المنشورات

اليوم عهدكم فأين الموعد ... هيهات ليس ليوم عهدكم غد

وهي من الكامل الأول في قول الخليل, ومن السحل الرابع في قول غيره.
هيهات: بعض العرب يفتح تاءها ويقف عليها بالهاء, وبعضهم يكسر ويقف بالتاء. ومن كان من لغته أن يقول طلحت فيقف بالتاء وهو يريد طلحة جاز أن يقول: هيهات, وهو يريد الواحد, ومن كسر ذهب بها مذهب الجمع, وهي في الوجهين معرفة. فإذا ذهب بها مذهب النكرة, وهي واحد, قيل هيهاة ففتحت التاء, كما تفتح تاء أرطاةٍ في النصب, ومن كسر قال: هيهاتٍ, كما يقول: مسلماتٍ. وقالوا أيها, وأيهات في معنى هيهاتٍ, قال الشاعر: [الطويل]
ومن دونه الأعيار والقنع كله ... وكتمان أيها ما أشد وأبعدا
القنع: ما بين الرمل والجبل, وقيل: هو أسفل الرمل, والأعيار: جبال. معنى هيهات معنى البعد, فإذا قالوا: هيهات كذا, فمعناه بعيد.
وقوله: (51/ب)
الموت أقرب مخلبًا من بينكم ... والعيش أبعد منكم لا تبعدوا
استعار المخلب للموت, شبهه بمخلب الأسد؛ لأنه مهلك. وإذا قالوا: بعد الشيء يريدون ضد القرب. قالوا: يبعد وبعيد, وإذا قالوا يبعد فالماضي بعد, ومرادهم بها الهلاك, كأنهم فرقوا بين اللفظين والأصل واحد. ويقال: قوم بعد, فقيل: هو جمع باعدٍ, مثل خادمٍ وخدمٍ, وقيل: بل هو كالمصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع, قال النابغة: [البسيط]
فتلك تبلغني النعمان أن له ... فضلًا على الناس في الأدنى وفي البعد
فهذا يدل على أنهم قالوا: بعد الرجل من البعد لا من الهلاك.
وقوله:
إن التي سفكت دمي بجفونها ... لم تدر أن دمي الذي تتقلد
هذا يحتمل وجهين؛ أحدهما: أنها سفكت دمي ولم تدر أنها تتقلده؛ لأنها غافلة عنه, وهي مطالبة به. والآخر أن يريد أنها متقلدة بقلادةٍ حمراء إما من ذهبٍ وإما من غيره, فيذهب إلى أن دمه بين عليها, ويكون نحوًا من قول أبي ذؤيبٍ: [الطويل]
تبرأ من دم القتيل وبزه ... وقد علقت دم القتيل إزارها
وقوله:
قالت وقد رأت اصفراري من به؟ ... وتنهدت فأجبتها المتنهد
من شأنهم أن يقولون لمن شكا أمرًا مثل أن يقتل له قتيل, أو يؤخذ له مال: من بك؟ أي من الذي أوقعك في هذا الأمر؟ وكأنهم يريدون: من المأخوذ بك, ومن المطالب بمالك؟ وقوله: المتنهد: كأنها لما سألت عن شأنه وتنهدت بعقب ذلك جعل جوابها عما تسأل عنه قوله المتنهد, وذكر كأنه قال الذي بي الإنسان المتنهد أو الشخص. والتنهد من قولهم: نهد الشيء إذا نهض كأنه نفس يتصعد من الصدر.
وقوله:
فمضت وقد صبغ الحياء بياضها ... لوني كما صبغ اللجين العسجد
قد عاب هذا بعض الناس على أبي الطيب؛ لأن الصفرة لا تصدر عن الحياء, وإنما تكون معه الحمرة, ومثل هذا لا يمتنع؛ لأن حياءها يجوز أن يكون معه خوف من فضيحةٍ فتغلب عليه الصفرة. وقوله: لوني: في موضع نصبٍ؛ فيجوز أن يكون مفعولًا ثانيًا كما يقال: صبغت الثوب أحمر؛ أي: جعلته كذلك, ويحتمل أن يكون المراد صبغًا مثل لوني, فيكون اللون نائبًا عن المصدر المحذوف, وهو قريب من معنى المفعول.
وقوله:
فرأيت قرن الشمس في قمر الدجى ... متأودًا غصن به يتأود
يحتمل هذا البيت معنيين؛ أحدهما: أن يعني رأيت نورًا كنور قرن الشمس في وجهٍ مثل قمر الدجى. والآخر أن يعني بقمر الدجى القمر الذي يطلع بالليل, كأنه رآها في ليل فقال ذلك. والمتأود: المتعطف المتمايل, وهو من قولهم: آده إذا أثقله الشيء حتى يميله فيجعل فيه أودًا.
وقوله:
عدوية بدوية من دونها ... سلب النفوس ونار حربٍ توقد
عدوية: منسوبة إلى عدي. وبدوية نسب على غير قياسٍ, وربما اتفق ذلك في باب النسب؛ لأنها لو نسبت إلى البدو, فلو أخذ بالقياس لقيل: بدوية, بسكون الدال, ولو نسبت إلى البادية لوجب أن يقال بادية في قول من يقول إذا نسب إلى قاضٍ: قاضي, وهو الوجه المختار, ومن قال قاضوي ألزمه القياس أن يقول بادوية, وهذا مثل قولهم في النسب: قوس رضوية, وإنما القياس رضوية, بسكون الضاد. والسلب والسلب واحد عند قوم, مثل الطرد والطرد, والشل والشلل, وقيل: بل السلب بالسكون المصدر, والسلب الاسم (52/أ) , وقيل: السلب أخذ السالب ما على المسلوب, والسلب: الشيء المأخوذ, والتحريك أحسن في هذا البيت؛ لأنه مؤد معنى التسكين, وفتح اللام أفخم وأتم للوزن.
وقوله:
وهواجل وصواهل ومناصل ... وذوابل وتوعد وتهدد
الهواجل: جمع هوجلٍ, والألفاظ تختلف في تفسيره, فيقال: الهوجل: الأرض البعيدة الأطراف, ويقال: الهوجل: المهملة التي ليس فيها أعلام ونحو ذلك, واشتقاقه من الهجل.
وإذا فسرواة الهجل قالوا: أرض مطمئنة فيها صلابة, ومنه قول ابن ميادة: [الطويل]
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةً ... بحرة ليلى حيث نبتني أهلي
وهل أسمعن الدهر أصوات هجمةٍ ... تطلع من هجلٍ خصيبٍ إلى هجل
ويجوز أن يكون مأخوذًا من الهجول, وهي المرأة البغي, كأنها مباحة من شاء ألم بها, كما أن الهوجل كذلك, قال الأفوه: [السريع]
وأقطع الهوجل مستأنسًا ... بهوجلٍ عيرانةٍ عنتريس
والهوجل: من النوق الجريئة على السفر. وصواهل: جمع صاهلةٍ من الخيل؛ أي: دون هذه المرأة فرسان يمنعونها. ومناصل: جمع منصلٍ, وهو السيف. يقال له: منصل ومنصل ونصل, ويقال للسنان ونصل السهم: نصل, ولا يقال فيهما: منصل. والتهدد: يحتمل أن يكون من قولهم: رجل هد؛ أي: جبان, كأنه حمله على الجبن بما قال, أو يكون من هد الحائط.
وقوله:
أبلت مودتها الليالي بعدنا ... ومشى عليها الدهر وهو مقيد
يريد أن وطأه دام على مودتها فذلك أشد لتغيرها؛ لأن المطلق يمر مرًا سريعًا, والمقيد يتثاقل في مشيته. والعرب تصف ذلك, قال الشاعر: [الكامل]
ووطئتنا وطئًا على حنقٍ ... وطء المقيد نابت الهرم
وقوله:
أبرحت يا مرض الجفون بممرضٍ ... مرض الطبيب له وعيد العود
أبرحت: أي: صرت به إلى البرح, وهو الأمر الشديد الشاق, وسموا الداهية بنت برحٍ, وجعله مرض الجفون؛ لأنه يحملها على البكاء والسهر, وبعض الناس ينشده يا مرض, بكسر الراء, وهو قليل في الاستعمال, إنما يقولون: لإلان مريض, والقياس لا يمنع أن يقال: مرض, كما يقال: سقم فهو سقيم وسقم, قال الأعشى: [المتقارب]
يقضي بها المرء حاجاته ... ويشفى عليها الفؤاد السقم
وقوله:
فله بنو عبد العزيز الرضى ... ولكل ركبٍ عيسهم والفدفد
الهاء في قوله: له, راجعة على الممرض, وإنما يعني نفسه؛ أي: أنه اختار هؤلاء القوم دون الناس, وترك المقاصد لمن يريدها من الركبان. والفدفد: أرض غليظة فيها ارتفاع.
وقوله:
من في الأنام من الكرام؟ ! ولا تقل ... من فيك شأم سوى شجاعٍ يقصد
من في الأنام من الكرام معناه الاستفهام, وقد حذف منه الفعل, كأنه قال: قل يا سامع: من في الأيام, لا تقل ذلك للشأم؛ لأنه قد علم أنه ليس فيه من يقصد إلا هذا الممدوح. والشأم يستعمل بالألف واللام, وهو خاص بلد بعينه, فليست الألف واللام فيه مثلهما في الرجل؛ لأن كل آدمي يقع عليه هذا الاسم, وليس كل أرضٍ مثل الشأم في السعة يقال لها: شام؛ إلا أنه لا يمتنع أن يحذف منه الألف واللام في النداء؛ لأنه سمي وهما فيه, كما قالوا: الضحاك والعباس, فكأن حذف الألف واللام منهما أيسر منه في قولك: رجل أقبل. والنحويون يرون ذلك من الضرورات, ويحتجون بقول العرب: أصبح ليل, وافتد مخنوق؛ لأن هذين اللفظين جريا مجرى الأمثال, فجاز فيهما ما يجوز في الشعر؛ لكثرتهما على الألسن, قال بشر بن أبي خازم: [الوافر]
فبات يقول أصبح ليل حتى ... تجلى عن صريمته الظلام
كأنهم يقولون: يا أيها الليل, فيجعلونه نعتًا لأي, فكرهوا أن يحذفوها مع حذف حرف النداء, وإذا سموةا (52/ب) الرجل العباس أو الحارث لم يحسن أن يقولوا: يا أيها العباس ولا يا أيها الحارث, إلا أن يخرجاهما من حال التسمية إلى حال الصفة.
وقوله:
أعطى فقلت لجوده ما يقتنى ... وسطا فقلت: لسيفه ما يولد
قوله: لجوده ما يقتنى؛ أي: كل ما اقتناه الناس فهو من هباته, وهذا كما يقال: لفلان كل جميل يفعل في بلده؛ أي: هو من فعله ومنسوب إليه. وقوله: لسيفه ما يولد؛ أي: أنه لكثرة ما يقتل يظن كل من يولد مقتولًا بسيفه. وحسن أن يوقع ما هاهنا على الآدميين؛ لأنه وسع دعواه فكأنه قال: ولسيفه الشيء الذي يولد. وهذا كما يقال: ما أنت وقد علم أنه آدمي؛ أي: أي فن من الناس؟ وكأن المتكلم إذا سأل عن ذلك يوهم أنه جاهل متهاون. فأما قولهم: سبحان ما سبح الرعد بحمده, فإن الله سبحانه لما كان لا تدرك صفته, ولا يعلم ما حقائقه جعل كالشيء المجهول, فكأنهم قالوا: سبحان الشيء الذي سبح الرعد بحمده.
وقوله:
في كل معتركٍ كلًى مفرية ... يذممن منه ما الأسنة تحمد
المفرية: المقطوعة, يقال: فريت وأفريت, فيشتركان في معنى القطع الذي هو هلاك وإفساد, فإذا أخرج الفري إلى معنى الإصلاح لم يقولون: أفريت.
وذم الكلى هذا الفعل يريد به أنه فعل بها فعلًا قبيحًا من الفري, وإنما الذم من أصحابها, ولكن لما كان ذمهم لأجل فريها جاز أن يستعار الذم لها, وقوله: ما الأسنة تحمد: لو كان وضع موضع الأسنة غيرها لكان ذلك أقوى في النظم؛ لأن الأسنة لا تنتفع بالمفري, وربما انحطمت فيه, ولكن لما كان الممدوح يفعل بالأسنة ما يحمد عليه جاز أن ينقل إليها الحمد؛ لأنها كالخدم له.
وقوله:
أسد دم الأسد الهزبر خضابه ... موت فريص الموت منه يرعد
الفريص: جمع فريصةٍ, وهي لحمة في مرجع الكتف أو قريبة منها, يقال: إنها أول ما يرعد من الفرق. والأقيس في جمعها فرائص, مثل صحيفةٍ وصحايف, وكريمةٍ وكرائم, وقد قالا: فريص, كما قالوا: شعيرة وشعير, قال امرؤ القيس: [الطويل]
ويشربن أنفاسًا وهن خوائف ... وترعد منهن الكلى والفريص
ويسمى ما كان من اللحم على مقدار الفريصة فريصةً أيضًا على معنى التشبيه, ويجمع على فريصٍ, وفي الحديث: «إني لأكره أن أرى الرجل ثائرًا فريص رقبته قائمًا على امرأته يضربها»؛ أي: قد انتفخت عنقه من الغضب.
وقوله:
ما منبج مد غبت إلا مقلة ... سهدت ووجهك نومها والإثمد
منبج: موافق من العربية قولهم: نبج الرجل ينبج فهو نباج ونابج؛ إذا رفع صوته, ويجوز أن تكون في الأصل عربيةً. والنباج: موضع في بلاد العرب, وقيل: إنه سمي بذلك لارتفاعه, وهو مأخوذ من رفع الصوت. وضرب من الثياب يقال لها: المنبجانية, يقال: إنها منسوبة إلى منبج, وفتحت الباء لأن الفتحة أخف من الكسرة.
وجعل وجهه كالنوم والإثمد؛ إذ كانت العين إذا لم تنم لحقها من ذلك أمر شاق, ولأن الإثمد يحسن العين, ويقوي النظر فيما يزعمون. وقيل: إن زرقاء اليمامة إنما وصفت بحدة النظر لأنها كانت تكثر استعمال الإثمد, واشتقاقه من الثمد, وهو الماء القليل, كأنه يؤخذ بالمرود قليلًا قليلًا, فيكون من قولهم: ثمدت الركي إذا أخذت ماءه قليلًا قليلًا, وماؤه في ذلك نزر. ولا يقال ثمدت الماء الغزير, وقالوا: ثمدت الرجل إذا أخذت منه عطاءً يسيرًا وهو ليس بالمكثر, قال النابغة: [الطويل]
قعودًا لدى أبوابهم يتثمدونهم ... رمى الله في تلك الأكف بكانع
وقوله (53/أ):
لهفان يستوبي بك الغضب الورى ... لو لم ينهنهك الحجى والسؤدد
يستوبي: يستفعل من الوباء, وهو كثرة الموت, وخفف الهمزة للضرورة, وتخفيفها في مثل هذه المواضع كالشيء المستمر. فإذا كان قبلها فتحة جعلوها ألفًا, مثل قولهم: يكلأ, وإذا كان قبلها ضمة جعلوها واوًا كقولك: لؤلؤ, وجؤجؤ, وإذا كان قبلها كسرة جعلت ياءً؛ كقولك: يستوبئ ويخطئ, وقد قرأت القراء بذلك في مثل قوله: {والصابئين والنصارى} يقولون: الصابين. يقال: نهنهته عن الشيء؛ إذا صرفته عنه.
والورى: كلمة أصلها أن تستعمل في النفي, فيقال: ما في الورى مثله, كما يقال: ما في النخط مثل فلان؛ أي: في الناس, وقد استعملوها في غير النفي, قال ذو الرمة: [الطويل]
وكائن ذعرنا من مهاةٍ ورامحٍ ... بلاد الورى ليست له ببلاد
وقوله:
ريان لو قذف الذي أسقيته ... لجرى من المهجات بحر مزبد
يقال: سقيت وأسقيت, فذهب قوم إلى أن المعنى واحد. وقال آخرون سقيته باليد وبالكأس, وأسقيته إذا جعلت له سقيًا؛ أي: شربًا دائمًا. ويقال أسقيته إذا أعطيته سقاءً, وقد جمع لبيد بين اللغتين في قوله: [الوافر]
سقى قومي بني مجدٍ وأسقى ... نميرًا والغطارف من هلال
والمهجة: خالص النفس, ويقال في الجمع الذي بالألف والتاء: مهجات, كما يقال: ظلمات, ويجوز مهجات بالفتح, ومهجات بالتسكين وهو أضعفها, والناس يألفون مهجاتٍ بفتح الهاء كأنهم يجعلونه جمع مهجٍ, فيكون الفتح أحسن عندهم من الضم.
وقوله:
صح يال جلهمةٍ تذرك وإنما ... أشفار عينك ذابل ومهند
جلهمة هو اسم طيئ. والجلهمة هو مثل الجلهة, وهو ما استقبلك من الوادي, وكأنه مأخوذ من قولك: جلهت التراب عن الموضع إذا كنسته, ويجوز أن تكون الميم في جلهمةٍ زائدةً, كما قالوا زرقم للزرقاء, وفي الحديث: «ما كدت تأذن لي حتى تأذن لقطا الجلهمة». والنحويون يذكرون أن جلهمة بالهاء من أسماء الرجال, وجلهم بغير هاءٍ من أسماء النساء, وينشدون: [البسيط]
أودى ابن جلهم عباد بصرمته ... إن ابن جلهم أمسى حية الوادي
وهم يستشهدون بهذا البيت على الترخيم في غير النداء, أراد ابن جلهمة, والذين يزعمون أنه اسم امرأةٍ يريدون أن يدفعوا بذلك الترخيم في هذا البيت, وحذف الهاء في مثل هذه المواضع غير مستنكرٍ. وقوله: أشفار عينك ذابل ومهند؛ أي: أنصارك قريب منك, فكأنهم في ذلك أشفار عينك, ويحتمل أن يريد أنك إذا نظرت إليهم قام نظرك مقام الرمح والسيف, ونسب ذلك إلى الأشفار؛ لأنها مجاورة لناظر العين, فعلم الغرض في الكلام.
وقوله:
أنى يكون أبا البرية آدم ... وأبوك والثقلان أنت محمد
البرية: مراد بهم الخلق الذي برأه الله, ويجب أن يقع على جميع الحيوان, إلا أن الناس يخصون به بني آدم. والبرية: أصلها الهمز, وهي مما ترك همزه. وقيل: إن أهل مكة يهمزونها. وقال بعض الناس: إمنما ترك همز البرية لأنها مأخوذة من البرى, وهو التراب, وليس البرى بمهموز. والثقلان: يراد بهما الجن والإنس, والمعنى: كيف يكون آدم أبا البرية وأنت الثقلان وأبوك محمد؟ وهذا من اللفظ الذي اصطلحت عليه الشعراء, وإنما يريدون التشبيه بالفضلاء دون غيرهم؛ لأن الرجل إذا شبه بالعالم أو بالخليقة أجمعين فقد جعل مشبهًا بالسفلة وذوي العاهات؛ لأن البشر يقل فيه الفضلاء, وقد استعمل أبو الطيب مثل ذلك كثيرًا, كقوله:
ومنزلك الدنيا, وأنت الخلائق, ونحوه.










مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید