المنشورات
تصعلك امرئ القيس
ثم لم يزل امرؤ القيس مع صعاليك العرب حتى أتاه خبر مقتل أبيه وهو بدمُّون من أرض اليمن وقيل: من الشام. وأخبر ابن السكيت: أن حجرًا أباه لَمَّا طعنه بعض بني أسد ولم يجهز عليه أوصى ودفع كتابه إلى رجل من بني عجل، يقال له عامر الأعور، وقال له: انطلق إلى ابني نافع، فإن بكى وجزع، فالهُ عنه واستقرِ أولادي، واحدًا واحدًا حتى تأتي امرأ القيس، وكان أصغرهم، فإن لم يجزع فادفع إليه سلاحي وخيلي ووصيتي. وقد كان بيَّن في وصيته من قتله وكيف كان خبره.
فانطلق الرجل بوصيته إلى نافع ابنه، فأخذ التراب، فوضعه على رأسه، ثم استقراهم واحدًا واحدًا، فكلهم فعل ذلك، حتى أتى امرأ القيس، فوجده في دمُّون مع نديم له يشرب ويلاعبه بالنرد، فقال له: قتل حجر.
فلم يلتفت إلى قوله وأمسك نديمه. فقال له امرؤ القيس: اضرب فضرب حتى إذا فرغ قال: ما كنت لأفسد عليك دَستك.
ثم سأل الرسول عن أمر أبيه كلِّه فأخبره فقال:
تطاول الليل علينا، دَمُّون ... دَمُّون! إنا معشرٌ يَمَانُون
وإننا لأهلنا مُحِبُّون
وقال أيضًا:
خليليَّ ما في الدار مصحىً لشاربٍ ... ولا في غَد إذ ذاك ما كان مشربُ
ثم قال: ضيَّعني أبي صغيرًا وحَمَّلني دمه كبيرًا. لا صحوَ اليوم ولا سكر غدًا اليوم خمر وغدًا أمر1. اليوم قحاف، وغدًا نِقاف2.
فذهب القولان مثلًا:
ثم شرب سبعًا. فلما صحا آلى أن لا يأكل لحمًا، ولا يشرب خمرًا، ولا يدهن بدهن، ولا يلهو بلهو، ولا يغسل رأسه من جنابة، حتى يدرك بثأر أبيه فيقتل من بني آله مائة ويجزّ نواصي مائة، وفي ذلك يقول:
أَرِقْتُ وَلَمْ يأرَق لِمَا بِيَ نَافعُ ... وهاجَ لي الشوقَ الهموم الرَّوادع1
ولَمَّا جنه الليل رأى برقًا فقال:
أرقت لبرق بليل أهَلْ ... يضيء سناه بأعلى الجبل2
أتاني حديث فكذبته ... بأمر تزعزع منه القلل3
بقتل بني أسد رَبَّهم ... ألا كل شيء سواه جلل4
فأين ربيعة عن ربها ... وأين تميم، وأين الخول5
ألا يحضرون لدى بابه ... كما يحضرون، إذا ما استهل6
مصادر و المراجع :
١- شرح المعلقات السبع
المؤلف: حسين بن
أحمد بن حسين الزَّوْزَني، أبو عبد الله (المتوفى: 486هـ)
الناشر: دار
احياء التراث العربي
الطبعة: الأولى
1423هـ - 2002 م
12 أبريل 2024
تعليقات (0)