المنشورات

إنما بدر بن عمارٍ سحاب ... هطل فيه ثواب وعقاب

هذه الأبيات على مذهب الخليل مبنية على أصل الرمل, فلم يذكر الخليل مثلها فيما وضع, ولا يوجد مثلها في أشعار المتقدمين, وقد ذكروا أبياتًا لرجل من قريش قيلت في الإسلام, وهي على وزن هذه الأبيات, وهي:
إن ليلي طال والليل قصير ... طال حتى ما أرى الصبح ينير
ذكر أيامٍ غرتنا منكراتٍ ... حدثت فيها أمور وأمور
فالذي يأمر بالغي مطاع ... والذي يأمر بالرشد دحير
والبيت المصرع من أولها قد استعملت العرب مثله, وإنما الذي لم يوجد لها نظير ما كان غير مصرعٍ, وهو يزيد حرفين على ما جرت العادة باستعماله, كقوله:
إنما بدر عطايا ورزايا ... ومنايا وطعان وضراب
قوله يا في نصف البيت الأول زيادة على ما تستعمله العرب, وكذلك قوله:
بأبي ريحك لا نرجسنا ذا لو حذف ذا لكان موازنًا لشعر العرب المستعمل ولكنه زادها ليكون به البيت على منهاج الأبيات التي قبله والنرجس أعجمي معرب (16/أ) وقد حكي بكسر النون. والفتح الوجه.
وقوله:
طاعن الفرسان في الأحداق شزرًا ... وعجاج الحرب للشمس نقاب
يقال: طعنه شزرًا؛ أي: عن اليمين والشمال, والعجاج: الغبار. يقال: عجاج وعجاجة. يقال: عجت العجاجة تعج, وينشد لرجلٍ من فهم بن عمرو بن عدوان, وقد روي للشنفرى: [الطويل]
فإني زعيم أن تعج عجاجة ... على ذي كساءٍ من سلامان أو برد
وقوله:
ليس بالمنكر أن برزت سبقًا ... غير مدفوعٍ عن السبق العراب
العراب: كأنه جمع عريب, ولم يرو أنهم قالوا: فرس عريب, ولكنهم جمعوه على هذا التقدير, كما قالوا: رجل حسان, ولم يعلم أنها قالوا: رجل حسين, وكان القياس أن يقولوه؛ لأن ماضيه حسن, فكان ينبغي أن يقال: حسن فهو حسين كما قالوا: كرم فهو كريم, وظرف فهو ظريف, وقد حكي حسين حكايةً شاذةً. وفعيل مطرد في هذا الباب.
وقوله: غير مدفوعٍ, الأجود لو أن الكلام منثور أن يقال: غير مدفوعةٍ؛ لأن «العراب» في تقدير مبتدأ, وغير مدفوع خبر مقدم. فلو قال قائل: العراب غير مدفوع عن السبق لم يكن ذلك بوجه الكلام إلا أن يحمل على قول الراجز:
مثل الفراخ نتفت حواصله حمل الفراخ على الجنس. ومن أجاز «قائم زيد» على أن يكون قائم قد سد مسد المبتدأ.
وزيد مرفوع بفعله, حسن على مذهبه أن يكون قوله غير مدفوع قد سد مسد الابتداء, و «العراب» مرفوعة لأنها اسم ما لم يسم فاعله, فكأنه قال: لا يدفع عن السبق العراب.










مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید