المنشورات

أرى مرهفا مدهش الصيقلين ... وبابة كل غلامٍ عتا

وهما من المتقارب الثالث. الصيقلين: جمع صيقلٍ, وأكثر ما يستعمل الصياقل, قال خفاف بن ندبة: [الوافر]
جلاها الصيقلون فأخلصوها ... خفافًا كلها يتقي بأثر
وقوله: بابة كلام غلامٍ: هذا كلمة قد ابتذلتها العامة حتى ظهر فيها ضعف, وقد تكلموا بها قديمًا, فيقولون: هذا بابة كذا؛ أي: يصلح له. والغلام: أصله أن يستعمل فيمن بلغ سبعًا أو ثمانيًا, ثم يقال له ذلك مادام شابا, واشتقاق الغلام في الحقيقة من الاغتلام, أي: إرادة النكاح, فكأنه يجب أن يقال لمن احتلم أو قارب الاحتلام, إلا أن الكلام قد كثر بقولهم للطفل المولود: غلام, فإنما ذلك (32/أ") على سبيل التقول؛ أي: أنه بمشيئة الله يسلم ويبلغ الحلم, وقد جعلت الأخيلية الحجاج غلامًا, ولم يل إلا وهو مكتهل؛ وذلك قولها: [الطويل]
شفاها من الداء العقام الذي بها ... غلام إذا هز القناة سقاها
ويجوز في القياس أن يسمى الشيخ غلامًا على معنى الذي كان مرةً غلامًا, كما أنك إذا رأيت طفلًا يلعب ثم رأيته بعد برهةٍ طويلةٍ وهو شيخ جاز أن تقول: هذا الطفل فلان.
ويقال: غلام وغلامة, قال الشاعر: [الوافر]
ومركضةٍ صريحي أبوها ... تهان لها الغلامة والغلام
وعتا: من ذوات الواو, يقال: عتا يعتوا عتوا؛ إذا أبى الطاعة ولزم فعلًا غير جميلٍ. وقوله تعالى: {أيهم أشد على الرحمن عتيّا} , يجوز أن يكون جمع عات مثل غاز وغزي, ويجوز أن تكون الواو قبلت ياءً في المصدر.
وإذا جعل هذا الشعر في حرف التاء؛ فالألف التي بعدها وصل, وقد يمكن أن يجعل الألف رويًا, ويكون الشاعر متبرعًا بلزوم التاء. وقد كثر في الشعر القديم مجيء فتى مع غيره من المقصورات؛ مثل: سرى ورحى, وغير ذلك. قال الراجز, ويروى للشماخ:
إنك يا بن جعفر نعم الفتى ... ونعم مأوى طارق إذا أتى
ورب ضيفٍ طرق الحي سرى ... صادف زادًا وحديثًا ما اشتهى
إن الحديث طرف من القرى
وقال الراعي النميري: [الطويل]
عجبت من السارين والريح قرة ... إلى ضوء نارٍ بين فردة والرحى
وقال فيها:
فأومأت إيماءً خفيا لحبترٍ ... فلله عينا حبترٍ أيما فتى








مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید