المنشورات

فديناك أهدى الناس سهمًا إلى قلب ... وأقتلهم للدارعين بلا حرب

هي من الطويل الأول في قول الخليل, وفي قول غيره من السحل الأول إلا أنه لا يجعله في أول شيء من ضروبه, وقافيتها من المتاتر.
أفعل إذا كان للتفضيل فبينه وبين أفعل الذي للتعجب مناسبةً؛ وذلك أنه يقال: هذا أقول منه, وما أقوله, فتصح الواو في المثالين.
وتمتنع أن يقال: هذا أحمر من هذا؛ أي: أشد حمرةً, كما يمتنع أن يقال: ما أحمرة أي: ما أشد حمرته.
وفعل التعجب يبنى من الأفعال الثلاثية, وهي ثلاثة أبنية, وهي: فعل وفعل وفعل, ولا يبنى إلا من فعلٍ قد سمي فاعله, ولا يجوز أن يبنى من فعلٍ فاعله غير مسمى, فيقال: ما أضرب أخاك؛ لأن هذا اللفظ مأخوذ من قولهم: ضرب أخوك, ثم وقع التعجب من كثرة ضربه أو شدته. فإذا قلت: ضرب أخوك لم يحسن أن تقول: ما أضرب أخاك, وأنت تريد ما أشد الضرب الذي ضربه.
وقوله: أهدى الناس سهمًا يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون مأخوذًا من قولهم: هدى الوحشي إذا تقدم, فيكون سهم منصوبًا على التمييز, ويكون أفعل مبنيًا من فعل له فاعل, ويكون الفعل للسهم, والآخر أن يكون الفعل للمخاطب من قولهم: هديته الطريق؛ فإذا حمل على ذلك فسهم ينتصب بفعل مضمر يدل عليه قوله: أهدى؛ لأن فعل التعجب لا يجوز أن ينصب مفعولًا, وكذلك أفعل الذي للتفضيل, وعلى ذلك حملوا قول الشاعر: [الطويل]
فلم أر مثل الحى حيا مصبحًا ... ولا مثلنا لما التقينا فوارسا
أكر وأحمى للحقيقة منهم ... وأضرب منا في اللقاء القوانسا
نصب القوانس بفعل مضمر كأنه قال: وأضرب منا في اللقاء فتم الكلام, وأضمر نضرب القوانس. والدارع: الذي عليه الدرع.
وقوله: (8/ب):
تفرد بالأحكام في أهله الهوى ... فأنت جميل الخلف مستحسن الكذب
الأفصح الكذب, وهم ينقلون فعلًا إلى فعل كثيرًا, فيقولون: كبد وكبد, وكتف وكتف.
وقوله:
ومن خلقت عيناك بين جفونه ... أصاب الحدور السهل في المرتقى الصعب
الحدور: كل مكانٍ ينحدر فيه, فهو عندهم أسهل من الصعود؛ لأن الصعود شاقةً, ولذلك قالوا: تصعدني هذا الأمر إذا شق علي, ومنه قوله تعالى: {سأرهقه صعودًا} , وقال الهذلي: [الوافر]
وإن سيادة الأقوام فاعلم ... لها صعداء مطلبها طويل
وكلام أبي الطيب مؤد هذا المعني كأنه قال: أصاب الحدور السهل في الصعود, والصعود والحدور يستعملان على التأنيث, وذكر الحدور هاهنا؛ لأنه جعله كالنعت لمكان.











مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید