلى فريق لافون) ب 500 سجين مصري منهم تسعة جنرالات بعد حرب 1997. وبعد إعدام إيلي كوهين في دمشق عام 1965، قال مدير عميت رئيس الموساد بتاريخ 19 أيار 1965 أن إعدام إيلي كوهين كان بالنسة لنا أول ضربة قاسية ومؤلمة منذ عام 1954 (بعد إعدام صموئيل عازار والدكتور مرزوق عام 1954 في القاهرة) والتي أطلق عليها إسم " فضيحة لافون " (9).
والواقع أنه إذا كان إيلي كوهين قد اعتقل في دمشق وأعدم شنقا، وإذا كان لوتز قد اعتقل في القاهرة ... إلا أن المناضل العربي المصري " رأفت الهجان" إستطاع أن يخترق كل الأجهزة الأمنية والسياسية والعسكرية الإسرائيلية دون أن يكتشف. ولو كان هناك جهاز إعلامي عربي موحد، وقسم " حرب نفسية" عربي موحد، لرفع رأفت الهجان إلى مرتبة القديسين ...
مرحلة تسفي - زفي - زامير من نوفمبر/ تشرين ثان 1968 إلى سبتمبر/ ايلول 1974
تولى الجنرال تسفي زامير رئاسة الموساد في نوفمبر 1948 خلفا اللجنرال عميت الذي استقال في 1998
/ 9/ 1، وعندما كانت الحرب ضد الثورة الفلسطينية في أوجها، وبشكل خاص في الخارج واقترح آلون على رئيسة الوزراء غولدا مائير تعيين زامير.
إن تعيين زامير - الأقل تألقا - بين الجنرالات الإسرائيليين جاء مفاجئ له بقدر ما كان مفاجئة لأي شخص آخر، فبدلا من أن يغادر بلطف ويذهب للنقاهة، حيث كان على أبواب إنتهاء خدمته العسكرية، أوكلت اليه مهمة الإضطلاع بأكثر المناصب تطلب للبراعة والعناية الفائقة في " إسرائيل " وبدون أن تكون لديه أية خبرة تساعد في إدارته .. ومع أن الجيش أخذ يتذمر من هذا التعيين وهذا الإختيار، إلا أنه تم التغلب على ذلك من قبل (ليفي أشكول) حيث واجه الجيش بقوله:" لقد طلبتم جنرا" وحصلتم عليه ولم يكن بإمكانهم التذمر .. أما في الموساد .. فقد أصيب محترفو الموساد أثر تعيين (زامير) برعب شديد، وعندما سئل أشكول: كيف يمكن الرجل غير متمرس أن يدير هذا المنصب الحساس؟: أجاب: "حسن سيتعلم في سنة أو سنتين".
لقد استغرق زامير - سنتين - قبل أن يصبح مدركا ومتفهما للأبعاد الحقيقية لعمله، ولكنه نجح على أية حال، وكانت أساليبه مختلفة عن أساليب أي من سابقيه، وكانت تقاريره " ضخمة " ورافرة " ولم يحاول أبدا إخفاء أي شيء عن الحكومة، ولقد منحته - غولدا مائير - (رئيسة الوزراء لاحقا الثقة المطلقة.
لقد كان زامير الرجل القادر على إستغلال أفضل ما لدي رجاله وبالمقارنة مع عميت .. فقد كان (عميت) " مسؤول الشركة " أما زامير فكان " رئيس اللجنة ". وحتى بداية السبعينات، لم تكن الموساد تمتلك قدرة كافية من الرجال، وهو الأمر الذي تتطلبه عملية (ملاحقة رجل) أو (مراقبة مترله) وهكذا قام زامير بتوسيع خطة
كانت مطروحة من قبل في عهد _ هارئيل -: تجنيد الإسرائيليين الذين يعيشون في الخارج .. ممن يشهد سجل خدمتهم العسكرية بافم رجال يعول عليهم للقيام بعمليات محدودة.
لقد شغل زامير منصبه كرئيس للموساد خلال حرب الإستراف بين مصر وإسرائيل، وفي عهده تمت سرقة زوارق شيربورغ الفرنسية، وسرقة تصاميم طائرة الميراج / 3 السويسرية.
اما الهزة الضخمة التي زلزلت الموساد .. فكانت اطلاق النار على (باروخ كوهين) في مدريد في 1973
/ 1/ 29، ويعتبر -باروخ - اكبر ضابط للموساد في أوروبا، ولقد تفاوت بمصرعه
كل شبكات الموساد في اوروبا، ولقد اثبت ان (منظمة ايلول الاسود) كانت قد اخترقت شبكات الموساد في اوروبا .. كما قتل (د. آمي شيجوري) مدير محطة الموساد في لندن والذي يعمل تحت غطاء دبلوماسي كملحق زراعي - بواسطة طرد ناسف تلقاه من
أمستردام.
وقام زامير على الفور باتخاذ اجراءات - (وقائية) فورية حيث قام بحل كل الشبكات القائمة والتابعة للموساد في اوروبا، وتم استدعاء كبار ضباط الموساد في اوروبا. ومضت فترة من الوقت، قبل أن يتم إرسال عملاء جدد يعملون من "مقرات قيادة جديدة" وبأغطية جديدة، وقد استغرقت عملية التجديد هذه عدة أشهر - وكان من الاثار المباشرة لمقتل (باروخ كوهين) فشل عملية - ليليا هامر: - ففي 1973
/ 7/ 21 قتلت الموساد عامة مغربية يدعى (احمد بوشيكي) على انه (أبو حسن سلامة)، وتم اعتقال - (6) من عملاء الموساد في النرويج من الذين اشتركوا في هذه العملية
الفاشلة ضد مواطن اعزل. ان عملية ليليا هامر _ فشلت في رأي (زامير) لأن التحليل كان سيئا، ولأنه تم تجاهل الاجراءات، فاضطرت (اسرائيل) لدفع ثمن العجز. لقد تجرع - زامير - كأس الفشل ومرارة الهزيمة في 7
/
21/ 1973 في ليليا هامر - في النرويج حيث تواجد هناك اثناء قتل احمد بوشيكي)، وكان ينتظر أن يشرب نخب اصطياد ابو حسن سلامة ولكنه فشل واصيب بخيبة الأمل. وكذلك فشل (زامير) - ايضا في جمع المعلومات والتنبيه وتقييم احتمالات نشوب الحرب في تشرين 7 اکتوبر 1973، وخاب امل (الجمهور الاسرائيلي في اجهزة استخباراته التي فشلت في لحظة (المحنة الكبرى).
وفي عهد زامير - ايضا عادت الاستخبارات العسكرية لتسيطر على كافة الاجهزة الامنية، واصبحت المحور الرئيس بين تلك الاجهزة، وتعززت مكانتها بصورة ملحوظة، واصبح الاعتماد على تقديراها الاستراتيجية والعسكرية
وكان رئيس الاستخبارات العسكرية في ذلك الوقت العميد الياهو زاعيرا، رابدي (زامير) خلال فترة رئاسته للموساد .. اهتماما خاصة بالمعلومات الواردة عن (النشاط الالكتروني، والتصوير الجوي، وكذلك توثقت في عهده العلاقات والتعاون مع الاستخبارات الغربية تحت مظلة "مكافحة الارهاب ').
وقد شمل تقرير لجنة اغرانات الموساد، وظهر - زامير - ضعيفة بعد حرب تشرين / اکتوبر 1973 .. لقد أهمل دول المواجهة) وانتقل "ليتنزه" في شوارع اوروبا .. ولهذا، تم الاستخفاف بالموساد، لقد افکتها الحرب التي شنتها في العواصم الأوروبية ضد الكوادر الفلسطينية. لقد اصبحت الموساد - مجرد وكالة لجمع المعلومات ? ولم يعد لها كالسابق اي نفوذ، أو تأثير حقيقي في صنع القرارات في تل ابيب.
وفي 1973
/ 12/ 9. دعت غولدا مائير إلى تشكيل لجنة للامن القومي) في اسرائيل، تابعة لرئاسة الحكومة وتشمل رؤساء دوائر الجهاز الأمني بحيث تكون منفصلة ودائمة، ومن أشخاص ذوي خبرة يشتركون في اتخاذ القرارات حول مختلف الأمور.
لقد تقاعد_ زامير - من رئاسة الموساد بعد 7 سنوات من الخدمة، اي انه خدم سنتين زيادة عن فترة الخمس سنوات التي تم تحديدها كحد اقصى للخدمة عندما استقال هارئيل)، وذلك في عام 1974| وبعد اختلاف مع اسحاق رابين ... وقد خلفه في رئاسة الموساد الجنرال اسحاق حوفي - والذي استلم رئاسة الموساد في 1
/ 1/ |
1974
وانتقل (زامير) ليعمل مديرا لشركة مقاولات.
مرحلة اسحق حوفي 1974/ 9 / 1 إلى 1982
/ 6/ 1
تولى الجنرال اسحاق حوفي_حاکه_رئاسة الموساد في 1974
/ 9/ 1 | خلفا للجنرال زفي زامير، وهو مرشح ديان لرئاسة الموساد.
كان اختياره كرئيس للموساد اختيارة غريبة. فقد كانت صلته المباشرة بالإستخبارات ضعيفة جدا، ولم يكن بالمفكر التأملي القادر على إظهار الحنكة الجوهرية إلى حد كبير لعمل الإستخبارات، كان هادئة إلى درجة الصرامة، محافظة ويتمتع بشعبية لدى رجاله بفضل صراحته و (شجاعته) الواضحة، لكن لم يكن لأحد أن يضعه بين العشرة الأوائل في الجيش، وتقول التقارير أن (حوفي وسع دور
الموساد) في جمع المعلومات عن الإمكانيات والقدرات العربية وكذلك في تحليل مثل هذه المعلومات. كان حوفي مقتنعا، أن الهجوم وشيك الوقوع، ولذلك فقد أغرق مقر القيادة بكل التقارير المثيرة الإضطراب والتي كان يقدمها ضباط إستخباراته.
في بداية تشرين حاول أن يدافع عن واقعه أولا، ثم القيام بهجوم معاكس ضد الجيش السوري في معركة من أعظم معارك الدروع التي شهدها تاريخ الحرب الحديثة، وحو في جلب الى الموساد كل البريق الذي هلته شهرته، بالتعبير عن رأيه بصراحة، عندما يعتقد أن الأمور تسير بشكل خطأ.
إنه لمن المشكوك فيه، أن يسمح حوفي لنفسه بأن يتعرض للسخرية والإهمال، كما كان حال - زامير - قبل حرب 1973، في الوقت الذي كان فيه زامير مقتنعة أن الإستخبارات العسكرية تقود إسرائيل إلى الكارثة. وبالرغم من أن عملية (عنتيبي)
حزيران 1997) تنسب إلى إنجازات (حوفي) والموساد ... إلا أن هذه العملية إشترك فيها ضباط الإستخبارات العسكرية والمظليون ولواء جولاني وسلاح الجو .. والموساد .. وكان دور الموساد فيها محدودة.
لقد إستطاعت عملية (عنتيبي) أن تزيل الظلال التي خيمت على أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية في أعقاب حرب تشرين / أكتوبر 1973 وأعادت لهذه الأجهزة الثقة بالنفس. حافظ (حوفي) على علاقة جيدة مع رابين ررايزمن وبيغن وكان على علاقة سيئة مع شارون الذي أراد أن يضم الموساد إلى إقطاعياته في وزارة الدفاع. وفي عهد (حوفي) كان الموضوع الاساس في الموساد هو المتعلق (بجمع المعلومات - والتنفيذ وليس التقرير). وتميزت فترة رئاسة (حوفي) للموساد، بأحداث سياسية مهمة. فقد إنكسرت شوكة المخابرات بعد فشلها في الإنذار لحرب تشرين / 73 وخرجت من لجنة (إغرانات) مهيضة الجناح .. ومقيدة بمجموعة من القيود أهمها تعيين مستشار رئيس الحكومة للمهمات الخاصة" "ومستشار رئيس الحكومة لشؤون الإستخبارات وعدد من القيود والإجراءات. وعام 1974، كان عام فلسطين - ومنظمة التحرير الفلسطينية في الأرض المحتلة - وعلى الصعيد العربي والدولي - حيث تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي روحيد للشعب الفلسطيني. وفي الوقت الذي افتتحت فيه منظمة التحرير الفلسطينية عشرات المكاتب والممثليات لها، قطع عدد كبير من الدول علاقاتها مع إسرائيل. أيضا، مع بداية تسلم "حوفي" لرئاسة الموساد .. إندلعت الحرب الأهلية - في لبنان، وبدأت الاتصالات مع الكتائب والقوى المسيحية اللبنانية الاخرى .. واستمرت الحرب الخفية الدائرة بين المجموعات الفلسطينية وحلفائها والإستخبارات الإسرائيلية في شوارع أوروبا، وجرت عدة إغتيالات الكوادر فلسطينية مسؤولة في قبرص، وأنقرة، وروما، وباريس ...
وبالرغم من أن العادة جرت أن يتم تغيير الطاقم العسكري والأمني مع وصول رئيس الوزراء الى هرم السلطة، إلا أن وصول بيغن إلى رئاسة الوزراء عام 1977 لم يغير الطاقم الأمني، بل أبقى (حوفي) في رئاسة الموساد وابراهام أحيطون في رئاسة الشين بيت، وقد فشل (حوفي) في المعرفة المسبقة لعدد من العمليات الضخمة - کسافوي_وكذلك عملية الساحل (عملية الشهيدة دلال المغربي) آذار 1978 وفشل أيضا في تحديد قدرة الثورة الفلسطينية على رد الهجوم في عملية (الليطايي) آذار 1978. وفي عهد حوفي وقعت إتفاقية كامب دايفيد ووفرت على حوفي جهودا ضخمة، فبدلا من أن يضع خططا لإرسال (عميل الى القاهرة، أصبح - هو وكل قادة الموساد - يستطيعون الوصول إلى السفارة الإسرائيلية في القاهرة، والتي كانت تأخذ 50 % من جهودهم.
والانجاز الكبير " الذي يتباهي به " حوفي" والموساد في عهده هو إغتيال الشهيد أبو حسن سلامة .. في بيروت .. والذي طلب بيغن بعد وصوله للسلطة عام 1977 إستمرار المحاولات التي بدأت وتعثرت منذ 1972 لاغتيال أبو حسن سلامة، وكذلك إغتيال الشهيد ماجد أبو شرار وكمال يوسف في روما، وأبو صفوت وسمير طوقان في نيقوسيا، كما تم إغتيال محمد قدومي في أنقرة، كذلك أغتيل فضل الضالي في باريس.
وشاركت (الموساد) بمساعدة ال CIA في الإعداد لضرب المفاعل النووي العراقي في حزيران 1981، وكان من المتوقع أن ينهي (حوفي خدمته - قبيل الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 وتم تعيين الجنرال يكتوئيل آدام بدلا منه، ولكن - بدأ الغزو - وقتل - آدام - في الدامور في 1982
/ 4/ 8، وبقي في منصبه، حتى أختير " عدنوني " الذي إستلم منصبه في 1989
/ 9 /
12 كأول رئيس مدين للموساد.
وعمل الجنرال حوفي - بعد إنتهاء خدمته كمدير للموساد، مديرة لشركة الكهرباء الإسرائيلية.
مرحلة ناحوم عدنوني
1989_1982/ 9/12
جرت العادة في اسرائيل) ألا يكشف اعلامية عن شخصية رئيس (الموساد)، ولا يكتب عن حياته، وشخصيته ولا تنشر صورته ولا ونشاطه، إلا بعد أن يغادر منصبه.
لقد تم تعيين - ناحوم عدنوي - في حزيران / يونيو 1982 كرئيس للموساد خلفا للجنرال ياکتوئيل ادام الذي كان قد صدر قرار بتعيينه - كمدير للموساد - ولكنه - وقبل أن يمارس - منصبه - بشكل فعلي - قتل في الدامور بلبنان في 1988
/ 9/ 8 .. مما حدا با (مناحيم بيغن) رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن يعين - ناحوم عدنوني كرئيس للموساد .. ولقد استلم - عدنوي - مهام منصبه فعلا في 1982
/ 9/ 12 أي قبل يومين فقط من إغتيال بشير الجميل، ومن مجازر صبرا وشاتيلا - 1982 - وبقي عدنوي في رئاسة الموساد حتى عام (1989) ويعتبر تعيين عدنوي في رئاسة الموساد .. سابقة لم تشهدها الموساد - منذ تأسيسها - اي تعيين رئيس من خارج صفوف العسكريين.
وقد فشل (عدنوي) - مرتين - في اغتيال ياسر عرفات احداهما في مخيم نهر البارد في شمال لبنان 1982، كما فشل ايضا في العثور على القادة الفلسطينيين عندما اختطفت الطائرة المتوجهة من طرابلس إلى دمشق والتي تحمل الوفد السوري، ولم يتواجد على متنها، اي مسؤول فلسطيني، وتعتبر عملية الاختطاف هذه - ثالث محاولة تفشل فيها (الموساد) في اختطاف طائرة على انها تقل قادة فلسطينيين. .
ومن ناحية اخرى يسجل لناحوم عدنوي - مشاركته الفعالة - مع ال CIA في تفجير اليهود الفلاشا من أثيوبيا، هذه العملية التي بدأها سلفه (حوفي) في الاعداد و ارسال عملاء الموساد الى الخرطوم. كما يسجل ل (ناحوم عدنوي) - مشاركته الفعالة - وبالتعاون مع ال CIA ايضا في التمهيد والاعداد للغارة الجوية على مقر القيادة الفلسطينية في تونس بتاريخ 10
/ 14/ 1980. وفي مجال الاغتيالات قامت (الموساد) باغتيال الرائد اسماعيل درويش) من كوادر "فتح" في روما 1989
/ 12/ 10 وكذلك تفجير سفينتين يمتلكهما مواطن فلسطيني في ايطاليا، بالاضافة الى تفجير سفينة جزائرية في ميناء عنابة الجزائري، وفي احباط العملية البحرية الفلسطينية في 1980
/ 4/ 21.وقد أقيل عدنوي عام 1989، وخلفه شبطاي شافيت.
المراحل الأخرى بعد ناحوم عدنوفي:
مرحلة شبطاي شافيت
1999 - 1989
تولى جهاز الموساد ورئاسته من سنة 1989 حتى سنة 1996. وكان على خلاف دائم مع رئيس جهاز (أمان) يوري ساغي. كان عهده کعهد أسلافه مليئا بالأخطاء والتقصير والفضائح والفشل. أقيل سنة 1999، وخلفه داني باتوم
مرحلة داني يأتوم
1998 - 1999
تولى رئاسة الموساد من سنة 1996 حتى سنة 1998. يعتبر عهده من أكثر العهود فشة وفضائح في تاريخ هذا الجهاز، ومن بينها: محاولة إغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في الأردن خالد مشعل، وفضيحة يهودا غيل، وفشل الموساد في قبرص وسويسرا ... عزل من منصبه في بداية شهر آذار 1998، وحل محله افرايم هاليفي.
مرحلة افرايم هاليفي
2002 - 1998
تولى رئاسة الجهاز في عام 1998 بعد سلسلة من العثرات تسببت في إحراج كبير للجهاز وأساءت إلى سمعته. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو إستدعي هاليفي الذي كان سفيرا لبلاده لدى الإتحاد الأوروبي وأسند إليه مهمة قيادة الموساد، في الوقت الذي كان فيه مختصة بالعمل في الجانب الدبلوماسي بما في ذلك مهمات الإتصال مع دول لا تقيم إسرائيل معها علاقات بصفة رسمية. وأدى دورا محوريا في التوصل " الإتفاقية سلام" مع الأردن في العام 1994. كما أن عهده لم يخل من هزات أمنية كبيرة سبها له جهاز أمن "حزب الله" والتي أدت في النهاية إلى الإنسحاب المهين للجيش الإسرائيلي من الجنوب والبقاع الغربي في أيار 2000. كما مثلت عملية أسر العقيد الموسادي ألحنان تانينجوم في بيروت بعد إستقدامه من بروکسل، فضيحة كبيرة للموساد، إضافة إلى فضيحة إعتقال العقيد النووي إسحق ياکوف، وفشل عملية نسف برلمان المكسيك، واعتقال أفراد الشبكة المالية الإقتصادية اللبنانية في بيروت: .. إنتهت خدمته في آب 2002، ليصبح رئيسا لمجلس الأمن القومي التابع للحكومة الإسرائيلية، وحل مكانه في رئاسة جهاز الموساد الميجر جنرال مائير داغان.
الهوامش
(1) _راجع كتاب " الإستخبارات والأمن القومي". إعداد المقدم احتياط تسفي عوفر والرائد آفي كوبر. ترجمة دار الجليل. عمان | الأردن. طبعة أولى 1989. ص 0 - 7. (2) _ المجلة العسكرية السوفياتية ". العدد الثالث. شهر آذار 1988. ص 00 - 01. وكذلك تفصيلية: د. صالح زهر الدين " مشروع " إسرائيل الكبرى»
بين الديمغرافيا والنفط والمياه". المركز العربي للأبحاث والتوثيق، بيروت. الطبعة الأولى 1996. ص 03. (3) _ مجلة " الطليعة " بتاريخ 12 تشرين أول / أكتوبر 1983. (4) د. وجيه الحاج سالم وأنور خلف " الوجه الحقيقي للموساد "
(5) - أيان بلاك وبيتي موريس " حروب إسرائيل السرية ". ترجمة عمار جولاق وعبد الرحيم الفرا. الأهلية للنشر والتوزيع، عمان 1992 ص 94. (6) أيان بلاك ربيتي موريس. المرجع السابق نفسه، ص 90. (7) راجع کتاب " الوجه الحقيقي للموساد " مرجع سابق، ص.
45 - 42وكتاب " أمراء الموساد " الفصل الثاني. وكذلك: مجلة " إستراتيجيا ". العدد 107.ص.66 (8) أنظر کتاب:" الوجه الحقيقي للموساد " ... ص. 72 - 75. كذلك مجلة " شؤون فلسطينية "العدد 220. حزيران 1973. وأيضا کتاب بارزوهار: Michael Bar Zohar
_ Jai risqué ma
vie (Isser Harrel le N 1 des services secrets Israeliens).
Editions Fayard, Paris 1971.
(9) أنظر کتاب جاك مرسييه. Jacques Mercier
(Eli
?
Editions Robert Cohen le combatant de Damas).
Lafront. Paris 1982. page 3030
لدافيد بن غوريون أن يقدم على أي خطوة يكون من شأنها عرقلة مسيرة ثورة يوليو والحد من تأثيرها ونفوذها.
ولذلك عمد إلى إصدار أمر شخصي، بالاتفاق مع رئيس الاستخبارات العسكرية غيبلي، ووزير الدفاع لافون، دون علم شاريت رئيس الوزراء، حيث يقضي هذا الأمر بزرع شبكة جاسوسية في مصر توكل اليها مهمة تنفيذ عمليات تخريب، ضد المصالح الأميركية والبريطانية. وبدأت العمليات التخريبية فعلا في القاهرة والإسكندرية، ضد مصالح دبلوماسية واقتصادية بريطانية واميركية، لتثبت دولة الإحتلال الصهيوني أن مصر دولة ضعيفة لا تستطيع حماية أمنها ذاتيا، ولا بد من تكريس الوجود العسكري البريطاني الذي كانت إشارات البدء بمفاوضات سحبه من مصر قد انطلقت من جانب عبد الناصر.
إضافة إلى هذا الهدف، كان للإسرائيليين هدف آخر هو منع صلة الحوار التي بدأت بين مصر والولايات المتحدة، مع إنطلاقة ثورة 23 يوليو/ تموز سنة 1902.
هدف ثالث أراده بن غوريون على الصعيد الشخصي وهو إسقاط حكومة موشيه شاريت في حال کشف هذه العمليات، وإعادته إلى الحكم، وهو ما حصل فعلا بعد عدة أشهر فقط، عندما كشفت المخابرات المصرية العملية بكاملها، بعد حادث وقع أمام احدى دور السينما في الإسكندرية، حيث إنفجرت قنبلة حارقة في
جيب عميل صهيوني، هو " فيليب ناتنسون "، كان مكلفة بوضعها
أمام دار السينما نفسها في ذكرى ثورة يوليو (1). • هذا، ولقد كان صموئيل عازار على رأس فرقة الإسكندرية
للإستخبارات الإسرائيلية. ولد في الإسكندرية عام 1929 من والدين ينتميان إلى أصل تركي. كان محبا للعمل السياسي، ويعمل على تفجير اليهود إلى فلسطين، تحت شعار السياحة والسفر الى الخارج. تعرف صموئيل عازار على إيلي كوهين (الجاسوس الإسرائيلي الذي أعتقل وأعدم في دمشق عام 1965) في صف دروس الهندسة الإلكترونية في جامعة فاروق في مصر. تم إلقاء القبض عليه مع ستة آخرين من أفراد شبكة التجسس في 23 تموز/ يوليو أثناء الاحتفالات بعيد الثورة في مصر، بعد أن قبض البوليس أمام سينما " ريو " على رفيقه " فيليب ناتنسون "، ثم على فيكتور ليفي، والدكتور موشيه مرزوق، وفکتورين نينيو، وروبرت داسا، كما أعتقل معهم أيضا ايلي كوهين، لكنه استطاع تبرئة نفسه وإقناع المحقق بأن لا علاقة له بالشبكة فأطلق سراحه.
لكن الدور الهام كانت تلعبه فيكتورين التي أعطيت إسم " مارسيل " وهي إحدى الغانيات التي كانت تعمل في أحد مقاهي
مصر عندما أتصل ها." جوهين دارلينغ " أو الكولونيل ابراهام دار (أحد رجال
البالماخ وهو بحري ومزارع ونشط في مجال الهجرة) وجدها الصالح الإستخبارات الإسرائيلية، أثناء لقائه مع الدكتور فيكتور سعدي، لقد رأى " دار لينغ " أن هذه الفتاة مؤهلة للقيام بمثل هذا العمل التجسسي، فالتقاها في مقهى كبير، بالقرب من سينما نصر، المتوهج نورة بأضواء النيون، وكان الوقت صيفا، واتفقا على أساس أن تلعب دور " علبة البريد " تحت إسم "مارسيل " لكل شبكات الجاسوسية الإسرائيلية في مصر، وقد
أعطاها مبلغ ألف جنيه مصري، ثم غادر عام 1902 الى دولة الاحتلال الصهيوني في فلسطين. وبالفعل، لعبت مارسيل دورها ببراعة، و كانت روح الشبكة وحركتها المندفعة. وقد حاولت
الانتحار بعد أن قبض عليها حتى لا تتكلم، فلم توفق (2). • وبعد مغادرة دارلينغ لمصر، تولى إدارة الشبكة التجسسية مكانه
ضابط المالي الجنسية برتبة كابتان إسمه "ماکس بينيت. ولد في کولونيا، وكان يمتاز بانه لا يختلف عن الآريين في مظهره، حيث هاجر مع والديه الى فلسطين وهو دون العشرين من عمره، وانضم إلى الهاغانا فورة. وبعد أن تدرب على أعمال الجاسوسية،
تم إرساله في مهمة كبيرة إلى العراق حيث أشرف على عمليات الهجرة زمنا طويلا. وكان يقود همسة مجندين أرسلوا إلى دولة الاحتلال الصهيون من قبل الكولونيل ابراهام دار و"مارسيل" التعلم مساق مستعجل في مباديء أعمال الاستخبارات وفنون التخريب، حيث مكثوا ثلاثة أشهر لم يروا خلالها أحدا سوي مدربيهم، ثم أعيدوا إلى مصر حيث خضعوا لقيادة عميل حنكته التجارب هو الضابط الألماني " ماكس بينيت ". وعندم أعتقل مع فيليب ناتنسون عذب كثيرة لكنه لم ينهار .. انتحر في سجنه في 21 كانون الأول عن طريق قطع شرايين يديه بواسطة " شفرة حلاقة • (3) .. كما كان إلى جانب هؤلاء أيضا أحد الضباط السابقين في البالماخ يدعى " أفني فايز نفلد " أشرف على إعداد ثلاث قنابل بطريقة يدوية لمجموعة الإسكندرية. كما يعتبر " ابراهام زايد نبرغ" (المعروف ب"باول فرانك") قائد الشبكة هذه أيضا. والجدير بالذكر، أن هؤلاء المعتقلين والمحكومين في هذه القضية قد أطلق سراحهم بعد تبادل الأسرى بين مصر ودولة الاحتلال الصهيوني في أعقاب حرب حزيران 1967. وكانت قد بدأت محاكمتهم في القاهرة في 11 كانون الأول 1954. وفي 27 من كانون الثاني 1955 نشرت المحكمة العسكرية في القاهرة قرار الحكم الصادر بحق المجموعة هذه، حيث حكم على الدكتور مرزوق (وهو طبيب في المستشفى اليهودي في القاهرة وعمره 36 سنة) وصموئيل عازار (وهو مدرس في الاسكندرية وعمره 24 سنة) بالإعدام شنقا، وحكم على ليفي، وداسا، وناتنسون بالسجن المؤبد. وحكم على مارسيل نينيو بالسجن لمدة 15 سنة، وحكم على مئير زعفران ومئير موحاس بالسجن لمدة 7 سنوات، أما ايلي يعقوب وعزرا كوهين فقد برئت ساحتهما، ورفض المصريون الطلبات التي وجهت اليهم لتخفيض الاحكام الصادرة بحق مرزوق وعازار. وفي 31 كانون الثاني 1900، اعدم الاثنان شنقا حتى الموت في سجن القاهرة. وفي نهاية تموز/ يوليو 1954، عندما انتشرت الأخبار في وسائل الاعلام العربية حول اعتقال اليهود في مصر، نشب خلاف في الزعامة الاسرائيلية حول، من أعطى الأمر بإشعال الحرائق، ومتى أعطي هذا الأمر ولأي سبب؟ فزعم رئيس شعبة الاستخبارات بنيامين غيبلي أنه تلقى الأمر من وزير الدفاع ونقله الى قائد الوحدة المقدم مردخاي بن تسور، وهذا الأمر حر في يوم السبت السابع عشر من تموز عام 1954 الى القاهرة.
ولكن اتضح أن العمليات بدأت قبل هذا الموعد وضد اهداف اميركية لم تكن مشمولة.
أما وزير الدفاع بنحاس لافون فقد زعم بأن العمليات في مصر بدأت قبل اعطاء موافقة عليها. ولم يعرف العقيد غيبلي كيف يبرر العمليات التي نفذت قبل اعطاء الأمر، وهنا شكلت لجنة رفيعة المستوى مكونة من: رئيس المحكمة العليا اسحق أولش ورئيس الأركان الأول للجيش الاسرائيلي يعقوب دوري، وكلفت بالتحقيق في خلفية الأحداث التي عرفت منذ ذلك الوقت باسم " الفضيحة " (4). وهنا اكتشفت اللجنة صورة من العلاقات العكرة والتهم المتبادلة بل والشهادات المزورة، والوثائق المزيفة ولم تنجح اللجنة في التحقيق في الروايات المتناقضة وتبتي إحداها.
كما أن المزاعم حول تزييف الوثائق في شعبة الاستخبارات لم تعف وزير الدفاع من المسؤولية، ولكنها بسطت ظلا ثقيلا على الشعبة ورئيسها آنذاك بنيامين غيبلي. أما التحقيقات الجزئية المختلفة التي جرت في أعقاب شهادة قائد الشبكة ابراهام زايدنبرغ (الذي عرف آنذاك بلقب الرجل الثالث) والذي اقم بتسليم الشبكة في القاهرة من خلال التعاون مع المصريين، وقدم للمحاكمة بسبب علاقاته مع الاستخبارات المصرية، وأرسل إلى السجن، أن تلك التحقيقات ولدت (فضيحة لافون) التي استمرت عدة سنوات، وفوضت أسس نظام الحكم الاسرائيلي، وتسببت في استقالة لافون ... لقد استقال بنحاس لافون من منصب وزير الدفاع في 17 شباط 1955. وفي مطلع نيسان تم نقل رئيس شعبة الاستخبارات بنيامين غيبلي، ثم خلفه في هذا المنصب العميد يهوشفاط هركابي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بالاضافة الى تحقيق ما عمل إليه بن غوريون وهو العودة الى منصب رئاسة الوزراء
لقد جاءت هذه الفضيحة أيضا لتعزز مكانة أيسر هرئيل وتزيد من فعاليته وتأثيره، خاصة عندما عين في عام 1953، أثناء محاولة تنظيم أجهزة الأمن، رئيسا للجنة رؤساء الأجهزة * ورئيسة للموساد الذي أنشيء حديثا. وأصبحت أجهزة الأمن تتشكل من خمسة أقسام هي: 1_ الموساد 2 - الإستخبارات العسكرية. 3 - دائرة الأبحاث في وزارة الخارجية. 4 - المهمات الخاصة والتحقيقات في وزارة الخارجية. م الأمن الداخلي (الشين بيت) في وزارة الداخلية (5).
وهنا، وقد أكدت الموسوعة العسكرية الإسرائيلية الخاصة به سلاح الاستخبارات في تناولها هذه القضية، " أن قصة هذه الفضيحة بغض النظر عن الفضيحة السياسية، هي قصة فشل الاستخبارات العملية من ناحية اختيار الأهداف والتخطيط والتنفيذ. فهذه " الفضيحة " كشفت الستار عن علاقات مقوضة داخل شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ومثلت الانهيار الذي وصلت إليه العلاقات داخل المجموعة الاستخبارية وخاصة بين شعبة الاستخبارات والموساد، في السنوات الأولى القيام هاتين الهينتين ... " (6).
وهكذا، أدى تسلم يهو شفاط هرکابي منصب رئيس شعبة الاستخبارات إلى عملية تطهير جزئية للأجواء المتعكرة داخل شعبة الاستخبارات وتحسين العلاقات مع الموساد. ولكن مشكلة الفوارق في وجهات النظر بالنسبة لوجود الوحدة 131 تحت أمرة شعبة الاستخبارات أو تحت أمرة الموساد قد وجدت حلها بعد ذلك بثماني سنوات.
جملة القول، أن فضيحة لافون، كشفت الستار عن فضائح جعلت دولة إسرائيل " عارية أمام الرأي العام العالمي، كما كانت هذه الفضيحة بمثابة الهزيمة النكراء التي منيت ها المخابرات الاسرائيلية على يد أجهزة المخابرات العربية المصرية،فهزت أركان وزارة الدفاع الاسرائيلية، وأوجدت ضجة كبري في الأوساط الدبلوماسية رغم المحاولة البائسة التي قام بها بن غوريون لاخفاء معالم تلك الفضيحة حفاظا على سمعته الشخصية، وسمعة دولته في المجالات الدولية ... وقد أسهبت الصحف العالمية في وصف تلك الفضيحة الشنعاء التي دلت على ما يتجلى به الحكام الاسرائيليون من مؤامرات يحيكها بعضهم ضد الآخر، وكأنهم کلاب مسعورة إن لم تجد ما تنهشه، تنهش بعضها بعضا ... (7).
الهوامش
(1) راجع كتاب د. صالح زهر الدين " المنطقة العربية في ملف
المخابرات الصهيونية ".المركز العربي للابحاث والتوثيق. بيروت 1980 ص. 78_79. وكذلك: مجلة " الموقف العربي ". العدد 120. الاثنين 7 - 13 آذار 1983. ص 6 - ومجلة " الشراع ". العدد 58. الاثنين 20 نيسان 1983 ص. 11_12. - ومجلة " الحوادث". العدد 1982. الجمعة 29 نيسان
1983.ص. 19. (2) عودد غرانوت ' سلاح الاستخبارات " (الموسوعة
العسكرية الإسرائيلية (2)). ترجمة دار الجليل. عمان / الأردن. الطبعة الأولى 1988. ص. 46 و 51. وكذلك: دينيس ايزنبرغ وأخرون " الموساد جهاز الاستخبارات الاسرائيلية السري .. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت 1981. ص. 53
- وعمر أبو النصر " ايلي كوهين جاسوس اسرائيلي في دمشق "بيروت 1998.ص 41 - 48.
(3) عودد غرانوت " سلاح الاستخبارات ". مرجع سبق ذكره
ص. 51. كذلك: نزار عمار ' الاستخبارات العسكرية " المؤسسة
العربية للدراسات والنشر، بيروت 1979. ص. 73. ودينيس ايزنبرغ وآخرون. مرجع سبق ذكره. ص.53_5 ه. (4) عودد غرانوت. سلاح الاستخبارات ". مرجع سبق ذكره
(5) د. صالح زهر الدين المنطقة العربية في ملف المخابرات
الصهيونية ". مرجع سبق ذكره. ص. 80_81. (6) عودد غرانوت. " سلاح الاستخبارات " ص. 02. (7) أيمن العلوي " الجاسوسية الاسرائيلية تحت المهجر ". دار
الرافد للطباعة والنشر. لندن. الطبعة الأولى 1993. ص.
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
2 أبريل 2024
تعليقات (0)