المنشورات

الجوائز والصلات

قال أبو جعفر النحاس:
أصل الجائزة أن يعطي الرجل ما يحيزه ليذهب إلى وجهه، وكان الرجل إذا ورد ماء قال لقيمه: أجزني أي: أعطني ماء حتى أذهب لوجهتي وأجوز عنك فكثر حتى جعلت الجائزة عطية.
قال الراجز:
يا قيم الماء فدتك نفسي ... أحسن جوازي وأقل حبسي
قال ابن قتيبة: أصل الجائزة والجوائز أن عبد عوف بن أصرم من بني هلال بن عامر بن صعصعة ولي فارس لعبد الله بن عامر، فمر به الأحنف بن قيس في جيشه غازياً إلى خراسان، فوقف لهم على قنطرة الكر فجعل ينسب الرجل فيعطيه على قدر حسبه، فكان يعطيهم مائة مائة، فلما كثروا عليه قال: أجيزوهم، فأجيزوا؛ فهو أول من سن الجوائز.
قال الشاعر:
فدى للأكرمين بني هلال ... على علاتهم عمي وخالي
هم سنوا الجوائز في معد ... فصارت سنة أخرى الليالي
والبدرة: عشرة آلاف درهم، سميت بذلك لوفورها، قال بعضهم: ومنه سمى القمر ليلة أربعة عشرة بدراً لتمامه وامتلائه من النور، ويقال: لمبادرته الشمس، وقيل: بل البدرة جلدة السخلة إذا فطمت والجذع من المعز يملأ مالاً، فسمى المال بدرة باسم الوعاء مجازاً.
والصلة ما أخذه رجل من السلطان أول ما يتصل به، ثم كثر ذلك حتى قيل لهبة الملك صلة.
وهذه أبيات كنت صنعتها للسيد أبي الحسن أدام الله عزه ختمت بها الكتاب لما جاء موضعها:
إن الذي صاغت يدي وفمي ... وجرى لساني فيه أو قلمي
مما عنيت لسبك خالصه ... واخترته من جوهر الكلم
لم أهده إلا لتكسوه ... ذكراً تجدده على القدم
لسنا نزيدك فضل معرفة ... لكنهن مصائد الكرم
فأقبل هدية من أشدت به ... ونسخت عنه آية العدم
لا تحسب الدنيا أبا حسن ... تأتي بمثلك فائق الهمم
الحمد لله الذي بنعمته تكمل الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد أشرف الكائنات، وعلى آله وصحبه نجوم الهداية وأعلام الدرايات، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد، فقد نجز كتاب العمدة، في محاسن الشعر وآدابه لأبي علي الحسن بن رشيق الأزدي: المولود في سنةمن الهجرة " 1000 م " المتوفي في ذي القعدة سنةمن الهجرة " 1064م " بعد أن صقله التحقيق، وجلاء حسن الوضع، وزانه رونق الطبع، وبعد أن قضيت نصف حول في المراجعة ومعاودة النظر، وقضيت من بعد ذلك ثلاثة أشهر في الإشراف على طبعه، لا يحملني على تجثم هذه الأهوال إلا الرغبة الصادقة في خدمة العربية، والحرص على أن تكون كتبها صحيحة المعنى جميلة الرواء.








مصادر و المراجع :

١- العمدة في محاسن الشعر وآدابه

المؤلف: أبو على الحسن بن رشيق القيرواني الأزدي (المتوفى: 463 هـ)

المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد

الناشر: دار الجيل

الطبعة: الخامسة، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید