المنشورات

بولمان، بيتر:

هو ألماني يهودي. كان يعمل جاسوسا لمصلحة الاستخبارات في ألمانيا الشرقية. وكان مهندس عقول إلكترونية، ذكي وجذاب ومن عشاق الفن والشعر. مات أبواه في أفران الغاز في الحرب العالمية الثانية على يد النازية - حسب الرواية - في أوائل سنة 1969، وفي ذروة تبادل البعثات الطلابية بين ألمانيا الغربية وإسرائيل وصلت إلى ألمانيا ابنة أحد كبار الضباط الإسرائيليين ضمن بعثة ط لابية ... والتقت هناك بشاب اسمه يبتر بولمان، وقد وقعت الشابة في غرامه وتخلفت عن البعثة التي عادت إلى إسرائيل، وفي منتصف العام نفسه، عادت إلى إسرائيل، وقالت إنها استطاعت إقناع بولمان بالبقاء في إسرائيل والاستيطان فيها إذا ما تلقى عرضا ملائمة للعمل فيها.
وعن طريق وساطة والدها وتدخله مستغلا نفوذه في الجيش، قدم البرلمان منصب في شركة "صناعة الطائرات الإسرائيلية "، بعد أن اجتاز ما يسمى بامتحان " الأمن " الضروري لكل من يعمل في هذه الصناعة الهامة لإسرائيل التي تدخل فيها صناعة الصواريخ وجميع الأجهزة الإلكترونية الخاصة بها، وبدأ عمله في أهم جانب منها والأكثر سرية، وهو دائرة العقول الإلكترونية (كمبيوترز). وبعد أن تم للعشيقين ما أرادا، عقدا زواجهما، ثم قاما بشراء فيلا في أرقى حي من أحياء تل أبيب. وهو المكان الذي يفضله اليهود الأميركيون على وجه الخصوص. والذي يكفل البرلمان إقامة علاقات ودية وخاصة مع الطبقة الراقية والهامة في مواقع السلطة في إسرائيل. وهكذا تبين مقدار النفوذ الذي يتمتع به العسكر في إسرائيل.
وقد أظهر بولمان أنه على جانب كبير من المقدرة والنشاط، وأنه منصرف إلى عمله بصورة مذهلة، مما جعل رؤساءه يوصون بترفيعه. وهكذا استطاع دخول دائرة الشيفرة في الشركة نفسها التي تضم كذلك أسرار التصاميم الجديدة المتعلقة بالطائرات الإسرائيلية التي كان يجري صنعها في ذلك الوقت، وهي " نشير " و " كفير "، وكذلك صاروخ " غابريل ".
في ذلك الوقت تردد على ألمانيا الغربية بزيارات خاصة، ولكنه في تلك الزيارات لم يقم بأي عمل يوحي بأنه موضع للشك أو الريبة. وكانت الأجهزة الإسرائيلية تراقبه مثلما كانت تراقب الكثيرين من أمثاله الذين يعملون في الصناعات التكنولوجية الإسرائيلية السرية. ولكنه لوحظ أنه اختفى ذات مرة أو أكثر في عمليات صيد في القسم الشمالي من إسرائيل. وهناك في الواقع كان يقوم باتصالاته. فمن شمال إسرائيل كان يقوم بنقل المعلومات السرية التي تقع يده عليها إلى ألمانيا الشرقية عبر محطات تسمع خاصة أقيمت لهذا الغرض في سوريا، كما تقول وقائع المحاكمات.
ولكن هذا لا يعني أن السلطات الإسرائيلية قبضت عليه في تلك المرحلة، بل مر عامان طويلان دون أن تحس الأجهزة الإسرائيلية بسرقة بولمان لأدق وأعز أسرارها. ولكن يبدو أن بولمان الحريص قد خانه حرصه ذات مرة وهكذا قبض عليه في شهر حزيران سنة 1972.
وكان من جراء ذلك أن أوقفت إسرائيل العمل بجميع مشاريعها. ويمكن تصور ضخامة ما أحدثه جاسوس واحد تغلغل في عمق أسرار إسرائيل. إذ تقول التقديرات في الدوائر الألمانية أن مشاريع إسرائيل التكنولوجية السرية قد أخرت مدة عامين. وكان من نتيجتها مثلا أن إسرائيل لم تستطع أن تستفيد من طائرتها كفير في حرب رمضان (أوكتوبر) سنة 1973، ذلك أن الأجهزة الإلكترونية في الطائرة كانت قد اخترقت من قبل الجاسوسية الألمانية الشرقية أو الكتلة السوفياتية.
لقد حوکم بولمان أمام محكمة عسكرية سرية وحكم عليه بالسجن لمدة خمسة عشر عاما، فطلقته زوجته، وبيعت الفيلا وحصل هو على ثمنها أثناء التحضير للغزو الإسرائيلي للبنان، قامت إسرائيل بتسليم الجاسوس بيتر بولمان إلى ألمانيا الغربية، وتقول التقارير المعتمدة، إن التسليم الذي سبقته مفاوضات طويلة قد تم بناء على تدخل شخص من وزير الخارجية الألماني " هانز ديتريش غينشر ". وكان الجاسوس قد أمضي عشر سنوات في سجون إسرائيل ولم يكمل مدة الحكم عليه (19 سنة) وكانت التهمة التي وجهت له هي تقديم معلومات عسكرية لدولة أجنبية.
ولما كانت ألمانيا الغربية ترغب في استعادة جاسوس في سجون ألمانيا الشرقية - حسب الرواية، فقد طلبت ألمانيا الشرقية مقابل الإفراج عنه تسليمها بولمان سجين إسرائيل. والواقع أن الاتفاق قد تم على تسليمه، وحضرت بعثة خاصة من ألمانيا الغربية إلى تل أبيب، ووقع التسليم في بداية شهر آب 1982.












مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى                      

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید