المنشورات

فريدمن، وليم فريدريك:

هو من أعظم علماء الشيفرة الأميركيين، وإذا كان ياردلي أشهر عالم اميركي في الشيفرة، فإن وليم فريدمن هو الأعظم. الأول سطحي، يهتم بالمظاهر وبنفسه، والثاني خجول وعميق وذو ضمير حي، الأول يلمع کالأسهم النارية، والثاني يضيء كأشعة الشمس.
ولد فريدمن في الرابع والعشرين من ايلول 1891 في كيشينيف في روسيا. في السنة التالية لولادته هاجر أبواه الى بتسبرغ. عام 1909 أنهى دراسته وبدأ العمل في شركة لبيع الألات البخارية. وفي نهاية عام 1910، دخل كلية الزراعة المجانية في ميشيغان ولم يمض وقت طويل حتى اكتشف انه غير مؤهل للزراعة لذلك انتقل الى جامعة كورنيل ليدرس علم الوراثة، بينما هو يدرس هناك، إذ بأحد تجار النسيج ويدعى جورج فابيان، يبحث عن متخصص في الوراثة ليحسن محاصيل مزرعته. وقد وقع اختياره على فريدمن وعينه لديه في اول حزيران 1910 عكف فريدمن على العمل في مزرعة فابيان. لكنه في الوقت نفسه كان يهتم بالتصوير الفوتوغرافي. وقد قويت هذه الهواية لديه من خلال بحثه في المستندات والوثائق الخاصة باعمال شكسبير، ليتبين فيها ما يقال عن بصمات للأديب فرنسيس باكون. واثناء هذا العمل، تعرف على اليزابيت سميث، التي أصبحت في ايار 1917 زوجته. بعد فترة وجد فريدمن نفسه على رأس قسمين الأول لعلم الوراثة والآخر للشيفرة وفك الرموز. هنا اكتشف ميله نحو طبيعة العمل في القسم الأخير. ومنذ ذلك التاريخ بدأ العمل بجد مع زوجته في هذا الحقل إلى أن أصبحا الأشهر في تاريخ علم الشيفرة الأميركية. في هذا الوقت كانت أميركا قد دخلت الحرب إلى جانب الحلفاء وأول ما قام به فريدمن وزوجته هو اكتشاف حقيقة مراسلات كانت تجري بين عناصر فريق من الهندوس يعملون في الولايات المتحدة وخارجها على تحرير الهند من الإنكليز.
ويروي في هذا السياق ان احد الهندوس اطلق النار على مواطن له شهد ضده في قاعة المحكمة اثناء محاكمة الفريق الذي انكشف أمره، فأراداه قتيلا لكنه قتل هو ايضا برصاص الشرطة وهم يطوقونه في القاعة. وبعد أن تنقل فريدمن في عدة مناصب مدنية وعسكرية في نطاق الإستخبارات عين رئيسا لدائرة الإشارة في الجيش، وقد ظل يشغل هذا المنصب بتالق وجدارة حتى عام 1940. في هذا العام بلغ فريدمن الثامنة والأربعين، كما بلغ قمة مجده. بعد ذلك اصيب باغيار عصبي وادخل المستشفى. لم يعد يتمكن بعد هذه الضربة من متابعة عمله، باستثناء استشارات كان يكلف بها من وقت لآخر.
عام 1955، أحيل على التقاعد، لكنه استمر في تقديم استشاراته كلما طلب إلى ذلك. واليوم، يمكن القول أن الإستخبارات الأميركية باجهزها المختلفة وفعاليتها العمقية مدينة هذا الجزء الذي قام به فريدمن وزوجته وسط ظروف صعبة وتجهيزات بدائية، وأنها لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه، لولا ما قام به هذا الثنائي من اعمال وإبداعات.









مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید