المنشورات

ألا أيهذا المنزل الدارس اسلم ... وأسقيت صوب الباكر المتغيم

قوله: "اسلم"، يريد: سلمك الله من كل آفة. و"الصوب المتغيم": انحدار المطر. و"الباكر": الذي قد عجل.
2 - ولا زلت مسنوا ترابك تستقي ... عزالي براق العوارض مرزم
78 أ/ قوله: "ولا زلت .. " يخاطب المنزل. وقوله: "مسنواً ترابك"، أي: ولا زلت ممطوراً ترابك. و"السانية": البعير الذي يستقي الماء. وقوله: "يستقي عزالي" غيم. وقوله:
"براق العوارض"، "العوارض": السحاب [جمع عارض] و"العزالي": أفواه المزاد والقرب، فصيره للسحاب. و"مرزم": من صوت الرعد يقال: "عارض مرزم": إذا كان له رعد. وغيث "براق"، إذا برق.
3 - وإن كنت قد هيجت لي دون صحبتي ... رجيع هوى من ذكر مية مسقم
قوله: "رجيع هوى"، أيك قد كان خامره قبلها، قبل هذه المرأة.
4 - هوى كادت العينان يفرط منهما ... له سنن مثل الجمان المنظم
قوله: "يفرط"، أي: يسبق. وقوله: "له"، أي: للهوى. وقوله: "سنن"، يريد دمعاً يستن استناناً على وجهه. ومعنى "يستن"- ها هنا-: يجري. و"الجمان": لؤلؤ من فضة.
5 - وماذا يهيج الشوق من رسم دمنة ... عفت غير مثل الحميري المسهم
أي: ماذا يشوقك منها. و"الحميري": ثوب يمان "مسهم موشى. شبه رسم الدار بثوب حميري موشى.
6 - أربت بها الأمطار حتى كأنها ... كتاب زبور في مهاريق معجم
"أربت"، أي: أقامت. و"المهاريق": الصحف، واحدها "مهرق". و"معجم": لا يفصح، يقال: "قد أعجم"، إذا لم يبين الكلام.
7 - وكل نؤوج ينبري من جنوبها ... بتسهاك ذيل من فرادى ومتئم
78 ب/ "النؤوج": الريح الشديدة المر. يقال: "نأجت الريح". و"ينبري لها": يعترض. "من جنوبها": من نواحيها. وقوله: "بتسهاك ذيل": من السهوكة و"ذيل الريح": مؤخرها وما تجر. و"فرادى": واحد. و"متئم": اثنان. يقول: تجر هذه الريح واحداً فرداً وتجر اثنين اثنين.
8 - تثير عليها الترب أو كل ذبلة ... دروج متى تعصف بها الريح ترسم
"ذبلة": بعرة يابسة. و"ترسم": من "الرسيم": وهو ضرب من السير.
9 - لمية عند الزرق لأيا عرفتها ... بجرثومة الآري والمتخيم
يقول: هذه الدمنة لمية. و"الزرق": أكثبة بالدهناء "لأياً"، أي: بعد بطء، عرفتها بعد كد. وقوله: "بجرثومة الآري"، يعني: موضعاً مشرفاً. و"الجرثومة": التراب الذي يكون في أصل الشجرة أو بقربها عند الجحرة. و"الآري والمتخيم": حيث بنوا خيامهم يقال: تأرى وتخيم"، إذا أقام بالمكان.
10 - ومستقوس قد ثلم السيل جدره ... شبيه بأعضاد الخبيط المهدم
"مستقوس"، يريد: النؤي، كأنه قوسز و"جدره": ما ارتفع منه. و"أعضاد الخبيط"، و"الخبيط": حوض تخبطه الإبل فتهدمه. و"أعضاده": نواحيه وجوانبه.
11 - فلما عرفت الدار غشيت عمتي ... شابيب دمع لبسة المتلثم
يقول: ألبست عمتي دفعاص كـ "شؤبوب" المطر: وهو الدفعة الشديدة.
79 أ 12 - مخافة عيني أن تنم دموعها ... علي بأسرار الضمير المكتم
13 - أحب المكان القفر من أجل أنني ... به أتغنى باسمها غير معجم
قوله: "غير معجم"، أي: أفصح به، لا أكتم اسمها إذا تغنيت به وأنا وحدي.
14 - ولم يبق إلا أن مرجوع ذكرها ... نهوض بأحشاء الفؤاد المتيم
"مرجوع ذكرها": ما رد منه. "نهوض بأحشاء الفؤاد": كأنه يرفع الحشا، يريد: مرجوع ذكرها. و"المتيم": المضلل.
15 - إذا نال منها نظرة هيض قلبه ... بها كانهياض المتعب المتتمم
"هيض قلبه"، أي: نكس كانهياض المتعب الذي رجع كسره [و] كل ما حملته على أكثر من طاقته فهو "متعب". و"المتتمم": الذي كان به كسر يمشي به، ثم أبت فتتمم كسره.
16 - تغيرت بعدي أو وشى الناس بيننا ... بما لم أقله من مسدى وملحم
قوله: "من مسدى وملحم"، يريد: من قول كذبوا فيه، وعملوا فيه، كما يسدى الثوب ويلحم.
17 - ومن يك ذا وصل فيسمع بوصله ... أقاويل هذا الناس يصرم ويصرم
18 - إليك أمير المؤمنين تعسفت ... بنا البعد أولاد الجديل وشدقم
79 ب/ "تعسفت": أخذت على غير هداية. و"الجديل وشدقم": فحلان.
19 - نواشط من يبرين أو من حذائه ... من الأرض تعمي في النحاس المخزم
"نواشط" أي: يخرجن من يبرين. و"تعمي في النحاس"، أي: ترمي في النحاس. و"المخزم"، يريد: البرة التي من شبه. ويروى: "تخدي".
20 - بأبيض مستوفي الخطوم كأنه ... جنى عشر أو نسج قز مخذم
يريد: تعمي بأبيض، وهو الزبد، "يوفي على الخطم"، أي: يعلو الأنف. وشبه الزبد بجنى العشر. وجناه أبيض كأنه القطن، أو "نسج قز". و"مخذم": مقطع.
21 - إذا هن عاسرن الأخشة شبنها ... بأشكل آن من صديد ومن دم
"الخشاش": الحلقة تكون في عظم أنف البعير. و"شبن الأخثة": خلطنها. "بأشكل آن": وهو زبد مخلوط بدم، والدم من خشاشها إذا جذبت. وكل بياض خالطته حمرة فهو: "أشكل". وقوله: "آن من صديد"، أي: قد بلغ وقته فخرج، يعني: الدم والصديد والقيح.
22 - وكائن تخطت ناقتي من مفازة ... إليك ومن أحواض ماء مسدم
يريد: كم تخطت. و"مسدم": مندفن. يقال: "بئر سدم"، إذا كانت مندفنة، والجميع: "أسدام" و"سدام".
80 أ 23 - بأعقاره القردان هزلى كأنها ... نوادر صيصاء الهبيد المحطم
"الأعقار": مقام الشاربة، موضع أخفاف الإبل. و"القردان هزلى": من سوء الحال كأنها- يريد: القردان- "نوادر صيصاء الهبيد"، أصل "الصيصاء": الشيص. و"الهبيد": حب الحنظل. فيقول: حب الحنظل منه شيء ضعيف فسماه "صيصاء الهبيد"، شبه القردان في هزالها وصغرها بصيصاء حب الحنظل و"المحطم": المكسر. و"النوادر": سوابق منه تندر.
24 - إذا سمعت وطء الركاب تنغشت ... حشاشاتها في غير لحم ولادم
يقول: إذا سمعت القردان وطء الإبل "تنغشت"، أي: تحركت. "حشاشاتها": بقية أنفسها.
25 - جشمت إليك البعد لا في خصومة ... ولا مستجيراً من جريرة مجرم
يقول: تكلفت إليك البعد على مشقة، لا في خصومة. يقول:
إنما جئتك أمدحك، لم أجئك مستجيراً من "جريرة": وهو ما جر على نفسه.
26 - ولو شئت قصرت النهار بطفلة ... هضيم الحشا براقة المتبسم
"طفلة": ناعمة. "هضيم": خميصة. وقوله: "ولو شئت قصرت النهار بطفلة"، يقول: يقصر النهار عليه. ولا يطول لأنه في سرور.
27 - كأن على أنيابها ماء مزنة ... بصهباء في إبريق شرب ملثم
80 ب/ أي: كأن ريق الطفلة ماء "مزنة"، أي: ماء سحاب من عذوبته. وقوله: "ملثم"، يريد: أن الإبريق مشدود الرأس.
28 - إذا قرعت فاه القوازيز قرعة ... يمج لها من خالص اللون كالدم
يقول: إذا قرعت فا الإبريق القوازيز خرج لها شراب كالدم.
29 - تروح عليها هجمة مرتع المها ... مراتعها والقيظ لم يتجرم
أي: تروح على هذه الطفلة "هجمة إبل": وهي دون المئة. وقوله: "مرتع المها مراتعها"، يقول: هذه الإبل ترتع مع الثيران. يقول: هي كرام تراعي المها في القيظ. و"لم يتجرم": لم ينقطع. يقولك ترعى عشراً ثم ثمناً، ثم ترد الماء.
30 - بوعساء دهناوية الترب طيب ... بها نسم الأرواح من كل منسم
"الوعساء": رمل. و"النسم": ريح ضعيفة. "من كل منسم"، أي: من حيث "نسمت" أي هبت.
31 - تحن إلى الدهنا بخفان ناقتي ... وأنى الهوى من صوتها المترنم
"أنى الهوى"، يريد: وكيف الهوى، كيف بها. يقول: هواها- لو يطلب- بعيد من حيث نزعت، يعني: ناقته.
32 - إلى إبل بالزرق أوطان أهلها ... يحلون منها كل علياء معلم
أي: نحن "إلى إبل بالزرق أوطان أهلها". "يحلون منها": من تلك الزرق 81 أ/ "كل علياء معلم". "علياء": مرتفع و"معلم": معروف.
33 - مهاريس مثل الهضب تنمي فحولها ... إلى السر من أذواد رهط ابن فرضم
"مهاريس": شديدات الأكل، تهرس هرساً. و"تنمي" فحول هذه الإبل: ترتفع. و"السر": الموضع الصالح والنسب الخالص. و"فوضم": من مهرة. و"الهضب": الجبل الصغير. فأراد: أن هذه الإبل مثل الهضب. و"الأذواد": جمع "ذود": وهو ما بين الثلاث إلى العشر.
34 - كأن على ألوانها كل شتوة ... جسادين من صبغين: ورس وعندم
قوله: "جسادين"، يعني: أحمر وأصفر. يقول: تأكل الربيع والزهر فيخضبها. والورس أصفر، والعندم أحمر.
35 - يثور غزلان الفلاة اطرادها ... خطوط الثرى من كل دلو ومرزم
يقول: اطراد هذه الإبل "يثور" الغزلان عن كنسها. و"خطوط الثرى": جمع "خط": وهو آثار المطر. و"المرزمان" الشعريان.
36 - بلا ذمة من معشر غير قومها ... وغير صدور السمهري المقوم
قوله: "بلا ذمة"، أي: لم تستجر بأحد فنرعى، أي: يهاب قومها، أي: رعت بلا ذمة من معشر ليسوا من قومها، أي: إنما رعت بذمة قومها وبرماح قومها. و"السمهري": الرمح. وكل رمح: "سمهري".
37 - لها خطرات العهد من كل بلدة ... لقوم وإن هاجت لهم حرب منشم
81 ب/ أي: لهذه الإبل "خطرات العهد". و"العهد" جمع "عهدة": وهو أول مطر يقع. وقوله: "لقوم" يريد: للقوم الذين كانوا يرعون، "وإن هاجت لهم حرب منشم"، يقول: هم أعزاء لهم منعة. و"منشم": امرأة كانت تبيع الحنوط، عطارة، فكانوا يتشاءمون بها.
38 - نجائب ليست من مهور أشابة ... ولا دية كانت ولا كسب مأثم
يقول: هذه الإبل "نجائب": كرام. ليست من مهور نساء أظلمهن فأذهب بمهورهن. و"أشابة" أخلاط ولا من "دية"، أي: لم يقتل من قومي أحد فآخذ ديته، ولا من كسب فيه مأثم.
39 - ولكن عطاء الله من كل رحلة ... إلى كل محجوب السرادق خضرم
يقول: ارتحل إلى الملوك فيعطونني. "الخضرم": الكثير الخير والمعروف الرغيب. يقول: إنه يفد إلى ملك عليه حجاب.
40 - كريم النثا رحب الفناء متوج ... بتاج بهاء الملك أو متعمم
قوله: "كريم النثا"، أي: كريم الذكر. و"رحب الفناء"، أي: واسع الخلق. وقوله: "أو متعمم"، يقول: أو متقلد للأمر. ويروى: "رداء الملك".
41 - تبرك بالسهل الفضاء وتتقي ... عداها برأس من تميم عرمرم
يقول: لتميم رأس يمنعها. و"عرموم": شديد.
42 - تحدب سعد والرباب وراءها ... على كل طرف أعوجي مسوم
82 أ/ "تحدب"، أي: تعطف وراء هذه الإبل، تمنعها. "على كل طرف"، أي: على كل فرس عتيق كريم. و"أعوجي": منسوب إلى "أعوج": وهو فرس. و"مسوم": معلم.
43 - وإن شاء داعيها أتته بمالك ... وشهبان عمرو كل شوهاء صلدم
يقول: إن شاء داعي هذه الإبل أتته كل شوهاء بمالك وشهبان عمرو. قال الأصمعي: "الشوهاء" الطويلة. وقيل: "شوهاء": حديدة النفس. و"صلدم": شديدة. ويعني بـ "مالك": أبا حنظلة بن زيد مناة. ويقال للرجل إذا كان ذا جمرة وشجاعة: هو "شهاب"، أي: نار.
44 - وإن ثوب الدايع لها يالخندف ... فيالك من داع معز ومكرم
45 - وإن تدع قيساً قيس عيلان يأتها ... بنو الحرب يستعلى بهم كل معظم
"كل معظم": كل عظيم من الأمر.
46 - كثير الحصى عال لمن فوق ظهرها ... بهامة ملك يفنخ الناس مقرم
قوله: "كثير الحصى"، يعني: هذا الداعي كثير العدد. أراد: فيالك من داع كثير الحصى. وقوله: "عال لمن فوق ظهرها"، يقول: هذا الحي وهو الداعي عال لمن فوق الأرض. وقوله: "بهامة ملك"، أي: بشرف ملك "يفنخ" الناس. و"الفنخ": أقبح الذل. و"مقرم": فحل. أي: هو ملك لم يقهر، هو مثل الفحل.
47 - لها كل مشموح الذراعين تتقى ... به الحرب شعشاع وأبيض فدغم
82 ب/ يريد: لهذه الإبل كل عظيم الذراع عريضها. و"الشعشاع": الطويل الخفيف، و"الفدغم": الجميل الضخم. أي: يدفع عن هذه الإبل كل مشبوح ..
48 - إذا استرسل الراعي رعتها مهابة ... على كل مياس إلى الموت معلم
يقول: إذا نام الراعي واطمأن، فلم يتبعها، رعتها مهابة هذا "المياس": وهو المتبختر إلى الموت. و"معلم": قد أعلم نفسه لأنه معروف.










مصادر و المراجع :

١- ديوان ذي الرمة شرح أبي نصر الباهلي رواية ثعلب

المؤلف: أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي (المتوفى: 231 هـ)

المحقق: عبد القدوس أبو صالح

الناشر: مؤسسة الإيمان جدة

الطبعة: الأولى، 1982 م - 1402 هـ

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم مسلسل واحد)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید