المنشورات

ظلم لذا اليوم وصف قبل رؤيته ... لا يصدق الوصف حتى يصدق النظر

وهي من البسيط الأول.
قوله:
فكنت أشهد مختص وأغيبه ... معاينًا وعياني كله خبر
هذا كلام يحمل على المجاز؛ لأنه ادعى أنه شاهد غائب, وهاتان الحالان لا تجتمعان, إلا أنه يحمل على أنه حضر ذلك اليوم, فكان بحضورة شاهدًا, ولم يعابن سيف الدولة, فكان كأنه غائب. ثم ذكر أنه معاين وعيانه خبر, كأنه إذا سمع خبرًا صحيحًا قام ذلك له مقام العيان. وقولهم: عاين كذا أصله أن يكون من فعل اثنين, فيقال: عاين فلان فلانًا؛ إذا رأى كل واحدٍ منهما الآخر بعينه. ويمكن أن يكون مأخوذًا من عين الشيء, وهو حقيقته, إلا أن أصل الباب في هذه اللفظة لعين النظر, ثم قالوا: عاين فلان البلد: إذا رآه بعينه, وكان البلد قريبًا منه بمنزلة الرجل الذي يعاينه.
وقوله:
وقد تبدلها بالقوم غيرهم ... لكي تجم رؤوس القوم والقصر
يقول: تنقل سيوفك من قومٍ إلى قوم ليكثر القوم الذين أوقعت بهم, وأنت مشغول بسواهم لتجم رؤوس القوم؛ أي: تكثر. يقال: جم الشيء يجم إذا كثر. وأكثر ما يستعملون ضم الجيم في البئر وما كان من المياه. والقصر جمع قصرةٍ, وهي أصل العنق, ومنه قولهم لأصول الشجر: قصر, وقرأ بعضهم: {إنها ترمي بشررٍ كالقصر} بفتح الصاد.
وقوله:
تشبيه جودك بالأمطار عاديةً ... جود لكفك ثانٍ ناله المطر
يقول: إذا شبه جودك بالمطر فذلك جود منك عليه, ولو أمكنه الوزن لكان قوله: تشبيه الأمطار بجودك أولى في المنطق. وهذا المعنى ضد قوله في الأخرى:
وأنك لا تجود على جوادٍ ... هباتك أن يلقب بالجواد
لأنه جعله في هذا البيت غير جائدٍ على جواد بهذه الصفة, وجعله في البيت الأول قد جاد على المطر (72/أ) لما شبه جوده به.
وقوله:
تكسب الشمس منك النور طالعةً ... كما تكسب منها نورها القمر
يقال: إن نور القمر من نور الشمس, وإنها تضيء لما فوقها من الكواكب وما تحتها؛ لأنها متوسطة, فوقها ثلاثة أفلاكٍ, وتحتها ثلاثة.








مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید