المنشورات

من هو طرفة

لم يكن طرفة مجرّد شاب غرير قال الشعر، وهو يافع، وظل يقوله حتى عُلّق على خشب الصلب، ويد المنية تلتف حول عنقه.
كذلك لم يكن طرفة مجرد شاعر قتله الشعر في ريعان صباه وهو ابن العشرين ربيعًا.
إنما كان طرفة نموذجًا فريدًا لتجربة حياتية عميقة، غنية، صادقة التمثيل لما هو عليه إنسان الجاهلية الضائع بين متطلبات عيش كثيرة يقابلها شحّ في الموارد كبير، وبين حياة اجتماعية شديدة الحرية ظاهرًا، مكبلة عمليًّا بقيود العرف والعادات والتقاليد يصعب على نفس جياشة وقلب متوقد، الالتزام بها دون صدام، دون تمرد، دون كلمة احتجاج أو سخرية مُرَّة.
لقد اشتهر طرفة بمعلقته التي عدت ثاني معلقات الجاهلية أهمية ... وعُرف طرفة بالصورة التي أعطاها عن نفسه في هذه المعلقة، صورة المظلوم يعتب على ظالميه من أهله ويتألم من جفوتهم، في حين لا يريد لهم إلا الخير، ويقدم لهم شعره وسيفه يذودان عنهم ويطعنان في أعدائهم؛ وصورة الشاب المقبل على الحياة يعب منها وكأنه مع العمر في سباق، أو كأنه استشعر قصر العمر فأحب أن يستغل كل دقيقة منه في استنفاد المتع.... لكن هذه الصورة تمثل جانبًا واحدًا من شخصية طرفة. لأن هذا الشاعر يجسد خير تجسيد عنفوان العربي وإباءه، كما يمثل تعلقه بقومه وحفاظه عليهم واستخفافه بكل كبير وإن ملكًا، لثقته بأن قومه يصنعون الملوك وقد يهزون عرشًا أو يدكون قصرًا.










 مصادر و المراجع :

١- شرح المعلقات السبع

المؤلف: حسين بن أحمد بن حسين الزَّوْزَني، أبو عبد الله (المتوفى: 486هـ)

الناشر: دار احياء التراث العربي

الطبعة: الأولى 1423هـ - 2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید