المنشورات

أمنزلتي مي سلام عليكما ... هل الأزمن اللاتي مضين رواجع

["مي": امرأة. و"الأزمن"، جمع الزمن وهو جمع في أدنى العدد، والأزمان أيضاً جمع لأدنى العدد، والكثير: الأزمنة. و"منزلتاها": حيث كانت تنزل، يعني: الشتاء والصيف. يقول: يا منزلتي مي هل تلك الأزمان التي كنا نعهدها بك راجعة، ثم رجع إلى نفسه فقال: "وهل يرجع التسليم"].
2 - وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى ... ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع
"العمى" ها هنا: الجهل. يريد: هل ترد السلام. أو تكشف الجهل ثلاث الأثافي. و"بلاقع": لا شيء فيها.
3 - توهمتها يوماً فقلت لصاحبي ... وليس بها إلا الظباء الخواضع
"الخواضع": التي قد طأطأت رؤوسها. و"التوهم": الإنكار.
4 - وموشية سحم الصياصي كأنها ... مجللة حو عليها البراقع
/يريد القرون "كأنها مجللة حو": كأنها خيل حو عليها البراقع.
5 - حرونية الأنساب أو أعوجية ... عليها من القهز الملاء النواصع
يريد: هذه الخيل المجللة التي شبه البقر بها "حرونية الأنساب أو أعوجية": و"الحرون": فرس كان لباهلة و"اعوج": فرس كان لغني وقوله: "عليها من القهز"، يريد القز و"الملاء النواصع": البيض. أخبر أن الخيل حيث قال بجللة، فصير ذلك الجل بياضاً.
6 - تجوبن منها عن خدود وشمرت ... أسافلها عن حيث كان المذارع
"تجوبن"، يعني: البراقع، أنهن انكشفن عن نخدود الخيل، فأخبرك أن الخدود سود. ألا ترى أنه قال: "مجللة حو"، أي: سود. ثم قال: "عليها البراقع". ثم قال: تكشفت البراقع، أي: الخدود سود، وكذلك خدود البقر سود. ثم قال: "وشمرت" أسافل القوائم، فأخبر أن القوائم أيضاً سود،وكذلك البقر. وإنما أراد: كأن الخيل عليها جلال، والجلال: بيض. ثم قال: "شمرت" أسافل الجلال، أي: ارتفعت، فاستبان سواد القوائم، وهذا مثل. و"المذارع": القوائم.
7 - قف العنس ننظر نظرة في ديارها ... وهل ذاك من داء الصبابة نافع
المعنى: أنه قال في أول القصيدة: "فقلت لصاحبي .. ": "قف العنس": وهي الناقة الشديدة. و"الصبابة": رقة الشوق. وقوله: "وهل ذاك نافع"، أي: هل ينفعني من الداء أن أقف على الدار.
98 ب 8 - فقال: أما تغشى لمية منزلاً ... من الأرض إلا قلت: هل أنت رابع 
أي: فقال صاحبه: أما تغشى منزلاً لمية إلا قلت: هل أنت ماكث مقيم؟ ..
9 - وقل إلى أطلال مي تحية ... تحيا بها أو أن ترش المدامع
ذو الرمة [رد] على صاحبه فقال: التحية لأطلال مي قليلة، والبكاء أيضاً. و"ترش": تسيل.
10 - ألا أيها القلب الذي برحت به ... منازل مي والعران الشواسع
"العران": البعد. و"الشواسع" أيضاً: البعيدة.
11 - أفي كل أطلال لها منك حنة ... كما حن مقرون الوظيفين نازع
قوله: "لها"، يريد: لمي. "حنة"، أي: تحن كما يحن جمل "مقرون الوظيفين"، أي: عقلت يداه، فهو ينزع إلى وطنه، وهو معقول. يقال: "نزع إلى وطنه نزاعاً". و"الوظيف": من الركبة إلى الرسغ في اليد، وفي الرجل: من العرقوب إلى الرسغ.
12 - ولا برء م مي وقد حيل دونها ... فما أنت فيما بين هاتين صانع
أي: لا برء منها أبداً لأني لا أسلو عنها.
13 - أمستوجب أجر الصبور فكاظم ... على الوجد أم مبدي الضمير فجازع
99 أ/ فجازع أم يصبر فيستوجب الأجر.
14 - لعمرك إني يوم جرعاء مشرف ... لشوقي لمنقاد الجنيبة تابع
"الأجرع" و"الجرعاء": ما سهل من الرمل ولان. و"مشرف": موضع. وقوله: "لمنقاد الجنيبة"، يقول: أنا جنيبة لشوقي، كأني أجنب إلى شوقي فأنا أتبعه وأنقاد له، كما تنقاد الجنيبة التي تجنب.
15 - غداة امترت ماء العيون ونغصت ... لباناً من الحاج الخدور الروافع
قوله: "غداة امترت"، يريد: استدرت. و"الخدور"، يعني: الهوادج حين ركبنها، وذلك حين ارتحلوا وكانوا في موضع في النجعة، فلما ارتحلت وتفرقوا بكى ذو الرمة. والهوادج استدرت ماء العيون. ومعنى: امترت: مرت، وأصل: "المري": أن تمسح أخلاف الناقة باليد حتى تدر باللبن. وناقة "مري": تدر على غير ولد. و"البسط التي تدر ومعها ولدها. و"نغصت لباناً من الحاج": "التنغيص": الإعجال عن الشيء من قبل أن يفرغ منه. و"اللبان": بقايا الحوائج، الواحدة: "لبانة". ويروى: "لباباً من الحاج"، أي: خالص الحوائج.
16 - ظعائن يحللن الفلاة وتارة ... محاضر عذب لم تخضه الضفادع
"المحاضر": حيث ينزل على الماء، الواحد: "محضر". وقوله: "لم تخضه الضفادع"، يقول: هذا الماء بعيد من الريف. وإنما هو في بادية، فليست فيها ضفادع. وإنما الضفادع في الأمصار، فأخبر أنهن بدويات.
99 ب 17 - تذكرن ماء عجمة المرل دونه ... فهن إلى نحو الجنوب صواقع
ويروى: "صوادع". و"عجمة الرمل": وسطه ومعظمه و"صواقع"، يقال: "صقع"، أي تعمد وقصد. يقال: "ما أدري أين صقع في بلاد الله"، أي: قصد و"صوادع": ذواهب في سيرهن.
18 - تصفين حتى أوجف البارح السفى ... ونشت جراميز اللوى والمصانع
قوله: "تصفين": يعني: الظعائن. "حتى أوجف البارح .. "، أي: طردته الريح. أوجفت باليبيس. و"البارح": الريح التي تهب في الصيف. و"السفى": شوك البهمى. و"نشت": يبست. "جراميز": الحياض، وهي الصغار من الحياض.
19 - يسفن الخزامى بين ميثاء سهلة ... وبين براق واجهتها الأجارع
"يسفن": يشممن، يعني: الظعائن. و"الخزامى": نبت طيب الريح. و"الميثاء": مجرى الماء من شفير الوادي، إذا كان واسعاً. و"البراق": حجارة ورمل مختلطة. و"الأجارع": واحدها: "أجرع": وسط الرمل ومعظمه.
20 - بها العين والآرام فوضى كأنها ... ذبال تذكى أو نجوم طوالع
قوله: "فوضى"، أي: مختلطة بعضها في بعض. وقوله: "تذكى"، أي: توقد. و"الآرام": الظباء البيض، "كأنها ذبال"، يريد: الفتائل فيها النار، فأراد: أنها بيض توقد، أو كأنها نجوم.
100 أ 21 - غدون فأحسن الوداع فلم نقل ... كما قلن إلا أن تشير الأصابع
"فأحسن الوداع .. "، أي: لم نقدر على الكلام، خنقته العبرة.
22 - وأخذ الهوى فوق الحلاقيم مخرس ... لنا إذ نحيا أن نسلم مانع
يريد: وأخذ الهوى مخرس لنا مانع أن نسلم إذ نحيا، أي: أخذ الهوى قد أخرسنا فلا نستطيع أن نتكلم.
13 - وقد كنت أبكي والنوى مطمئنة ... بنا وبكم من علم ما البين صانع
يقول: قد كنت أبكي، ونيتنا مطمئنة، أي: لا نريد أن نشخص. وقوله: "من علم ما البين"، يريد: من علم الذي البين صانعه، أي: البين يفرق.
24 - وأشفق من هجرانكم وتشفني ... مخافة وشك البين والشمل جامع
أي: يشفق على نفسه أن يقع فيما يحاذر من أمره. و"تشفني"، أي تهزلني وتضعفني. "مخافة وشك البين"، أي: سرعة البين. "والشمل جامع"، يريد: أنه مجتمع الأمر.
25 - وأهجركم هجر البغيض وحبكم ... على كبدي منه شؤون صوادع
قوله: "شؤون صوادع"، يريد: طرائق "تصدع" تنكأ الفؤاد.
27 - فلما عرفنا آية البين بغتة ... وهذ النوى بين الخليطين قاطع
100 ب/ "هذ النوى": قطع النوى، قاطع بين الخليطين،و"الخليطان": المختلطان، وأن يكونا قرينين.
28 - لحقنا فراجعنا الحمول وإنما ... يتلي ذبابات الوداع المراجع
"الحمول": الهوادج. "راجعناها": كما يراجع الرجل الحاجة، أي: يعود إليها، أي: أتينا الحمول. و"إنما يتلي": يتبع. "ذبابات الوداع"، أي: بقايا الوداع "المراجع"، يقول: إنما يدرك أواخر الحوائج من راجع فيها، ليس من طلب ثم تركها. و"تلاوتها": آخرها، أي: إنما يدرك تلاوتها من راجع فيها.
29 - على شمريات مراسيل واسقت ... مواخيدهن المعنقات الذوارع
"شمريات": سراع. و"مراسيل": سهلة السير في سرعة. "واسقت مواخيدهن"، أي: جامعت المعنقات "مواخيدهن". و"الوخد": ضرب من السير. ويقال: هذه أرض تسق الماء، أي: تجمعه. و"الذوارع": يذرعن في سيرهن. يقول: من سرعة لاسير، المعنقات جامعت هذه التي تخد في السير.
30 - ولما تلاحقنا ولا مثل ما بنا ... من الوجد لا تنقض منه الأضالع
قوله: "ولا مثل ما بنا"، أي: ينبغي أن تنقض منه الأضالع من شدة الوجد مثل ما تقول في الكلام: "لم أر مثل فلان لا يقتل"، أي: ينبغي له أن يقتل.
101 أ 31 - تخللن أبواب الخدور بأعين ... غرابيب والألوان بيض نواصع
يريد: "تخللن بأعينهن من وراء الستور. "غرابيب": سود، يريد: الأعين. و"الألوان بيض نواصع": شديدات البياض. وكل لون خلص من الألوان فهو: ناصع".
32 - وخالسن تبساماً إلينا كأنما ... تصيب به حب القلوب القواصع
قوله: "تصيب به" أي: بالتبسام. و"حبة القلب": علقة سوداء جامدة. ويروى: "القوارع" وهي ما قرع القلب ونكأه.
33 - ودو ككف المشتري غير أنه ... بساط لأخماس المراسيل واسع
قوله: "ودو"، يريد: الأرض المستوية. وقوله: "ككف المشتري": في استواء هذه الأرض، وذلك إذا أعطى الصفقة و"البساط" من الأرض: المستوية. "لأخماس المراسيل": جمع "خمس": وهو أن تكون في المرعى ثلاثة ايام، ويحسب يوم ترد، ويوم تصدر. و"المراسيل": السهلة السير السراع.
34 - قطعت وليل غائب الضوء جوزه ... وأكنافه الأخرى على الأرض واضع
أي: قطعت هذه الدو، وليل غائب الضوء، واضع جوزه وأكنافه الأخرى على الأرض. و"جوزه": وسطه. و"أكنافه": نواحيه. يقول: واضع أكنافه على الأرض لم تنكشف.
35 - فأصبحت أرمي كل شبح وحائل ... كأني مسوي قسمة الأرض صادع
يقول: أرمي كل شخص و"حائل" وهو الذي يتحرك، كأني أريد أن أقسم 1 ب/ الأرض قسمة، أسويها. فيقول: أصبحت أنظر إلى كل شخص، لا يأخذني كسر في عيني. و"صادع"، أي: كأني حين أقسم الأرض قاض يفرق بين الحق والباطل.
36 - كما نفض الأشباح بالطرف غدوة ... من الطير أقنى أشهل العين واقع
يقول: أصبحت أنظر إلى كل شخص، لم يكسرني سير الليل ولا السهو. فكأني باز "نفض الأشباح"، أي: نظر إلى الشخوص غدوة من الطير. ويقال "انفض الطريق هل ترى عدواً؟ ". فيقول: البازي ينفض الشخوص هل يرى صيداً؟.
37 - ثنته عن الأقناص يوماً وليلة ... أهاضيب حتى أقلعت وهو جائع
يقول: "ردت البازي عن "الأقناص": وهي الصيد، الواحد: "قنص". ويكون "القنص" في غير هذا الموضع: الصائد، وهو من الأضداد. "أهاضيب": وهي دفعات من مطر "فلم يقدر أن يصيد، فأقلعت الأهاضيب وهو جائع، فهو ينظر إلى كل شخص هل يرى صيداً؟ ...
38 - ورعن يقد الآل قداً بخطمه ... إذا غرقت فيه القفاف الخواضع
"الرعن": أنف الجبل، يسيل من مقدمه. وخفض "الرعن"، أراد: ورب دو ورعن. وقوله: "يقد الآل عنه"، أي: يشق الآل عنه، فيكشف هذا الأنف عن الجبل، لأن السراب مرة يغطيه ومرة ينكشف عنه. فكأن الرعن شق الآل عنه "بخطمه": بأنفه، أي: بأوله، 102 أ/ أراد: بأنف الرعن. "إذا غرقت في الآل"، يريد: في السراب. "القفاف الخواشع". و"القفاف": رواب غلاظ "لا تبلغ أن تكون جبلاً، والواحد: "قفء"، فيقول: القفاف تغرق في السراب. و"الخواشع"، يعني: القفاف خلقت صغاراً.
39 - ترى الريعة القوداء منه كأنها ... مناد بأعلى صوته القوم لامع 
ويروى: "ترى القنة". ويروى: "مناد نأى عن صوته". و"الريعة": هضبة. و"قوداء": طويلة العنق. يقول: الريعة تراها كأنها رجل مناد بالسراب، يلمع ويصوت بالقوم. أي: يلمع بثوبه. فشبه الريعة بإنسان ينادي قوماً ويلمع إليهم بثوبه. و"الهضبة": الجبيل الصغير.
40 - فلاة رجوع الكدر أطلاؤها بها ... من الماء تأويب وهن روابع
أراد: فلاة رجوع الكدر من الماء تأويب. و"الكدر": القطا. ومعنى: "تأويب"، يقول: لا يرجعن إلا ليلاً. ثم قال: "وأطلاؤها بها"، أي: بالفلاة. وأخرج "الواو"، والمعنى: إدخالها و"روابع" يريد: أن القطا يسرن ربعاً.
41 - جَدَعْتُ بأنقاض حراجيج أنفه ... إذا الرئم أضحى وهو عرقاً مضاجع
يقول: جدعت أنف الرعن، أي: قطعته وجزته "بأنقاض"، الواحد: "نقض": وهو رجيع السفر، قد هزل. و"حراجيج": مهازيل، فقد طالت مع الأرض. وقوله: "أنفه"، يريد: أنف الرعن. وقوله: "إذا الرئم أضحى وهو مضاجع عرقاً"، أي: قد كنس في أصل الشجرة، 103 ب/ وذلك في الهاجرة. فيقول: قطعت أنف هذا الجبل في هذا الوقت.
42 - غريرية الأنساب أو شدقمية ... عتاق الذفارى وسج وموالع
يريد: هذه الإبل الأنقاض نسبها إلى غرير من مهرة، "أو شدقمية": نسبها إلى فحل. ويقال: للبعير: "شدقم"، إذا كان واسع الشدق. وقوله: "عتاق الذفارى"، أي: كرامتها. و"الذفريان": في القفا، وهما الحيدان المشرفان عن يمين النقرة وشمالها حيث يجري العرق منهما. و"الوسيج": ضرب من السير. و"الملع": المر الخفيف.
43 - طوى النحز والأجراز ما في غروضها ... فما بقيت إلا الصدور الجراشع
"النحز": ضرب الأعقاب والاستحثاث في السير، وهو أن يحرك عقبيه ويضرب بهما موضع عقبي الراكب. و"الأجراز": الأمحال، والواحد: "جرز" و"محل": و"الغروض": الواحد "غرض": وهو حزام الرحل. و"الجرشع": واحد "الجراشع": وهو املنتفخ الجنبين يقول: فهي تملأ الغروض.
44 - لأحناء ألحيها بكل مفازة ... إذا قلقت أغراضهن قعاقع
"حنو" كل شيء: ناحيته. فيقول: للأحناء بها قعاقع في السير. وإذا قلقت الأغراض فإنما هو من ضمر البطن. يقول: فهي وإن ضمرت ناجية.










مصادر و المراجع :

١- ديوان ذي الرمة شرح أبي نصر الباهلي رواية ثعلب

المؤلف: أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي (المتوفى: 231 هـ)

المحقق: عبد القدوس أبو صالح

الناشر: مؤسسة الإيمان جدة

الطبعة: الأولى، 1982 م - 1402 هـ

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم مسلسل واحد)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید