المنشورات

دييلو، أو شيشرون:

كان أمين السر الخاص للسفير البريطاني في أنقرة (تركيا). الباني الأصل، حضر مساء 29 تشرين الأول 1943 إلى السفارة الالمانية في انقرة والتقى مع مسؤول قسم المخابرات فيها ويدعى " موي زيش " وقدم نفسه اليه قائلا: اسمي دييلو البابي الأصل بامكان تزويدكم بمعلومات قيمة هي صور لأهم الوثائق الموجودة لدى السفارة البريطانية في أنقرة ولكن مقابل خمسة آلاف جنيه استرليني بكل صورة. تعجب موي زيش من صراحته وقال له: من يضمن لي انك لست عمية بريطانيا؟ اجاب دييلو مشيرة الى السفارة السوفياتية: اذا كان عرضي لا يهمك فانه يغر غيرك، فينبغي أن تصدقني بدون اثبات وصدق ان الوثائق التي اعرضها عليك تساوي ضعف السعر، الذي
طلبته. وبعد الاتصالات التي أجراها موي زيش مع السفير ووزارة الخارجية الألمانية، تم الاتفاق على الاستفادة من دييلو الذي لقب بشيشرون و اطلاع هتلر شخصية على كل ما يحصل عليه دبيلو ..
وكانت الوثائق الأربعة التي سلمت للالمان هامة فعلا وتساوي ضعف ثمنها ايضا، فاللائحة الأولى تحوي اسماء العملاء البريطانيين في تركيا، والثانية هي ملحق لتقرير اميركي للائحة دقيقة لكمية ونوعية السلاح الذي ارسلته أميركا للاتحاد السوفيان، والثالثة هي نسخة المذكرة مرسلة إلى لندن من قبل السفير السابق في انقرة تتضمن مجمل محادثاته مع وزير الخارجية التركية لاقناعه، ومن ثم
حكومته باعلان الحرب على المانيا، والوثيقة الرابعة والأخيرة تتضمن تقريرا أوليا عن آخر المقررات المتخذة من قبل هول - ايدن - مولو توف في مؤتمر وزارء الخارجية المنعقد في موسكو.
وعندما سئل شيشرون عن الطريق الذي يستعمله لتصوير هذا القدر من الوثائق السرية أجاب بأنه توصل إلى أن يصبح أمين السر الخاص للسفير عن طريق الموسيقى التي يهواها، اكتسب ثقة السفير من خلالها. وبينما كان ينظف احدى بدلات السفير، وجد في أحد الجيوب مفتاح صغيرة) وقدر انه مفتاح خزنة السفارة، وانه من الممكن أن يحصل على ثروة نتيجة اهمال السفير، فاستحصل على نسخة من المفتاح صنعها له حداد تركي مقابل حمس ليرات تركية، واستحصل على (آلة تصوير) اشتراها صدفة من احد السياح، واخذ يصور الوثائق الموجودة في الخزنة وكان يقوم عادة بالتصوير عندما يكون السفير (مسافر) أو يكون (نائما).
وبهذه الطريقة استطاع تصوير عدد كبير من الوثائق السرية وتسليمها إلى المخابرات الألمانية وقبض مقابلها خلال خمسة أشهر مبلغا وقدره 120000 جنيه استرليني أي ما يعادل 22 مليون فرنك في حينه. وبتاريخ 6 نيسان 1944 انفجرت قنبلة موقوتة في السفارة الألمانية في أنقرة، واختفت على اثر الانفجار المدعوة (نيلي كاب) ابنة القنصل الألماني السابق في بومباي وقد عرف بعد ذلك أنها كانت تعمل لحساب المخابرات البريطانية وهي التي اعلمت السفير البريطاني عن تردد شيشرون إلى السفارة الالمانية وفضحته. فطرده السفير البريطاني من خدمته إلا أن الأموال التي كانت المخابرات الألمانية قد دفعتها لشيشرون تبينت بأنها ما يعادل خمسة عشر مليونا منها كانت مزورة. وكان يتم تمويل شيشرون عن طريق العملية التي يرمز لها باسم "برناهارد " وهي اعلى برنامج نازي سري كان مخصصا بتزييف نقود الحلفاء ولا سيما الجنيهات الانكليزية، وذلك بمعاونة حقارين کانوا أسرى في معسكرات الاعتقال الالمانية. وكانت المبالغ التي دفعت إلى شيشرون سحبت من رصيد كان مودعا في بنك سويسري عبارة عن اوراق بنكنوت زائفة.









مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید