المنشورات

قال ذي الرمة أيضاً يهجو بني امرئ القيس:

1 - أمن دمنة بين القلات وشارع ... تصابيت حتى ظلت العين تدمع
أي: من أجل "دمنة": وهي آثار الناس وما سودوا، وجمعها دمن. و"القلات": موضع، وقيل: جمع "قلت": وهي نقرة تكون في الصفا يجتمع الماء فيها. "تصابيت"، أي: تجاهلت. "صبا يصبو صباً وصباوة [وصبوة]، وصبي [بين] الصباء، ممدود.
2 - نعم عبرة ظلت إذا ما وزعتها ... بجلمي أبت منها عواص تترع
"وزعتها": نهيتها وكففتها، الواحد وازع، ووزعة جمع. و"العواصي": دموع تعصي ولا تطيع الزاجر. و"العواصي": عروق إذا قطعت لم ترقأ. "تترع": تستعجل. ويروى: "تسرع".
3 - تصابيت واهتاجت لها منك حاجة ... ولوع أبت أقرانها ما تقطع
قوله: "أقرانها"، أي: أقران الحاجة، وهو مثل. يقول: لزمتني الحاجة كما يلزم القرين القرين. أي: هي ثابتة إذا تقطعت أقران القوم وتفرقوا. ويروى: "واهتاجت بها"، يريد: الدمنة. أي: هاجت فيها حاجة في نفسه.
4 - إذا حان منها بعد مي تعرض ... لنا حن قلب بالصبابة مولع
"منها"، أي: من الحاجة. [يقول: الحاجة] تعرضت لنا. "حن" اشتاق. و"الصبابة": رقة الشوق. ويروى: "موزع"، والمعنى: مولع. أولع وأوزع به، أي: مغرم.
5 - وما يرجع الوجد الزمان الذي مضى ... وما للفتى في دمنة الدار مجزع
يعني: الحزن لا يرد الزمان الذي كنت أحبه. "وما للفتى في دمنة الدار مجزع"، يقول: ليس ثم مجزع، لا ينفعه الجزع.
6 - عشية مالي حيلة غير أنني ... بلقط الحصى والخط في الأرض مولع
146 ب/ يقول: أفضل حيلتي لقط الحصى وأن أخط وأمحو ثم أعود لمثله.
7 - أخط وأمحو الخط ثم أعيده ... بكفي، والغربان في الدار وقع
أي: الدار خالية والغربان فيها.
8 - كأن سناناً فارسياً أصابني ... على كبدي بل لوعة الحب أوجع
9 - ألا ليت أيام القلات وشارع ... رجعن لنا ثم انقضى العيش أجمع
10 - ليالي لا مي بعيد مزارها ... ولا قلبه شتى الهوا متشيع
"مزارها": موضع زيارتها. "ولا قلبه"، أي: قلب نفسه. "شتى الهوى"، أي: ليس هواه شتى، أي: يجتمع، ومية قريبة منه. "متشيع": متقسم. يقال: "اقتسم شيعاً"، أي: تفرق.
11 - ولا نحن مشؤوم لنا طائر النوى ... وما ذل بالبين الفؤاد المروع
"النوى": النية والوجه الذي يريده. أي: الفؤاد الذي قد ذل اليوم وكان قبل ذلك لم يتعود البين.
12 - وتبسم عن عذب كأن غروبه ... أقاحي ترداها من الرمل أجرع
ويروى: "عن ألمي"، أي: عن لشة سمراء. و"غروبه": حدة. وهي حدة الأسنان، فذهب به مذهب الفم. "ترداها": علاها. يقول: نسبت بالأجرع فتردى بها، صار فوقها.
13 - جرى الإسحل الأحوى بطفل مطرف ... على الزهر من أنيابها فهي نصع
"الإسحل": شجرة. و"الأحوى": في لونه سواد. و"الطفل": الناعم الرخص، يعني: كفها، والجمع طفول. ويروى. "بطفل موقف، أي: مطرف بالحناء، والأصل: من الخلخال. و"الزهر": البيض. و"النصع": الشديدات البياض، الواحدة ناصع.
147 أ 14 - كأن السلاف المحض منهن طعمه ... إذا جعلت أيدي الكواكب تضجع
قال أبو عمرو: "تضجع"، إذا هوت في آخر الليل.
15 - على خصرات المستقى بعد هجعة ... بأمثالها تروى الصوادي فتنقع
[قال] أبو عمرو: "خصرات"، أي: الصغر. يقول: على باردات عند الشم والتقبيل. "المستقى": ما أخذ من الريق. "بعد هجعة"، أي: نومة، فهو بارد. "بأمثالها": بأمثال هذه الزهر. "تروى الصوادي"، أيك العطاش "فتنقع": تروى، يقال: "نقعت ونصعت"، أي: رويت.
16 - وأسحم ميال كأن قرونه ... أساود وأراهن ضال وخروع
"أسحم": أسود، يعني: الشعر. "ميال": مسترسل. "قرونه": ذوائبه. "أساود": حيات، شبه الذوائب بها. "ضال وخروع": شجرتان.
17 - أرى ناقتي عند المحصب شاقها ... رواح اليماني والهديل المرجع
أي: / لما رأت الإبل تحدج، وسمعت الهديل اشتاقت إلى منزلها. "رواح اليماني": نفرهم لأن اليماني ينفر قبل النفر بيوم.
18 - فقلت لها: قري فإن ركابنا ... وركبانها من حيث تهوين نزع
"ركابنا"، أي: إبلنا ينزعن إلى حيث تهوين [وتنزعين]. و"نزع" جمع "نازع": وهو الذي يحن إلى وطنه، أي: نحن وننزع إلى حيث تهوين وتنزعين وتريدين.
19 - وهن لدى الأكوار يعكسن بالبرى ... على غرض منا ومنهن وقع
"يعكسن" يحبسن. وإذا جذبت رأسها إلى الأرض فقد عكسته. "وقع": مناخات قد وقعن ساعة. و"التوقيع": التعريس. "لدى الأكوار": عند الأكوار.
147 ب 20 - فلما مضت بعد المثنين ليلة ... وزاد على عشر من الشهر أربع
"المشنون": الذين أقاموا ليلتين بعد النحر. يقول: يسيرون فينفرون بعد النحر، بعد أيام التشريق. يقول: نفرت أنا ليلة أربع عشرة. قال: هذا خطأ، وإنما ينفر الناس لثلاث عشرة، لأنهم يرمون يوم الأضحى ثم الثاني والثالث فلا يبقى ليلة الثالث عشر بمنى أحد.
21 - سرت من منى جنح الظلام فأصبحت ... يبسيان أيديها مع الفجر تملع
أي: بعدما أظلمنا. ويروى: " .. فرط الظلام". و"بسيان": جبل دون وجرة إلى طخفة. "تملع"، أي: تسدو في سيرها.
22 - وهاجرة شهباء ذات كريهة ... يكاد الحصى من حميها يتصدع
"شهباء": من شدة الحر في بياضها. "ذات كريهة"، أي تكره. " .. حميها يتصدع": يتشقق.
23 - نصبت لها وجهي وأطلال بعدما ... أزى الظل واكتن اللياح المولع
"لها": للهاجرة. و"أطلال": اسم ناقته. "أزى الظل": قصر. يقال: أزى يأزي"، إذا تقبض، إذا بلغ الظل إلى أصل حائط فقد أزى. و"اكتن": اكتنس. و"اللياح": الثور الأبيض. و"المولع": فيه ألوان مختلفة، موشى.
24 - إذا هاج نحس ذو عثانين والتقت ... سباريت أشباه بها الآل يمصع
"نحس": غبرة. "ذو عثانين": أوائل من الغبار، وهذا مثل، أي: تجر تراباً مثل عثانين الخيل. "التقت سباريت"، إذا جللها الآل فقد التقت السباريت، وهي أشباه، يشبه بعضها بعضاً، لأنها مضلة. "يمصع": يلمع ويتحرك.
14 أ 25 - عسفت اعتساف الصدع كل مهيبة ... تظل بها الآجال عني تصوع
"الصدع": الشق. "مهيبة": موضع يهاب. "بها"،أي: بالمهيبة. "بها"، يعني: موضعاً، يعني: بالمهيبة. و"الآجال" جمع "إجل": وهي قطيع البقر. "تصوع": تفرق يميناً وشمالاً، وذلك [أنه في] قفر. فلذلك قال: "الآجال تصوع": فيها الظباء والبقر.
26 - وخرق إذا الآل استحارت نهاؤه ... به لم يكد في جوزه السير ينجع
"وخرق"، أي: فلاة. "استحارت": تحيرت. "نهاء" جمع "نهي": وهو الغدير. يقول: إذا جرت غدران السراب فيه لم يكد السير يستبين من بعده. لم يكد السراب يأخذ في وسطه، كقول الرجل: "لم يأخذ فيه المشي".
27 - قطعت ورقراق السراب كأنه ... سبائب في أرجائه تتريع
"رقراق": ما يجيء ويذهب، فيه سبائب حمر. و"سبائب": طرائق أيضاً، جمع سبيبة. "أرجاؤه": نواحيه. "تتريع": تجيء وتذهب. "الرائع": الراجع.
28 - وقد ألبس الآل الأياديم وارتقى ... على كل نشز من حوافيه مقنع
أي: غطى السراب "الأياديم" واحدتها "إيدامة": وهي الأرض الصلبة. قال أبو عمرو: على كل مرتفع قناع من الآل. "حوافيه": جوانبه. "مقنع": قناع من الآل.
29 - بمخطفة الأحشاء أزرى بنيها ... جذاب السرى بالقوم والطير هجع
ويروى: "بمخطوفة .. ". "أزرى بنيها": ذهب به وصغره وأضر به. "جذاب السرى": مجاذبة السرى. و"هجع"، أي: نيام. ويروى: "وقع".
30 - إذا انجابت الظلماء أضحت رؤوسهم ... عليهن من طول الكرى وهي ظلع
148 ب/ قال أبو عمرو: أضحت رؤوسهم على الإبل تضطرب من النعاس. "ظلع"، يعني: الإبل، تسقط من النوم. [أي: تنام. ويروى: وقع].
31 - يقيمونها بالجهد حالاً وتنتحي ... بها نشوة الإدلاج أخرى فتركع
أي: يقيمون رؤوسهم من النوم. قال أبو عمرو: يقيمون الإبل من الجهد. "تنتحي": تعتمد بها، وتميل بها "نشوة"- مفتوحة النون ولا تكون مكسورة- أي: تركع الإبل من الجهد والنعاس.
32 - ترى كل مغلوب يميد كأنه ... بحبلين في مشطونة يتنوع
"مغلوب": رجل به نعاس غالب. "مشطونة": بئر فيها عوج، يمد دلوها اثنان بحبلين، إذا مالت إلى شق هذا مدها ذاك. "يتنوع": يتمايل ويضطرب، يجيء ويذهب، كأنه [معلق بحبلين] في بئر ذات شطنين.
33 - أخي قفرات دببت في عظامه ... شفافات أعجاز الكرى وهو أخضع
"شفافات": بقايا. والشفافة": بقية ما يبقى في الإناء. يقال: "أشف ما في إنائه"، أي: لم يترك شيئاً إلا شربه. "أعجاز الكرى": أواخر النعاس. "أخضع": خاشع، مطاطئ الرأس من النعاس.
34 - على مسلهمات شغاميم شفها ... غريبات ح اجات ويهماء بلقع
"مسلهمات": ضوامر. "شغاميم": عظام توام. "سفها": أضمرها. "غريبات حاجات"، يعني: حاجات غريبة بعيدة، يطلبها. "يهماء": عمياء، يعني: الطريق. "بلقع": لا شيء فيها.
149 أ 35 - بدأنا بها من أهلنا وهي بدن ... فقد جعلت في آخر الليل تضرع
"بها"، أي: بالإبل. "بدن": سمان. "تضرع"، أي: تدعو من الجهد. قال أبو عمرو: تضعف من الجهد. ويروى: " .. تخضع".
36 - وما قلن إلا ساعة في مغور ... وما بتن إلا تلك والصبح أدرع
"مغور": نصف النهار حيث تقيل [به]. يقال: "غوروا"، أي: قيلوا. "إلا تلك": الوقعة. "الدرع": التي في صدورها سواد وسائرها أبيض. وهكذا الصبح [فيه] سواد وبياض. يقال: "كلب أدرع" و"شاة درعاء".
37 - وهام تزل الشمس عن أمهاته ... صلاب وألح في المثاني تقعقع
يريد أن هامها صلاب فهي لا تبالي بالشمس. أي: أمهات رؤوسها، الأدمغة. "المثاني": الأرسان والحبال. "تقعقع": يسمع لها صوتاً وقعقعة.
38 - ترامت وراق الطير في مستراحها ... دم في حوافيها وسخل موضع
أي: ألقت أولادها. و"راق": أعجب. "مستراح" حيث تستريح. أي: ليس عليها نعال. و"سخل": ولد.
39 - على مستو ناز إذا رقصت به ... دياميمه طار النعيل المرقع
40 - سمام نجت منه المهارى وغودرت ... أراحيبها والماطلي الهملع
يعني: الإبل، شبهها بطير، تشبه السمانى. قال أبو عمرو: "سمام نجت منها"، أي: من المفازة. يقول: نجا من الإبل ما كان مهرياً. و"غودرت"، أي: تركت ما كان من أرحب، و"الماطلي": من شق قضاعة. وقال أبو عمرو: هو الذي 149 ب/ يمطل في سيره على طوله. و"الهملع": السريع الناجي.
41 - قلائص ما يصبحن إلا روافعاً ... بنا سيرة أعناقهن تزعزع
"روافعاً": ترفع سيرة بنا "تزعزع": تحرك في السير من شدته.
42 - يخدن إذا بارين حرفاً كأنها ... أحم الشوى عاري الظنابيب أقرع
"يخدن": "الوخد": العدو. "حرف": ناقة ضامرة، كأنها الظليم. "أحم": أسود القوائم. "الظنبوب": عظم الساق. "أقرع": ليس على رأسه شعر، كذلك الظليم ليس على رأسه شعر أو ريش.
43 - جمالية شدفاء يمطو جديلها ... نهوض إذا ما اجتابت الخرق أتلع
"شدفاء": فيها كالميل والعوج من النشاط. "جديلها": زمامها. ويزوى: " .. جريرها" و [هو] الحبل من الجلود. "اجتابت": قطعت، ويكون أيضاً: قطعت ودخلت. "أتلع": طويل. "نهوض"، يعني: العنق. ويروى: "شناح"، أي: طويل.
44 - على مثلها يدنو البعيد ويبعد الـ ... ـقريب ويطوى النازح المتنعنع
أي: بمثل هذه الإبل يدنو البعيد، أي تقربك من البعد. و"يبعد القريب"، أي يفارق الحبيب إذا ظعنوا. و"المتنعنع": المضطرب.
45 - إذا أبطأت أيدي امرئ القيس بالقرى ... عن الركب جاءت حاسراً لا تقنع
150 أ 46 - من السود طلساء الثياب يقودها ... إلى الركب في الظلماء قلب مشيع
طلساء: سوداء. يعني: جاءت امرأة طلساء الثياب سوداء. "مشيع": جريء. كأن معه من يجرئه. يقول: تجيء هذه المرأة للفساد لا لتقريهم. يقول: إذا أبطأت بالقرى جاءت حاسراً غير متقنعة. "من السود طلساء الثياب"، يعني: امرأة. فقالت: ليس لكم عندنا قرى.
47 - أبى الله إلا أن عار بناتكم ... بكل مكان يا امرأ القيس أشنع
48 - كأن مناخ الراكب المبتغي القرى ... إذا لم يجد إلا امرأ القيس بلقع
تمت وهي 48 بيتاً








مصادر و المراجع :

١- ديوان ذي الرمة شرح أبي نصر الباهلي رواية ثعلب

المؤلف: أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي (المتوفى: 231 هـ)

المحقق: عبد القدوس أبو صالح

الناشر: مؤسسة الإيمان جدة

الطبعة: الأولى، 1982 م - 1402 هـ

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم مسلسل واحد)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید