المنشورات
قال ذو الرمة يمدح بلال بن أبي بردة
1 - أتعرف أطلالاً بوهبين فالحضر ... لمي كأنيار المفوفة الخضر
"الطلل": ما استبان لك من أعلام الدار، وكل ما كان له شخص فهو طلل، وما لم يكن له شخص فهو رسم. و"المفوفة": ضرب من الثياب، 31 أ/ يقال لها: الفوف، و"الأنيار": الأعلام، الواحد نير.
2 - فلما عرفت الدار واعتزني الهوى ... تذكرت هل لي إن تصابيت من عذر
"اعتزني الهوى" أي: غلبني. و"تصابيت": يقول: هل لي إن اتبعت الصبا من عذر.
3 - فلم أر عذراً بعد عشرين حجة ... مضت لي وعشر قد مضين إلى عشر
يريد: أربعين سنة.
4 - وأخفيت شوقي من رفيقي وإنه ... لذو نسب دان إلي وذو حجر
"الحجر": العقل.
5 - محل الحواءين الذي لست رائياً ... محلهما إلا غلبت على الصبر
أراد: فأخفيت شوقي محل الحوائين. ومحلهما حيث نزلا، حيث ضربت الأبنية. وقوله: "إلا غلبت على الصبر" أي:يأتيني ما يغلبني عليه.
6 - وضبحاً ضبته النار في ظاهر الحصى ... كباقية التنوير أو نقط الحبر
"الضبح": آثار النار و"ضبته" أيضاً: غيرته، وقوله: "كباقية التنوير": شبه أثر النار "بباقية التنوير": وهو أن تضرب اللثة أو اليد بالإبرة، ثم تجعل عليه الإثمد أو نقط الحبر. ونصب "ضبحاً" أراد: لست رائياً محلهما وضبحاً ضبته النار. و"اللثة" لحم أصول الأسنان، ويكره منها أن تحمر أو تبيض اللثة أو الشفة، ويستحب منها السواد.
33 ب 7 - وغير ثلاث بينهن خصاصة ... تجاورن في ربع زماناً من الدهر
قوله: "وغير ثلاث" يعني: الأثافي. أراد: ولست رائياً غير ثلاث، أي: شيئاً غير ثلاث "بينهن خصاصة": وهي الفرج بين الأثافي. "تجاورن في ربع" يعني: الأثافي، إنهن تجاورن في هذا الربع زماناً.
8 - كساهن لون السود بعد تعيس ... بوهبين إحماش الوليدة بالقدر
يريد: كسا الأثافي لون السواد "إحماش الوليدة" يريد: إيقادها. "بعد تعيس" أي: بعد أن كن بيضاً. ومنه: "أحمشت النار" أي: أوقدتها.
9 - أربت عليها كل هوجاء رادة ... شمال وأنفاس اليمانية الكدر
"أربت" أقامت ولزمت على هذه الأطلال والأثافي كل ريح "هوجاء": تركب رأسها كان فيها هوجاً. و"رادة": ترود و"أنفاس اليمانية" يريد: تنفساً من الريح من قبل اليمن. و"الكدر": التي تجيء بالتراب.
10 - تسح بها بوغاء قف وتارة ... تسن عليها ترب آملة عفر
يقول: هذه الريح تسح بها بوغاء قف. و"البوغاء": التراب الذي إذا وطئ طار وخف. و"تارة" أي: مرة .. "تسن" أي: تصب عليها "ترب آملة عفر". و"الأميل": الحبل من الرمل عرضه نصف ميل. و"عفرة": بياض يضرب إلى الحمرة.
34 أ 11 - هجان من الدهنا كأن متونها ... إذا برقت أثباج أحصنة شقر
"هجان"، يقول: التراب حر عتيق. و"متونها": ظهورها. "إذا برقت أثباج" يريد: أوساط أحصنة من الخيل شقر.
يقول: كأن هذه الآملة إذا برقت ... كأنها أوساط خيل شقر.
وواحد الأحصنة: حصان.
12 - فهاجت عليك الدار ما لست ناسياً ... من الحاج إلا أن تناسى على ذكر
"الحاج"، يريد: الحوائج، أي: من حوائجها، من ذكرها إلا أن تخادع نفسك وتناسى وأنت ذاكر لها.
13 - هواك الذي ينهاض بعد اندماله ... كما هاض حاد متعب صاحب الكسر
موضع "هواك" نصب رداً على "ما لست"، أي: فهاجت عليك الدار ما لست ناسياً، ثم ترجم بـ "هواك" عن "ما": وقوله: "ينهاض" أي: يرجع. "بعد اندماله" أي: بعد البرء. و"الاندمال": الذي قد برأ شيئاً ولم يفق تلك الإفاقة. و"الانهياض": أصله أن يصيب الرجل مرض فيبرأ ثم ينكس،أو بعير يصيبه كسر ثم يجبر ثم يرجع كسره. وقوله: "كما هاض حاد متعب صاحب الكسر" أي: أتعبه فهاضه وجع كسره. و"صاحب الكسر"، يعني: بعيراً به كسر.
14 - إذا قلت: قد ودعته، رجعت به ... شجون وأذكار تعرض في الصدر
إذا قلت: قد ودعت هذا الهوى رجعت به أمور وحاجات وأحزان تعرض في الصدر.
34 ب 15 - لمستشعر داء الهوى عرضت له ... سقاماً من الأسقام صاحبة الخدر
"مستشعر": مستدخل داء الهوى. يريد: رجعت به شؤون لمستشعر.
16 - إذا قلت: يسلو ذكر مية قلبه ... أبى حبها إلا بقاء على الهجر
"قلبه" يعني: قلب نفسه. يريد: إذا قلت: يسلو قلبي عن ذكر مية أبى إلا بقاء على الهجر. يريد: على طول أن لا نتلاقى.
17 - تميمية نجدية دار أهلها ... إذا موه الصمان من سبل القطر
"سبل القطر": ما انحدر من المطر. و"موه": و"التمويه": أن تمتلئ أخذه وغدرانه من المطر. يقال: "موهوا حوضكم فإنه رشف" أي: قد ذهب ماؤه، أي: صبوا فيه الماء. وأراد بـ "موه" أي: صير به ماء من السحاب.
18 - بأدعاص حوضى ثم يورد أهلها ... جراميز يطفو فوقها ورق السدر
"أدعاص": رمال صغارز و"الجراميز": الحياض الصغار. وقوله: "يطفو فوقها ورق السدر" أي: فحوضت في الخبراء أي: صير في الخبراء حوض. وذلك أن بها سدراً. و"يورد أهلها" أي: يوردون إبلهم جراميز، الواحد: جرموز.
19 - من الواضحات البيض تجري عقودها ... على ظبية بالرمل فاردة بكر
35 أ/ "واضحات": بيض، فيقول: كأن العقود التي يلبسنها على ظبية.
20 - تبسم إيماض الغمامة جنها ... رواق من الظلماء في منطق نزر
يقول: "تبسم كإيماض السحابة"، كما تومض بالبرق. و"الإيماض": لمع خفي. و"جنها": ألبسها رواق من الظلمة. و"الرواق": الأعالي من كل شيء. و"منطق نزر" أي: قليل.
21 - يقطع موضوع الحديث ابتسامها ... تقطع ماء المزن في نزف الخمر
"موضوع الحديث": مخفوضه. يقول: تحدث موضوعاً من الحديث وتبسم بين ذلك. و"النزفة": القطعة من الماء، وهو قليل. فيقول: إذا صب على خمر ماء فهو يتقطع قبل أن يمزج.
22 - فلو كلمت مي عواقل شاهق ... رغاثاً من الأروى سهون عن الغفر
"عوقال": قد عقلت في الجبل، أي: تحصنت. ومن أحرز نفسه فقد عقل. و"الشاهق": الجبل المشرف. و"الرغاث": اللواتي يرضعن من الأروى ومن غيرها، والواحدة: رغوث. وواحدة الأروى: "أروية": وهي الأنثى من الأوعال. و"الغفر": ولدها. يقول: لو كلمت مي أراوي سهون عن أولادهن.
23 - خبرنجة خود كأن نطاقها ... على رملة بين المقيد والخصر
"خبرنجة": حسنة الخلق، وكذلك "الخود". و"نطاقها":
إزارها، وهو مثل السراويل بين المقيد والخصر. و"المقيد": موضع الخلخال. وأراد 35 ب/ عجيزتها بين الخصر وموضع خلخالها.
24 - لها قصب فعم خدال كأنه ... مسوق بردي على حائر غمر
"القصب": كل عظم فيه مخ، الواحدة: قصبة. و"فعم": ممتلئ. و"خدال" أيضاً: ممتلئة ضخام. وقوله: "كأنه مسوق بردي" أي: صار له ساق. يقال: "قد سوق البردي والشجر". وقوله: "على حائر"، و"الحائر": وهدة من الأرض فيها ماء له جانب يمنعه، فالماء يتحير من كثرته، لأنه ليست له جهة يمضي فيها. و"غمر": كثير.
25 - سقية أعداد يبيت ضجيعها ... ويصبح محبوراً وخيراً من الحبر
قوله: "سقية أعداد" أي: كأنها بردية يسقها عد من الماء لا ينزح. فيقول: هذا القصب أبيض ناعم كالبردي. و"محبور":مسرور. و"العد": الماء له مادة.
26 - تعاطيه براق الثنايا كأنه ... أقاحي وسمي بسائفة قفر
"تعاطيه": تناوله. يقول: كأن الثغر أقاحي وسمي، أصابه مطر الوسمي بـ "سائفة": وهي الرملة التي رقت.
27 - كأن الندى الشتوي يرفض ماؤه ... على أشنب الأنياب متسق الثغر
"الشنب": برد وعذوبة في الأنياب. يقول: كأن ريقتها الندى الذي يقع في الشتاء. و"متسق": مستو. "يرفض": يتفرق.
28 - هجان تفت المسك في متناعم ... سخام القرون غير صهب ولا زعر
36 أ/ "هجان": بيضاء. وقوله: "تفت المسك في متناعم" يريد: في شعرها. و"سخام": لين، وكذلك "المتناعم". وقال الأعشى:
سخامية حمراء تحسب عندما
وقال جندل:
كأنه بالصحصحان الأنجل ... قطن سخام بأيادي غزل
و"القرون": الذوائب، وكل ذؤابة قرن. وقوله: "غير صهب ولا زعر" أي: ليست بشقراء الشعر ولا قليلته.
29 - وتشعره أعطافها وتسوفه ... وتمسح منه بالترائب والنحر
"تشعره" أي: نجعل المسك في أعطافها. و"تسوفه": تشمه. و"الترائب": عظام الصدر، الواحدة: تريبة.
30 - لها سنة كالشمس في يوم طلقة ... بدت من سحاب وهي جانحة العصر
"السنة": الصورة. وقوله: "في يوم طلقة" أي: في ساعة من النهار طلقة. أي: طيبة سهلة لا برد فيها ولا أذى. و"بدت من سحاب" يعني: الشمس، فهي أحسن ما تكون وقد دنا العصر، فشبه صورتها بالشمس ثم وصف الشمس.
31 - فما روضة من حر نجد تهللت ... عليها سماء ليلة والصبا تسري
"الروضة": كل مكان مستدير فيه نبت وماء. وقوله: "من حر نجد" أي: من عتيقها وكريمها. و"تهللت": سالت عليها. "سماء" يريد: المطر، والصبا تسري ليلاً للمطر.
32 - بها ذرق غض النبات وحنوة ... تعاورها الأمطار كفراً على كفر
36 ب/ "ذرق": نبت. و"حنوة": نبت طيب الريح. وقوله: "كفراً على كفر" أي: مطرة على مطرة. ومنه:
"كفرته": غطيته. و"تعاورها الأمطار" أي: تأتيها مرة بعد مرة.
33 - بأطيب منها نكهة بعد هجعة ... ونشراً ولا وعساء طيبة النشر
"بعد هجعة" أي: بعد نومة. و"النشر": ريح الجسد والفم بعد النوم. و"الوعاء": الرملة اللينة تنبت أحرار البقل.
34 - فتلك التي يعتادني من خيالها ... على النأي داء السحر أو شبه السحر
"يعتادني" أي: يأتيني مرة بعد مرة. و"داء السحر": وهو أن يصيبه خبل في فؤاده أي: فساد.
35 - إلى ابن أبي موسى بلال تكلفت ... بنا البعد أنقاض الغريرية السجر
واحد "الأنقاض": "نقض" وهو رجيع السفر و"الغريرية": من مهرة. و"السجر": يقول: هي بيض، فيهن حمرة. و"تكلفت بنا البعد": على مشقة.
36 - مدئبة الأيام واصلة بها ... لياليها حتى ترى وضح الفجر
"مدئبة الأيام" أي: دأبت أيامها، وهي الدائبة أيامها، ووصلت بها لياليها حتى ترى بياض الفجر.
37 - يؤوبن تأويباً قليلاً غراره ... ويجتبن أثناء الحنادس والقمر
"يؤوبن" أي: ينزلن عند الليل. و"قليلاً غراره" أي: نومه، [أي]، قليل غرار التأويب. 37 أ/ ومنه يقال: "ما نام إلا غراراً" أي: قليلاً. و"أثناء الحنادس": طراق الليل بعضه على بعض، أي: ظلمه، والواحد: ثني. و"الحنادس": الليالي الشديدة السواد. يقال: "ظلماء حندس" أي: شديدة السواد. و"القمر": الليالي المقمرة. و"التأويب": أني سرن يومهن أجمع ثم ينزلن عند الليل.
38 - يقطعن أجواز الفلاة بفتية ... لهم فوق أنضاء السرى قمم السفر
أي: الإبل يقطعن أجواز الفلاة، أي: أوساط الفلاة بفتية لهم قمم السفر، يقول: لهم شخوص المسافرين. و"قمة الإنسان": قامته، والجميع: قمم. و"فوق أنضاء السرى" أي: فوق مهازيل الإبل. و"السرى": سير الليل. و"السفر": جمع سافر، مثل: شارب وشرب، وصاحب وصحب.
39 - تمر لنا الأيام ما لمحت لنا ... بصيرة عين من سوانا إلى شفر
قوله: "تمر لنا الأيام" يريد: بنا. "ما لمحت لنا بصيرة عين إلى شفر"، أي: ما رأينا أحداً. و"من سوانا"، يريد: أن بعضنا يرى بعضاً. ويقال: "ما بها شفر" أي: "ما بها أحد" ويروى: "إلى سفر" يريد: المسافرين. يريد: ما لمحت لنا إلى شفر من سوانا.
40 - تقضين من أعراف لبنى وغمرة ... فلما تعرفن اليمامة عن عفر
"تقضين" أي: انقضضن، يعني الإبل. وكان ينبغي أن يقول: "تقضضن" فذهب إلى مذهب "تظنيت"، استثقلوا ضادين في موضع. و"لبنى": جبل. وقوله: "تعرفن اليمامة عن عفر" أي: بعد زمن طويل. يقال: "أتاه عن عفر" أي: بعد قدم.
37 ب 41 - تزاورن عن قران عمداً ومن به ... من الناس وازورت سراهن عن حجر
"تزاورن": يعني الإبل، أي: تعاوجن قران. أي: عدلن عمداً. "ومن به من الناس" أي: ومن بقران من الناس. و"ازورت سراهن عن حجر" يقول: صرفن ليلهن إلى غير حجر، أي: تجافين عن قران ومن به من الناس.
42 - فأمسين بالحومان يجعلن وجهة ... لأعناقهن الجدي أو مطلع النسر
"الحومان": ما غلظ من الأرض. وقوله: "يجعلن وجهة لأعناقهن الجدي"، أيك تجعل رؤوسها قبل المشرق.
43 - فصممن في دوية الدو بعدما ... لقين التي بعد اللتيا من الضمر
"صممن": يعني الإبل، أي: ركبن رؤوسهن.
و"الدوية": ما استوى من الأرض. وقوله: "بعد اللتيا من الضمر": العرب تقول: "لقيت منه اللتيا والتي" أي: الجهد.
44 - فرغن أبا عمرو بما بين أهلنا ... وبينك من أطراقهن ومن شهر
يريد: فرغن يا أبا عمرو من أطراقهن، يعني: الإبل، أي: من شحومهن، والواحد: طرق، وهو الشحم. وقوله: "ومن شهر" يريد: سرن إليك شهراً، أي: وفرغن من مسيرة شهر.
45 - فأصبحن يعزلن الكواظم يمنة ... وقد قلقت أجوازهن من الضفر
"يعزلن" أي: يتركن الكواظم، يعني الإبل. "وقد قلقت أجوازهن" أي: 38 أ/ أوساطهن من الضفر. و"الضفر": الحقب وقلقن من الضمر.
46 - فجئنا على خوص كأن عيونها ... صبابات زيت في أواقي من صفر
"الخوص": الإبل الغائرات العيون، وكأن عيونها "صبابات زيت" بقايا زيت، أي: قد غارت، فكأنها بقية زيت في أوقية، فأراد: كأنها أواقي فيها بقايا زيت لأنها غائرة، وواحد الصبابات: صبابة.
47 - مكلين مضبوحي الوجوه كأننا ... بنو غب حمى من سهوم ومن فتر
"مكلين" أي: كلت إبلهم وأعيت. يقال: "رجل مكل": إذا كلت إبله، و"معطش": إذا عطشت إبله. "ورجل ممرض": إذا مرضت إبله، و"رجل مقو": دابته قوية. وقوله: "مضبوحي الوجوه" أي: ضبحتها الشمس، غيرتها. وقوله: "كأننا بنو غب حمى" أي: كأننا في غب حمى، أي: بعدها. و"السهوم": ضمر الوجه. ويقال: "رأيت فلاناً في غب حماه" أي: بعد حماه.
48 - وقد كنت أهدي والمفازة بيننا ... ثناء امرئ باقي المودة والشكر
49 - ذخرت أبا عمرو لقومك كلهم ... بقاء الليالي عندنا أحسن الذخر
ويروى: "سجيس الليالي" أي: أبداً. وقوله: "بقاء الليالي" يريد: ما بقيت الليالي.
50 - فلا تيأسن من أنني لك ناصح ... ومن أنزل الفرقان في ليلة القدر
51 - أقول وشعر والعرائس بيننا ... وسمر الذرى من هضب ناصفة الحمر
38 ب / أي: لا تيأسن من أن تدرك ما تريد من نصحي. و"سمر الذرى": أعلاها، أي: هي سود. و"العرائس": بلد. و"شعر": جبل. و"ناصفة": موضع.
52 - إذا ذكر الأقوام فاذكر بمدحة ... بلالاً أخاك الأشعري أبا عمرو
53 - اخاً وصله زين الكريم وفضله ... يجيرك بعد الله من تلف الدهر
"التلف": الهلاك. وقوله: "وصله زين الكريم" يقول: إذا وصلك زانك، لا يشينك.
54 - رأيت أبا عمرو بلالاً قضى له ... ولي القضايا بالصواب وبالنضر
"بالصواب": بأن يصيب ويقصد ويوفق.
55 - إذا حارب الأقوام يسقي عدوه ... سجالاً من الذيفان والعلقم الخضر
"الذيفان": السم. و"العلقم": المرارة، وهو الحنظل.
56 - وحسنى أبي عمرو على من تصيبه ... كمنبعق الغيث الحيا النابيت النضر
قوله: "كمنبعق الغيث": فالغيث ها هنا النبت. "ينبعق" أي: ينشق فيخرج. و"النابت": حين بدا. و"النضر": الأخضر الحسن. و"الحيا": أصله المطر، وأراد ها هنا الخضب.
57 - وإن حارد المعطون ألفيت كفه ... هضوماً تسح الخير من خلق بحر
"حاردوا": منعوا، وأصل "المحاردة": أن تمنع الناقة درها. و"الهضوم": 39 أ/ الذي يكسر ماله، ويحطه، وينفقه بالسر. ويروى: "من خلق يجري" أي: يسيل سيلاً.
58 - ومختلق للملك أبيض فدغم ... أشم أبج العين كالقمر البدر
"مختلق للملك" أي: حميل، حمل للملك. و"فدغم": وهو الفخم الحسن. و"أبج العين" أيك واسع شق العين، ومنه: "بجه" أي: شقه.
59 - تصاغر أشراف البرية حوله ... لأزهر صافي اللون من نفر زهر
"تصاغر" أي: يرون أنفسهم صغراً في شرفه. و"زهر": بيض.
60 - خلفت أبا موسى وشرفت ما بنى ... أبو بردة الفياض من شرف الذكر
يقول: ما بنى من شرف الذكر فأنت رفعته.
61 - وكم لبلال من أب كان طيباً ... على كل حال في الحياة وفي القبر
أي: كان طيباً في الدين وغيره، في كل ما وجهته.
62 - لكم قدم لا ينكر الناس أنها ... مع الحسب العادي طمت على الفخر
"قدم" أي: سابقة تقدمت. و"طمت": علت.
63 - خلال النبي المصطفى عند ربه ... وعثمان والفاروق بعد أبي بكر
قوله: "خلال النبي": كان أبو موسى ذا منزلة من النبي صلى الله عليه وسلم 39 ب/ و"المخالة": المصادقة، وهي الخلال، خاللته مخالة وخلالاً.
64 - وأنتم ذوو الأكل العظيم وأنتم ... أسود الوغى والجابرون من الفقر
قوله: "ذوو الأكل": وذلك إذا كان ذا حظ ورزق في الدنيا و"الوغى": الصوت الذي يكون في الحرب. و"الوغى" و"الوعى": واحد.
65 - أبوك تلافى الدين والناس بعدما ... تشاءوا وبيت الدين منقلع الكسر
"تلافى" أي: تدارك. و"بعدما تشاءوا" أي: بعدما تفرقوا. و"الكسر": أسفل الشقة التي تقع على الأرض. يقال: "تشاءى الأمر": إذا تفرق.
66 - فشد إصار الدين أيام أذرح ... ورد حروباً قد لقحن إلى عقر
"الإصار": الحبل الصغير الذي في وتد البيت، فضربه مثلاً للدين. وقوله: "ورد حروباً قد لقحن إلى عقر" أي: سكون، وقد كن لقحن، أي: كانت الحرب هائجة فسكنت. و"العقر":
المرأة التي تحمل ثم ينقطع ذلك عنها، وكذلك هذه الحرب.
67 - تعز ضعاف الناس عزة نفسه ... ويقطع أنف الكبرياء من الكبر
"عزة نفسه": شدة نفسه، فيقول: شدة نفسه تعز ضعاف الناس، أي: تجعلهم أعزاء.
68 - إذا المنبر المحضور أشرف رأسه ... على الناس جلى فوقه نظر الصقر
"جلى": نظر.
4 أ 69 - تجلت عن البازي طشاش وليلة ... فآنس شيئاً وهو طاو على وكر
"طشاش": جمع طش. و"آنس": أبصر. "طاو" أي: جائع. و"تجلت": تكشفت عنه، عن البازي.
70 - فسلم فاختار المقالة مصقع ... رفيع البنى ضخم الدسيعة والأمر
"سلم" يعني: أبا موسى. "فاختار المقالة" أي: أخذ خيارها، فأراد: سلم على الناس الذين أسفل المنبر. و"المصقع": الصدوح بصوته، أي: هو خطيب. و"الدسيعة": خلقه وفعاله وفعال آبائه وسعة الصدر.
71 - ليوم من الأيام شبه قوله ... ذوو الرأي والأحجاء منقلع الصخر
يريد: فاختار المقالة ليوم من الأيام. و"ذوو الأحجاء" أي: ذوو العقول. يقال: "إنه لذو حجتي". وقوله: "منقلع الصخر" أراد: كالصخر المنقلع.
72 - ومثل بلال سوس الأمر فاستوت ... مهابته الكبرى وجلى عن الثغر
"جلى عن الأمر" أي: كشف عنه. ويروى: "وحل على الثغر".
73 - إذا التكت الأوراد فرجت بينها ... مصادر ليست من عبام ولا غمر
"التكت": التبست. "الأوراد": الأمور. أصدرت كل شيء مصدره. و"العبام": الثقيل الوخم. و"الغمر": الذي لم يجرب الأمور.
40 ب 74 - ونكلت فساق العراق فأقصروا ... وغلقت أبواب النساء على ستر
"أقصروا" أي: كفوا. يقول: منعت النساء.
75 - فلم يبق إلا داخر في مخيس ... ومنجحر من غير أرضك في جحر
"الداخر": الصاغر. و"المخيس": الحبس.
76 - يغار بلال غيرة عربية ... على العربيات المغيبات بالمصر
["المغيبات": اللواتي أزواجهن غيب" "بالمصر"] يريد: اللواتي بالبصرة. يقول: كان إذا غزا الناس طلب السفهاء الحديث، فيقول: منعت ذلك.
مصادر و المراجع :
١- ديوان ذي الرمة شرح أبي
نصر الباهلي رواية ثعلب
المؤلف: أبو نصر
أحمد بن حاتم الباهلي (المتوفى: 231 هـ)
المحقق: عبد
القدوس أبو صالح
الناشر: مؤسسة
الإيمان جدة
الطبعة: الأولى،
1982 م - 1402 هـ
عدد الأجزاء: 3
(في ترقيم مسلسل واحد)
11 أبريل 2024
تعليقات (0)