المنشورات

قال ذي الرمة يمدح عبد الملك بن مروان:

 - بكيت وما يبكيك من رسم منزل ... كسحق سبا باقي السحوم رحيضها
"كسحق": كخلق. "سبأ": برود. "السحوم": السواد. "الأسحم": الأسود. "رحيضها": غسلها. "رحض السبا"، أي: غسل.
2 - عفت غير أنصاب وسفع مواثل ... طويل بأطراف الرماد عضيضها
"أنصاب": حجارة منصوبة. "سفع": أثافي. "مواثل": منصوبة. يقول: الأثافي عضت الرماد ولمته، وهذا مثل. يقول: كأنها عاضة لها.
3 - كأن لم تكن من أهل مي محلة ... يدمنها رعيانها وربيضها
"الدمن": البعر. "الرعيان": الرعاة. يقول: الرعاة ينزلون بها فيدمنونها بأبوال الغنم وأبعارها. و"الربيض": الشاء.
4 - أكفكف من فرط الصبابة عبرة ... فتتثق عيني مرة وأغيضها
"أكفكف": أرد "من فرط": ما سبق من "الصبابة": وهي رقة الشوق "فتتثق": تملأ العين عبرة. يعني: العبرة تملأ عيني. و"أغيضها": أنفضها من عيني.
5 - فدع ذكر عيش قد مضى ليس راجعاً ... ودنيا كظل الكرم كنا نخوضها
144 أ/ ظل الكرم رقيق. يقول: كنا في عيش رقيق. يريد به النعمة والنضرة.
6 - فيا من لقلب قد عصاني متيم ... لمي ونفس قد عصاني مريضها
"المتيم" الذي قد ذهب عقله في أثر حبيبه. يقول: نفسي مريضة. قد عصاني مريضها أن يتبرأ، يعني: القلب.
7 - فقولا لمي إن بها الدار ساعفت ... ألا ما لمي لا تؤدى فروضها
8 - وظني بمي أن مياً بخيلة ... مطول وإن كانت كثيراً عروضها
"العروض": ما ليس بذهب أو فضة من المال.
9 - أرقت وقد نام العيون لمزنة ... تلألأ وهناً بعد هدء وميضها
"وهناً"، أي: بعد ساعة من الليل. و"الوميض" لمع البرق الخفي.
10 - أرقت له وحدي وقد نام صحبتي ... بطيئاً من الغور التهامي نهوضها
أي: سهرت للبرق. و"نهوضها"، أي: نهوض "المزنة": وهي السحابة.
11 - وهبت له الريح الجنوب تسوقه ... كما سيق موهون الذراع مهيضها
"له"، أي: للوميض. "موهون الذراع" الذي في ذراعه وهن. "المهيض": الذي كان به كسر فجبر ثم رجع كسره ووجعه فهو مهيض.
144 ب 12 - فلما علت أقبال ميمنة الحمى ... رمت بالمراسي واستهل فضيضها
أي: علت المزنة ما قابلك واستقبلك. "رمت بالمراسي"، أي: ثبتت السحابة في ذلك الموضع. يقال: "استهلت السحابة"، إذا سمعت صوت المطر، وكذلك "استهل الصبي"، إذا صاح حين يسقط من أمه. و"الفضيض": ما انصب منها. وأصل "الفض": التفرق. وكل ما انفض من دمع أو مطر أو غيره فهو: "فضيض".
13 - إليك ولي الحق أعملت أركباً ... أتوك بأنضاء قليل خفوضها
"أركب" جمع ركب. و"الأنضاء": جمع نضو. و"خفوضها": استراحتها.
14 - نواج إذا ما الليل ألقى ستوره ... وكان سواء سود أرض وبيضها
15 - مقاري هموم ما تزال عواملا ... كأن نغيض الخاضبات نغيضها
أي: هذه الإبل أقريها الهم. يقول: إذا اهتم ركبها ومضى، كما يقرى الضيف جعلها قرى للهم. و"النغيض": تحريكها رأسها في السير ورجفانها. "الخاضبات": النعام.
16 - كأن رضيخ المرو من وقعها به ... خذاريف من بيض رضيخ رضيضها
"الرضيخ": ما تفلق منه. يقال: "رضخ النوى"، إذا دقه. و"المرو": الحجارة البيض. و"رضيضها": مكسورها. شبه المرو ببيض رضخ.
17 - برى نيها عنها التهجر والسرى ... وجوب صحار ما تزال تخوضها
يقول: سيرها بالهاجرة أذهب لحمها. وكذلك سرى الليل هزلها، 145 أ/ و "وجوب الصحاري" بها، أي: تمشي، وهي ضعيفة، فهذا برى نيها.
18 - ذرعن بنا أجواز كل تنوفة ... ملمعة، والأرض يطوى عريضها
أي: تذرع في خطوها في السير. و"الأجواز": الأوساط. و"التنوفة": القفرة. "ملمعة": تلمع في السراب.
19 - قفار محول ما بها متعلل ... سوى جرة من رجع فرث تفيضها
"جرة" و"جرر": ما تخرجه من جوفها إلى فمها. أبو عمرو: "قصعت بجرتها"، إذا دفعت بها. و"أفاضتها": أخرجتها. يقول: ما بها ما يتعلل به من مرعى وغيره.
20 - فما بلغتك العيس من حيث قربت ... من البعد إلا جهدها وجريضها
يقول: "من حيث قربت لترحل. "جريضها": هو أن تجرض بريقها، أي: تغص من الجهد. يقال: "تركته يجرض بنفسه كما يجرض بريقه". قال منتجع: "أخذوه فجرضوه"، أي: بلغوا به الجهد. أبو عمرو: "جريضها"- ها هنا-: بقية النفس.
21 - إذا حل عنهن الرحال وألقيت ... طنافس عن عوج قليل نحيضها
"العوج": إبل قد اعوجت من الهزال. و"النحيض": اللحم.
22 - فنعم أبو الأضياف ينتجعونه ... وموضع أنقاض أني نهوضها
يقال: "نجعه وانتجعه" إذا أتاه يطلب معروفه. و"الأنقاض" جمع "نقض": وهو رجيع السفر، المهزول من الإبل. "أني" نهوض هذه الإبل.
23 - جميل المحيا همه طلب العلا ... معيد لإمرار الأمور نقوضها
"الإمرار": الفتل والإحكام. "بعير معيد": قد جوب الضراب واعتاده.
145 ب 24 - كساك الذي يكسو المكارم حلة ... من المجد لا تبلى بطيئاً نفوضها
يقول: هذه الحلة لا يذهب وشيها وصبغها. يقال: "نفض الثوب"، إذا ذهب صبغه.
25 - حبتك بأعلاق المكارم والعلا ... خصال المعالي قضها وقضيضها
"أعلاق" جمع "علق": وهو الكريم النفيس من كل شيء. قال أبو عمرو: ما كان من وشي أو ثوب أو غيره فهو: "علق". "قضيضها": جماعتها وفضها.
26 - سيأتيكم مني ثناء ومدحة ... محرة صعب غريض قريضها
"غريض": طري. ويروى: "غريض": واسع علي يمكنني، ليس قريضها صعباً ضيقاً.
27 - سيبقى لكم ألا تزال قصيدة ... إذا استحنفرت أخرى قضيب أروضها
كقولك: "غاظني ألا تزال تؤذيني". يقول: سيبقى لكم هذا الثناء ألا تزال قصيدة "إذا اسحنفرت"، أي إذا مضت وتتابعت. "قضيب": التي لم تذلل من النوق.
28 - رياضة مخلوج، وكل قصيدة ... وإن صعبت سهل علي عروضها
"المخلوج": البعير "يختلج" عن الإبل، أي: ينحى، وهو المقتضب أي: أروض رياضة مخلوج.
29 - وقافية مثل السنان نطقتها ... تبيد المخازي وهي باق مضيضها
أي: هي شديدة. "تبيد المخازي"، أي: تذهب، والقافية لا يذهب "مضيضها": جرقتها وحرها. قالت الخنساء:
وقافية مثل حد السنا ... ن تبقى ويذهب من قالها
30 - وتزداد في عين الحبيب ملاحة ... ويزداد تقبيحاً إليها بغيضها
تمت وهي 30 بيتاً








مصادر و المراجع :

١- ديوان ذي الرمة شرح أبي نصر الباهلي رواية ثعلب

المؤلف: أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي (المتوفى: 231 هـ)

المحقق: عبد القدوس أبو صالح

الناشر: مؤسسة الإيمان جدة

الطبعة: الأولى، 1982 م - 1402 هـ

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم مسلسل واحد)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید