المنشورات

جاسوسية النساء وتحطيم الكبرياء

الأميركي في بيرل هاربور
كان للحرب العالمية الأولى دور كبير في محو تلك الخرافة التي كانت تقضي بعدم استخدام النساء في أعمال الجاسوسية. فلقد أثبتت التجارب خلال هذه الحرب تفوق العبقرية النسائية في التجسس، واستمرت هذه التجربة بنجاح خلال الحرب العالمية الثانية على الرغم من ازدياد حذر الرجال واحتياطاتهم الدائمة
والواقع أن الاستخبارات اليابانية اعتمدت كثيرا على السيدات البيض، حتى وفي نيويورك نفسها، وكان من بينهن «فليغالي ديکينسون، الملقبة با «سيدة الدمي»، .. والآنسة دروث كوهين، محظية الدكتور غوبلز، وزير الدعاية الهتلري النازي. وقد قدر لهاتين الجاسوستين - مع اختلاف موقعهما? أن يخلقا ما سمي بمأساة بيرل هاربوره.
فما هي أسرار هذه المأساة؟ وكيف تمت تفاصيلها؟.
ففي السابع من شهر كانون الأول/ ديسمبر من عام 1941، الساعة الواحدة والدقيقة الثامنة والعشرين، التقطت محطة التنصت الأميركية في
برندرج ايلند» رسالة موجهة من قبل وزارة الخارجية اليابانية الى سفيرها في واشنطن. كانت الرسالة مقتضبة، ولم يستغرق بثها أكثر من دقائق. لذلك استطاعت الطابعة في قسم فك الرموز أن تترجمها في وقت قصير. وسرعان ما تبين محتواها
كانت الرسالة تتضمن ما يلي: يرجي من السفير أن يودع جوابنا حكومة الولايات المتحدة (وزير خارجيتها اذا أمكن) بتاريخ السابع من الشهر الساعة الثالثة عشر بالتوقيت المحلي،. والجواب، المقصود کتب بالانكليزية من قبل طوكيو، حيث كانت الجملة الأخيرة منه مقلقة بعض الشيء: «أن الحكومة اليابانية تأسف أن تعلم حكومة الولايات المتحدة أنها، بالنظر إلى موقف الأميركيين، لا يسعها إلا أن تلاحظ استحالة الوصول الى اتفاق من خلال مفاوضات جديدة، وضع الموظف، الذي التقط الرسالة وترجمها، ملف الرسالة في البريد العاجل الموجه الى كل من الرئيس ووزير الخارجية ووزيري الحرب والبحرية وعدد من كبار العسكريين.
كان المقدم اکرامره، من الاستخبارات الأميركية، مكلفة بإيصال الرسالة إلى مراجعها. وبسبب فارق التوقيت البالغ ست ساعات بين موقع التقاط الرسالة ومكان ايداعها، وصلت الرسالة الى السلطات في واشنطن قبل ساعة فقط من إقلاع الطائرات اليابانية من على حاملات الطائرات الخاصة. بها. وقد دعت أهمية محتوى الرسالة كرامر، الى الهرولة في شوارع واشنطن المقفرة في الصباح الباكر والمؤدية الى البيت الأبيض.
كانت الصورة التوسعية لليابان تتوضح يوما بعد يوم. وكان من الواضح أن هذا المخطط لابد وأن يصطدم بالمصالح الأميركية. لقد وضع اليابانيون الخطوط الكبرى لهجومهم على بيرل هاربورا، واضع الخطة هو الاميرال
ايزوروکو ياماموتو، القائد الأعلى للبحرية. عام 1941، أعطى الأمر الأول الدراسة العملية مؤكدا أن الانتصار على الولايات المتحدة لا يمكن أن يتم إلا .. بتحطيم اسطولها في مياه جزر الهاواي. وفي أيار/ مايو، تبين من الدراسات أن هجومة جوية مباغتة، ممكن جدا
مع هذا التوتر المتزايد في المنطقة، تلازم ازدياد نشاط أجهزة الاستخبارات الأميركية. في حزيران / يونيو، من عام 1941، تسلم النقيب
جوزيف روكفورت، قيادة وحدة الراديو في القطاع البحري رقم 14 في هاواي، وكان من بين ضباط البحرية الملم الوحيد بفك الشيفرة، واستخدام
إلا .. بتحطيم الا ان الانتصار على الولاين 19، أعطى الأمر الأول
الخطوط الكبرى له
الأعلى للبحرية. عام 1941: لا يمكن أن يتم الراديو وباللغة اليابانية.
وفي تشرين أول/ أكتوبر سنة 1941، استقالت حكومة الأمير اکونوي، وتولى العسكريون السلطة بقيادة الوجوه، فتلاشي کل أمل بالسلام، وفي الرابع من تشرين الثاني / نوفمبر، أبلغ رئيس الوزراء الجديد ممثليه في واشنطن اقتراحاته المهددة» .. وفي اليوم التالي تلقى هؤلاء الممثلون رسالة أخرى تأمرهم باتخاذ كل الإجراءات للحصول على توقيع الاتفاق مع السلطات الأميركية قبل الخامس والعشرين من الشهر كحد
أقصى.
: وفي اليوم نفسه، أعطى الأميرال ياماموتو، الأمر اليومي السري رقم 1: خطة الهجوم على بيرل هاربوره. وفي السابع من الشهر المذكور، عين الأميرال المساعد «کويشي ناغومو، قائدا للأسطول الأول. وقد سارع هذا الى توزيع سفنه الاثنين والثلاثين على المراكز الحساسة طبقا للخطة المرسومة وفي العشرين من تشرين الثاني / نوفمبر، أودع السفير الياباني «نوموراه ومساعده «سابورو، وزير الخارجية الأميركي رسالة أشبه ما تكون بالإنذار ... كانت طوكيو تطلب من واشنطن تغيير سياستها الخارجية وقبولها بغزوات يابانية جديدة وتزويدها بالبترول اللازم ومغادرة الصين، أي، بكلمة واحدة، القبول بمنطق القوة. و في الخامس والعشرين أعطى دياماموتو، الأمر الى الأسطول بالتحرك في اليوم التالي، ويوم السادس والعشرين، الساعة السادسة، رفعت السفن الاثنتان والثلاثون، ... بالإضافة إلى ست حاملات طائرات ومدمرتين، مراسيها وغادرت مياه خليج تونکين الهائجة، لتتوقف شرقا. لقد تلقت الأوامر بالعودة فورة من حيث أتت إن هي شوهدت. كان القائد ركازويوشي، على ظهر المدمرة هابي. لم يستطع أحد مشاهدة الأسطول وهو يتوغل شرقة في
الضباب.
في هذا الوقت كان التوتر يتزايد. في 29 تشرين الثاني / نوفمبر، نقل البارون أوشيما، سفير اليابان في برلين، عن وزير خارجية المانيا قوله إن بلاده ستدخل حربا ضد الولايات المتحدة اذا اشتبكت اليابان معها. في اليوم التالي، صرحت طوكيو أن الحرب بين اليابان وأميركا أقرب مما يتصوره البعض. وفي رسالة من الخارجية اليابانية الى سفارتها في واشنطن، تبين أن الأوامر أعطيت للسفارة بإتلاف شيفرتها مع الآلات الخاصة بها إتلافة تامة وفورة. وقد قال اسمر ويلز، مساعد وزير الخارجية الأميركية، عندما علم بالرسالة: هبطت نسبة امكانية تجنب الحرب من واحد بالألف الى واحد بالمليون». كما قال «بيردال»، مساعد روزفلت للشؤون الميدانية عندما قرا الرسالة: سيدي الرئيس، الأمر واضح للغاية. وعندما سأله الرئيس عن تقديره، لتاريخ بدء المعركة، أجابه بأن ذلك ممكن في أية لحظة.
كانت الساعة الثالثة عشرة في طوكيو، يوم السادس من كانون الأول/ ديسمبر، عندما أودعت رسالة اليابان الجوابية، بشأن توقيف المباحثات بين البلدين، مركز الإرسال التابع لوزارة الخارجية، تمهيدا لإرسالها الى السفارة في واشنطن. فور ورودها إلى المركز قسمت أربعة عشر جزءا متساوية وبدئ بتشفيرها. وقد ارفق بالرسالة أمر مشدد الى السفارة .. بإيداعها الخارجية الأميركية فور تلقيها، ولم تحن الساعة الرابعة عشرة، بالتوقيت المحلي، حتى كانت الرسالة بترجمتها الكاملة قد وصلت الى الكولونيل براتون، ومنه الى جميع المراجع المختصة في الجيش الأميركي.
مقابل ذلك، أرسل روزفلت الى الميكادو رسالة كانت مهيأة سابقا المحاولة اخيرة في حال فشل المفاوضات، يدعوه فيها الى إعطاء بعض الوقت اللمفاوضات. ولكن كل شيء كان قد انتهى. وعلى متن سفن الأسطول الياباني الراسي في عرض المحيط، قرأ الضباط أمام جنودهم نداء «ياماموتو، المؤثر التالي: دقت الساعة. الامبراطورية في خطر. فلا يدخر أحد منكم جهدأ لإنقاذها. كما بدأت موسيقي البانزاي، تردد أصداؤها على سطح المياه الهائجة، ورفع العلم الذي سبق للأسطول الياباني أن رفعه أثناء انتصاره الكبير على الروس في معركة نسوشيما سنة 1900.
في السادس من كانون الأول/ ديسمبر 1941، الساعة الثامنة عشرة، وصلت رسالة التقطت فور خروجها من قنصلية اليابان في هونولولو، الى مكتب الاستخبارات الأميركية في الجزيرة، كان موقع الرسالة بوشيکاوا. أما محتواها فتفاصيل عن تحرك بعض السفن الأميركية في مياه الجزيرة.
في البيت الأبيض، استغرق الرئيس روزفلت عشر دقائق في قراءة رسالة ياماموتو، الموقفة للمفاوضات. رفع رأسه بعد الانتهاء من القراءة وقال الهاري هوبكنزا: وهذا يعني الحرب. فرد هوبكنز بالايجاب. وطفق الرجلان يستعرضان الوضع من جميع جوانبه، لا سيما لناحية الاستعدادات والامكانيات المتوافرة لمجابهة الموقف. خلال الحديث، اقترح الرئيس روزفلت رسالة الى هيروهيتو. لكن هوبكنز كان مخالفة لهذا الرأي باعتبار أن الحرب أصبحت أمرا واقعة. وكان رأيه أن تبدأ أميركا بالضربة الأولى. رد الرئيس بأن ذلك مستحيل لأنه مسؤولية دولية وتاريخية كبري.
طوال طريقه الى هدفه المرسوم في مخطط المعركة، لم يلق الأسطول الياباني أي نوع من العوائق. فالاستكشاف الجوي منعدم، والسفن الأميركية جاثمة تتثاءب في مرافئها. وضع يثير العجب ويدفع على الريبة من أن يكون وضعا تمويهيا للتضليل.
عندما وصلت عقارب الساعة الى الخامسة والنصف بتوقيت هاواي، كانت القوة البحرية اليابانية الضاربة على بعد 200 ميلا من بيرل هاربور، كما كان أكثر من ألفي أميركي يغطون في نوم عميق، والبعض منهم يتسامر، دون أن يكونوا على علم بان ساعات ثلاث فقط تفصلهم عن الموت. كان كل شيء هادئا في وزارة الخارجية اليابانية، كما في مكتب الشيفرة بسفارة اليابان في واشنطن كذلك في وزارتي الحرب والبحرية. مدير واحد كان قد سمع فوق مياه الباسفيك، هو هدير طائرتي استكشاف يابانيتين انطلقتا للتأكد من أن الأسطول الأميركي لا يزال غارقا في سباته العميق. 
كانت الاستخبارات بين مختلف الأجهزة العسكرية تسعى للتعرف على حقيقة الموقف. وهذا الأمر مع كل اختصاره وسرعة انجازه، يتطلب بعض الوقت. فالامكنة بعيدة، والحذر مطلوب، والعوائق تبرز من هنا ومن هناك. وبينما أمواج الأثير تتناقل الرسائل ذهابا وإيابا، طولا وعرضا، كانت الطائرات اليابانية التي انطلقت من على حاملاتها تتوجه بأعلى قدراتها الهجومية نحو أهدافها، وفي الوقت الذي كانت فيه الطائرات تحلق فوق «بيرل هاربورا، كان الوزير الياباني توغو، في حضرة الامبراطور يسلمه رسالة روزفلت، ويتلقى منه الجواب الفوري عليها وهو أن رسالة قطع المفاوضات تكفي. /01/ قاذفة قنابل على انخفاض قليل، /49/ قاذفة قنابل على ارتفاع كبير، /40/ طائرة مقاتلة، و/43/ طائرة معترضة وصلت فوق بيرل هاربور في تشکيلات محكمة وفقا للخطة. أطلق القائد انوشيدا صاروخا من نوع
التنين الأسود، مؤذنا ببداية المعركة. بعد دقائق فقط، تأكد من نجاح المباغتة وسارع الى بث الرسالة التالية تورا ... تورا .. تورا ... بمعنى نجاح المباغتة. على متن المدمرة آكاجي، كان ناغومو، يلتفت نحو الأميرال دکوزاکا، ويشد على يديه دون أية كلمة.
في واشنطن كان «اوکوموراه، موظف الشيفرة في السفارة اليابانية، يضع اللمسات الأخيرة على الرسالة التي سبق لأجهزة الاستخبارات الأميركية أن التقطتها وترجمت محتواها وأوصلتها الى المراجع المختصة، وهي رسالة قطع المفاوضات .. وبينما كان السفير ومعاونه بدخلان البيت الأبيض لتسليم الرسالة الى الرئيس روزفلت، كان الرئيس يتصل هاتفية بوزير خارجيته الموجود في مكتبه ينتظر السفير الياباني ليدخل معه مكتب الرئيس. كان صوت الرئيس هادئا ومتشنجة في آن واحد، قال: «تلقيت لتوي خبرا يفيد أن اليابانيين هاجموا بيرل هاربوره، وعندما سأله الوزير ما اذا كان الخبر مؤكدة أجاب الرئيس بالنفي. وكانت الكارثة قد وقعت، وحصل ما حصل.
ويبقى السؤال الكبير حول جاسوسية النساء في هذه الكارثة المأساة.
لقد لعبت روث كوهين، وعائلتها دورا مميزا على هذا الصعيد. وقد كانت روث من قبل محظية الدكتور غوبلز الالماني وزير الدعاية النازي. وعندما اراد التخلص من محظيته هذه، وعبثها الثقيل عليه بعد شعوره بالحرج أمام الفوهرر هتلر، سمع بان اليابانيين طلبوا من الجنرال رهوز هوفر»، صاحب نظرية والجيوبوليتكس، (أي الجغرافيا السياسية)، أن يرسل عددا من الالمان ليعملوا كجواسيس لهم في الجزر الواقعة تحت سيطرة القوات الأميركية في الباسفيك.
وعرض غوبلز عائلة كوهين على دهوز هوفر»، فرحب بالفكرة. وهكذا نزل آل کوهين جميعا على ساحل هاواي، باستثناء الابن الأكبر ليوبولد الذي كان سكرتيرة خاصة لغويلز.
وساعد مظهر «روث كثيرة في ذلك بالإضافة إلى أنها كانت تهوي السباحة ولعب كرة اليد كما كانت تجيد الرقص. وسرعان ما أصبحت تتلقى الدعوة الى كل حفلة اجتماعية، وادي معظم هذه الحفلات الى اتصالها بضباط البحرية الأميركية الذين كانوا يشعرون برغبة جامحة لمصاحبة النساء الغيابهم عن وطنهم. وكانت هذه الصلات سببا في حصولها على معلومات بالغة الأهمية، أفضى بها - دون قصد- كل من كان يسعى للتقرب اليها.
وفي أوائل عام 1939، وصل آل کوهين من هونولولو الى بيرل هاربور حيث كان الجو اقرب الى الهدوء، وحيث افتتحت اروٹ، صالونا للتجميل، الزوجات ضباط البحرية الأميركية، وكانت هذه المغامرة الجديدة بمثابة تحديد
لاتساع نطاق الجاسوسية اليابانية في جنوب الباسيفيك. وسرعان ما حقق الصالون نجاحا ملحوظا سواء من ناحية العمل، أو كمصدر للمعلومات التي كانت تحصل عليها من ثرثرة زوجات ضباط البحرية.
وكانت مهمة آل كوهين هي تزويد اليابانيين بمعلومات دقيقة عن عدد القوات البحرية التابعة للولايات المتحدة في الباسيفيك، وعن مواقعها بالضبط، وكذلك مواعيد وصولها إلى أي مكان، أو رحيلها منه، خاصة ما يتعلق ب «بيرل هاربورا، وأعدوا لذلك شيفرة صغيرة ونظام إشارات ضوئية، يستطيعون بواسطته نقل معلوماتهم من نافذة عليا في منزل صغير، استؤجر فوق ميناء بيرل هاربور في مواجهة أحد عملاء اليابان. وتمت أول تجربة لهذا النظام في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر 1941، حيث حقق نجاحا تامة، وجاء «اوکيدو، تنصل اليابان في هونولولو الى بيرل هاربور بنفسه، وقد تمكن أن ينتقل إلى مخابرات البحرية اليابانية بواسطة اللاسلكي تحديد جميع مواقع السفن الحربية الأميركية في ميناء جزر هاواي.
وحينما كانت قاذفات القنابل اليابانية تهاجم بيرل هاربور صباح السابع من كانون الأول كان آل کوهين من نافذتهم العليا يراقبون السفن الأميركية الضخمة في مراسيها. وأثناء سير المعركة يرسلون إشارات ضوئية تدل على نجاح قاذفات القنابل او اخفاقها.
وبينما كانوا يؤدون مهمتهم هذه فاجأهم ضابط من المخابرات الأميركية، وقدم آل كوهين الى المحاكمة حيث حكم على رب العائلة بالإعدام، لكنه أنقذ حياته، حين ادلي بکل ما يعلم للاميركيين، كما حكم على زوجته وابنته اروث، بالسجن.
والواقع أن الاستخبارات اليابانية لم تعتمد على «روث، وعائلتها فقط في هذه .. المهمة، بل كان الى جانب اروث، أيضا وعلى بعد آلاف الكيلومترات جاسوسة أخرى هي فليغالي ديکينسون، الملقبة ب (سيدة الدمى، لأنها كانت تحترف تجارة الدمى في مخزن لها يقع في شارع ماديسون قريبة من الشارع رقم 12، في أميركا نفسها.
كان اسمها وهي صغيرة (مالفينا بلوفره، ولدت في ساکرامنتو، ثم أتمت دراستها العالية في جامعة ستانفورد. وكان اسمها مدونا في لائحة أعضاء منظمة الصداقة الأميركية اليابانية، لكنها انفصلت عن هذه المنظمة منذ عام 1937 عندما رحلت إلى نيويورك للبدء في تكوين حياة جديدة. وكان لزوجها العديد من المكاتب في سان فرانسيسكو في نفس المبنى الذي كانت تقيم فيه القنصلية الألمانية والقنصلية اليابانية.
وعندما توفي زوجها وجدت نفسها أرملة وحيدة، فانتقلت الى نيويورك، وذلك قبل عيد الميلاد لعام 1937 بقليل. وعملت كبائعة في أحد الأجنحة المخصصة لبيع الدمى في واحد من أكبر متاجر نيويورك، وفي السنة التالية افتتحت متجرأ لحسابها الخاص في شارع ماديسون بتوجيه من الاستخبارات

الزبائن. كما كانت على علاقة مع الكثيرين من هواة جمع الدمى الذين يعيشون في ثمانية وأربعين دولة منتشرة فوق سطح الأرض، وكثيرا ما تسافر في رحلات وتذهب الى الغرب أحيانا لتقابل بعضا من زبائنها في هوليوود، كما تلتقي مع بعض رجال الاستخبارات اليابانية لتزودهم بالمعلومات الخاصة بطبيعة مهمتها، إلا أنه في أكثر الأحيان، كانت ترسل معلوماتها في بطاقات صغيرة يتم اخفاؤها بين طيات اللفافات التي تغلف الدمى. وقد اكتشفها رجال المباحث بعد مراقبة دقيقة لمتجرها استمرت أسابيع عديدة، حيث اعترف هؤلاء بان تجارة الدمي النادرة كانت بحق من أكثر أساليب الجاسوسية خطورة، وقد خدمت اليابان خدمات كبرى في الحصول على اسرار الولايات المتحدة الأميركية
وعندما اعتقلت رفليغالي ديكينسون،، أودعت في السجن كجاسوسة يابانية، وابتدأت محاكمنها في شهر يونيو 1944، وكانت المرة الأولى التي بعرض فيها أحد الأميركيين نفسه لعقوبة الموت لقاء القيام باعمال الجاسوسية.
واخيرا قام النائب العام بتلخيص عملها، فكشف النقاب عن حقيقة مخزن الدمى في شارع ماديسون، وكيف كان واجهة جيدة للتمويه والتستر على أعمال التجسس. كما ذكر بأن المتهمة كانت على اتصال مع ضباط البحرية اليابانية، وكان الدليل على أقواله تلك الرسائل الأربع التي ضبطت مرسلة الى الخارج، والتي كانت نصوصها تتحدث ظاهرية عن الدمى، ولكنها في الواقع لم تكن إلا رموزا ومصطلحات اتفق عليها، إلى أن قال النائب العام: أن الدمى تتكلم، وها نحن أخيرة قد توصلنا الى فهم تلك اللغة التي تتكلمها،.
وحكم عليها بالسجن عشر سنوات بعد أن قدمت لليابانيين معلومات دقيقة عن الأسطول الأميركي في بيرل هاربور. وكانت هذه المعلومات، بالإضافة إلى تلك التي قدمتها زميلتها دروث كوهين، من أهم العوامل التي حطمت الكبرياء الأميركي في أهم قاعدة كانت تعتبرها الولايات المتحدة شريان حيوية لغطرستها وعنفوانها.
وهكذا، لا يمكن للأميركيين أن ينسوا لحظة وقف رئيسهم روزفلت في الكونغرس ليعلن ما يلي: البارحة، 7 كانون الأول/ ديسمبر 1941، كانت الولايات المتحدة الأميركية عرضة لهجوم مفاجيء وغير مبرر من قبل القوات البحرية والبرية اليابانية، وأضاف مشيرة الى التأخير في إيداعه رسالة الحكومة اليابانية المتعلقة بتوقيف المفاوضات والى أن محتوى الرسالة لا يفيد إعلانا للحرب قبل وقوعها، كما تنص معاهدة لاهاي.
وأخيرا نجح الهجوم الياباني، وحطمت السفن وهي راسية تتثاءب في المرفأ، وجرح الكبرياء الأميركي. والعالم اليوم، الذي لم ينس بيرل هاربور، لن ينسي كذلك أن عملية أميركية مضادة، جرت بعد ألف وثلاثمائة وخمسين يوما، اختصرت الحرب بعد أن ساهمت في هزيمة الفريق الأخر. تلك هي

انتهاء الحرب العالمية الثانية
المراجع
1 - دافيد كان حرب الاستخبارات، ترجمة عبداللطيف أفيوني. المؤسسة
العربية للدراسات والنشر. الطبعة الثانية. بيروت 1982. 2 - کيرت سينجر اعلام الجاسوسية العالمية، ترجمة بسام العسلي. دار
اليقظة العربية. بيروت 1995. 3 - عمر أبو النصر دايلي کوهين جاسوس اسرائيل في دمشق، بيروت 1998. 4 - صلاح نصر الحرب الخفية: فلسفة الجاسوسية ومقاومتها، منشورات
الوطن العربي ومطبعة دار الكتب. الطبعة الثانية. بيروت 1982.










مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید