المنشورات

ووقتٍ وفى بالدهر لي عند واحدٍ ... وفى لي بأهليه وزاد كثيرا

وهي من ثالث الطويل.
جعل الوقت في شرفه قد وفى بالدهر, وهذا نحو من قولهم لمن يمدحون: أنت الناس كلهم, ونحو ذلك. وقوله: وفي لي, في وفى ضمير يعود على واحدٍ, والهاء في أهليه عائدة على الدهر, والمعنى أن هذا الممدوح قد وفى لي بأهل الدهر وزاد على ذلك. وقولهم: وفى فلان بفلان أي قام مقامه, كما قال الصمة: [الوافر]
وفاء ما معية من أبيه ... لمن أوفى بجار أو بعقد
وقد يجوز أن يكون قولهم: وفي به؛ أي: زاد عليه شيئًا, فيكون من قولهم وفي الميزان.
وقوله:
غدا الناس مثليهم به لا عدمته ... وأصبح دهري في ذاره دهورا
يقول: أصبح الناس وقد زادوا به فصاروا مثليهم, وهذا البيت ناصر للبيت الأول؛ لأنه قال: ووقتٍ وفى بالدهر لي عند واحدٍ وفى لي بأهليه؛ أي: كان مثلهم في الغناء والمكارم المحمودة, فلما كان مثل الناس أجمعين صاروا مثليهم. وقوله: وأصبح دهري في ذراه دهورًا: قد زاد في هذا المعنى على ما ذكره في البيت الأول؛ لأنه جعل الوقت وافيًا بالدهر, وجعل الناس مثليهم بالممدوح, وقد جمع في البيت الآخر الدهر, فبالغ فيه أكثر مما بالغ في الرجل؛ لأن الجمع لا نهاية له في العدد, فالدهور تقع على ثلاثةٍ فما زاد. وفائدته في طول الدهر أنه ينال فيه من المآرب ما لا يناله في الدهر القصير, ويصيب المسرة, ويدرك الأماني.










مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید