المنشورات

قتل عمرو بن كلثوم لعمرو بن هند سنة 570م:

يظهر أن الملك عمرو بن هند أضمر للشاعر عمرو بن كلثوم الحقد لما رأى عنده من شدة فخر، وتباهٍ، وتشامخ فأراد أن يذله بإذلال أمه، ورُوي أنه قال ذات يوم لندمائه: هل تعلمون أحدًا من العرب تأنف أمه من خدمة أمي؟ فقالوا: نعم! أم عمرو بن كلثوم. قال: ولِمَ؟ قالوا: لأن أباها مهلهل بن ربيعة، وعمها كليب وائل أعز العرب، وبعلها كلثوم بن مالك أفرس العرب، وابنها عمرو، وهو سيد قومه. فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يستزيره، ويسأله أن يزير أمه أمه، فأقبل عمرو من الجزيرة إلى الحيرة في جماعة بني تغلب، وأقبلت ليلى بنت مهلهل في ظعن من بني تغلب. وأمر عمرو بن هند برواقه، فضرب فيما بين الحيرة والفرات، وأرسل إلى وجوه أهل مملكته، فحضروا في وجوه بني تغلب. فدخل عمرو بن كلثوم على عمرو بن هند في رواقه1، ودخلت ليلى وهند في قبة من جانب الرواق، وكانت هند عمة امرئ القيس بن حجر الشاعر، وكانت أم ليلى بنت مهلهل بنت أخي فاطمة بنت ربيعة التي هي أم امرئ القيس، وبينهما هذا النسب، وقد كان عمرو بن هند أمر أمه أن تنحي الخدم2 إذا دعا بالطُّرَف3، وتستخدم ليلى. فدعا عمرو بمائدة، ثم دعا بالطرف فقالت هند: ناوليني يا ليلى ذلك الطبق. فقالت ليلى: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها. فأعادت عليها، وألحت، فصاحت ليلى: وأذلاه! يا لتغلب! فسمعها عمرو بن كلثوم، فثار الدم في وجهه، ونظر إليه عمرو بن هند، فعرف الشر في وجهه، فوثب عمرو بن كلثوم إلى سيف لعمرو بن هند معلق بالراق ليس هناك سيف غيره، فضرب به رأس عمرو بن هند، ونادى في بني تغلب، فانتهبوا ما في الرواق، وساقوا نجائبه، وساروا نحو الجزيرة4.
وقد افتخر شعراء تغلب بقتل ابن كلثوم عمرَو بن هند، فقال الفرزدق يرد على جرير في هجائه الأخطل "من الكامل":
ما ضر تغلب وائل أهجوتها ... أم بلت حيث تناطح البحران
قوم هم قتلوا ابن هند عنوة ... عمرًا، وهم قسطوا على النعمان5
وقال أفنون التغلبي مفتخرًا "من الطويل":
لعمرك ما عمرو بن هند وقد دعا ... لتخدم ليلى أمه بموفق
فقام ابن كلثوم إلى السيف مصلتا ... فأمسك من ندمانه بالْمُخَنّق1
وجلله عمرو على الرأس ضربة ... بذي شطب صافي الحديدة رونق2
وكان لعمرو أخ يقال له مرة، فقتل المنذر ابن النعمان وأخاه، وإياه عنى الأخطل بقوله لجرير "من الكامل":
أبني كليب إن عمي اللَّذا ... قتلا الملوك وفككا الأغلالا3










مصادر و المراجع :

١- شرح المعلقات السبع

المؤلف: حسين بن أحمد بن حسين الزَّوْزَني، أبو عبد الله (المتوفى: 486هـ)

الناشر: دار احياء التراث العربي

الطبعة: الأولى 1423هـ - 2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید