المنشورات

ألا أيها الرسم الذي غير البلى ... كأنك لم يعهد بك الحي عاهد

تقول: "عهدته بمكان كذا وكذا"، إذا أدركته. وأراد الذي غيره البلى. والمعنى: كأنك لم ير بك الحي أحد.
2 - ولم تمش مشي الأدم في رونق الضحى ... بجرعائك البيض الحسان الخرائد
62 أ/ "الخرائد": الحييات. و"الأدم": الظباء البيض البطون، المسكيات الظهور، الطوال الأعناق. و"رونق الضحى": أوله. ويروى: "النواهد".
3 - ترديت من ألوان نور كأنه ... زرابي وانهلت عليك الرواعد
"ترديت": يدعو للرسم، أي: رداك الله من ألوان نور كأنه "زرابي"، يريد: البسط. "وانهلت عليك الرواعد"، يريد سحابات فيها رعد. و"الانهلال": شدة وقع المطر.
4 - وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى ... بوهبين أن تسقى الرسوم البوائد
ويروى: "وهل يرجع الألاف". يقول: هل يرد التسليم أن يقال للرسم: "سقاك الله". و"البوائد": التي بادت فذهبت.
5 - فلم يبق منها غير آري خيمة ... ومستوقد بين الخصاصات هامد
"مستوقد": موضع وقودها. و"خصاصات": الفرج التي بين الأثافي. و"هامد": خامد، يعني الرماد قد تلبد، و"همد"، أي: خمد.
6 - ضريب لأرواق السواري كأنه ... قرا البو تغشاه ثلاث صعائد
يقول: كأن هذا المستوقد، وقد ضربته الأمطار "قرا البو" ,"السواري": أمطار الليل فشبه ذلك الرماد، والأثافي عليه، بالبو قد عطفت عليه ثلاث أينق، و"الصعائد": الواحدة "صعود": وهي التي بلغت نصف حملها [فخدجت] فعطفت على ولدها الذي كان لها. فإن لم يكن لها 62 ب/ ولد عطفت على غيره. و"البو": أن يموت ولد الناقة، أو يذبح، فيؤخذ جلده، فيحشى تبناً، فتدر عليه. و"أرواق السواري": هي الأمطار. ومنه يقال: "ألقى عليه أرواقه"، أي: نفسه. نضربه مثلاً للمطر. وقوله: "ثلاث صعائد": هذه ثلاث ذود ارسل عليهن الجمل، فعشرن ثم نتجت واحدة، وبقيت ثنتان عشراوان، وأخذوا الفصيل الأول عن أمه، فجروه تحت التي لم تضع، وهي الثانية، فصار عليه ظئران. فإذا نتجت الثانية كعموا فمه لئلا يصيح فتعرفه أمه، ثم ينحى. فإذا نتجت الثالثة جروا الفصيل تحت الثالثة وغيبوا ولد الثالثة، ويسمين: "ثلاث أظآر". وإذا ضربهن الجمل ثانية على رأس السنة سمي ولدهن: "ابن مخاض". فإذا انتصف حملهن، وهن يعرفنه، وترك معهن فهو يدعى: "ابن العشار". فإذا "أسلبن" أي: أخدجن، فرمين الفصيل دعين: "الصعائد"، فإذا مات الفصيل بوى، لهن جلده بواً فيوأمنه، لأنهن قد عرفنه قبل ذلك.
7 - أقامت به خرقاء حتى تعذرت ... من الصيف أحباس اللوى فالغراقد
"به" أي: بهذا المكان. "حتى تعذرت"، أي: ذهب ماؤها وتغيرت. و"الأحباس" الواحد "حبس": وهو الموضع الي يحتبس فيه الماء. و"اللوى": منقطع الرملة. و"الغراقد": شجر. 
8 - وجال السفى موج الحباب وقلصت ... مع النجم عن أنف المصيف الأبارد
"السفى": شوك البهمى. يقول: جاءت به الريح وذهبت، وذلك عند يبس البقل بعد النوروز. و"الحباب": طرائق الماء وحدبه 63 أ/ يرمي أمواجاً صغاراً. وقوله: "وقلصت مع النجم"، أي: مع الثريا. "الأبارد": يريد: الغداة والعشي. يقول: حين صار وقت يطلع فيه النجم غدوة ذهب الأبردان. وقوله: "أنف المصيف"، أي: أوله. و"المصيف": حين الصيف فيقول: قلصت الأبارد عن أول الصيف.
9 - وهاجت بقايا القلقلان وعطلت ... حواليه هوج الرياح الحواصد
"هاجت": يبست. و"القلقلان": نبت. وقوله: "وعطلت حواليه هوج الرياح"ي قول: "عطلت الرياح"، أي: نفضت ما عليه من ثمره وورقه، أي: ما كان متحلياً كالحلي. و"الهوج":الرياح التي تركب رأسها، وتخلط في هبوبها. و"الحواصد": اللواتي حتت البقل كما يحصد البقل.
10 - ولم يبق من منقاض رقش توائم ... من الزغب أولاد المكاكي واحد
يريد: لم يبق في حيث انقاض ذلك البيض، يريد: تكسر، يعني: بيض المكاء. و"توائم": يقول: لسن بأفراد. و"الزغب": الفراخ.
11 - فلما تقضى ذاك من ذاك واكتست ... ملاء من الآل المتان الأجالد
يريد: فلما تقضى ذاك الرطب من اليبس، أي: ذاك الوقت من هذا الوقت. والمتان: اكتست ملاء من الآل. ["المتان": ما غلظ من الأرض] و"الأجالد": الغلاظ الشداد.
12 - تيمم ناوي أهل خرقاء منهلاً ... له كوكب في صرة القيظ بارد
يقول: لما انقضى ذلك الوقت من هذا الوقت "تيمم"، أي: قصد. "ناوي أهل خرقاء"، 63 ب/ أي نووا منهلاً له "كوكب": وهو معظم الماء وكثرته. و"الصرة": شدة القيظ.
13 - لقى بين أجماد وجرعاء نازعت ... حبالاً بهن الجازئات الأوابد
"الجازئات": اللواتي جزأن عن الماء. و"أوابد": مستوحشات. و"لقى"، يعني: هذا المهل هو ملقى، وهو البئر. و"الأجماد": ما غلظ وارتفع كالجبل الصغير. و"جرعاء": وهي رابية من الرمل. وقوله: "نازعت حبالاً"، أي: هذه الجرعاء واصلت حبالاً من الرمل، أي: كأنها جاذبتها فاتصلت.
14 - تنزل عن زيزاءة القف وارتقى ... عن الرمل وانقادت إليه الموارد
قوله: "تنزل"، يعني: هذا الماء، خلق منحدراً عن "زيزاءة القف": وهي الغليظة، أي: تحدر عن غلظ هذا المكان. يقول: هو في موضع سهل. وقوله: "وارتقى عن الرمل"، أي: خلق مرتفعاً عن الرمل. يعني: هذا الماء. ويروى: "وانقدت"، يقال: "طريق منقد"، أي: مستبين مستقيم مثل الشراك. ومن قال: "وانقادت"، أي: تتابعت إليه الموارد وعمدته من كل مكان، يعني: الطرق، وهي الموارد.
15 - له من معان العين بالحي قلصت ... مراسيل جونات الذفارى صلاخد
"له"، أي: لهذا الماء قلصت مراسيل من أوطان البقر. و"المعان": الوطن. و"المراسيل": السراع من الإبل.
و"قلصت": شمرت. و"جونات الذفارى"، أي: السود من العرق. و"صلاخد": شداد، أي: جاءت إلى هذا الموضع.
16 - مشوكة الألحي كأن صريفها ... صياح الخطاطيف اعتقتها المراود
64 أ/ "مشوكة الألحي"، أي: خرج شوك أنيابها فهي بزل، قد خرجت أنيابها. وقوله: "كأن صريفها"، أي: صوت أنيابها صياح الخطاطيف. "اعتقتها"، يريد: حبستها "المراود": وهي جمع "مرود": وهو العود الذي تجري عليه البكرة.
17 - يصعدن رقشاً بين عوج كأنها ... زجاج القنا منها نجيم وعارد
يعني: الإبل و"الرقش": الشقاشق فيها نقط. وقوله:
"بين عوج"، يعني: بين أنيابها. أي: قد عصلت كأنها "زجاج القنا": جمع زج. "منها نجيم وعارد": "نجيم": حين نجم الناب، أي: طلع، حين بدا طرف أنيابه. ومنها "عارد"، أي: غليظ قد "عرد"، أي: غلظ.
18 - إذا أوجعتهن البرى أو تناولت ... قوى الضفر عن أعطافهن الولائد
يقول: يصعدن رقشاً "إذا أوجعتهن البرى" عند مد الأزمة، أو تناولت الولائد "قوى الضفر". وإنما تناولنه ليشددنه. و"الضفر": ما ضفر من النسع.
19 - على كل أجأى أو كميت كأنه ... منيف الذرى من هضب ثهلان فارد
"أجأى": في لونه. و"منيف": جبل مشرف طويل. و"ذراه": أعلاه. و"هضب": جبل صغير. ["ثهلان": جبل] و"فارد"، أي: هو وحده.
20 - أطافت به أنف النهار ونشرت ... عليه التهاويل القيان التلائد
يريد: أطفن به يشددن عليه. و"أنف النهار": أوله. و"التهاويل": ثياب 64 ب/ فيها ألوان مختلفة. و"التلائد": جيء بهن صغاراً فتلدن، يعني "القيان": وهن الإماء. ويقال:
"عليه تهاويل من الرقم"، أي: أخلاط.
21 - ورفعن رقماً فوق صهب كسونه ... قنا الساج فيه الآنسات الخرائد
"الرقم": وشي مدور. و"قنا الساج": عيدان الهودج. و"الخرائد": الحييات، فأراد: كسون ذلك الرقم "قنا الساج". و"الآنسات": المسترسلات اللواتي لهن أنس.
22 - يمسحن عن أعطافه حسك اللوى ... كما تمسح الركن الأكف العوابد
أراد أن البعير يربع باللوى ربه ثمر الحسك، فذلك وقت الذهب إلى الأعداد، لأنه آخر ما يبقى من النبت.
23 - تنطقن من رمل الغناء وعلقت ... بأعناق أدمان الظباء القلائد
"تنطقن"، أي: ائتزرن. يقول: كأن النساء عليهن نطق من رمل الغناء من عظم أعجازهن. وعلقت القلائد بأعناق "أدمان الظباء": وهي البيض، والمعنى: كأنما علقت القلائد على أعناق الظباء.
24 - من الساكنات الرمل فوق سويقة ... إذا طيرت عنها الأنيس الصواخد
"من الساكنات"، يعني: الظباء. و"سويقة": موضع. و"الصخد": شدة وقع الشمس، ويوم صاخد، وأيام صواخد. و"طيرت" عن "سويقة": وهي موضع.
65 أ 25 - تظللن دون الشمس أرطى تأزرت ... به الزرق أو مما تردى أجارد
يقول: الظباء تظللن أرطى، أي: أحاط به الرمل، "أو مما تردى أجارد، يريد: أو من الشجر الذي ترداه "أجارد": وهو كثيب.
26 - بحثن الثرى تحت الجنوب وأسبلت ... على الأجنب العليا غصون موائد
"بحثن"، يعني: الظباء، بحثنه ليبتردن بالثرى الرطب، أي: لتكون الجنوب على ثرى رطب. وألبستها من فوق غصون موائد"، أي: تمايل وتهتز من النعمة. والمعنى: أن جنوبها على ثرى رطب، فهي تبرد، ومن فوق أغصان الشجر. يقال للشيء: "هو يماد"، إذا تمايل.
27 - ألا خيلت خرقاء وهنا لفتية ... هجوع وأيسار المطي وسائد
"هجوع": نيام. و"أيسار المطي"، يريد: أيدي الإبل "وسائد": يقول: ناموا على أيسارهن وقوله: "وهناً"، يريد: بعد ساعة من الليل.
28 - أناخوا لتطوى تحت أعجاز سدفة ... أيادي المهارى والجفون السواهد
"أعجاز سدفة": أواخر الليل. و"السدفة" بقية من سواد الليل. يريد: أناخوا لتطوى الأيدي تحت الليل، وذلك أن الأيدي كانت تجيء وتذهب في السير، فأراد أن يطويها. و"الساهدة": التي قد أرقت.
29 - وألقوا لأحرار الوجوه على الحصى ... جدائل ملوياً بهن السواعد
/"أحرار الوجوه": كرام الوجوه، عتاقها. ونوسدوا "الجدائل"، يريد: الأزمة.
30 - لدى كل مثل الجفن تهوي بآله ... بقايا مصاص العتق والمخ بارد
أي: ألقوا لدى كل ناقة مثل جفن السيف من الهزال. وقوله: "تهوي بآله"، أي: بشخصه "بقايا مصاص العتق" و"المصاص": الخالص. و"عتقها": نجارها وكرمها. يقول: يمضي بشخصه نجارها، واللحم والشحم قد ذهبا. و"المخ بارد": يقال للرجل وغيره إذا ضعف وجهد جداً: "جاء بارداً مخه".
31 - وليل كأثناء الرويزي جبته ... بأربعة، والشخص في العين واحد
يقول: والشخص [وغيره] في عين من نظر إليه [واحد] من شدة السواد. و"أثناء الرويزي": شبه سواد الليل بالطيلسان. و"الخضرة عند العرب: سواد.
32 - أحم علافي وأبيض صارم ... وأعيس مهري وأشعث ماجد
فسر الأربعة فقال: "أحم علافي"، يعني: الرحل. و"الأحم": الأسود. و"أبيض": سيف. و"أعيس": بعير. و"أشعث"، يعني: نفسه. يقول: إذا رأونا من بعيد فالشخص واحد. ويعني: هذه الأربعة، مع نفسه. و"علاف": من قضاعة.
33 - أخو شقة جاب الفلاة بنفسه ... على الهول حتى لوحته المطاود
"الشقة": السفر البعيد. و"جاب الفلاة": قطعها، "حتى لوحته"، يريد: غيرته وأضمرته. و"المطاود": المذاهب والمطاوح. يقول: /"تطود في البلاد" "إذا تطوح ها هنا وها هنا ورمى بنفسه.
34 - وأشعث مثل السيف قد لاح جسمه ... وجيف المهارى والهموم الأباعد
"الوجيف": ضرب من السير. وقوله: "مثل السيف"، يعني: في مضيه.
35 - سقاه الكرى كأس النعاس فرأسه ... لدين الكرى من آخر الليل ساجد
يقول: سجد لغير دين، إنما سجد للنعاس. و"الكرى": النوم.
36 - أقمت له صدر المطي وما درى ... أجائرة أعناقها أم قواصد
"له"، أي: لصاحبه. "صدر المطي"، أي: أقمت الإبل على القصد، أي: أنا مستيقظ وهو نائم "وما درى أجائرة أعناقها أم قواصد؟ "، يريد: أن صاحبه لم يدر للمطايا على جور أم على قصد؟ ..
37 - ترى الناشئ الغريد يضحي كأنه ... على الرحل مما منه السير عاصد
"الناشئ": الغلام الحدث. و"الغريد": المغني الذي يطرب في صوته. و"منه"، أي: جهده السير. و"عاصد":قد لوى عنقه. يقال: "قد عصد البعير"، إذا لوى عنقه للموت.
38 - وقف كجلب الغيمي هلك دونه ... نسيم الصبا واليعملات العواقد
"القف": ما غلظ من الأرض، ولم يبلغ أن يكون جبلاً في ارتفاعه. و"جلب الغيم"، يعني: في بعده وغبرته كأنه طرة غيم. و"اليعملات": إبل يعمل عليها. و"عواقد": عقدن أعناقهن للسير.
66 ب 39 - ترى القنة القوداء منه كأنها ... كميت يباري رعلة الخيل فارد
"القنة": الجبل الصغير. و"القوداء": الطويلة. "منه"، يريد: من القف. و"يباري": يعارض. "رعلة الخيل"، أي: قطعة من الخيل. "كأنها كميت": من بعده.
40 - قموس الذرى في الآل يممت خطمه ... حراجيج بلاها الوجيف المواغد
يعني: أن القف "يقمس" في السراب، أي: يغوص. و"الوجيف": الخبب. و"يمت خطمه"، أي: قصدت خطم هذا القف، وهو أوله. و"المواغد": المباري. يقال: "خرجا يتواغدان": كأنهما يتباريان. و"بلاها": من البلى.
41 - براهن أن ما هن إما بوادئ ... لحاج وإما راجعات عوائد
"براهن"، أي: أذهب لحومهن. والمعنى: براهن أنهن إما "بوادئ"، أي: مستأنفات في حوائجهن. وإما "عوائد". وموضع "أن": رفع، وذلك أنه لابد لـ "برى" أن ترفع. و"أن ما": "ما" حشو.
42 - وكائن بناهاوين من هول هوجل ... وظلماء والهلباجة الجبس راقد
"الهلباجة": الذي فيه هوج. و"الجبس": الثقيل الوخم. و"هوجل": فلاة لا يتجه لها.









مصادر و المراجع :

١- ديوان ذي الرمة شرح أبي نصر الباهلي رواية ثعلب

المؤلف: أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي (المتوفى: 231 هـ)

المحقق: عبد القدوس أبو صالح

الناشر: مؤسسة الإيمان جدة

الطبعة: الأولى، 1982 م - 1402 هـ

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم مسلسل واحد)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید