المنشورات

قف العنس في أطلال مية فاسأل ... رسوماً كأخلاق الرداء المسلسل

["العنس": الناقة الشديدة. حاشية رياح: "الرسوم": الآثار بلا شخص. "المسلسل": الذي قد تسلسل من الأخلاق].
2 - أظن الذي يجدي عليك سؤالها ... دموعاً كتبذير الجمان المفصل
أراد: أظن الذي يجديه عليك سؤالها دموعاً. يقال: "ما أجدى عليه"، أي: ما أعطاه وإنما سأل صاحبه أن يقف عنسه في أطلال مية، فقال: أظن الذي يجدي عليك سؤالك دموعاً والدموع خبر أظن. وأضمرت الهاء في "يجدي"، و"الجمان": لؤلؤ من فضة. و"مفصل": بين كل لؤلؤتين خوزة.
3 - وما يوم حزوي إن بكيت صبابه ... لعرفان ربع أو لعرفان منزل
4 - بأول ما هاجت لك الشوق دمنة ... بأجرع مرباع مرب محلل
يريد: وما يوم حزوى بأول ما هاجت لك الشوق دمنة. و"السبابة": رقة الشوق. و"الأجوع": كثب لبن. و"مرباع": نبت في أول ما تنبت الأرض في أول الربيع. و"مرب محلل": موضع برب الناس ويجمعهم، ويقال: "ربه برب" إذا جمعه وأصلحه"، و"ربابة القداح" منه: [وهي] الخرقة أو الجلدة التي جمعت القداح. ويروي: "بأجرع مقدار".
5 - عفت غير آري وأعضاد مسجد ... وسفع مناخات رواحل مرجل
129 أ/ أعضاء مسجد": جوانب مسجد. و"سفع": أثافي، وهي "رواحل موجل"، أي: هي حملت المرجل. صر الأثافي رواحل للمرجل لما علاها كالإبل التي هي رواحل للرجال.
6 - تجر بها الدقعاء هيف كأنما ... تسح التراب من خصاصات منخل
"الدقعاء": التراب. و"الهيف": الربح الحارة. و"تسح": تعب من فرج النخل، كأنها نخلته.
7 - كستها عجاج البرقتين وراوحت ... بذيل من الدهنا على الدار مرفل
يريد: كست الدمنة، يعني: الهيف كست الدمنة عجاج البرقتين. و"العجاج": التراب بريح. و"البرقة": رمل وحجارة مختلطة. و"راوحت بذيل من الدهنا"، أي: جاءت بذا ثم جاءت بتراب آخر، عاقبت. و"مرتل": مسبغ يغطي كل شيء، وهو نعت لـ "ذبل". وأراد: وفل ذيل الريح على الدار و"ذيل الريح": مآخيرها.
8 - دعت مية الأعداد واستبدلت بها ... خناطيل آجال من العين خذل
"الأعداد": الواحد "عد": وهو البر التي لا ينقطع نبطها"، لها مادة. والمعنى: أنها أحبت أن تحضر المياه. والأعداد لا تدعو، ولكن لما جاء وقت طلب الماء جعل الأعداد كأنها دعتها. وقوله: "واستبدلت بها خناطيل آجال"، يريد: استبدلت الدار بي "خناطيل آجال"، أي: أقاطيع من "العبن": من البقر. و"خذل": أقامت على ولدها، وتركت صواحبها.
129 ب 9 - ترى الثور يمشي راجعاً من ضحائه ... بها مثل مشي الهبرزي المسرول
"من ضحائه"، أي: ما يرعى فيه ضحاء، كما تقول: "من عشاته" يقال: "هو يتضحى ويتعشى ويتغدى"، و"الهبرزي": الماضي على أمره. و"المسرول"، يقول: أسفله بخاليف سائر لونه، كأن عليه سراويل.
10 - إلى كل بهو دي أخ يستعده ... إذا هجرت أيامه للتجول
يريد: بمشي إلى كل ذي "بهر"، يعني: كناسه. وكل فجوة منفتحة: "بهو". وقوله: "ذي أخ" أي: له كناس إلى جانب هذا الكناس يستعده للتعول إذا هجرت أيامه، يريد: إذا اشتد حرها في الهاجرة. يقول: استعد كناسين، أحدهما لظل الغداة، والآخر لفيء العشي.
11 - ترى بعد الصيران فيه وحوله ... جديداً وعامياً كحب القرنفل
ترى بعد الصيران في هذا الكناس. و"الصيران": جماعة البقر. و"حوله": حول الكناس. "جديداً"، يريد: بعراً جديداً. و"حامياً" يريد: بعراً، أتى عليه علم.
12 - أبَنَّ به عود المبات طيب ... نسيم البينان في الكناس المظلل
"ابن به"، أي: أقام به النور حتى أثر فيه. و"البينان": البعر، الواحدة: "بنة"، ويقال: "له بنة طيبة"، أي: ربح. و"عود الباءة"، يعني: مرضع العود حيث تبرأ. ويريد: نوراً مباءت قديمة، لذلك قال: "عود المباءة، و"النسيم"، الريح الضعيفة، فأراد: طيب ريح البعر.
13 أ 13 - إذا ذابت الشمس اتقى صقراتها ... بأفنان مربوع الصريمة معبيل
إذا ذابت الشمس كأنها سبل من هذه الحر. و"اتقى صقراتها"،يعني الثور. و"الصقرة": شدة وقع الشمس. "بأفنان": بأغصان "مربوع الصريمة": و"الصريمة": قطعة من المرل تنقطع فتنفرد. و"مربوع": أصابها الربيع فاخضرت. ويقال: "أهبلت الشجرة"، إذا خرج ورقها. ويقال لورق الأرطي: "الحبل". فباحنا أحب إلى أن يكون الحبل: الذي قد أخرج ورقه، لأنه قال: "اتقي صقراتها بأفنان مربوع" أصابه الربيع فخرج ورقه ونبت.
14 - يحفره عن كل ساق دفيئة ... وعن كل عرق في الثرى متغلغل
الثور يحفر الكناس عن ساق الشجرة وعن كل عرق "في الثرى": في التراب المبتل. "متغلغل"، يعني العرق يأخذ هنا وهنا.
15 - توخاه بالأظلاف حتى كأنما ... يثير الكباب الجعد عن متن محمل
الثور توخى أن يعتمد الكناس يحفره بأظلافه. و"الكباب":الثرى الذي قد تكبب ولزم بعضه بعضاً. و"الجعد": الذي لزم بعضه بعضاً من ندوته. وقوله: "عن متن محمل"، يريد: كأنما ينير عن حمائل السيف، لأن العرق أحمر، فشبهه بخمرة حمائل السيف.
16 - وكل موشاة القوائم نعجة ... لها ذرع قد أحرزته ومطفل
130 ب "لها ذرع"، يريد: البقرة ولد "قد أحرزته" أي: قوي على العدو وسبق فلا ندركه/ الذئاب والكلاب. و"مطفل"، يريد: وأخرى "مطفل": ولدها طفل، وأراد: ابن بهذا الكناس ثور عود العباءة وكل بقرة "موشاة القوائم"، أي: في قوائمها خطوط سود.
17 - تريع به ربيع الهجان وأقبلت ... لها فرق الآجال من كل مقبل
"تريع" بذلك الكناس: تعطف وترجيع. و"الهجان": الأبيض الكريم من الإبل. وأقبلت إليها فوق الآجال من كل مكان يقبل منه.
18 - وكل أحم المقلتين كأنه ... أخو الإنس عن طول الخلاء مغفل
يريد: وكل نور أسود العينين كأنه أخر الإنس لا يتحاس من الناس، لا يفزع منهم لأنه لا يعرفهم. وخفش "مغفل" رده على "أحم المقتتين"، كقولك: أقسماني كل ظريف الأب عاقل. و"مغفل" يذهب مذهب النعت. ولو قال: "عاقل" لم يكن، ومثله: "أتاني كل ظريف الأب قائماً لا غير" على القطع.
19 - يصرف للأصوات جيداً كأنه ... إذا برقت فيه الضحى صفح متصل
"يصرف" هذا الثور، أي: يقلب ها هنا وها هنا عنقه، كأنه "صفح منصل"، أي: عرض سيف.
20 - وآدم لباس إذا وقد الضحى ... لأفنان أرطى الأقرحين المهذل
"آدم": ظبي. "لباس": مرتد بالشجر إذا اشتد الحر. و"أفنان": أغصان. [و] "أرطى": شجر/ و"الأقرحين": موضع. وواحد الأفنان: فنن وفن. و"المبدل": المسترسل.
21 - فيا كرم السكن الذين تحملوا ... من الدار والمستخلف المتبدل
"السكن": أهل الدار. و"المستخلف"، يعني السكن لأن الدار تبدلت بالسكن الوحوش والظباء والبقر.
22 - فأضحت مباديها قفاراً بلادها ... كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل
"مباديها": حيث تبدو في الربيع قفاراً بلادها. و"تؤهل": تنزل. يقال: "بلد مأهول": ذو أهل. فأراد كأن لم تؤهل سرى أهل من الوحش.
23 - كأن لم تحل الزرق مي ولم تطأ ... بجرعاء حزوى نير مرط مرحل
"الزرق": أكنبة بالدهناء. و"الجوعاء": من الرمل. و"المرطء": الإزار. و"نير": علمه. و"المرحل": الموشي على لون الرحال.
24 - إلى ملعب بين الحواءين منصف ... قريب المزار طيب الترب مسهل
"الحيراءان": أبيات مجتمعات، يريد: ملعباً بين الِحواءين. "منصف"، يقول: هو بين الحواءين وسط. و"مسهيل": سهل، قد انحدر عن الغلظ.
25 - تلاقى به حور العيون كأنها ... مها عقد محرنجيم غير مجفل
"مجرنجيم": مجتمع، أي: تلاقى بهذا الملعب كأنها بقر. "عقد": رمل متعقد بعضه إلى بعض "غير مجفل": غير منكشف ذاهب، أي: هي مقيمة.
131 ب 26 - ضرجن البرود عن تراثب حرة ... وعن أعين قتلتنا كل مقتل
أصل "الضرج": الشق، أي: فتحن البرود.
و"حرة": عتيقة كريمة. و"الترائب": عظام الصدر.
27 - إذا ما التقين من ثلاث وأربع ... تبسمن إيماض الغمام المكلل
يريد: ثلاثاً وأربعاً، كقولك: "ما رأيت من رجل خير منه" تريد: رجلاً. "مكلل" بالسماء، يعني: الغمام. ومن قال: "المكلل" أراد: تبسم البرق.
28 - يهادين جماء المرافق وعثة ... كليلة حجم الكعب ريا المخلخل
"يهادين". أي: يمشين معها، عن يمينها وشمالها. وجاد في الحديث: "كان الرجل يجاء به وإنه ليهادي بين رجلين حتى يدخل المسجد". وقوله: "وعثة"، أي: لجمة لينة، شبهها بالمكان الوعث اللين. و"كليلة"، يريد: ليست بجديدة حجم الكعب. و"الحجم": ما نستأمن العظم. فيقول: هي "جماء المرافق": ليس لمرفقها حجم. و"ريا المخلخل"، أي: ممتلئة موضع الخلخال.
29 - أناة بخنداة كأن حقابها ... إذا انجردت من كل درع ومفضل
"أناة": بطيئة القيام، فيها تمكث. و"بخنداة": حسنة الخلق، ضخمة العظام. و"المفضل": الثوب تفضل به.
131 أ 30 - على عانك من رمل يبرين رشه ... أهاضيب تلبيد فلم يتهيل
يقول: كان حقابها على "عانك"، يريد: رملاً، أصابه أهاضيب فتلبد و"الأهاضيب": دفعات من المطر ضعاف. "فلم ينهل" يريد: لم يتنالو ويسيل.
31 - هضيم الحشا يثني الذراع ضجيعها ... على جيد عوجاء المقلد مغزل
"هضيم الحشا": منضم ليس بمنتفخ. و"الجيد": العتق. و"عوجاء المقلد": تميل عنقها. و"مغزل": ظبية معها غزال.
32 - تعاطيه أحياناً إذا جيد جودة ... رضاباً كطعم الزنجبيل المعسل
يريد: تعاطيه رُضَابَاً. "إذا جيد"، إذا عطش عطشة. و"الجراد": العطش. و"الرضاب": قطع الريق، وقطع الندة أيضاً.
33 - [فباتا بأطراف الشفا يرشفانه ... على واضح الأنياب عذب المقيل]
["الشفا"، يريد: الشفاء. و"الرشفان" يستقصي الشرب].
34 - رشيف الهجانين الصقا رقرقت به ... على ظهر صمد بغشة لم تسيل
يريد: كرشيف الهجانين الصفا. يقول: يلتئم فاها كبعيرين كريمين أبيضين يرشفان الصفا من شدة العطش. وأصابت الصفا "بغشة": وهي المطرة الضعيفة، فهما يرشفانها من العطش.
35 - عقيلة أتراب كأن بعينيها ... إذا استيقظت كحلا وإن لم تكحل
"عقيلة أتراب" أي: خيار أقرانها.
36 - إذا أخذت مسواكها صقلت به ... عذاباً كنوز الأقحوان المهطل
132 ب/ "المهطل": أصابه "الهطل": وهو المطر. و"العذاب": الأسنان.
37 - ليالي مي لم يحاربك أهلها ... ولم ترجل الحي النوى كل مزجل
"لم يحاربك": لم يقاتلك. و"لم تزجل": لم تقذف ولم ترم.
38 - تقارب حتى يطمع التابع الصيا ... وليست بأدنى من إياب المنخل
يريد: تقاربه في القول، وهي في الفعال بعيدة حتى يطمع الذي تبع الصبا. وليست بأقرب من إياب المنخل، أي: هي في البعد مثل ذاك. و"المنخل": رجل ذهب في الزمن الأول يطلب قرظاً فلم يرجع.
39 - ألا رب ضيف ليس بالضيف لم يكن ... لينزل إلا بامرئ غير زمل
"ألا رب ضيف"، أي: ألا رب هم لم يكن لينزل إلا بكل رجل شديد غير ضعيف. و"الزمل": الضعيف. يقال: زمل وزمال وزميل وزميله".
40 - أتاني بلا شخص وقد نام صحبتي ... فبيت بليل الآرق المتململ
يعني: الهم، أقالي بلا شخص. و"المتململ": الذي يتلوى على فراشه مما به من الهم، كالذي يجد مليلة فلا ينام. و"المليلة": الحمى الباطنة، ومنه خبز "الملة": وهي الرماد الحار.
41 - فلما رأيت الصبح أقبل وجهه ... علي كإقبال الأغر المحجل
42 - رفعت له رحلي على ظهر عرمس ... رواع الفؤاد حرة الوجه عيطل
133 أ/ "عيطل": طويلة العنق. وقوله: رفعت له رحلي"، أي: الهم. فيقول: وكبت ومضيت. و"رواع": ذكية و"العرمس": الشديدة.
43 - طوت لقحاً مثل السرار فبشرت ... بأسحم ريان السيبية مسبل
"طوت"، أي: ضعت "لقحاً"، أي: حملاً مثل السرار. يقول: الولد دقيق في أول حملها، خفي مثل الهلال ليلة يستسمر في آخر الشهر. و"ريان الصبية"، يقول: عظم ذنبها رطب ناعم ليس بيابس. و"سبل": طويل مسترسل. وقوله: "فبشرن:، أي: شالت بذنبيها لما عملت، وهي علامة الحمل. و"أسحم": ذنبها، وهو الأسود. وإنما هو "العسيب"فأنثه.
44 - إذا هي لم تعسر به ذببت به ... تحاكي به سدو النجاء الهمرجل
يقول: إذا "لم تعسر" بذنبها، أي: تشول به، ذببت به تحاكي به سدو النجاة. وقال: ذنب الناقة يركب حاذيها، فإذا خطت برجلها اليمنى في السير ركب ذنبها اليسرى. وإذا خطت باليسرى ركب الذنب اليمنى، فذلك محاكاتها، لأنها ترفعه مرة فتصيره على هذه الحال ومرة على هذه الحال. و"السدو": رمي اليد في السير. و"الهمرجل":الذي يخلط في مشيته. وقال: "هذا بيت قل من يعرف تفسيره".
45 - كما ذببت عذراء غير مشيحة ... بعوض القرى عن فارسي مرفل
يقول: تذبب بذنبيها كما تذبب عذراء عن رجل فارسي. "مرفل": مشرف مؤمر. و"غير مشيحة"، أي: غير جادة، ذبت ذباً رفيقاً غير سريعة. و"المشيح"- في لغة قيس وتميم-: الجاد في الأمر. وعند غير تميم هو المحاذير.
133 ب 46 - بأذناب طاؤوسين ضمت عليهما ... جميعاً وقامت في بقير ومرفل
يريد: ذببت العذراء بأذناب طاؤوسين، أي: من مراوح تعمل منها. و"البقير": مدرعة لا كمي لها، يشق وسطها، فتلبسه الجارية. و"مرفل": سابغ.
47 - كأن حبابي رملة حيوا لها ... بحيث استقرت من مناخ ومرسل
"الحباب": الحية. و"حبوا": دبا "لها": للناقة. وإنما عني به الزمام. من "مناخ"، يعني: الزمام. و"مرسل": الموضع الذي أرسلت فيه الناقة.
48 - مغار ومشزور بديعان فيهما ... شناح كصقب الطائف المتنخل
"مغار": مفتول، يعني: الزمام. و"المشزور": الذي يقتل على غير الجهة، على اليسار. و"بديعان": جديدان ابتدعا. و"شناح": عتق طويل. و"الصقب": العمود الطويل. و"الطائف": بلاد وراء مكة تسب العمود إليه. و"متنخل": متخير.
49 - تزم بي الأركوب أدماء حرة ... تهوز وإن تستذمل العيس تذمل
أي: تصير أمام الركب كالزمام تقدمهم. و"تستذمل":يطلب منها الدميل، تذمل. و"الذميل": فويق العنق. و"تهوز" تهز رأسها.
50 - سناد سبنتاة كأن مجالها ... ضريس بطي من صفيح وجندل
"سناد": مشرفة. و"سبنتاة": جريئة. و"المحال": فقار الظهر. "الضريس": البئر المطوية بالحجارة. يقال: "بئر مضروسة وضريس". وقوله: "بطي من/ صفيح وجندل": يطوى بهما البئر. و"الصفيح" من الحجارة: الفطح العراض. و"الجندل": الحجر الملسلم المجتمع المدور. شبه الفقار بالجندل، وشبه الصفيح بلحم المتنين، وشبه ظهرها ببئر قد طويت بالحجارة في الصلابة.
51 - رعت مشرفاً فالأحبل المفر حوله ... إلى رمث حزوى في عوازب أبل
"مشرف": كثب. و"الأحبل": من الرمل، الواحد: "حبل": وهو ما طال منه. و"العذر": بيض تضرب إلى الحمرة. و"عوازب": ترعى عازبة تبيت عن أهلها، وهي النوافس. و"أبل": جزأت عن الماء بالرطب، أي: اكتفت بالرطب عن الماء. وأراد: رعت هذا الموضع إلى رمث حزوى في عوازب أبل.
52 - ذخيرة رمل دافعت عقداته ... أذى الشمس عنها بالركام العقنقل
ويروي: "ذخائر رمل" وقال: "ذخيرة"، يعني: ما خبأ من الرطب ولم يؤكل، أي: رعت مشرفاً ذخيرة رمل. ودافعت عقدات هذا الرمل عن الذخيرة أذى الشمس، وهي ما في الرمل من الرطب، كأن الرمل خبأه وذخره فلم يركل. و"العقد": ما تعقد من الرمل وكثر. و"العقنقل": كثب بتعقد بعضه ببعض. و"الركام": ما تراكم من الرمل.
53 - مكوراً وجدراً من رخامى وخلقة ... وما اهتز من ثدائه المتربل
"المكر" و"الجدر": نبتان. و"الرخامى": ضرب من النبت. و"الخلقة": ثمرة تخلف بعد ثمرة. و"ما اهتز عن ثدائه" أي: نبت وتحرك. و"الثداء": نبت و"المتربل": الذي "يتربل": ينبت في الصيف في برد الليل من غير مطر.
13 ب 54 - هجائن عن ضرب العصافير ضربها ... أخذنا أباها يوم دارة مأسل
"هجائن": إبل كرام. و"العصافير": إبل كانت للنعمان. و"يوم دارة مأسل": وقمة.
55 - تخال المها الوحشي لولا تبينها ... شخوص الذرى للناظر المتأمل
أي: تمفال هذه الإبل البقر الوحش لولا أنعميتها وشخوص تبينها للنظار. و"المتأمل": المتثبت. و"شخوصها": ارتفاعها.
56 - إذا عارض الشعري سهيل بجهمة ... وجوزاءها استغنين عن كل منهل
إذا طلع الشعري ببقية من الليل من قبل المشرق وعارضها سهيل. يقول: إذا كان هذا الوقت استغنين عن الماء بالرطب. و"الجهمة": بقية من سواد الليل في آخره.
57 - وعارضن مياس الخلاء كأنما ... يطفن إذا راجعنه حول مجدل يقول: لما خلا هذا الموضع من فحل يخاطره خلا له الموضع، فهو يتبختر فيه. و"المجدل": القصر، شبه الفحل به. "إذا راجعنه"، إذا عدن إلى الفحل.
58 - كأن على أنبائهن فريقة ... إذا ارتعن من ترجيع آدم سحبل
"النسا": عرق يكون في الفخذ، بآخذ إلى الرجل. و"الفريقة": حلبة وتمر يطبخ، شبه أبوالهن بها "إذا أوتعن"، أي: فزعن. "من ترجيع آدم"، يعني: الفحل. و"صحبل": ضخم. وإنما شبه البول بالفريقة لأن الإبل إذا أكلت اليبيس خشرت أبوالها.
135 أ 59 - بأصفر ورد آل حتى كأنما ... يسوف به البالي عصارة خردل
"بأصفر": ببول. و"آل": خثر. "كأنما يسوف البول"،يقول: إذا شمها فكأنما يشم عصارة خردل. لأنه يشمها، ثم يشمخ بأنفه. و"السوف": الشم. و"البالي": الفعل يتشممها، يبلوها ويجربها: ألافح أم غير لاقح؟ والباء التي في "به" راجعة على البول.
60 - وكائن تخطت ناقتي من مفازة ... ومن نائم عن ليلها متزمل
"كائن"، يريد: كم تخطت من إنسان نائم متزمل في ثيابه.
61 - ومن جوف ماء عرمض الحول فوقه ... متى يحس منه ماثح القوم يتفل
"الجوف": المطمئن من الأرض. و"العرمض": الخضرة على رأس الماء. و"عرمتي الحول": أتى عليه حول. و"المائح": الذي يغرف بيده. و"يتفل": يبصق من ملوحته.
62 - به الذئب محزون كأن عواءه ... عواء فصيل آخر الليل محتل
يقول: بهذا الموضع الذئب محزون لأنه في قفر، فهو بشر لا يجد ما يأكل. وشبه عواءه بصوت فصيل سيء الغذاء وهو: المحشل. يقول: لأنه في آخر الليل أجوع ما يكون.
63 - يخب ويستنشي وإن نأت نبأة ... على سمعه ينصب لها ثم يمثل
135 ب الذئب "يخب" في مشيه، و"يستنشئ": يتشعم. و"النبأة": الصوت الخفي. / و"ينصب": يقوم وينتصب ولا يمشي. ويروي: "يتعيت".
64 - أفل وأقوى فهو طاو كأنما ... يجاوب أعلى صوته صوت معول
"أفل"، يعني: الذئب، وقع في أرض "فل": ليس فيها مطر ولا شيء. و"أقوى": يكون أقوى من زاد، ويكون صار في "القواء": في الخلاء، يريد: الخلاء، فهو "طاو"، يعني: ضامر من الجوع. "معول": كأنما يجاوبه رجل يصيح.
65 - وكم جاوزت من رملة بعف رملة ... وصحراء خوقاء المسافة هوجل
"خوقاء": بعيدة، و"المسافة" ما بين كذا إلى كذا، يريد: ما بين الأرضين. و"هوجل": أرض بعيدة، لا يتجه لها. ويقال: امرأة هوجل، إذا كان فيها كالهوج.
66 - بها رفض من كل خرجاء صعلة ... وأخرج يمشي مثل مشي المخبل
"بها": بهذه الصحراء (رفض": وهو ما تفرق من النعام. و"الخرجاء": النعامة فيها بياض وسواد. و"المخبل": الذي لا يقدر يبسط يده ورسملة، أي: كان به الفالج، أي: هو مضطرب المشية، يعني: الظليم.
67 - على كل حزباء رعيل كأنه ... حمولة طال بالعبية مهمل
"الحزباء": المكان الغليظ المطرد. و"الرعيل": قطيع من النعام كأنه "حمولة" أي: كأن النعام إبل قد طليت 136 أبالقطران. و"الطالي": الذمي يطليها بالعنية. "مهمل": أهملها أرسلتها هذا الطالي. و"العنية": أبوال/ الإبل تطبخ وتخلط، ثم تعتق بالقطران، تطلى به الإبل. شبه ستراد النعام بإبل قد طليت بالعنية، وهي ما وصفنا.
68 - ومن ظهر قف من تطأه ركابه ... على سفر في صرة القيظ ينعل
يريد: كم جاوزت من ظهر قف. و"صرة القيظ": شدته و"ينعل" من الحفاء. و"القف": ما غلظ من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلاً في ارتفاعه. يقول: من تطأ ركابه ظهر هذا القف ينعلها. من غلظه وخشونته.
69 - تظل به أيدي المهاري كأنها ... مخاريق تنبؤ عن سياسي قحل
يريد: تظل أيدي المهاري بظهر هذا القف قنبر عن سياسي قحل كأنها مخاريق. [و] "السياسي" من الأرض: الصلبة اليبس. وأصل "السيساءة": فقار الظهر. و"قحل": يبس. ومن صير المخاريق: السيوف، فأراد: كأن أيديها سيوف تنبو عن سياسي قحل من صلابتها وغلظها. ويروي: "عن سناسين"، يريد: أطراف الفقار، شببها في صلابتها بفقار الظهر.
70 - ترى صمده في كل ضح تعينه ... حرور كتشعال الضرام المشعل
يريد: صدد التف، و"الصمد": الغليظ المشرف من الأرض. في كل "ضيح"، يريد: الشمس. تعينه "حرور"، يعني: السموم. يريد: تعين الضح. و"الضرام": الحطب الدقيق تسرع فيه النار، واحدته: "ضرمة".
136 ب 71 - يدوم رقراق السراب برأسه ... كما دومت في الخيط فلكة مغزل
"الرقراق" يدوم برأس هذا الصمد، يقال: ترقرق"، إذا جاء وذهب.
72 - ويضحي به الرعن الخشام كأنه ... وراء الثنايا شخص أكلف مرقل
"الرعن": أنف الجبل. والخشام: الغليظ، كأنه يريد: كان الرعن وراء "الثنايا": وهي العقاب الغلاظ شخص "أكلف"، يريد: شخص يسير أكلف يضرب إلى السواد كلون المقل، و"مرقل": يرقل في سيره.
73 - لعلك يا عبد امرئ القيس مقعياً ... بمرأة فعل الخامل المتذلل
يريد: لعلك في حال إفعائك مسلم. و"مرأة": ذرية. و"الحامل": الذي لا ذكر له.
74 - مسلم إذا اصطك العراك وأزحلت ... أباك بنو سعد إلى شر مزحل
"أزحلت": أبعدت وفحت، يريد: لعلك مفاخر بقوم كقومي. و"العراك": المزاحمة.
75 - بقوم كقومي أو لعلك فاخر ... بخال كزاد الركب أو كالشمردل
زاه الركب والشمردل: رجلان من قومه.
76 - ومعتد أيام كأيامنا التي ... ... رفعنا بها سمك السماء المطول
[يريد: لعلك مسلم ومعتد أيام كأيامنا، أي: رفعنا بها شرفاً].
137 أ 77 - كيوم ابن هند والجفار وقرقري ... ويوم بذي قار أغر محجل
[هذه الأيام كلها لم يكن فيها لربابي حظ، ولكنه تمعدد عليه] "الجفار" و"قرقري": وقعات. و"محجل": مشهور.
78 - إذا الخيل من وقع الرماح كأنها ... وعول أشارى والوغى غير منجل
قوله: "كأنها وعول"، يريد: في وثبها. و"أشارى": من الأسر، مثل: "سكران وسكارى". و"الوغى": الصوت والضجة في الحرب. "منجل": منكشف.
79 - وقد جرد الأبطال بيضا كأنها ... مصابيح تذكو في الذبال المفتل
"بيضا"، يريد: سيوفاً كأنها النيران. و"تذكر": توقد. و"الذبال": الفتائل.
80 - على كل منشق النسا متمطر ... أجش كصوب الوابل المتهطل
على كل "منشق النسا"، يريد: فرساً، وذاك أنه سمين، فصار نساه في مثل الجدول، لأن اللحمة تفرجت عنه، ومنه قول أبي ذؤيب:
متفلق أنساؤها عن قانئ ... كالقوط صلوغبوة لا يوضع
و"المتمطر": الذاهب في سيره. "كالوابل": كالمطر الشديد الوقع القليل العرض. و"أجش": غليظ الصوت، ويستحب ذلك في الخيل، ومنه قول الجعدي:
ويعبل في مثل جوف القليب ... سهيلاً يبين للمعرب
ومنه قول لبيد:
بأبعش الصوت يعبوب إذا ... طوق الحي من الغور صهل
81 - وشوهاء تعدو بي إلى صارخ الوغى ... بمستلئم مثل البعير المدجل
137 ب / "الشوهاء": الفرس الطويلة. وقال غير الأصمعي: الحديدة النفس الذكية. و"مستلئم": رجل عليه "لأمة"، أي: درع. و"المعجل": المطلي بقطران، يقال: "دجل"، أي: طلي أجمع.
82 - متى ما يواجهها ابن أنثى رمت به ... مع الجيش يبغيها المغانم تثكل
ويروى: "متى ما يواكفه"، يريد: متى ما يوجه هذه الفرس ابن أنثى، أي: رجل. "يبغى": يطلب لأمه المغانم. "تثكل"، أي: تشكل ابنها. ومن قال: "يواكفه"، أي: يوازيه ويحاذيه. ويروي: "متى ما يوجهها ابن أنثى"، يريد: متى ما يوجهها المستلئم، وهو ذو الرمة. "رمت به مع الجيش، يعني: هذه الفرس. وقوله: "رمت به مع الجيش" فـ "رمت" صلة لأنثى وهي أم الذي تشكله، و"أنثى":
نكرة، فصيرت "رمت" صلتها. وموضع "يبغيها": حال، أي: رمت به مع الجيش باغياً المغانم.
83 - ونحن انتزعنا من شميط حياته ... جهاراً وعصبنا شتيراً بمنصل
"شتير": من بني عامر بن صعجمة. و"عصبتا"، أي: عممناه بالسيف.
84 - ونحن انتجعنا أهلنا بابن جحدر ... تغنيه أغلال الأسير المكبل
"ابن جحدر": من ربيعة، أبو المسامعة، صاحب تحلاق اللمم.
85 - وملتمس يا ابن امرئ القيس إن رمت ... بك الحرب جالي صعبة المترجل
138 أ / "المترجل"، يريد: الموضع الذي يضع رجله عليه. يريد: أصلك مسلم وملتمس./ و"جالي صعبة المترجل"، يريد: رجلاً ينزلئها برجليه شديداً.
86 - قتيلاً كبسطام ترامت رماحنا ... به بين أقواز الكثيب المسلسل
و"بسطام": قتلته بنو ضبة، يفخرون به. و"المسلسل": المتعقد. و"الفوز" من الرمل: ما اعوج وانعطف.
87 - وعبد يغوث استنزلته رماحنا ... ببطن الكلاب بين غاب وقسطل
"عبد يغوث": من بني الحارث بن كعب. قوله:"بين غاب"، أراد: الرماح، كأنها أجمة. و"القمطل": الغبار.
88 - عشية يدعو الأيهمين فلم يجب ... ندى صوته إلا بقتل معجل
"الأيهان": ملكان من ملوك غسان. و"ندى صوته". ارتفاعه وبعد ذهاب. يقال: ما أندى صوته، يريد: ما أشد ذهابه.
89 - عليك امرأ القيس التمس من فعالها ... ودع مجد قوم أنت عنهم بمعزل
يريد: التمس من فعال امرئ القيس تجد فعالها بدار الذل.
90 - تجده بدار الذل معترفاً بها ... إذا ظعن الأقوام لم يتحول
معترفاً بها، أي: أنت معترف بها، أي: بالذل باق.











مصادر و المراجع :

١- ديوان ذي الرمة شرح أبي نصر الباهلي رواية ثعلب

المؤلف: أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي (المتوفى: 231 هـ)

المحقق: عبد القدوس أبو صالح

الناشر: مؤسسة الإيمان جدة

الطبعة: الأولى، 1982 م - 1402 هـ

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم مسلسل واحد)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید